مقام ما يتحلل ، ولا يمكن أن يخلف شيء بدل ما يتحلل من جسمه ويتصل بذلك الجسم ، إلا فيخلع عن ذلك الجسم صورته التي كانت له ، ويكتسي صورة هذا الجسم بعينه ، وذلك هو أن يتغذى ، حيث جعلت في هذه الأجسام قوة غاذية وكل ما كان معينا لهذه القوة ، حتى صار كل جسم من هذه الأجسام يجتذب إلى نفسه شيئا ما مضادا له ، فينسلخ عنه تلك الضدية ، ويقبله بذاته ، ويكسوه الصورة التي هو ملتحف بها ، إلى أن تخور هذه القوة في طول المدة ، فيتحلل من ذلك الجسم ما لم يمكن القوة الخائرة أن ترد مثله ، فيتلف ذلك الجسم فيه؛ فبهذا الوجه حفظ من محلله الداخل. وأما من متلفه الخارج ، فانه حفظ بالآلات التي جعلت له ، بعضها فيه وبعضها من خارج جسمه .
فيحتاج ، في دوام ما يدوم واحدا بالنوع ، إلى أن يقوم مقام ما تلف منه أشخاص أخر تقوم مقام ما تلف منها. ويكون ذلك : إما أن يكون مع الأشخاص الأول أشخاص أحدث وجودا منها ، حتى إذا تلف تلك الأول قامت هذه مقامها ، حتى لا يخلو في كل وقت من الأوقات وجود شخص ما من ذلك النوع ، إما في ذلك المكان أو في مكان آخر ، وإما أن يكون الذي يخلف الأول يحدث بعد زمان ما من تلف الأول حتى يخلو زمان ما من غير أن يوجد فيه شيء من أشخاص ذلك النوع. فجعل في بعضها قوى يكون بها شبيهه في النوع ، ولم تجعل في بعض. وما لم يجعل فيها فان أشباه ما يتلف منه تكونه
Page 78