مقصود القلب بالطبع. وذلك مثل صاحب دار الانسان ، فإنه يخدم الانسان في نفسه وتخدمه سائر أهل داره ، بحسب ما هو مقصود الانسان في الأمرين ، كأنه يخلفه ويقوم مقامه وينوب عنه ويتبدل فيما ليس يمكن أن يبدله الرئيس ، وهو المستولي على خدمة القلب في الشريف من أفعاله .
من ذلك ، أن القلب ينبوع الحرارة الغريزية ، فمنه تنبث في سائر الأعضاء ، ومنه تسترفد ، وذلك بما ينبث فيها عنه من الروح الحيواني الغريزي في العروق الضوارب. ومما يرفدها القلب من الحرارة إنما تبقى الحرارة الغريزية محفوظة على الأعضاء. والدماغ هو الذي يعدل الحرارة التي شأنها أن تنفذ إليها من القلب حتى يكون ما يصل إلى كل عضو من الحرارة معتدلا له. وهذا أول أفعال الدماغ وأول شيء يخدم به وأعمها للأعضاء .
ومن ذلك أن في الأعصاب صنفين : أحدهما آلات لرواضع القوة الحاسة الرئيسة التي في القلب في أن يحس كل واحد منها الحس الخاص به ، والآخر آلات الأعضاء التي تخدم القوة النزوعية التي في القلب ، بها يتأتى لها أن تتحرك الحركة الارادية. والدماغ يخدم القلب في أن يرفد أعصاب الحس ما يبقي به قواها التي بها يتأتى للرواضع أن تحس محفوظة عليها. والدماغ أيضا يخدم القلب في أن يرفد أعصاب الحركة الارادية ما يبقي به قواها التي بها يتأتى للأعضاء الآلية الحركة الارادية التي تخدم بها القوة النزوعية التي في القلب. فان كثيرا من
Page 88