128

Les boissons et les discussions sur leurs différences

الأشربة و ذكر اختلاف الناس فيها

Chercheur

د حسام البهنساوي، أستاذ علم اللغة المساعد جامعة القاهرة - كلية الدراسات العربية والإسلامية بالفيوم

Maison d'édition

مكتبة زهراء الشرق

Lieu d'édition

القاهرة

وليس معنى الأكثار من قولهم ما أسكرن كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ، مَا لَيْسَ فِي وُسْعِ النَّاسِ أَنْ يَبْلُغُوهُ فِي الشَّرَابِ وَالْكَثِيرُ يَقَعُ مِنَ الْعَدَدِ عَلَى أَقْصَى نِهَايَاتِهِ، وَلِكُلِّ مُتَأَوِّلٍ أَنْ يَتَأَوَّلَ فِي الْكَثِيرِ مَا أَرَادَ. أَلَا تَرَى أَنَّ قَائِلًا لَوْ قَالَ: أَصَابَ فُلَانٌ مَالًا كَثِيرًا لَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يَتَوَهَّمَ الْمُتَوَهِّمُ أَلْفًا أَوْ ألفَ أَلْفٍ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ من كل شيء، ونما أَرَادَ النَّبِيذَ خَاصَّةً، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الرَّائِبَ مِنْ أَلْبَانِ الْإِبِلِ قَدْ يُسْكِرُ إِسْكَارَ النَّبِيذِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ قَوْمٌ يَلْبِنُونَ إِذَا ظَهَرَ مِنْهُمْ سَفَهٌ وَجَهْلٌ، وَأَصْلُهُ شُرْبُهُمُ اللَّبَنَ وَمَا يَعْتَرِيهِمْ مَعَ شُرْبِهِ مِنَ الْأَشَرِ وَالْبَطَرِ، وَيَقُولُونَ قَوْمٌ رَوْبَى إِذَا شَرِبُوا الرَّائِبَ فَسَكِرُوا قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبِي حازم:
فَأَمَّا تميمٌ تميمُ بْنُ مرٍ ... فَأَلْفَاهُمُ الْقَوْمُ رَوْبَى نِيَامًا
أَيْ قَدْ شَرِبُوا مِنَ الرَّائِبِ حَتَّى سَكِرُوا وَنَامُوا وَبَعْضُ النَّاسِ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ رَوْبَى خُثْرُ الْأَنْفُسِ أَيْ مُخْتَلِطُونَ، وَهَذَا غَلَطٌ لِأَنَّهُ يَقُولُ رَوْبَى نِيَامًا، فَالنَّوْمُ يَشْهَدُ لِمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ، وَاللَّفْظُ أَيْضًا شَاهِدٌ لأنَّ رَوْبَى مَأْخُوذٌ مِنَ الرَّائِبِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أصله محمد الرَّائِبِ، ثُمَّ يُسْتَعَارُ لِكُلِّ عَابِثٍ فِي النَّفْسِ، وَلِكُلِّ مَنْ أَصَابَتْهُ دَهْشَةٌ. وَبَلَغَنِي أَنَّ أَلْبَانَ الْخَيْلِ تُسْكِرُ، وَالنَّاسُ يَشْرَبُونَ شَيْئًا يُقَالُ لَهُ الْمُرْقِدُ، إِذَا أَرَادُوا التَّعَالُجَ ببطءٍ أَوْ كيٍ أَوْ قَطْعِ جَارِحَةٍ، وهو بمنزلة المسكر.

1 / 244