L'Aristocratie : Une très courte introduction
الأرستقراطية: مقدمة قصيرة جدا
Genres
يعني الامتياز «قانونا خاصا»، يتمتع حائزوه بالحق في أن يحصلوا على معاملة مختلفة عن غيرهم؛ ففكرة وجود طبقة أرستقراطية أو نبلاء دون امتيازات فكرة غير واردة. يقال دوما إن ما يميز النبلاء في الممالك البريطانية عن نظرائهم في أوروبا هو عدم امتلاكهم أي امتيازات. بالتأكيد كانوا دوما يتمتعون بعدد أقل من الامتيازات. لكن إذا قبلنا التعريف البريطاني لطبقة النبلاء بأنهم أشراف، فإن عضوية مجلس اللوردات، التي كانت من حق كل النبلاء الحصول عليها حتى عام 1999م، كانت بالتأكيد امتيازا له أهمية كبرى. حتى إن كنا نفضل وجود تعريف أكثر شمولا للطبقة الأرستقراطية البريطانية، فإن لقب البارونيت المنتقل بالوراثة والفروسية، وشعار النبالة الذي يسمح للرجال النبلاء بإظهاره، فضلا عن التفضيل في المناسبات العامة الذي يحصل عليه الأعيان تقليديا عقب النبلاء مباشرة؛ كلها تندرج أيضا تحت الامتيازات. وفي الفترة بين عامي 1711 و1858م كان الرجال الذين لا يملكون مساحات شاسعة من الأراضي يستبعدون رسميا من مجلس العموم، وفي الفترة من عام 1671 حتى 1832م كانت قوانين الألعاب تحظر على جميع المنتمين لطبقة الأعيان ممارسة الصيد والرماية.
كانت امتيازات ممارسة الصيد حكرا على اللوردات في جميع أنحاء أوروبا؛ وكذا الحال بالنسبة إلى الحق في استخدام أنواع معينة من شعارات النبالة، رغم أنه كان يسمح دوما لغير النبلاء بعرض شعارات نبالة أقل تميزا. الأهم من هذا أن الكثير من النبلاء في القارة الأوروبية شكلوا في أواخر العصور الوسطى طبقات قانونية منفصلة تتمتع بحقوق وامتيازات جماعية، تشمل عادة حصولهم على قاعات خاصة في المؤسسات النيابية؛ والسبب في هذا هو عملهم المستقل كمحاربين يوفرون نظريا الحماية لمجتمعهم. وفي بولندا والمجر كان التمثيل النيابي من أي نوع حكرا على النبلاء فقط. أهم من هذا أن وظيفة المحاربين المزعومة للنبلاء استخدمت كمبرر للإعفاء من الضرائب المباشرة. كان النبلاء يدفعون «ضريبة الدم»؛ ومن ثم كانوا يشعرون بأن من حقهم ألا يدفعوا أي شيء آخر. ومن الأفكار التي ظهرت في أوائل التاريخ الحديث، واستمرت لوقت طويل، المجهود المتواصل للملوك لإجبار النبلاء - بوجه عام الفئة الأغنى - على دفع الضرائب. وآجلا أو عاجلا كانوا يتوصلون لطرق تمكنهم من استغلال ثرواتهم بأسلوب غير مباشر. مع هذا فإن الضرائب المباشرة كانت تلقى مقاومة شديدة، ولا يرجع هذا فقط إلى كونها تستقطع من ثروة النبلاء، بل أيضا لأن الإعفاء الضريبي كان الاختبار الحقيقي لتقدير قيمة طبقة النبلاء نفسها. يقول شعار فرنسي: «لا يخضع أي نبيل لدفع الضريبة .» وكان لا بد من اندلاع أكبر ثورة في التاريخ من أجل تدمير هذا المبدأ.
مع هذا، بحلول عام 1789م كان الملك قد فاز بنصف المعركة في نضاله من أجل استغلال ثروة النبلاء. لقد كان النبلاء الفرنسيون يدفعون بالفعل مقدارا من الضرائب غير المباشرة، وفي بعض أجزاء من المملكة كانت الضريبة المعيارية - ضريبة الأراضي - أيا كان الوضع، تفرض على الأراضي وليس الأفراد. انتشر تصنيف الأراضي إلى أراض نبيلة وغير نبيلة في جميع أنحاء أوروبا، وفي بعض الدول كان النبلاء فقط يسمح لهم بامتلاك الأراضي النبيلة. وحتى في الأماكن التي لا يمنع فيها عامة الشعب من تملك الأراضي، كان يفرض عليهم دفع ضريبة خاصة (ضريبة التملك الحر) على ممتلكاتهم. في الوقت نفسه كان النبلاء يتمتعون بكافة أنواع الإعفاءات الأخرى، رغم أنها كانت تختلف كثيرا من مملكة لأخرى. اشتملت هذه الإعفاءات على إعفاءات من المبيت في سكن الجنود، ومن الخدمة العسكرية، ومن العقاب البدني. كانت عقوبة الإعدام تطبق بقطع الرأس وليس بالشنق. وكانت القضايا التي تتضمن نبلاء تنظر في محاكم خاصة، وكان عدد كبير من المؤسسات والهيئات الاعتبارية يمنع أي شخص من الدخول فيه عدا النبلاء. وأخيرا، كان يسمح للنبلاء بارتداء ملابس تميزهم عن الآخرين. وإذا كانت القوانين المحددة للإنفاق التي ظهرت في الفترة بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر قد فشلت في منع الأغنياء من عامة الشعب من ارتداء ملابس مثل ملابس الأعلى منهم مكانة، فإن المتغطرسين فقط هم من كانوا يجرءون على خرق القوانين التي كانت تقصر حمل السيوف على النبلاء فقط. لقد كان هذا أسلوبا آخر للتباهي بوظيفة المحارب، وكان يستلزم بعض التدريب في المبارزة؛ وهو الأمر الذي ربما لا يستطيع عامة الشعب مجاراته إذا ما استلت الأسلحة.
بدأ ظهور الامتيازات بطرق عديدة ومختلفة. بعض هذه الامتيازات، مثل التمثيل السياسي أو الإعفاء الضريبي، كان جزءا لا يتجزأ من مفهوم النبالة. وبعض ثان منها كان يمنحه الملوك من أجل الحصول على الدعم، أو رضوخا منهم للمعارضة المتضافرة. ويوجد أيضا بعض ثالث منها يباع ببساطة، وهذه طريقة أقل إزعاجا يستغل بها الحكام ثروة هؤلاء الأشخاص بدلا من محاولة فرض ضرائب عندما تكون سلطتهم على الإجبار محدودة. ظهرت رتبة البارونيت البريطانية، التي تسمح بانتقال لقب «سير» بالوراثة، في عام 1611م، وكانت متاحة علنيا للبيع، رغم أنها أصبحت تمنح فيما بعد نظير الخدمات السياسية. وفي هذا الوقت باع الملك الفرنسي الوظائف الحكومية المصحوبة بامتيازات، بما في ذلك منح مكانة النبلاء، على نطاق واسع غير طبيعة النبلاء الفرنسيين بالكامل على مدى ثلاثة قرون قبل قيام الثورة، من نخبة من المحاربين إلى طبقة مفتوحة من الأثرياء. إلا أن الامتيازات التي كانت تمنح أو تباع كان من النادر حصول طبقات كاملة من النبلاء عليها؛ فقد كانت تعطى مجزأة، لمجموعات فرعية أو أفراد متعاقبين، من أجل دعم أو تعديل التسلسل الهرمي الموجود في سبيل المصلحة القصوى للسلطة الملكية؛ ونتيجة لهذا وجد عدد قليل من الأرستقراطيين أنهم يتمتعون بامتيازات أكثر بكثير من غيرهم، فما كان من هذا التوزيع غير العادل للامتيازات إلا أن زاد مشاعر الكبر والضغينة بين النبلاء؛ مما جعل المظهر الخارجي للتضامن داخل الطبقة الأرستقراطية وهما هشا. (6) الواجبات
كانت الامتيازات تمثل حقوقا؛ فقد نص عليها القانون وكانت تحميها المحاكم. ولم يتردد النبلاء قط في رفع دعاوى قضائية من أجل الدفاع عنها؛ حيث كانت أدوات أساسية في ادعاء الأرستقراطيين أنهم أرفع اجتماعيا. في المقابل، كانت الواجبات المفروضة على النبلاء قليلة للغاية وفي مجملها مبهمة. في الغرب، كانت تلك الواجبات مستمدة في الغالب من فترة ازدهار النظام الإقطاعي، بين القرنين العاشر والثالث عشر. لم تستخدم كلمة «نظام إقطاعي» قبل القرن السابع عشر إلا نادرا، ويفضل الباحثون في العصر الحديث تجنبها. مع هذا فإن الإقطاع الذي كان السمة الغالبة في هذه الفترة، والقوانين والعادات المستمدة منه، كانت جميعها تميز كافة جوانب تاريخ الطبقات الأرستقراطية تقريبا حتى نهاية القرن الثامن عشر، وأحيانا في الفترة التالية عليه ؛ فقد كان الإقطاع عبارة عن عطايا مشروطة من الأراضي والصلاحيات تقدم من اللورد لأحد المرءوسين أو التابعين بالتعاقد. وكانت عادة تشتمل على مكان محوري حصين يمكن إقامة قلعة فيه. إلا أن جوهر العقد الإقطاعي كان يتمثل في قيام التابع بإمداد اللورد، بناء على طلبه، بعدد متفق عليه من المحاربين الفرسان، الذين يطلق عليهم اسم «الخيالة» في أوروبا، و«الفرسان» في إنجلترا. كانت أراضي الإقطاع تتفاوت في أحجامها وفقا لعدد الفرسان الذين من المتوقع أن يحصلوا عليها، لكن الإقطاعيين (ملاك الإقطاع) الذين يفشلون في الوفاء بالتزاماتهم قد يجردون شرعيا من ممتلكاتهم. هيمن الفرسان والقلاع على الحروب منذ القرن العاشر وحتى القرن الرابع عشر، لكن مع ظهور أساليب قتالية جديدة وظهور البارود (بعد قرن من الزمن)، بدأت الاتفاقات الإقطاعية في الاختفاء. استمرت ممارسة الفرسان للمبارزة القاتلة بالرماح لقضاء وقت فراغهم خلال القرن السادس عشر، لكن في القرن السابع عشر عندما كانت مجموعة من الإقطاعيين تستدعى أحيانا للمشاركة، كانت النتائج ترى على أنها أكثر من مجرد إحراج لهواة. لكن في هذا الوقت كانت الألقاب المشتقة من أسماء القلاع، والفروسية بوصفها وظيفة محترمة، وحمل شعار النبالة (المستخدم في الأساس من أجل التمييز في المعركة)، والفقه المعقد للإقطاع والصلاحيات المصاحبة له، وقواعد سلوك الفرسان القويم المعروف باسم الفروسية؛ كانت جميعها جزءا من هوية النبلاء. وجاءت منها جميعا فكرة أن الرجل النبيل يتوجب عليه خدمة سيده الأعلى - الملك. وهو شعور بالواجب استمر في شكل التزام واسع النطاق للمهن العسكرية طوال القرن التاسع عشر وبعده.
شكل 1-4: فارسان يتبارزان بالرمح. القرن الخامس عشر.
لم يكن هذا ينطبق على جميع النبلاء؛ فالعدد الوافر من النبلاء الذين ظهروا في بولندا في أوائل العصر الحديث - «الشلاختا» المشهورين - اعتبروا الإعفاء من الخدمة العسكرية أحد امتيازاتهم؛ فقد كانوا يفتخرون بعدم التزامهم تجاه أي شخص عدا أنفسهم، وأطلقوا على هذا اسم «الحرية الذهبية». وبالتوغل شرقا، وتحديدا في السهول الحدودية الفوضوية، كان هذا نوعا من الرفاهية لا يستطيع أحد التمتع به؛ فقد كان النبلاء في روسيا يعرفون دوما بأنهم عبيد أو خدم للقيصر. لقد كانوا يتمتعون - مثل التابعين الإقطاعيين الأوائل في الغرب - بمنح من الأراضي وعبيد يقومون على فلاحتها مقابل إعالتهم، ولم يكن التزام النبلاء بخدمة القيصر محدودا. بالطبع كانت معظم خدماتهم عسكرية، لكنهم كانوا بالكامل تحت تصرف الحاكم لأي غرض وطيلة الوقت الذي يريده. وسع بطرس الأكبر (1682-1725م) هذا المبدأ ونظمه؛ حيث طلب من جميع النبلاء أن يعملوا لديه طوال حياتهم إما في الجيش أو «كموظفين حكوميين» (كان هذا أول استخدام لهذا المصطلح). ثبت أن هذا النظام نظام مؤقت؛ فلم تستطع الدولة تعيين كل الموظفين الموجودين مدى حياتهم، وفي عام 1762م حصل النبلاء على الحق في ترك الخدمة. لكن في هذا الوقت لم يعرف كثير منهم ما يفعلونه بخلاف هذا، وأدت عودة الكثير منهم إلى أراضيهم واستغلال عبيدهم عن قرب إلى تفاقم حدة التوتر الاجتماعي في الريف. تبعت هذا ثورات شعبية ضخمة في سبعينيات القرن الثامن عشر، وسعت كاثرين الثانية (1762-1796م) المذعورة إلى نيل ولاء النبلاء عن طريق منحهم امتيازات شاملة. هذا وقد أعطى ميثاق طبقة النبلاء في عام 1785م النبلاء في روسيا مزايا وإعفاءات على نطاق كان في هذا الوقت قد بدأ يندثر في غرب أوروبا. لقد كان الهدف من هذا الميثاق جعل هؤلاء النبلاء متحمسين لخدمة حكومتهم على كافة المستويات، لكن دون شيء من الإجبار القديم. ونظرا لأنه ضمن لهم ممتلكاتهم وحيازتهم للإقطاعيات، وأعطاهم رأيا معترفا به في الحكومة المحلية، فإن إقناع النبلاء في روسيا لم يتطلب جهدا كبيرا كي يقدموا خدماتهم طواعية.
لم يتقبل الأرستقراطيون قط الإجبار؛ فقد كانوا يرون أنهم قد ولدوا ليأمروا الآخرين لا أن يقبلوا ما يمليه عليهم الأعلى منهم؛ فهم يرون أن واجب السلطة العليا هو أن تؤكد على زعمهم التفوق والدفاع عنه، حتى إن تقبلهم السيادة الملكية نادرا ما كان يحدث دون شروط. ولم يعبر كثيرون تعبيرا واضحا أو صريحا عن هذا مثلما عبر عنه الأعيان في برشلونة خلال العصور الوسطى؛ إذ أقسموا لحاكمهم الأراجوني قائلين :
نقسم نحن، الذين لا نقل مكانة عنك، إليك، يا من لا تزيد مكانة عنا، أن نتقبل توليك الملك والسيادة علينا، شريطة أن ترعى حرياتنا وقوانيننا، لكن إن لم يحدث هذا فلن نقبل بك.
لكن لم يكن هذا قط سلوكا مستبعدا عن الأرستقراطيين، فيزخر التاريخ بثورات من النبلاء أو البارونات ضد السلطة، فضلا عن الإطاحة بالحكام أو قتلهم على يد رجال نبلاء ساخطين. فلم يتحدد سلوك وحقوق وواجبات الطبقات الأرستقراطية في صورة قواعد وتعريفات رسمية، بقدر ما تحددت بما اختار أعضاؤها أن يعتقدوه عن أنفسهم.
Page inconnue