كان الأمر في البداية أشبه ب «صالة» حولها غرف متعددة، كل من في هذه الغرف يطل على الصالة ويرى ما بداخلها، بغض النظر عما إذا كانت هذه الغرف مفتوحة على بعضها أم لا، على عكس «الموجة الجديدة» التي تبدو وكأنها غرفة في بناية أخرى، لا ترى ما في هذه «الصالة»، ولا ترغب حتى في ذلك؛ لأنها تشعر باكتفائها بذاتها، ولديها شعور بعدم أهمية ما سواها.
ربما من المهم أن توضع كل كتابة في سياقها، وهذا دور النقد، فلم تدع الكتابة المسلية يوما أنها غير ذلك، وظلت «كتب الجيب» طوال الوقت تتجه إلى شريحة عمرية معينة؛ لذا من المهم أن يتصدى النقاد لما يكتب ولما تصدره دور النشر «الجديدة» يوميا بالنقد والتوجيه؛ فهناك أصوات جيدة ضائعة تحتاج إلى من يأخذ بيدها فعلا؛ لأن الأمر يتجاوز فكرة «الأكثر مبيعا» هنا، إلى ذوق جيل يتكون، سواء في الكتابة أو القراءة، وهو ما يمكن ملاحظته من تعليقات قراء وكتاب «الانفجارة الثانية» على صفحاتهم المتخصصة على «فيس بوك»، على سبيل المثال.
لا أحد يدعي أنه يملك صك الكتابة، أو أنه من يضع قواعدها، ولا أحد يملك نزع حق الكتابة من أحد، أو صفة الإبداع من أي كاتب، لكن تعريفات الكتابة الأولية واضحة وجلية، وكلها تنبع من مصدر واحد، أما الغرف المتجاورة المغلقة على ذاتها؛ فهي في النهاية لا تؤدي إلا إلى اختناق من فيها.
هل غادر الشعراء من متردم؟
هذا مقال قديم ومكرر. لا أعني بهذا أنني أعيد كتابته أو أنه تم نشره من قبل في مكان آخر، لكن أعني أن موضوعه قديم، وربما كتب أو فكر فيه كل من أراد يوما أن يكتب نصا جديدا. قديم قدم قول امرئ القيس:
عوجا على الطلل المحيل لعلنا
نبكي الديار كما بكى ابن خذام
وقدم بيت عنترة بن شداد:
هل غادر الشعراء من متردم؟
أم هل عرفت الدار بعد توهم
Page inconnue