135

Géants nains

أقزام جبابرة

Genres

فنفخ نفخة تذري بيدرا، وهكذا انفتح الجراب.

فقال: يرحمهم الله، كانوا خيرا منا وأحسن.

فأجبته: لا خير ولا أحسن، ولكن الحنين إلى الماضي من طبع البشر. التمدن على قدم وساق، والمدارس ملء الأرض، والأمل بحياة جديدة ينعش القلوب، شباب طماح ...

وما سمع كلمة «شباب» حتى ازرق وجهه واخضر، وكدت أسمع صريف أسنانه، ثم فتح فمه متثائبا. وبينا هو يربت بأصابعه الجرداء على باب المغارة، قال مجمجما: لا تذكر الماضي ما لم تترحم عليه.

قلت: ولماذا؟ ابدأ بضيعتك، أليس جيرانك اليوم أحسن منهم أمس؟

فضرب رخام الطاولة بنريج إركيلته، فاشرأبت نحونا الأعناق، ولكنه لم يبال وصرخ: كيت وكيت من جيراني، ما بقي في الدنيا جيران مثل الناس، جيراني؟ ليتك تقبر كل جار مثل جيراني، جيراني كانوا أول من عيد يوم عزلي، ولولا الحياء «نورت» بيوتهم.

قلت: إذن جيران أوادم، فنحن بألف خير يا مولانا، ما دام في الدنيا حياء.

فهز جمجمته هزات، فقلت: وأصحابك الجدد أليسوا أرقى وأكيس من الذين آخيتهم في ماضيك ال ... في الماضي العتيق.

فامتعض أولا، ثم زالت الامتعاضة حين أصلحت تعبيري وقال: أصحابي! وأين هم أصحابي؟ كلهم ذئاب كاسرة، فسدوا مثلما فسد الزمان الذي نحن فيه.

قلت : والجماعة.

Page inconnue