88

Asbir wa Ihtasib

اصبر واحتسب

Maison d'édition

دار القاسم

Genres

عندها قلت لها ألك حاجة؟ قالت: نعم. إن أنت قدمت بلدتنا هذه أن تنزل عليّ، فغبت عنها كذا وكذا سنة، ثم أتيتها فلم أر ببابها أنيسًا، فاستأذنت عليها فإذا هي ضاحكة مسرورة، قلت لها ما شأنك؟ قالت: إنك لما غبت عنا لم نرسل في البحر شيئًا إلا غرق، ولا في البر شيئًا إلا عطب، وذهب الرقيق ومات البنون، فقلت لها: يرحمك الله رأيتك محزونة في ذلك اليوم ومسرورة في هذا اليوم؟ فقالت: نعم إني لما كنت فيه من سيئة الدنيا خشيت أن يكون الله قد عجل حسناتي في الدنيا، فلما ذهب مالي وولدي ورقيقي رجوت أن يكون الله قد أدخر لي عنده خيرًا ففرحت (١). اعلم أخي الكريم أن الرضا بالمصائب أشق على النفوس من الصبر، وقد تنازع العلماء والمشايخ في الرضا بالقضاء هل هو واجب أو مستحب، على قولين فعلى الأول يكون من أعمال المقتصدين، وعلى الثاني يكون من أعمال المقربين ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، فالعبد قد يصبر على المصيبة ولا يرضى بها، فالرضا أعلى من مقام الصبر، لكن الصبر اتفقوا على وجوبه والرضا اختلفوا في وجوبه، والشكر أعلى من مقام الرضا، فإنه يشهد المصيبة نعمة، فيشكر المبلى عليها قال عبدالواحد بن زيد: الرضا باب الله الأعظم وجنة الدنيا وسراج العابدين (٢). فعليك أخي: بالشكر لما قضى وقدر والرضى بما جرى

(١) تنبيه الغافلين ١٣٤. (٢) تسلية أهل المصائب ٢٠٨.

1 / 90