Les plus célèbres discours et les orateurs les plus célèbres
أشهر الخطب ومشاهير الخطباء
Genres
فلما سمع الأمير هذه الكلمات صمت وتأمل كأن الكاهن قد أوحى إليه خاطرا عظيما، ثم دعا الكاهن الذي فاه بهذه الكلمات وقال له: «إني ما شككت قط في خفايا الدين كما ذكر بعضهم ذلك عني.»
أيها المسيحيون إنه قال الصدق حين فاه بهذه الكلمات لأنه كان في حال لم يكن مدينا فيه للعالم بشيء سوى الحق، وقد قال أيضا: «وأنا الآن أقل شكا مما كنت، فعسى هذه الحقائق تتكشف وتتوضح في ذهني، نعم سنرى الله وجها لوجه.» ثم جعل يكرر هذه العبارة الأخيرة باللغة اللاتينية كأن معناها قد لذ له، ورآه المحدقون به وهو في هذه الحال الهنيئة فلم يضجروا من وقوفهم.
فماذا كان حديث نفسه في هذا الوقت؟ وأي نور جديد كان يلتمع فيها؟ وما كان هذا الشعاع الفجائي الذي مزق سحب إحساسه وشتت الظلام عنه بل بدد عنه هذه الظلال بل هذه الغوامض التي كانت تلبس الإيمان؟ وماذا جرى عندئذ لهذه الألقاب الفخمة التي نتباهى بها؟
سرعان ما ننسى ونحن على حافة المجد وفي فجر هذا النور الجميل خيالات هذا العالم، وهذه الانتصارات اللامعة ما أكمدها في ذلك الوقت، وما أشد احتقارنا لأمجاد هذا العالم، وما أعظم أسفنا لأن أعيننا قد عشيت بسنائها!
فهلموا أيها الناس، بل هلموا أيها الأمراء والأشراف! ويا من تحكمون على هذه الأرض، ويا من تفتحون أبواب السماء للناس، وأخصكم أنتم أيها الأمراء والأميرات والنبلاء الذين هم من سلالة الملوك، أنتم يا مصابيح فرنسا التي قد جللها السواد، أنتم الذين قد غشاكم الحزن كما تغشى السحب الأرض، تعالوا وانظروا ماذا بقي من هذا النبل العظيم ومن هذه العظمة العليا ومن هذا المجد الذي يغشي العيون! ... تقدموا أنتم يا من يتبعون طريق المجد ويسيرون إليه وقلوبهم ممتلئة حماسة ونفوسهم شجاعة وتعطشا إلى الحروب، هل رأيتم من كان أجدر منه بقيادتكم؟ فاندبوا قائدكم وابكوه ولسان حالكم يقول: «لقد قادنا هذا الرجل واقتحم بنا المعارك، ونلنا في قيادته الرتب والدرجات واقتدينا به حتى وصلنا إلى أشرف الغايات في الحروب ولا تزال له رهبة ينال بها الظفر، وها هو ذا الآن اسمه يحمس النفوس، ويحذرها أيضا، حتى إذا فاجأها الموت الذي به تستريح من متاعبها تكون قد أعدت نفسها لسكناها الأبدي، فهي لذلك في طاعتها لملك الأرض يجب أن تخدم ملك السماء.» (6) خطبة لفنيلون
كان فنيلون (1651-1715) مطرانا في فرنسا وكان مؤدب ابن لويس الرابع عشر وقد ألف له كتاب «تليماك». وكان هذا الكتاب سببا في حرمانه من منصبه لأن لويس اعتقد أنه وضعه لكي ينتقد به بطريق التلويح الأحكام الاستبدادية التي كان يجري عليها هذا الملك.
وكان خطيبا وواعظا يجيد إذا تهيأ للخطبة ولا يأتي بالرذل إذا ارتجل، وفي الخطبة التالية يحاول فنيلون أن يثبت وجود الله:
لست أفتح عيني دون أن أرى المهارة في كل شيء تكشفه لنا الطبيعة، فإن لمحة واحدة تمكنني من أن أرى اليد التي صنعت كل هذه الأشياء، فإن الذين قد تعودوا أن يفكروا في الحقائق المجردة ويسيروا في تفكيرهم إلى الأصول والمبادئ الأولى يرون الله في الطبيعة؛ لأنهم يرونه في عقولهم، ولكن كلما استقام هذا الطريق حاد عنه دهماء الناس وعامتهم الذين يتبعون أخيلتهم.
فإثبات وجود الله أمر بسيط ولهذه البساطة لا تستطيع الأذهان التي لم تألف التفكير الذهني أن تقف على حقيقته. وكلما وضح النهج الذي يمكن به معرفة الكائن الأعلى قلت العقول التي تسير في وضحه، على أن هناك طريقة يمكن أن تكون أوفق الطرق لعامة الناس في إثبات وجود الله، فيها يمكن أولئك الذين لا يكثرون من الرياضة العقلية والذين هم أكثر الناس خضوعا لحواسهم أن يعرفوا الله الذي تمثله أعماله في الطبيعة، فإن الحكمة والقوة اللتين يظهرهما الله في كل شيء صنعه تدلان على اسمه كما تعكس المرآة ظل الأشخاص لأولئك الذين لم يجدوا في أذهانهم ما يثبت وجوده. وهذه فلسفة عامية تخاطب بها الحواس، لكل إنسان بعيد عن الهوى أن يدركها ويفهم مغزاها.
فإذا فرضنا أن هناك رجلا قد شغله شاغل عظيم فقد نرى أنه يقضي أياما عديدة في غرفته مكبا على عمله دون أن ينظر إلى أبعاد الغرفة أو زخارفها أو الصور المعلقة حواليه، وهذه الأشياء جميعها على الرغم من أنها أمام عينيه لا يراها ولا تترك أثرا في ذهنه. وإنما الناس يعيشون على هذا المثال، فكل شيء أمامهم يدل على وجود الله ولكنهم لا يرونه، فهو في العالم وهو الذي صنعه ولكن العالم يجهله، فهم يقضون حياتهم دون أن يروه لأن الحياة قد فتنتهم وغشت على بصائرهم. وقد قال القديس أوغستين: إن عجائب الكون تنقص قيمتها في نظرنا إذا تكررت أمام أعيننا. وقال شيشرون الروماني: «لما كنا مضطرين إلى رؤية الأشياء نفسها كل يوم فإن العقل والعين يعتادان رؤيتهما؛ فلهذا لا نعجب ولا نحاول أن نكشف علل الحوادث التي نرى أنها تحدث في طريقة واحدة لا تختلف، كأن جدة الشيء وما فيها من طلاوة هي التي تبعثنا على البحث، أما عظمة الأشياء فلا تبعث فينا ذلك.»
Page inconnue