ويوم الفَروق وهذان اليومان بعد يوم جبَلة، ويوم جبلة كان وقد مضى من حرب داحس شبيه بخمسين سنة. وجوَّد أيضًا قيس في قوله: " جعلتُ يديَّ وشاحًا له " البيت، يقول: إن أكثر الفرسان يطعن برمحه وبسيفه ولا يعتنق إلاَّ الواحد من العدد الكثير. ومن جيد ما قيل في هذا المعنى الَّذي قدَّمنا ذكره وأقدمه قول عمرو بن كلثوم التغلبي:
فآبوا بالنهاب وبالسبايا ... وأبْنا بالملوك مصفَّدينا
قالت هند بنت عتبة لعنه الله تعيِّر بنت عمّها، رملة بنت شيبة، لما أسلمت:
لحَاها الله صابئةً بوَجٍّ ... ومكَّة أو بأطراف الحجونِ
تدين لمعشر قتلوا أباها ... أقتلُ أبيكِ جاءكِ باليقينِ
المطوّح بن عثمان التغلبي:
إذا فخرتْ يومًا نُمير فقل لها ... ذروا الفخر إنَّ الفخر مسلكه صعبُ
نفاكم عن الدَّار التي كنتم بها ... رجال كرام من بني تغلب غُلبُ
هم أنكحوا بالغصبِ من فتياتكم ... جهارًا ومن شرِّ المجاهرة الغصبُ
وما كانَ منَّا عند قوم سبيَّة ... وما كانَ من أموالنا عندهم نهبُ
وما نالنا من معشر في ديارِنا ... ولا طَرَدتْنا عن منازلنا الحَربُ
أخذ الحارث بن غزوان الزيديّ التغلبيّ قوله " وما كان منا عند قوم سبيّة " البيت، فقال:
أراني كلَّما ناسَبْتُ حيّا ... أرى لي من كرام النَّاس خالا
وما تحتَ السماء لنا ابن أخت ... بمُردفةٍ عليها القدحُ جالا
في قوله هذا زيادة بيِّنة على قول من تقدَّمه لأنه ذكر أنَّه ما ناسب أحياء العرب إلاَّ وجدهم أخواله لكثرة ما سبَى قومُه من نسائهم، ثمَّ قال: " وما تحت السماء لنا ابن أخت " لعزّنا وسطوتنا وإنَّه لا يرام ذلك منّا ولا تُسبى لنا امرأة فيضرب من سباها عليها بالقدح لأيّهم تكون، وفي البيت الأول أيضًا شيء من ذكر العزّ، يقول: إنّ أموالنا ليست تُرام فما انتهب أحد قطّ شيئًا من مالنا.
أعرابيّ يهجو امرأته:
خرقاءُ بالخير ما تُهدى لوِجْهته ... وهيَ صَناعُ الأذى في الأهلِ والجارِ
ليستْ بشَبْعى ولو أوردتَها هَجَرًا ... ولا بريّا ولو حلَّتْ بذي قارِ
إلى هذا نظر هذا القائل:
كالحوت لا يكفيه شيءٌ يلهَمُهْ ... يُصبحُ ظَمآنَ وفي البحر فَمُهْ
ولآخر يخاطب امرأته:
يا رُبَّ مثلكِ في النساءِ عزيزةٍ ... بيضاء قد روَّعتُها بطلاقِ
لم ندرِ ما تحتَ الضُّلوع وغَرّها ... منّي تجمّل عِشرتي وخلاقي
أعرابيّ من بني شَيبان:
ومالِي من ذنبٍ إليك عملتُه ... سِوى أنَّني من رهط بكر بن وائلِ
من الربعيين الذين سيوفُهم ... مجرَّدةٌ في كلِّ حقٍّ وباطلِ
أعرابيّ يمدح معن بن زائدة، ويهجو روح المهلّب:
لئن كانَ معن زان شيبان كلّها ... لقد شانَ روحٌ كلّ آلِ المهلَّبِ
رفِيع بجدَّيه وضيع بنفسِه ... لئيمٌ مُحيَّاه كريم المركَّبِ
1 / 41