وجدت بي وبدمعي في مغانيكا
فعم صباحا فقد هيجت لي طربا
واردد تحيتنا إنا محيوكا
فزاد غرامه وخفق قلبه، فأسند نفسه إلى سرير كان أمامه وهو بين الأسف على فراق الحبيب والمتطلع إلى طلب العلا، فأثرت فيه هذه التصورات حتى كاد يغيب عن الوجود، فشغل عواطفه بحركة السفينة، ومنظر البحر، وأصوات المسافرين، ولكنه ما لبث حتى عاد إلى تأملاته، وبقي بين هذه التقلبات بضعة أيام إلى أن قابلت السفينة شاطئ مرسيليا، فنزل إلى البر، ومن هناك ركب القطار الحديدي إلى باريس، ومنها إلى فرضة هافر على خليج المانش، وركب - من ثم - سفينة بخارية شقت بهم خليج المانش، ثم دخلت نهر التيمس فوصلت مدينة لندرا، فدخلها على قطار حديدي، فهاله عظمها وكثرة الازدحام فيها. وكان على المحطة معتمد من المدرسة جاء بأمر الرئيس لاستقباله، فهنأه وذهب به إلى المدرسة. فلنتركه هناك يدرس المحاماة ونأت بالقارئ إلى مصر.
الفصل التاسع عشر
انقلاب سياسي
رجع عزيز إلى مصر بخفي حنين وهو يضرس أنامل الندامة، ويندب سوء بخته؛ لأنه لم يقو على عرقلة مساعي شفيق، أو أن يحط من قدره في عيني فدوى، وقد ذهل عقله في حبها، وأصبح في شر بال وسوء حال وهو يردد:
تريدين قتلي لا تريدين غيره
ولست أرى قصدا سواك أريد
ولما زاد هيامه قال: والله لأحبطن مساعيه. ونهض يسعى إلى نصب مكيدة تقربه من فدوى.
Page inconnue