Coptes et Musulmans: de la conquête arabe à 1922

Jacques Tajir d. 1371 AH
81

Coptes et Musulmans: de la conquête arabe à 1922

أقباط ومسلمون: منذ الفتح العربي إلى عام ١٩٢٢م

Genres

بينما كان العزيز بالله في مدينة بلبيس يستعد لاستئناف القتال ضد البيزنطيين، وافته المنية وهو في الحمام، فخلفه نجله الصغير الذي أنجبه من زوجته المسيحية، وكان عمره إذ ذاك إحدى عشرة سنة، ولقب عند اعتلائه العرش بالحاكم بأمر الله.

ولم يكن هناك ما ينذر بوقوع الأحداث المفجعة التي خضبت عهده بالدماء وأدخلت الذعر في نفوس النصارى والمسلمين على السواء، والواقع أن الحاكم، حينما بلغ رشده، سارع إلى اطمئنان كل الموظفين النصارى على مراكزهم واهتدى بنصائح أخته «ست الملك» التي كانت تعطف على النصارى عطفا شديدا.

16

ولما كان الحاكم قاصرا عند وفاة والده، فقد وضع تحت وصاية «برجوان» الخص السلافي، وقد عم الاضطراب البلاد خلال هذه الوصاية بسبب العداوة القائمة بين الوصي وابن عمار، قائد جيش الخليفة، الذي قتل بعد أن هزمت القوات التركية قواته المكونة من قبائل شمال إفريقيا، وكان ابن عمار قد قتل ابن نسطورس قبل أن يلاقي حتفه، ولم يمض وقت طويل حتى لحق «برجوان» بخصمه، فقد أمر الخليفة عام 390ه «1000م» باغتياله لتكبره عليه ونعته بألقاب مهينة.

ولما أمر الخليفة الشاب بقتل برجوان، أقلق الشعب وأضجره وحمله على التوجه إلى مقر الخلافة، ولم يستطع الحاكم الإفلات من ثورة شعبه إلا بالبكاء والعويل والتحجج بشبابه وعدم درايته بالحكم. ونتساءل: هل خجل بعد ذلك من إظهار ضعفه، فقرر فيما بينه وبين نفسه أن يثأر من هذا الشعب؟ نسوق هذا الفرض ولا نستبعده.

17

ومهما يكن من الأمر، فإننا لا نستطيع أن نحمله وحده مسئولية الأحداث الدامية التي استهدف لها النصارى.

والواقع أن بعض الدساسين عملوا على التخلص من النفوذ الذي ناله الذميون في عهد العزيز فاستغلوا ميل الخليفة إلى سفك الدماء، ومن الخطأ أن نعتقد أن الحاكم كان يكره الذميين، وكيف يكون ذلك ووالداه اللذان يحبهما حبا شديدا كانا متسامحين كل التسامح؟ فلما تولى الخلافة عين قبطيا، اسمه «فهد بن إبراهيم» كاتم سره ومنحه ثقته وأعطاه لقب «الرئيس»، ولما اغتيل برجوان، أرسل الحاكم في طلب فهد وخلع عليه أحسن الحلل وقال له: «لا تقلق أبدا لما حدث»، ويقص علينا ابن القلانسي ما دار بين الحاكم وكاتم سره، فيقول: «جلس الحاكم وقت العشاء الأخير واستدعى الحسين بن جوهر وأبا العلاء بن فهد بن إبراهيم الوزير، وتقدم إليه بإحضار سائر الكتب، الدواوين والأعمال، ففعل وحضروا وأوصلهم إليه وقال لهم: «إن هذا فهد، كان أمس كاتب برجوان عبدي، وهو اليوم وزيري، فاسمعوا له وأطيعوا ووفوه شروطه في التقدم عليكم، وتوفروا على مراعاة الأعمال وحراسة الأموال»، وقبل فهد الأرض وقبلوها وقالوا: «السمع والطاعة لمولانا»، وقال لفهد: «أنا حامد لك وراض عنك وهؤلاء الكتاب خدمي، فاعرف حقوقهم وأجمل معاملتهم وأحفظ حرمتهم وزد في واجب من يستحق الزيادة بكفايته وأمانته.».

18

وسرعان ما أصبح فهد هدفا للدسائس؛ إذ خشي الحاسدون أن الثقة التي حازها تزيد من نفوذه ونفوذ النصارى، فأوعزوا على الوشاية به عند مولاه ليضعفوا ثقته فيه، فاتهمه أبو طاهر وابن عداس الكاتبان باختلاس الأموال، غير أن الحاكم لم يحسن استقبالهما، فحملا آخرين على تقديم شكاوى مماثلة ضده.

Page inconnue