فصل
79- تقدم أن هذا الحديث أعلى درجات الصحة القوية، وأنه اتفق على روايته وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعبد الرحمن ابن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام، والعباس بن عبد المطلب، وأبو هريرة، وعائشة رضي الله عنهم، وكل ذلك في ((الصحيح))، فقل أن يوجد حديث مثله.
80- وبمضمونه قال جماعة علماء المسلمين سوى من لا يعتد به من الروافض، فإنهم رووا الحديث وقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم يورث، وأن أبا بكر ظلم فاطمة رضي الله عنها في منعها حقها، وهي قولة شنيعة ناشئة عن عناد محض ومكابرة.
81- وهذا علي رضي الله عنه قبض الأرضين المخلفة عن النبي صلى الله عليه وسلم مدة خلافته من غير منازع، ولم يقسمها على ابنيه السبطين رضي الله عنهما، بل استمر يصرفها في الوجه الذي كان من قبله من الخلفاء الراشدين يصرفونها فيه، ثم كانت بعده بيد ابنه الحسن، ثم بيد أخيه الحسين رضي الله عنه، ثم في يد أولادهما من بعدهما، فلم يتملكها أحد منهم، ولا قسمها قسمة المواريث.
82- فلا وجه لعنادهم ومكابرتهم، وإنما طلبت فاطمة رضي الله عنها ميراثها أول الأمر لما لم تسمع قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا نورث ما تركنا صدقة))، ثم لما بلغها ذلك سكتت ولم تعد له تطلب، وكيف يسوغ لمسلم أن يظن بأبي بكر رضي الله عنه أنه كان يمنع فاطمة رضوان الله عليها ميراثها عن أبيها صلى الله عليه وسلم مع ما علم من أمره قطعا أنه كان يسوي بين الناس في العطاء، ويوصل كل ذي حق إلى حقه.
Page 328