Aram de Damas et Israël dans l'histoire et l'histoire biblique
آرام دمشق وإسرائيل: في التاريخ والتاريخ التوراتي
Genres
10
أما عن المدن التي ادعى سفر يشوع تخريبها وإحراقها بالنار، وخصوصا أريحا وعاي وحاصور، فإن التنقيب الأثري قد أخفق حتى الآن في تقديم الدلائل على تاريخية الرواية التوراتية.
فيما يتعلق بأريحا، أثبتت نتائج التنقيب الأثري (الذي ابتدأ في الموقع منذ عام 1876، واستمر بشكل متقطع حتى ستينيات القرن العشرين) أن المدينة قد دمرت في عصر البرونز الوسيط حوالي عام 1560ق.م. ولم يعد بناؤها كمدينة مسورة خلال عصر البرونز الأخير، رغم العثور على كسرات فخارية بين جملة دلائل أخرى تشير إلى قيام سكن عرضي فوق التل خلال البرونز الأخير. وهذه الدلائل تتوقف مع نهاية القرن الرابع عشر، ويخلو الموقع تماما من دلائل الحياة. وهذا يعني أن آثار السكن قد توقفت تماما قبل قرن كامل من التاريخ المفترض لهجوم يشوع على أريحا، وأن الأسوار التي سقطت من تلقاء نفسها بمعجزة من الرب كانت قد تهدمت قبل ذلك بأكثر من ثلاثة قرون. وفيما يتعلق بمدينة عاي، التي تم التعرف عليها في الموقع المعروف اليوم باسم «التل» بعد خمسة عشر كيلو مترا من القدس، فقد أثبتت نتائج التنقيب الأثري في الموقع على أن هذه المدينة كانت مزدهرة خلال عصر البرونز المبكر، ثم هجرت تماما خلال عصر البرونز الوسيط وعصر البرونز الأخير، أي قبل الوصول المفترض للإسرائيليين بحوالي ألف سنة. أما فيما يتعلق بمدينة حاصور، التي تم التعرف عليها إلى الجنوب من بحيرة الحولة، فقد كشف المنقبون عن آثار دمار كامل للمدينة يعود إلى أواخر البرونز الأخير. ولكن بينما يرجع عالم الآثار الإسرائيلي إيجال يادين هذا الدمار إلى حوالي عام 1230ق.م. فإن المنقب الإسرائيلي الآخر موشي كوشافي يرى أن آثار هذا الدمار لا يمكن أن تعود إلى ما بعد 1275ق.م.، وهو الرأي الذي تدعمه المنقبة كاثلين كينيون ومعظم علماء الآثار في فلسطين. وهذا يعني أننا ما زلنا خارج الفترة المفترضة لدخول الإسرائيليين.
11
وتدل التنقيبات في موقع مدينة جبعون - التي صالحت يشوع وجرت عندها المعركة الكبرى بين يشوع والتحالف الجنوبي بقيادة أدوني صادق ملك أورشليم - على أن المدينة لم تكن قائمة خلال القرن الثالث عشر بكامله. وكذلك الأمر في مواقع المدن التابعة لها والمذكورة في يشوع (9: 17)، مثل الكفيرة، التي يغلب أن تكون في موقع خربة كفر، حيث لم يعثر المنقبون على آثار سكنية تعود إلى ما قبل القرن الثاني عشر. فإذا تتبعنا مسار حملة يشوع نحو الجنوب عبر مدن مقيدة ولبنة ولخيش وعجلون وحبرون ودبير وجازر؛ لعثرنا على آثار دمار في بعض هذه المواقع، مثل لخيش (تل الدوير)، ودبير (تل بيت مرسمي)، تعود إلى حوالي عام 1230ق.م.، أي إلى تاريخ قريب من التاريخ المفترض لوصول الإسرائيليين. ورغم أن المؤيدين لنظرية الاقتحام العسكري لأرض كنعان يعزون هذا الدمار إلى حملة يشوع، إلا أن المرجح والمتفق مع معلوماتنا التاريخية هو أن دمار هذه المدن الجنوبية في فلسطين خلال أواخر القرن الثالث عشر متعدد الأسباب، ولا نستطيع في الوضع الحالي لمعلوماتنا ترجيح واحد من هذه الأسباب على الآخر، لأن الغزاة عادة لا يتركون وراءهم بطاقة زيارة تفصح عن هويتهم. فقد يكون المسئول عن ذلك الفرعون رمسيس الثاني في آخر حملة له على فلسطين، أو أن يكون المسئول عن ذلك خليفته مرنفتاح، أو شعوب البحر ممن كانت تعج بهم المنطقة في ذلك الوقت.
12
وكخلاصة في مسألة تاريخية سفر يشوع أسوق إلى القارئ هذا التقييم الأخير للوقائع المتعلقة بالموضوع، الذي أورده في دراسة جديدة له المنقب جوزيف كالووي
J. Callaway
صاحب الباع الطويل في عمليات عديدة في فلسطين خلال ربع القرن الماضي. يقول كالووي: «بعد استعراض الوثائق الأركيولوجية جميعها من المواقع الفلسطينية المذكورة في سفر يشوع، هل يمكن القول بأن الغزاة الإسرائيليين قد استولوا على المناطق الهضبية والجليل عبر معارك عسكرية خاطفة، مما يرويه سفر يشوع من الإصحاح الأول إلى الإصحاح الثاني عشر؟ إن البينات الأركيولوجية غير مقنعة، وتتعارض في معظمها مع الرواية التوراتية، وإلى درجة لا يستطيع معها أنصار نظرية الفتح العسكري، من أمثال إيجال يادين، إقناعنا بها إلا بواسطة الإيمان الأعمى ... إن النص التوراتي عن الفتح العسكري قد أخذ شكله الذي وصل إلينا بعد فترة طويلة من استقرار الإسرائيليين في الأرض. وهذا الشكل يمكن وصفه بالتاريخ الوعظي أو التبشيري، مما يلائم القائمين على الصياغة خلال عصر المملكة . ولتحقيق هذه الغاية، فإن المحررين قد اختاروا مقتطفات متفرقة من مصادر وصلت إليهم، وصاغوا منها قصة عن بدايات إسرائيل، وذلك من وجهة نظر لاهوتية.»
13
Page inconnue