Les plus célèbres discours et les orateurs les plus célèbres
أشهر الخطب ومشاهير الخطباء
Genres
وكان من عباد الحرية وأصدقاء المظلومين، وكم من مرة سمعته وهو ينشد هذه الأنشودة: «لأجل العدالة أقيموا كلكم معبدا.» وكان يؤمن بأن السعادة هي خير ما في العالم، وأن العقل هو الشعلة الوحيدة وأن العدالة هي أحق ما يعبد وأن الإنسانية أليق الأديان والمحبة أفضل الكهان، فكان وجوده مما يزيد أفراح أصدقائه ولو أن جميع الذين أفادوا منه مصلحة حضروا اليوم إلى قبره وأهدى كل منهم إليه زهرة لنام هذه الليلة تحت عرم من الأزهار.
إن الحياة واد ضيق بين جبلين قاحلين من الأبدية، ونحن إنما نحاول عبثا أن يخترق بصرنا هذين الجبلين، ونصيح صيحات عالية فلا يجيبنا غير صدى أصواتنا، ومن شفاه الموتى الخرساء لا تخرج لنا كلمة ولكن في ليل الموت هذا يرى الأمل نجما ويسمع الحب المنصت حفيف الأجنحة.
وهذا الذي ينام الآن أمامكم نوم الموت شعر وهو في النزع باقتراب الموت فخاله عودة الصحة فهمس كلمته الأخيرة: «حالي أحسن الآن!» فلنؤمن على الرغم من الشكوك والتحكمات والمخاوف والدموع أن هذه الكلمات العزيزة تصدق على جميع الموتى.
وإليكم أنتم المصطفون من الأصدقاء الكثيرين الذين كان يحبهم وقد جئتم الآن لكي تؤدوا هذه المهمة الأخيرة للفقيد نقدم رماده. (19) خطبة لماكولي
كان ماكولي (1800-1859) من أدباء إنجلترا المعدودين «ما مس شيئا إلا زانه، فليس هناك ما يضارع ما كتبه ماكولي من المقالات الساحرة المتوهجة ، وليس هناك من التواريخ مثلما ألفه ماكولي من حيث القدرة على فتنة القارئ، وقد قيل عن أسلوبه إنه يتسم بالقوة والنشاط والجزالة والوضوح وفوق ذلك تلك السمة التي قل وجودها الآن وهي صحة اللغة.»
وقد ألقى الخطبة التالية في سنة 1846 عن «المعارف السطحية»، قال:
إن من الناس الذين أحب أن أتكلم عنهم بالاحترام والوقار من تعتريه المخاوف التي لا أساس لها عما يسمونه «المعارف السطحية» فهم يقولون إن المعارف الجديرة بأن تسمى بهذا الاسم هي من البركات الإنسانية وهي حليفة الفضيلة وبشيرة الحرية، ولكن مثل هذه المعارف يجب أن تكون عميقة، فالجماعة التي قد شدت طرفا من الرياضيات وطرفا آخر من الهيئة وآخر من الكيمياء وقرأت شيئا من الشعر وأصابت شيئا آخر من التاريخ؛ مثل هذه الجماعة يقولون عنها إن وجودها مخطر بالمصلحة العامة، فالمعرفة السطحية في رأيهم شر من الجهل. وهم يستندون في زعمهم هذا إلى قول بوب «اشرب حتى ترتوي وإلا فلا تذق!» فالجرعة الصغيرة تسكر ولكن من عب أفاق. وإني أعترف بأن هذه التخوفات لم تعترني يوما ما وهذه الطمأنينة إنما يبعثني عليها عدم استطاعتي التمييز بين المعرفة السطحية والمعرفة العميقة؛ لأنه ليس عندنا من المعايير ما نقيس به عمق المعارف، والقائلون بهذا التمييز يتوهمون وجود حد فاصل بين العميق والسطحي من المعارف أشبه شيء بالحد الفاصل بين الحق والباطل، أما أنا فلست أجد هذا الحد. هبنا تحدثنا عن رجال العلم العميق فهل نعني بذلك أنهم قد بلغوا قرار العلم؟ هل نعني أنهم قد عرفوا كل ما يمكن معرفته؟ بل هل نحن نعني أنهم يعرفون الآن ما سيعرفه المبتدئون من الجيل القادم؟ إننا إذا قارنا بين الحقائق القليلة التي نعرفها وبين ما نجهل من الحقائق التي لا تحصى لاعترفنا بأننا كلنا سطحيون ولكان فلاسفتنا أول من يقر بأنهم سطحيون. ولو فرضنا أننا سألنا عالما مثل نيوطن عما إذا كان يعتد معارفه عميقة حتى في تلك العلوم التي لم يكن له فيها منافس لأخبرنا بأن حاله كحالنا، فكلانا مبتدئ، وهذا الفرق الذي بيننا وبينه يزول عندما يقارن بمقدار الحقائق التي لا تزال مجهولة، كما يزول الفرق بين الواقف في سفح الجبل والواقف على القمة إذا قورن بالمسافة التي تفصل الجبل عن النجوم الثابتة.
فيظهر لكم من ذلك أن أولئك الذين يخشون المعارف السطحية لا يعنون بتلك المعارف ما يمكن أن يسمى سطحيا عند المقارنة بما لا يزال مجهولا، لأن جميع المعلومات الإنسانية كانت ولا تزال وستكون سطحية إذا نحن قصدنا إلى هذا المعنى، فما هو إذن المعيار الذي يصح أن نتخذه لقياس المعارف؟ وهل يجب أن يكون واحدا في جميع البلدان وفي جميع الأوقات؟
لقد كان «راموهون روي» يعد بين الهنود من أعمق الناس معرفة بالثقافة الغربية، على أنه لو وجد في هذا المعهد لعد من السطحيين الذين لا يؤبه لهم. وكان سترابو يعد بحق منذ ثمانية عشر قرنا من أعمق الجغرافيين، في حين أن المعلم الذي يجهل اسم أميركا الآن يكون مضحكة بين البنات. وماذا نقول الآن عن معارف عظماء الكيمائيين في سنة 1746 أو عظماء الجيولوجيين في سنة 1746؟
فالحقيقة الراهنة أن الإنسان من حيث العلوم التدريبية في تقدم مطرد، ولكل جيل بالطبع صفوفه المتقدمة وصفوفه المتأخرة، ولكن الصفوف المتأخرة في الجيل الجديد تأخذ مكان الصفوف المتقدمة في الجيل السابق.
Page inconnue