قَالَ أَصْحَابنَا أسلم الطّرق التَّسْلِيم فَمَا سلم دين من لم يسلم لله وَرَسُوله وَيرد علم مَا اشْتبهَ إِلَى عالمه وَمن أَرَادَ علم مَا يمْتَنع علمه وَلم يقنع بِالتَّسْلِيمِ فهمه حجبه مرامه عَن خَالص التَّوْحِيد وصافي الْمعرفَة وَالْإِيمَان والتعمق فِي الْفِكر ذَرِيعَة الخذلان وَسلم الحرمان والإسراف فِي الْجِدَال يُوجب عَدَاوَة الرِّجَال إِذا علمت هَذَا فَهَذَا أَوَان الشُّرُوع فِي المُرَاد بعون الله تَعَالَى
اعْلَم أيدني الله وَإِيَّاك بِروح مِنْهُ أَن من الْمُتَشَابه صِفَات الله تَعَالَى فَإِنَّهُ يتَعَذَّر الْوُقُوف على تَحْقِيق مَعَانِيهَا والإحاطة بهَا بل على تَحْقِيق الرّوح وَالْعقل القائمين بالإنسان وَأهل الْإِسْلَام قد اتَّفقُوا على إِثْبَات مَا أثْبته الله لنَفسِهِ من أَوْصَافه الَّتِي نطق بهَا الْقُرْآن من نَحْو سميع وبصير وَعَلِيم وقدير ونافي ذَلِك كَافِر لِأَنَّهُ مكذب لصريح الْقُرْآن
وَاخْتلفُوا فِي المشتقات مِنْهَا فَقَالَت الْمُعْتَزلَة وَمن وافقهم إِنَّه تَعَالَى عليم بِذَاتِهِ بَصِير بِذَاتِهِ سميع بِذَاتِهِ لَا بِعلم وَسمع وبصر وَهَكَذَا بَقِيَّة الصِّفَات قد ثبتوا الْمُشْتَقّ بِدُونِ الْمُشْتَقّ مِنْهُ فِرَارًا من تعدد القدماء مَعَ الله تَعَالَى محتجين بِمَا يطول تَقْرِيره قائلين لَا يخبر عَنهُ تَعَالَى بِمَا يخبر بِهِ عَن شَيْء من خلقه إِلَّا أَن يَأْتِي نَص بِشَيْء من ذَلِك فَيُوقف عِنْده وَمَا لَا فَلَا وَلِأَن هَذِه الصِّفَات أَعْرَاض وَالْعرض لَا يقوم إِلَّا بجوهر متحيز وكل متحيز فجسم مركب أَو جَوْهَر فَرد وَمن قَالَ ذَلِك فَهُوَ مشبه لِأَن الْأَجْسَام متماثلة
1 / 67