Aram de Damas et Israël dans l'histoire et l'histoire biblique
آرام دمشق وإسرائيل: في التاريخ والتاريخ التوراتي
Genres
ويبدو أن تغلات فلاصر كان يستعين في حروبه على دمشق بجيوش بعض الممالك المقهورة والموالية له في سوريا الشمالية. يدلنا على ذلك نص الملك بنامو بن راكب ملك يأدي (شمأل)، الذي وجد على نصب أقامه هذا الملك تخليدا لذكرى أبيه الذي قتل وهو يحارب في أرض دمشق إلى جانب الآشوريين. نقرأ في نص بنامو ما يلي: «بحكمته وبصدقه، أخذ بطرف ثوب سيده ملك آشور الذي أعلاه بين الملوك الكبار، وسار بركاب سيده تغلات فلاصر بوسط الجيش، من مطلع الشمس إلى مغربها ... ثم مات أبي بنامو على رجلي سيده تغلات فلاصر في المعركة، فبكاه أقرباؤه الملوك، وبكته قوات سيدي ملك آشور كلها. فقام ملك آشور وجعل له نصبا على الطريق. ونقل أبي من دمشق إلى آشور.»
12
أما عن اقتحام دمشق وقتل رصين فلا يوجد لدينا نص واضح يصف ذلك فيما تبقى من سجلات وشذرات سجلات تغلات فلاصر. وقد عمل الباحث
Tadmor
عام 1962 على إعادة ترتيب ثلاث شذرات لرقيم مكسور وقرأها على النحو التالي: «لقد ألحقت بآشور كل الأراضي الواسعة لبيت حزائيل (أي: مملكة دمشق) من جبال لبنان إلى بلدة جلعازو (راموت جلعاد في شرقي الأردن) وأبيلاكا (آبل بيت معكة) عند أطراف أرض عمري، وعينت عليها حاكما من قبلي .»
13
وعلى الأرجح فإن معارك حملة عام 732ق.م. كانت بمثابة المواجهة الأخيرة بين دمشق وآشور، وهي التي أفقدت دمشق استقلالها، وألحقتها بالممتلكات الآشورية. وسيكون لدمشق انتفاضة أخيرة بعد قليل، ولكن لا كمملكة كبيرة، بل كمدينة مستضعفة تحارب تحت إمرة ملك حماة. (3) نهاية إسرائيل
قبل هجومه الأخير على دمشق، عاقب تغلات فلاصر مملكة إسرائيل على وقوفها إلى جانب دمشق، فسلبها أراضيها الشمالية، وعين عليها ملكا جديدا يأتمر بأمره، ويدير شئون مملكة صغيرة تلعب دور التابع في منطقة فلسطين. فقد كانت آشور - إلى جانب اعتمادها سياسة ضم الممالك المستقلة إلى التاج الآشوري - ترغب في الإبقاء على الحكم الذاتي لبعض الممالك بعد إضعافها ونزع أسنانها، وذلك إلى الحد الذي يخدم مصالحها وحساباتها الاستراتيجية، وكانت تبقي على الأسر الحاكمة في هذه الممالك طالما أمنت لها هذه المصالح، فإذا آنس بعض هؤلاء الحكام من أنفسهم قوة، وانتهزوا فرصة سانحة للتمرد؛ عمدت آشور إلى البطش بهم وتصفية دولهم. وهذا ما حدث لإسرائيل في سنواتها الأخيرة التي عاشتها بعد نهاية مملكة دمشق.
اعتلى عرش آشور بعد تغلات فلاصر الثالث ابنه شلمنصر الخامس، الذي حكم فترة قصيرة فيما بين 726 و722ق.م.، ثم خلفه صارغون الثاني، الذي حكم سبع عشرة سنة فيما بين 721 و705ق.م.، وكان من أوائل أعماله حملته في مناطق غربي الفرات على حلف سوري جديد تشكل هذه المرة بقيادة مملكة حماة، التي اغتصب العرش فيها رجل من الجالية الحثية القوية التي تقيم فيها منذ زمن بعيد، والتي صعد من صفوفها عدد من الملوك، أشهرهم إرخوليني حليف حدد عدر الآنف الذكر. وقد تألف حلف حماة من دويلات حماة وأرواد وسيميرا والسامرة ودمشق. ولا ندري كيف شاركت دمشق في هذا الحلف بعد زوالها كمملكة مستقلة وضمها إلى التاج الآشوري. والأغلب أنها قد ثارت على الحاكم المعين عليها من آشور، ولجأت إلى ملك حماة الجديد، الذي وعدها بالحماية وتأمين الاستقلال. ومثلها في ذلك مدينة سيميرا التي كانت قد ألحقت بآشور قبل دمشق. أما هوشع ملك السامرة فقد كان يتلقى تحريضا مستمرا من مصر على الثورة، ووعودا بالدعم العسكري والمادي، وقد وجد في دعوة ملك حماة مناسبة لبدء عصيانه.
لدينا نصان لصارغون الثاني عن قتاله لحلف حماة. نقرأ في أولهما: «ياوبيدي من عامة مدينة حماة، حثي ملعون، جعل نفسه ملكا على المدينة، وحرض ضدي مدن أرواد وسيميرا ودمشق والسامرة، فتعاونوا وجهزوا جيشا مشتركا. دعوت جميع جند آشور وأطبقت عليه في قرقرة مدينته الأثيرة، ففتحتها وأحرقتها. أما هو فقد أمسكت به وسلخت جلده، وقتلت المتمردين في مدنهم، وأحللت النظام والسلام بها.» ونقرأ في النص الثاني: «لقد خربت حماة كعاصفة الطوفان، وسقت ملكها ياوبيدي وعائلته وكل محاربيه إلى آشور مكبلين بالأصفاد، فشكلت منهم فرقة مؤلفة من 300 عربة، و600 مقاتل مجهزين بالتروس والرماح، وضممتهم إلى فرقي الملكية. ثم أسكنت 6300 آشوري في أرض حماة، وجعلت عليهم حاكما من عندي.»
Page inconnue