Les plus célèbres discours et les orateurs les plus célèbres
أشهر الخطب ومشاهير الخطباء
Genres
صلى الله عليه وسلم
بالملائكة المقربين، وهو البلد الذي بعث إليه الله عبده ورسوله وكلمته التي ألقاها إلى مريم، وروحه عيسى الذي كرمه برسالته، وشرفه بنبوته ولم يزحزحه عن رتبة عبوديته، فقال تعالى
لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون . كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا، ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذن لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض، سبحان الله عما يصفون، لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم (إلى آخر الآيات من المائدة). وهو أول القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين، لا تشد الرحال بعد المسجدين إلا إليه، ولا تعقد الخناصر بعد الموطنين إلا عليه، فلولا أنكم ممن اختاره الله من عباده، واصطفاه من سكان بلاده، لما خصكم بهذه الفضيلة التي لا يجاريكم فيها مجار، ولا يباريكم في شرفها مبار، فطوبى لكم من جيش ظهرت على أيديكم من المعجزات النبوية والوقعات البدرية والعزمات الصديقية والفتوحات العمرية والجيوش العثمانية والفتكات العلوية ما جددتم به للإسلام أيام القادسية والملاحم اليرموكية والمنازلات الخيبرية والهجمات الخالدية، فجزاكم الله عن نبيه محمد
صلى الله عليه وسلم
أفضل الجزاء، وشكر لكم ما بذلتموه من مهجكم في مقارعة الأعداء، وتقبل منكم ما تقربتم به إليه من إهراق الدماء، وأثابكم الجنة فهي دار السعداء، فاقدروا رحمكم الله هذه النعمة حق قدرها، وقوموا لله تعالى بواجب شكرها فله المنة عليكم بتخصيصكم لهذه النعمة وترشيحكم لهذه الخدمة، فهذا هو الفتح الذي فتحت له أبواب السماء، وتبلجت بأنواره وجوه الظلماء، وابتهج به الملائكة المقربون، وقرت به عيون الأنبياء والمرسلين، فمن عليكم من النعمة بأن جعلكم الجيش الذي يفتح على يديه بيت المقدس في آخر الزمان، والجند الذي يقوم بسيوفهم بعد فترة من النبوة أعلام الإيمان، فيوشك أن يفتح الله على أيديكم أمثاله، وأن تكون التهاني لأهل الخضراء أكثر من التهاني لأهل الغبراء. أليس هو البيت الذي ذكره الله في كتابه، ونص عليه في محكم خطابه، فقال تعالى
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ؟ أليس هو البيت الذي عظمته الملل، وأثنت عليه الرسل، وتليت فيه الكتب الأربعة المنزلة من الله عز وجل؟ أليس هو البيت الذي أمسك الله تعالى لأجله الشمس على يوشع أن تغرب، وباعد بين خطواتها ليتيسر فتحه ويقرب، أليس هو البيت الذي أمر الله عز وجل موسى أن يأمر قومه باستنقاذه، فلم يجبه إلا رجلان، وغضب الله عليهم لأجله فألقاهم في التيه عقوبة للعصيان، فاحمدوا الله الذي أمضى عزائمكم لما نكلت عنه بنو إسرائيل، وقد فضلت على العاملين، ووفقكم لما خذل فيه أمم كانت قبلكم من الأمم الماضين، وجمع لأجله كلمتكم وكانت شتى، وأغناكم بما أمضته كان وقد عن سوف وحتى، فليهنكم أن الله قد ذكركم به فيمن عنده، وجعلكم بعد أن كنتم جنودا لأهويتكم جنده. وشكر لكم الملائكة المنزلون على ما أهديتم لهذا البيت من طيب التوحيد ونشر التقديس والتمجيد، وما أمطتم عن طرقهم فيه من أذى الشرك والتثليث والاعتقاد الفاجر الخبيث. فالآن تستغفر لكم أملاك السموات، وتصلي عليكم الصلوات المباركات. فاحفظوا رحمكم الله هذه الموهبة فيكم، واحرسوا هذه النعمة عندكم، بتقوى الله التي من تمسك بها سلم، ومن اعتصم بعروتها نجا وعصم، واحذروا من اتباع الهوى ومواقعة الردى، ورجوع القهقرى والنكول عن العدا. وخذوا في انتهاز الفرصة وإزالة ما بقى من الغصة، وجاهدوا في الله حق جهاده، وبيعوا عباد الله أنفسكم في رضاه؛ إذ جعلكم من خير عباده. وإياكم أن يستزلكم الشيطان، أو يتداخلكم الطغيان فيخيل لكم أن هذا النصر بسيوفكم الحداد وخيولكم الجياد وبجلادكم في مواطن الجلاد، لا والله ما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم، فاحذروا عباد الله بعد أن شرفكم بهذا الفتح الجليل والمنح الجزيل، وخصكم بنصره المبين، وأعلق أيديكم بحبله المتين، أن تقترفوا كبيرا من مناهيه وأن تأتوا عظيما من معاصيه، فتكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، وكالذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها، فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين. والجهاد، الجهاد، فهو من أفضل عباداتكم وأشرف عاداتكم، انصروا الله ينصركم، احفظوا الله يحفظكم، اذكروا الله يذكركم، اشكروا الله يزدكم ويشكركم، جدوا في حسم الداء وقلع شأفة الأعداء، وطهروا بقية الأرض من هذه الأنجاس التي أغضبت الله ورسوله، واقطعوا فروع الكفر واجتثوا أصوله، فقد نادت الأيام بالثارات الإسلامية والملة المحمدية، الله أكبر، فتح الله ونصر، غلب الله وقهر، أذل الله من كفر. واعلموا رحمكم الله أن هذه فرصة فانتهزوها، وفريسة فناجزوها، وغنيمة فحوزوها، ومهمة فاخرجوا لها هممكم وأبرزوها وسيروا إليها سرايا عزماتكم وجهزوها، فالأمور بأواخرها، والمكاسب بذخائرها، فقد أظفركم الله بهذا العدو المخذول، وهم مثلكم أو يزيدون، فكيف وقد أضحى قبالة الواحد منهم منكم عشرون؟ وقد قال الله تعالى
إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون . أعاننا الله وإياكم على اتباع أوامره والازدجار بزواجره، وأيدنا معاشر المسلمين بنصر من عنده، إن ينصركم الله فلا غالب لكم، وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده. إن أشرف مقال يقال في مقام، وأنفذ سهام تمرق عن قسي الكلام، وأمضى قول تجل به الأفهام، كلام الواحد الفرد العزيز العلام، قال الله تعالى:
وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون (ثم قرأ سورة الحشر)، ثم قال:
اللهم وأدم سلطان عبدك الخاضع لهيبتك، الشاكر لنعمتك، المعترف بموهبتك، سيفك القاطع وشهابك اللامع، والمحامي عن دينك المدافع، والذاب عن حرمك الممانع، السيد الأجل الملك الناصر، جامع كلمة الإيمان، وقامع عبدة الصلبان، صلاح الدنيا والدين، سلطان الإسلام والمسلمين، مطهر البيت المقدس، أبي المظفر يوسف بن أيوب محيي دولة أمير المؤمنين. اللهم عم بدولته البسيطة، واجعل ملائكتك براياته محيطة، وأحسن عن الدين الحنيفي جزاءه، واشكر عن الملة المحمدية عزمه ومضاءه. اللهم أبق الإسلام مهجته، وق للإيمان حوزته، وانشر في المشارق والمغارب دعوته، اللهم كما فتحت على يديه البيت المقدس ، بعد أن ظنت الظنون وابتلي المؤمنون، فافتح على يديه داني الأرض وقاصيها، وملكه صياصي الكفر ونواصيها، فلا تلقاه منهم كتيبة إلا مزقها، ولا جماعة إلا فرقها، ولا طائفة بعد طائفة إلا ألحقها بمن سبقتها.
اللهم اشكر عن محمد
Page inconnue