138

منهج الدعوة في ضوء الواقع المعاصر

منهج الدعوة في ضوء الواقع المعاصر

Maison d'édition

جائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

Genres

قال سيد في الظلال: «كان هذا القرآن يُواجه به النفوس في مكة، ويروضها حتى تسلس قيادها، راغبة مختارة، ويرى أنه كان يواجه النفوس بأساليب متنوعة، تنوعًا عجيبًا .. تارة يواجهها بما يشبه الطوفان الغامر، من الدلائل الموحية، والمؤثرات الجارفة .. وتارة يواجهها، بما يشبه السياط اللاذعة تلهب الحس، فلا يطيق وقعها، ولا يصبر على لذعها! وتارة يواجهها بما يشبه المناجاة الحبيبة، والمسارَّة الودودة، التي تهولها المشاعر، وتأنس لها القلوب .. ! وتارة يواجهها بالهول المرعب، والصرخة المفزعة، التي تفتح الأعين على الخطر الداهم القريب .. ! وتارة يواجهها بالحقيقة في بساطة، ونصاعة، لا تدع مجالًا للتلفت عنها، ولا الجدل فيها .. وتارة يواجهها بالرجاء الصبوح، والأمل الندي، يهتف لها ويناجيها .. وتارة يتخلل مساربها، ودروبها ومنحنياتها، فيلقي عليها الأضواء التي تكشفها لذاتها، فترى ما يجري في داخلها رأي العين، وتخجل من بعضه، وتكره بعضه، وتتيقظ لحركاتها، وانفعالاتها التي كانت غافلة عنها! .. ومئات من اللمسات، ومئات من اللفتات، ومئات من الهتافات، ومئات من المؤثرات .. يطلع عليها قارئ القرآن، وهو يتبع تلك المعركة الطويلة، وذلك العلاج البطيء، ويرى كيف انتصر القرآن على الجاهلية في تلك النفوس العصيّة العنيدة». (١)
وهكذا ينبغي أن يكون أسلوب الداعية متنوعًا، يتناسب وكل موقف؟ ويتوافق مع كل نفس، وما فيها؛ من قدرات خَلْقية، وصفات

(١) في ظلال القرآن (٦/ ٣٦٩٢ - ٣٦٩٣).

1 / 140