القسم الأول
في الدلائل الدالة على أنه تعالى منزه عن الجسمية والحيز
وفيه فصول
الفصل الأول في تقرير المقدمات التي يجب إيرادها قبل الخوض في الدلائل
وهي ثلاثة
المقدمة الأولى في دعوى وجود موجود وإثباته
أعلم أنا ندعي وجود موجود لا يمكن أن يشار إليه بالحس أنه ههنا هنالك أو نقول إنا ندعي وجود موجود غير مختص بشيء من الأحياز والجهات أو نقول إنا ندعي وجود موجود غير حال في العالم ولا مباين عنه في شيء من الجهات الست التي للعالم هذه العبارات متفاوتة والمقصود من الكل شيء واحد
ومن المخالفين من يدعي أن فساد هذه المقدمات معلوم بالضرورة وقالوا لأن العلم الضروري حاصل بأن كل موجودين فإنه لا بد وأن يكون أحدهما حالا في الآخر أو مباينا عنه مختصا بجهة من الجهات الست المحيطة به قالوا وإثبات موجودين على خلاف هذه الأقسام السبعة باطل في بداية العقول واعلم أنه لو ثبت كون هذه المقدمة بديهية لم يكن الخوض في ذكر الدلائل جائزا لأن على تقدير أن يكون الأمر على ما قالوه كان الشروع في الإستدلال على كون الله تعالى غير حال في العالم ولا مباين عنه في الجهة إبطالا للضروريات والقدح في الضروريات بالنظريات يقتضي القدح في الأصل بالفرع وذلك يوجب تطرق الطعن إلى الأصل والفرع معا وهو باطل بل يجب علينا بيان أن هذه المقدمة ليست من المقدمات البديهية حتى يزول هذا الإشكال فنقول الذي يدل على أن هذه المقدمات ليست بديهية وجوه
Page 15