Ar-Raheeq Al-Makhtum
الرحيق المختوم
Maison d'édition
دار الهلال
Numéro d'édition
الأولى
Lieu d'édition
بيروت (نفس طبعة وترقيم دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع)
Genres
الإسلام، وفيه نزل قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ «١» [لقمان: ٦] .
٤- مساومات [ومداهنات أنصاف الحلول]
حاولوا بها أن يلتقي الإسلام والجاهلية في منتصف الطريق بأن يترك المشركون بعض ما هم عليه، ويترك النبي ﷺ بعض ما هو عليه وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ [القلم: ٩] فهناك رواية رواها ابن جرير والطبراني تفيد أن المشركين عرضوا على رسول الله ﷺ أن يعبد آلهتهم عاما، ويعبدون ربه عاما. ورواية أخرى لعبد بن حميد تفيد أنهم قالوا: لو قبلت آلهتنا نعبد إلهك «٢» .
وروى ابن إسحاق بسنده، قال: اعترض رسول الله ﷺ وهو يطوف بالكعبة- الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف والعاص بن وائل السهمي- وكانوا ذوي أسنان في قومهم- فقالوا: يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيرا مما نعبد كنا قد أخذنا بحظنا منه، وإن كان ما نعبد خيرا مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه، فأنزل الله تعالى فيهم:
قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ. لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ السورة كلها «٣» .
وحسم الله مفاوضتهم المضحكة بهذه المفاصلة الجازمة.
ولعل اختلاف الروايات لأجل أنهم حاولوا هذه المساومة مرة بعد أخرى.
الإضطهادات
أعمل المشركون الأساليب التي ذكرناها شيئا فشيئا لكف الدعوة بعد ظهورها في بداية السنة الرابعة من النبوة، ومضت على ذلك أسابيع وشهور وهم مقتصرون على هذه الأساليب، لا يتجاوزونها إلى طريق الإضطهاد والتعذيب، ولكنهم لما رأوا أن هذه الأساليب لا تجدي لهم نفعا في كف الدعوة الإسلامية؛ اجتمعوا مرة أخرى، وكونوا منهم لجنة أعضاؤها خمسة وعشرون رجلا من سادات قريش، رئيسها أبو لهب عم رسول الله ﷺ، وبعد التشاور والتفكر اتخذت هذه اللجنة قرارا حاسما ضد رسول الله ﷺ، وضد أصحابه.
فقررت ألاتألوا جهدا في محاربة الإسلام، وإيذاء رسوله، وتعذيب الداخلين فيه، والتعرض لهم بألوان من النكال والإيلام «٤» .
_________
(١) تفهيم القرآن ٤/ ٩.
(٢) تفهيم القرآن ٦/ ٥٠١، ٢٠٥.
(٣) ابن هشام ١/ ٣٦٢.
(٤) رحمة للعالمين ١/ ٥٩، ٦٠.
1 / 74