Mythologies grecques et romaines
الأساطير اليونانية والرومانية
Genres
رفضت بسوخي في أول الأمر أن تهتم بارتيابهما، ولكنهما أفلحتا أخيرا في التأثير عليها، واعتزمت أن تعمل بنصحهما. فلما عادت إلى قصرها حملت معها مصباحا وسكينا. وعاد زوجها إليها كالمعتاد، فلما عرفت أنه غارق في النوم، أضاءت المصباح في هدوء، وانحنت فوقه. ولدهشتها وسرورها رأت أمامها شابا رائع الجمال. وفي الحال صارت محبتها له عظيمة جدا، ولكنها قبل أن تبعد المصباح عن وجهه سقطت نقطة زيت ساخنة من الآنية فوق كتفه، فأيقظت ذلك الإله النائم. فأدرك كيوبيد لتوه ما حدث، وبدون أن ينطق بكلمة واحدة نشر جناحيه الأبيضين، وطار من القصر.
عرفت بسوخي أن كيوبيد قد هجرها إلى غير رجعة، فامتلأت يأسا، ولامت نفسها وندمت، حيث لا ينفع الندم على ارتيابها الدنيء، فألقت بنفسها في نهر رغبة في أن تموت، ولكن رب النهر أبى أن يقتل شيئا جميلا كهذا، فلفظها إلى الشاطئ. فظلت مدة طويلة هائمة على وجهها تضرب في الفيافي والقفار غير عابئة بوعورة الطريق، ولا بما ينالها من تعب، حتى وصلت أخيرا إلى معبد لفينوس، فاعتزمت الدخول في خدمة تلك الربة. وكانت فينوس تعلم بزواج ابنها من بسوخي، وما برح الحقد يتأجج في قلبها ضد هذه الفتاة، فأخبرتها بواسطة فم كاهنتها أنها إذا أرادت أن تكون محبوبة، فعليها القيام ببعض الأعمال الشاقة. وكانت فينوس تعتقد تماما أن بسوخي لن تستطيع إنجاز تلك الأعمال، إلا أن بسوخي وافقت في لهفة على أن تقوم بأي عمل يفرض عليها، وسألت عما يجب عليها أن تفعله.
فرضت عليها فينوس أول عمل: كان في مخزن واسع بالمعبد كومة كبيرة من الحبوب المختلفة مختلطة معا: القمح والفول والعدس والخشخاش والشعير والذرة العويجة، وكثير من أنواع الحبوب الأخرى اللازمة لإطعام حراس المعبد ويمام فينوس.
قالت فينوس في صيغة الأمر: «افرزي هذه الحبوب، كل نوع في كومة منفصلة، على أن يتم هذا العمل عند مجيء الظلام.»
ما كان لبسوخي أن تستطيع إنجاز هذا العمل في عشرة أيام، ولكن كيوبيد الذي ما زال يراقب بسوخي سرا، كلف النمل بالقيام بذلك العمل، فأطاعته جميع أمة النمل، وشرعت على الفور تعمل دائبة. فلما بدأت جحافل الظلام تنتشر على الكون، كان كل نوع من الحبوب كومة مستقلة.
عادت فينوس لترى ماذا فعلت بسوخي، فإذا بها تجدها قد أنجزت أول أوامرها، فحنقت؛ لأنها أدركت أنها لم تفعل ذلك بمفردها، وفرضت عليها العمل الثاني. «أحضري لي ثلاث خصلات من صوف الأغنام ذوات البريق الذهبي الموجودة في ذلك الحقل.»
ذهبت بسوخي إلى الحقل تجر قدميها في بطء، وهي تسير على جانب النهر، فهمست لها أعواد البوص النامية هناك، وأمرتها بالانتظار؛ لأن تلك الأغنام كانت بالغة التوحش.
ألحت أعواد البوص على بسوخي بقولها: «انتظري حتى ينتصف النهار، ثم انظري إلى الشجيرات.»
أطاعت بسوخي النصيحة، وبعد الظهر وجدت خصلات من الصوف الذهبي معلقة فوق الشجيرات التي احتكت بها الأغنام أثناء مرورها إلى جانبها. فأخذت هذه الخصلات، وعادت بها إلى فينوس.
وفي الصباح التالي أمرتها فينوس في خشونة بالعمل الثالث: «اذهبي إلى بروسربينا ملكة هاديس، وأحضري لي علبة من المرهم الذي تستعمله للاحتفاظ بجمالها الإلهي.»
Page inconnue