Les ressemblances et les analogies
الأشباه والنظائر
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م
[الْأَمْر الثَّالِث: مِمَّا يَتَرَتَّب عَلَى مَا شُرِعَتْ النِّيَّة لِأَجْلِهِ التَّمْيِيز]
الْأَمْر الثَّالِث: مِمَّا يَتَرَتَّب عَلَى مَا شُرِعَتْ النِّيَّة لِأَجْلِهِ.
وَهُوَ التَّمْيِيز اشْتِرَاطُ التَّعَرُّض لِلْفَرْضِيَّةِ وَفِي وُجُوبهَا فِي الْوُضُوء، وَالْغُسْل، وَالصَّلَاة، وَالزَّكَاة، وَالصَّوْم، وَالْخُطْبَة، وَجْهَانِ، وَالْأَصَحّ اشْتِرَاطهَا فِي الْغُسْل دُون الْوُضُوء ; لِأَنَّ الْغُسْل قَدْ يَكُون عَادَة، وَالْوُضُوء لَا يَكُون إلَّا عِبَادَة.
وَوَجْه اشْتِرَاطهَا فِي الْوُضُوء أَنَّهُ قَدْ يَكُون تَجْدِيدًا، فَلَا يَكُونُ فَرْضًا، وَهُوَ قَوِيٌّ وَفِي الصَّلَاة دُون الصَّوْم ; لِأَنَّ الظُّهْر تَقَع مَثَلًا نَفْلًا كَالْمُعَادَةِ، وَصَلَاة الصَّبِيِّ، وَرَمَضَان، لَا يَكُون مِنْ الْبَالِغ إلَّا فَرْضًا فَلَمْ يُحْتَجْ إلَى التَّقْيِيد بِهِ.
وَأَمَّا الزَّكَاة، فَالْأَصَحّ الِاشْتِرَاط فِيهَا إنْ أَتَى بِلَفْظِ الصَّدَقَة، وَعَدَمه إنْ أَتَى بِلَفْظِ الزَّكَاة ; لِأَنَّ الصَّدَقَة قَدْ تَكُون فَرْضًا وَقَدْ تَكُون نَفْلًا فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدهَا، وَالزَّكَاة لَا تَكُون إلَّا فَرْضًا لِأَنَّهَا اسْم لِلْفَرْضِ الْمُتَعَلِّق بِالْمَالِ، فَلَا حَاجَة إلَى تَقْيِيدهَا بِهِ. وَأَمَّا الْحَجّ وَالْعُمْرَة فَلَا يُشْتَرَط فِيهِمَا بِلَا خِلَاف لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى النَّفَل انْصَرَفَ إلَى الْفَرْض، وَيُشْتَرَط فِي الْكَفَّارَات بِلَا خِلَاف لِأَنَّ الْعِتْق أَوْ الصَّوْم أَوْ الْإِطْعَام يَكُون فَرْضًا وَنَفْلًا.
إذَا عَرَفْت ذَلِكَ ; فَقَوْل ابْنِ الْقَاصِّ فِي التَّلْخِيصِ: لَا يَجْزِي فَرْض بِغَيْرِ نِيَّة فَرْض إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ: الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، وَالزَّكَاةِ. يُزَادُ عَلَيْهِ: وَالْوُضُوءِ وَالصَّوْمِ فَتَصِيرُ خَمْسَة، وَسَادِس: وَهُوَ الْجَمَاعَة فَإِنَّهَا فَرْض، وَلَا يُشْتَرَط فِي نِيَّتهَا الْفَرْضِيَّة. وَسَابِع وَهُوَ الْخُطْبَة إنْ قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ نِيَّتهَا وَبِعَدَمِ فَرْضِيَّتهَا. وَإِنْ شِئْت قُلْت: الْعِبَادَات فِي التَّعَرُّض لِلْفَرْضِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَة أَقْسَام: مَا يُشْتَرَط فِيهِ بِلَا خِلَاف، وَهُوَ الْكَفَّارَات: مَا لَا يُشْتَرَط فِيهِ بِلَا خِلَاف، وَهُوَ الْحَجّ وَالْعُمْرَة وَالْجَمَاعَة. وَمَا يُشْتَرَط فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ الْغُسْل وَالصَّلَاة وَالزَّكَاة بِلَفْظِ الصَّدَقَة. وَمَا لَا يَشْتَرِط فِيهِ عَلَى الْأَصَحّ، وَهُوَ الْوُضُوء وَالصَّوْم وَالزَّكَاة بِلَفْظِهَا وَالْخُطْبَة.
تَنْبِيهَات الْأَوَّل:
لَا خِلَاف أَنَّ التَّعَرُّض لِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّة فِي الْوُضُوء أَكْمَل، إذَا لَمْ نُوجِبهُ، وَفِيهِ إشْكَال إذَا وَقَعَ قَبْل الْوَقْت، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُضُوء لَا يَجِب بِالْحَدَثِ.
وَجَوَابه: أَنَّ الْمُرَاد بِهَا فِعْل طَهَارَة الْحَدَث الْمَشْرُوطَة فِي صِحَّة الصَّلَاة، وَشَرْط الشَّيْء يُسَمَّى فَرْضًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَصِحّ إلَّا بِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَاد حَقِيقَة الْفَرْضِيَّة، لَمَا صَحَّ وُضُوء الصَّبِيّ بِهَذِهِ النِّيَّة.
الثَّانِي: يَخْتَصّ وُجُوب نِيَّة الْفَرْضِيَّة فِي الصَّلَاة بِالْبَالِغِ، أَمَّا الصَّبِيّ فَنَقَلَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الرَّافِعِيّ أَنَّهُ كَالْبَالِغِ، ثُمَّ قَالَ إنَّهُ ضَعِيف وَالصَّوَاب أَنَّهُ لَا يُشْتَرَط
1 / 18