إذا حركت مبدأ وجدت شيئا تحته، فعلمت أنه ليس بمبدأ. ***
أحسب أن ست سنوات أو سبعا يعنى المرء فيها بثقافته الأدبية تمنح فكره إذا كان حسن القبول نبلا وظرفا وجمالا، لا تكتسب بوسائل أخرى. ***
الفلسفة والأدب هما «ألف ليلة وليلة» الغرب. ***
لو لم يكن إلا الشر في الدنيا لما رأيناه، كالليل لا يكون له اسم لو أن النهار لا يطلع. ***
المهم في التضحية هو التضحية بحد ذاتها، إذا كان ما تضحي نفسك لأجله وهما؛ فإن تضحيتك حقيقة لا ريب فيها، وهذه الحقيقة هي أنفس حلية يزين الإنسان بها خصاصته المعنوية. ***
إن الحكمة ترفع العبد فوق سيده، بل ماذا أقول؟ فإن العبد الفاضل لأسمى من الآلهة أيضا؛ لأنه إذا كان مساويا لهم في الحكمة، فهو يفضلهم بجمال الجهود التي يبذلها في عروجه إلى تلك المرتبة العالية. ***
أكثر الذين يصيبون نجحا في هذه الدنيا فالبلهاء، والأذكياء حمقى لأنهم لا يتوصلون إلى شيء. ***
يجب أن نأذن لهؤلاء البشر المساكين ألا يطابقوا دائما أقوالهم على عواطفهم، بل يجب ألا نضيق ذرعا إذا كان لكل واحد منا فلسفتان أو ثلاث في وقت معا، فليس ما يحمل على الاعتقاد بأن مذهبا واحدا فيه كل الصواب إلا إذا كنت واضع ذلك المذهب، ولا يغتفر التعصب أو التحيز إلا لمخترع أو لواضع، وكما أن في القطر الواسع أقاليم مختلفة جدا، فكذلك في العقل الواسع كثير من المناقضات، والحقيقة هي أن النفوس المنزهة عن كل «لا منطق» تخيفني، فأنا لا أستطيع تصور أنها لا تخطئ قط، وأخشى لذلك أن تخطئ دائما، على حين أن المرء الذي لا يدعي «المنطق» قد يهتدي إلى الحقيقة بعد أن يكون أضاعها، سيعترض علي دفاعا عن المنطقيين بأنه يوجد في آخر كل قياس حقيقة، كما يوجد عين أو ظفر في طرف الذنب الذي وعد به «فورنيه» البشر يوم يكتملون وتتناسب أعضاؤهم، ولكن يبقى للعقول المتعرجة المترددة فضل بأنهم يسلون غيرهم بالأخطاء والضلالات التي تسليهم أنفسهم.
يا لسعد من كانت له مثل عولس رحلة جميلة! إذا كان الطريق مزدهرا فلا تسل إلى أين يوصل، هذه نصيحة أسديكها غير مبال بالحكمة السائرة، مصغيا إلى صوت حكمة أسمى: كل الغايات محجوبة عن الإنسان. سألت عن طريقي أولئك الذين ادعوا معرفة جغرافية المجهول جميعا، أعني رجال الدين والعلم والسحرة والفلاسفة، فلم يستطع واحد منهم إرشادي إلى السبيل الأقوم؛ لذلك اخترت هذا الطريق الذي تظله أغصان غضة مشتبكة تحت السماء الضاحكة الضحيانة، تقودني عاطفة الجمال، ومن ذا الذي وفق إلى خير من هذا الدليل؟ ***
الهندسة أصل في كل شيء، بل هي فيه كالهيكل العظمي في الحيوان. إن العالم المرئي يحجبها، ولكنها في لعب الصور اللامتناهية، التي يتجلى الكون فيها لنفسنا الحائرة، تسيطر بسننها الثابتة على المادة النائمة والمادة اليقظى، على البلور والإنسان والأرض والنجوم، هي مسيطرة على جمال الغواني، وائتلاف الموسيقى وأوزان الشعر، وانتظام الأفكار، هي مقياس كل شيء، فيها الحركة وفيها الاستقرار، ما أسعد الذين يتبعون في عمر طويل حسن نظام صورها، ويكتشفون خصائصها التي لن تزول! ***
Page inconnue