Les divisions géographiques de l'Égypte à l'époque pharaonique
أقسام مصر الجغرافية في العهد الفرعوني
Genres
وهنا يجب قبل أن ننتقل للخانة الثانية أن نلفت النظر إلى الحقيقة الجغرافية الآتية عند المصريين، وذلك أنهم عندما كانوا يريدون تحديد الجهات الأربع لم يتفقوا معنا في وجهة النظر؛ إذ كانوا على العكس منا ينظرون إلى الجنوب فيكون الغرب على يمينهم والشرق على يسارهم؛ ومن هنا كان يجيء في الصف الأول من حيث الأهمية الجنوب والغرب؛ وسبب ذلك أن المصري كان أول جهة ينظر إليها هي الجهة التي ينبع منها نيل مصر وهي الجنوب، وكانت هذه الجهة هي منتهى أفقه؛ إذ كان يظن أن النيل ينبع من بين حجرين في منطقة أسوان، التي كان يرى أنها في بادئ تاريخه نهاية العالم عنده وليس بعدها أقطار أخرى.
وكان يرى أن الجهة الغربية هي المكان الذي تذهب إليه روحه في عالم الآخرة؛ ولذلك كان يسمي الأموات أهل اليمين أي أهل الغرب.
ننتقل بعد ذلك إلى الخانة الثانية، وهي التي ذكر فيها أسماء الآلهة التي كانت تعبد في كل مقاطعة؛ فيذكر لنا في نفس الخانة أسماء عواصم المقاطعات كل منها على حدتها؛ فنجد بمقارنتها بما لدينا من أسماء الآلهة والعواصم في عصر البطالسة اختلافا ظاهرا في بعض الأحيان؛ وذلك يرجع إلى أسباب عدة:
أولا:
دلت البحوث العلمية على أنه كان لكل مقاطعة شارة ورمز، فشارة المقاطعة كانت أقدم من رمزها؛ وذلك لأن الشارة ترجع في أصلها إلى عبادة الجد الذي كانت تنسب إليه العشيرة أو القبيلة، ثم بعد انضمام العشائر والقبائل بعضها إلى بعض وتأليف مقاطعة منها، كانت شارة العشيرة صاحبة السلطان هي التي تسود كل شارات العشائر الأخرى التي تتألف منها المقاطعة، ولما كانت هذه الشارة ترمز للجد الأصلي الذي كانت تلتف حوله هذه العشيرة وتقدسه، فإنها كانت تؤلهه وتعتبره كمعبود يعبد في كل المقاطعة؛ ولذلك كانت توضع هذه الشارة على حامل وأمامها إناء فيه المأكل والمشرب كما يفعل مع الآلهة.
على أنه من الجائز أن يكون للمقاطعة معبود آخر أجنبي أتى إليها من الخارج فيعظمه كل أفراد المقاطعة بالتساوي، غير أن ذلك كان لا يقضي على تأليه شارة المقاطعة الأصلية، وكان هذا الإله الجديد الذي تعبده كل المقاطعة بدرجة واحدة يعتبر الرمز الديني لها؛ فكان بذلك يوجد في المقاطعة في معظم الأحيان رمز وشارة جنبا لجنب، غير أن الأول - وهو الإله - كان له الأفضلية.
ثانيا:
دلت الأبحاث التاريخية على أن أرض الدلتا قد بدأ تطورها نحو الرقي قبل الوجه القبلي؛ إذ تدل الأبحاث الجديدة والنظريات القريبة من الصواب، أنه قد تكون في أرض الدلتا عدة أحلاف ضمت إليها عددا لا يستهان به من المقاطعات، منها الحلف الغربي، وقد كان يتكون من بعض مقاطعات الدلتا الغربية، ثم حلف الإله «عنزتي» الذي كان مقره أبو صير القريبة من سمنود، ثم خلفه في نفس هذا المكان الإله «أوزير»، وكون حلفا عظيما شمل معظم مقاطعات الدلتا، ثم حلف «حور»، ثم أحلاف أخرى انتهى الأمر بأن جمعت كل جهات الدلتا في حلف واحد على رأسه مدينة «بونو» «أبطو الحالية مركز دسوق». وهذه الأحلاف كانت قد تكونت إما بالمصادفة بين المقاطعات المتجاورة التي كانت تربطها ببعضها رابطة الدين، أو تربطها ببعضها مصالح مشتركة كالتجارة والزراعة، أو كانت المقاطعة القوية عندما تكتظ بلادها بالسكان تسعى في استعمار المقاطعات الضعيفة أو الأماكن غير الآهلة بالسكان، وبذلك كانت تتسع رقعة أرض الحلف.
ولما ضاقت البلاد ذرعا بأهل الدلتا اتجه سكانها إلى استعمار مقاطعات الصعيد التي كانوا يعرفونها عن طريق التجارة؛ ومن ثم نشب الشجار بين «حور» و«ست» والأول هو ملك الوجه البحري، والثاني هو ملك الوجه القبلي، كما ذكرت لنا ذلك الأساطير المصرية القديمة. غير أن «حور» ومن قبله «أوزير» قد تمكنا من إرسال مستعمرين إلى مقاطعات الوجه القبلي؛ فكونوا بذلك رابطة بينهم وبين مقاطعاتهم الأصلية في الدلتا؛ مما أدى إلى زيادة التجارة بين القطرين. ولا أدل على ذلك الاستعمار ورسوخ قدمه في الوجه القبلي من أننا نجد أن المستعمرين الذين وفدوا من الدلتا كانوا ينقلون معهم معبوداتهم؛ إذ نجد أن المعبودات التي كانت تعبد في الدلتا قد أخذت لها مكانة في مقاطعات الوجه القبلي؛ فنجد مثلا أن عبادة الإلهة «وازيت» التي كانت تصور في شكل ثعبان أو بقرة كانت تعبد في المقاطعات العاشرة والسابعة والاثنين والعشرين من الوجه القبلي، وهذه الإلهة وفدت مع المستعمرين الذين أتوا من «بونو» بالوجه البحري، وهي التي كانت تعد أعظم مدنه في عصور ما قبل الأسرات، وكذلك نجد أن الكبش قد انتقلت عبادته إلى الوجه القبلي في المقاطعة الحادية عشرة، وهي التي كان معبودها الأصلي الإله «ست»، وكذلك انتقلت عبادة الإله «أوزير» من «أبو صير» مقره الأصلي إلى المقاطعة الثامنة وعاصمتها العرابة المدفونة، وقد كان معبودها الأصلي الإله «خنت أمنتي» وكان يصور في صورة «ذئب».
ثالثا:
Page inconnue