127

Géants nains

أقزام جبابرة

Genres

فقالت البنية: قالوا إنك ميت. - من قال؟ لا، ما مت بعد، وأين الكمر؟

وعلقت عيناه بوجه ابنه بطرس، إلا أن بطرس لم يكن يدرك شيئا في تلك الساعة، كان مشغول البال بمن نعى، وبما استدان، وبما ذبح من القطيع، ولكن شلهوب كان عند حسن ظن ابنه هذه المرة، فمات بعد هنيهة وانفرجت الأزمة الشلهوبية.

حظ ونصيب!

كانت لوسيا خصبة البطن، فما دار القمر تسع دورات حتى أهل الصبي، فملأ الفرح البيت وتعداه إلى القرية، فزوجها اسطفان محبوب من كبار القرية وصغارها، عرف بالفتوة والمرح، فكنوه قبل الزواج بو مروه. شاب تام الخلق، وإن لم يكن آية في الجمال، شجاع، غيور، كريم النفس، لا يتخلف عن فرح ولا يقصر في ترح، قيدوم الشباب في الحوادث السوداء والبيضاء، هو أول من يحدو للعريس، وأول من يندب الميت، حاضر القلب واليد واللسان، لا عيب فيه غير حول في إحدى عينيه فصح فيه قول المثل: يا حينو لولا عينو.

سلف جميع الناس فهبوا جميعا يهنئونه بابنه البكر، فامتلأ بيته سكرا ورزا، وصابونا وفراريج. وكان اسطفان مزهوا بهذه النعمة يقعد شاربيه بين دقيقة وأخرى، ويقدم النقل والقمح المغلي لكل زائر وزائرة، ويحشو جيوب الصغار لوزا وزبيبا. يكاد الفرح يقطر من عينيه، ولكنه يحاول ألا يعرض إحداهما فينظر بالوراب.

وكانت الأم الراقدة في زاوية ذلك البيت الطويل المتواضع تهش وتبش، رادة التهنئات والتحيات بأحسن منها، مع أنها كانت ممغوصة، ولكن سرورها بثمرة أحشائها المبكرة غطى على وجعها.

وبعد أشهر مرض الطفل فعالجته القابلة بالبابونج والحقن، فانكسرت شوكة الحمى، ولكنه ظل كزهرة لا تيبس ولا تينع. اتسعت حدقتاه وقشط اللحم عن وجنتيه، فأمست ذقنه حادة بعد استدارتها الفاتنة. كان الطفل يذوب وأمه تذوب معه فتضعضع الوالد. أم تبكي، وولد يئن، ووالد يقعد كئيبا حزينا قدام باب بيته يشكو إلى الله همه.

ورأت أم إلياس طبيبة أطفال الضيعة، وهي عجوز ربت خمسة عشر ولدا، أن الكي ضروري فكووه أولا في القمة، وإذ لم ينجع طبها هناك انحدرت إلى لحف الذقن، ثم هبطت إلى البطن فكوته ثلاثا فوق السرة، ففارق بعد أيام.

وبعد عام رزق اسطفان ولدا آخر كان حظه كأخيه، ثم ثالثا ورابعا فلحقا بأخويهما حتى مات صبره وكاد يكفر بربه. لا يدري كيف يعزي زوجته التي يحبها فيطفر إلى الحقل، أما الزوجة المسكينة فأين تهرب؟

كانت تبكي كلما وقعت عينها على السرير وتقول في نفسها: الذنب ذنب من يا ربي؟ من المذنب منا؟ إن كنت أنا أو زوجي فما خطيئة أطفال أبرياء حتى لا يعيش منهم واحد، دخيلك يا مار جرجس، وا لو، صبي واحد فقط حتى نقدر أن نعيش، مسكين ابن عمي! ما تغير أبدا، ما رأيت منه إلا كل خير.

Page inconnue