Les ressemblances et les analogies

Galal al-Din al-Suyuti d. 911 AH
97

Les ressemblances et les analogies

الأشباه والنظائر

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1403 AH

Lieu d'édition

بيروت

وَخَرَجُوا عَنْ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ لَمْ يَعْتَبِرُوا فِيهَا الْعُرْفَ، مَعَ أَنَّهَا لَا ضَابِطَ لَهَا فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي اللُّغَةِ. مِنْهَا: الْمُعَاطَاةُ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ، لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِهَا، وَلَوْ اُعْتِيدَتْ لَا جَرَمَ أَنَّ النَّوَوِيَّ قَالَ: الْمُخْتَارُ الرَّاجِحُ دَلِيلًا الصِّحَّةِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحّ فِي الشَّرْعِ اعْتِبَارَ لَفْظٍ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى الْعُرْفِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ. وَمِنْهَا: مَسْأَلَةُ اسْتِصْنَاعِ الصُّنَّاعِ الْجَارِيَةِ عَادَتُهُمْ بِالْعَمَلِ بِالْأُجْرَةِ لَا يَسْتَحِقُّونَ شَيْئًا، إذَا لَمْ يَشْرُطُوهُ فِي الْأَصَحِّ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: أَنْ يَدْفَع ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ لِيَخِيطَهُ أَوْ قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ أَوْ جَلَسَ بَيْن يَدَيَّ حَلَّاقٍ فَحَلَقَ رَأْسَهُ، أَوْ دَلَّاكٍ فَدَلَكَهُ، أَوْ دَخَلَ سَفِينَةً بِإِذْنٍ وَسَارَ إلَى السَّاحِلِ. وَأَمَّا دُخُولُ الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ قَطْعًا لِأَنَّ الدَّاخِلَ مُسْتَوْفٍ مَنْفَعَةِ الْحَمَّام بِسُكُوتِهِ، وَهُنَا صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ صَرَفَهَا. وَمِنْهَا: لَمْ يَرْجِعُوا فِي ضَبْطِ مُوَالَاةِ الْوُضُوءِ وَخِفَّةِ الشَّعْرِ وَكَثَافَتِهِ، لِلْعُرْفِ فِي الْأَصَحِّ وَلَا فِي ضَابِطِ التَّحْذِيرِ. فَرْعٌ: سُئِلَ الْغَزَالِيُّ عَنْ الْيَهُودِيِّ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً مَا حُكْمُ السُّبُوتِ الَّتِي تَتَخَلَّلهَا إذَا لَمْ يَسْتَثْنِهَا فَإِنْ اسْتَثْنَاهَا فَهَلْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَأْخِيرِ التَّسْلِيمِ عَنْ الْعَقْدِ، فَأَجَابَ: إذَا اطَّرَدَ عُرْفُهُمْ بِذَلِكَ كَانَ إطْلَاقُ الْعَقْدِ كَالتَّصْرِيحِ بِالِاسْتِثْنَاءِ، كَاسْتِثْنَاءِ اللَّيْلِ فِي عَمَلٍ لَا يُتَوَلَّى إلَّا بِالنَّهَارِ. وَحُكْمُهُ: أَنَّهُ لَوْ أَنْشَأَ الْإِجَارَةَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ مُصَرِّحًا بِالْإِضَافَةِ إلَى أَوَّلِ الْغَدِ، لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أَطْلَقَ صَحَّ وَإِنْ كَانَ الْحَالُ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْعَمَل كَمَا لَوْ أَجَّرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَفِي وَقْتٍ لَا يُتَصَوَّرُ الْمُبَادَرَةُ إلَى زَرْعهَا أَوْ أَجَّرَ دَارًا مَشْحُونَةً بِالْأَمْتِعَةِ، لَا تُفَرَّغُ إلَّا فِي يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، انْتَهَى. وَقَدْ نَقَلَهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَلَمْ يَنْقُلَاهُ عَنْ غَيْرِهِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ مُسْلِمٌ بَلْ يُنْظَرُ فِيهِ. قَالَ: وَقَدْ سُئِلَ عَنْهُ قَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو بَكْرٍ الشَّامِيِّ فَقَالَ: يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ فِيهَا لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِشَرْعِنَا فِي ذَلِكَ، فَذُكِرَ لَهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ فَقَالَ: لَيْسَ بِصَحِيحٍ، ثُمَّ قَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى بِالْعُرْفِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ مَتِينٌ وَقَوِيمٌ وَفِيهِ فَوَائِدَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْل أَبِي بَكْرٍ الشَّامِيُّ لِأَنَّ الْعُرْفَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَامًّا، لَكِنَّهُ مَوْجُودٌ فِيهِ فَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُرْفِ فِي أَوْقَاتِ الرَّاحَةِ، وَنَحْوِهَا.

1 / 99