ليست الحقائق العلمية محببة إلى قلوب العامة، فإن الشعوب تحيا بالميثولوجيا، وتتناول من الأساطير كل مبادئ العرفان التي تحتاج إليها، وقليلة ما هي. إن بضع أكاذيب كافية لإسعاد ملايين من الناس، وبالجملة ليس للحقيقة سلطان على البشر، ولو كان لها سلطان لكان هذا مدعاة أسف؛ لأن الحقيقة مضادة لطبيعتهم بقدر ما هي مضادة لمصالحهم. ***
من الخطأ الفاحش الاعتقاد بأن الحقائق العلمية تختلف في جوهرها عن حقائق العوام، فإنها لا تختلف عنها إلا من حيث الاتساع والدقة، وهذا من الوجهة العملية فرق جسيم، ولكن لا ننس أن تحقيق العالم ينتهي عند ظاهر الحادثة دون أن ينفذ إلى جوهرها، أو يمسك بطرف من طبائع الأشياء. هذه العين وإن تكن مسلحة بالمجهر، لن تزال عين إنسان تبصر أكثر من العيون العزلاء، ولكنها لا تبصر بشكل آخر، وقد يكثر العالم من بيان صلات الإنسان بالطبيعة، ولكنه عاجز عن اكتناه جوهر هذه الصلات، وقد يرى العالم كيف تحدث بعض الحادثات التي تغيب عنا، ولكن يحظر عليه ما يحظر علينا من معرفة علة حدوثها.
إذا طلبت في العلم عبرة وموعظة كنت عرضة لأمر الخيبات. ***
إن رأي الجمهور لا يوازي تضحية رغبة واحدة من رغباتنا. ***
يحتاج أكثر الناس إلى شيء من الزينة ليبدو أنهم عظام. ***
كل شيء عكر في النفوس العكرة. ***
لا يمكن أن يكون الموت أكمل من الحياة. ***
كان وجه الموت قبيحا، ووقعه أليما، وما زال. إذا قال بعضهم: لا ينبغي الخوف منه؛ لأن المرء إذ يموت يصبح غير موجود ليس إلا؛ أجبناه: وهذا لا يمنع أن فكرة الساعة الأخيرة ملأى بالآلام والأهوال. ***
ليس للأموات إلا الحياة التي يعيرهم إياها الأحياء. ***
يحترم الناس الموت؛ لأنهم يرون - وهو الصواب - أنه إذا كان موت المرء يجل، فسيكون كل واحد موضع الإجلال مرة بالأقل. ***
Page inconnue