Coptes et Musulmans: de la conquête arabe à 1922
أقباط ومسلمون: منذ الفتح العربي إلى عام ١٩٢٢م
Genres
ومع ذلك، فإننا نعلم أن ابن طولون بدأ عهده بإجراء حاز قبول المسلمين والنصارى على السوء، فقد قرر إلغاء جميع الضرائب الهلالية التي فرضها صاحب الخراج أحمد بن المدبر، ولما أبعده ابن طولون، جمع بين يديه السلطات المدنية والعسكرية والإدارة السياسية والمالية، وعني الوالي أول ما عني بإلغاء الضرائب وإبطال طرق العنف، التي كانت تصحب جبايتها، ولا غرابة إذا نقصت حصيلتها مائة ألف دينار منذ السنة الأولى.
وقد اطمأن الشعب لهذا الإجراء وعاد إلى عمله، ويؤكد بعض رواة العرب أن قيمة الضرائب، التي جلبت إلى بيت المال لم تبلغ سوي ثمانمائة ألف دينار في أول هذا العهد بينما بلغت أربعة ملايين وثلاثمائة ألف دينار قبل وفاة ابن طولون، وقدرت ثروة الوالي الشخصية بأكثر من عشرة ملايين دينار.
وفي هذا العهد لم يعامل النصارى واليهود معاملة سيئة بوجه عام، ولم يشتكوا من أحد، هذا مع العلم بأن بطريرك اليعاقبة دخل السجن لعدم دفعه غرامة حكم عليه بها.
إذا كيف نستطيع أن نعلل تسامح ابن طولون مع أهل الذمة وقسوته على بطريرك الأقباط؟ نقرأ في مخطوط قبطي يرجع إلى هذا العهد
2
أن ابن طولون لم يكن يعامل جميع طبقات الشعب على قدم المساواة، فكان يفضل الأتراك على بقية المسلمين، والملكيين على سائر النصارى، وكان يميل إلى اعتبار بطريرك اليعاقبة خصما خطيرا له، وكان ينتهز كل فرصة تسنح له ليوقع عليه الغرامات حتى تظل كنيسته في حالة فقر مدقع.
وهذه المعاملة تجعلنا نعتقد أيضا أن البطريرك أبى أن يحرج مركزه بتقديم ولائه الكلي إلى ابن طولون منذ اللحظة الأولى؛ لأن الخليفة لم يعترف بابن طولون كوال شرعي على مصر.
وعلى أية حال، لم يشك النصارى من معاملة ابن طولون لهم، وينقل لنا المؤرخ البلوي حديثا دار بينه وبين رهبان دير القصير
3
نقتطف منه ما يلي: «كان الأمير أحمد بن طولون كثيرا ما يتردد علينا ويعتكف في صومعة من صوامعنا ويتأمل، وكان يتحدث بصفة خاصة مع راهب اسمه أنطون.»
Page inconnue