40261ه11ه 2،7 الاتوارالقاسية فى معرقة قواعد الصوفية الأمكل العلامت عينلالوهاي الشعراقل الجزء الأول حققه وقدمل اه عبد الباقي سرور السيد محمد عيد الشافعى الناش تبهالعحارف
Page inconnue
الوالقاسية فى معوفة قواعدالصبوفية
Page inconnue
يعالحجقوقبحفوظ 1408 ه-1988م يروت*لبنان بكتبةالمعارف ص.ب: 1761- جروت
Page inconnue
اا ل ابو المواهب الإمام عبد الوهاب الشعرانى 59735898 اسرة الشعرانى الى الدوحة العلوية الهاشمية يرتفع نسب الشعرانى ، لجده الاعلى هو حمد بن الحنفية بن على بن أبى طالب رضى الله عنهما اوقد هاجر أجداده إلى المغرب الاقصى فى الموجات المهاجرة من البيت العلوى التى اختارت الاطراف النائية من الامبراطورية الإسلامية ، وفرارا امان الملاحم المتتايعة بينهم وبين البيت الاموى تارة ، والبيت العباسى تارة أخرى وكان الملك فى مدينة - تلبسان - وما جاورها لقبيلة بنى زغلة وإلى تلك القبيلة ينتسب : عبد الوهاب الشعرانى ولقد أرخ الشعرانى لنفسه في كتابه - لطائف المنن فلنستمع اليه وهو يحدثنا عن نفسه بأسلوبه الخاص به .... أحمد الله تعالى حيث جعلنى من أبناء الملوك(ا) فإنى بحمد الله تعالى عبد الوهاب بن أحمد بن على بن أحمد بن على بن محمد بن زوفا بن (1) لطائف المنن ج1 ص 32
Page inconnue
الشيخ موسى ، المكنى فى بلاد البهنسا ، بأبى العمران ، جدى السادس ابن السلطان أحمد ، بن السلطان سعيد ، بن السلطان فاشين ، بن السلطان محيا ابن السلطان زوفا ، بن السلطان ريان ، بن السلطان محمد بن موسى ، بن السيد محمد بن الحنفية ، بن الإمام على ، بن أبى طالب رضى الله عنه ووكان جدى السابع الذى هو السلطان أحمد(1) سلطانا فى مدينة تلمسان ت فى عصر الشيخ أبى مدين المغربى ، ولما اجتمع به جدى موسى ، قال له
الشيخ أبو مدين : لمن تنتسب ؟ قال : والدى السلطان أحمد ، فقال له : انما عنيت نسبك من جهة الشرف ، فقال : انتسب إلى السيد محمد بن الحنفية، فقال له : ملك ، وشرف ، وفقر - أى تصوف الا يجتمعن ، فقال : يا سيدى قد خلعت ما عدا الفقر ، فرباه فلما كمل ف الطريق ، أمره بالسفر إلى صعيد مصر ، وقال له : اسكن بناحية هور2) - فإن بها قبرك ، فكان الامر كما قال .
اولم يحدد لنا التاريخ السنة التى هاجر فيها موسى الى مصر ولكن كتب التاريخ حددى لنا تاريخ وفاته ، فقد نوفي ببلدة هو سعام 707
بعد أن تجحت دعوته ، واهتدى بهديه الصوفى جمهورضخم فى الصعيد الا على وواستمرت أسرة الشعرانى بالصعيد حتى مطلع القرن التاسع اهجرى فهاجر عميدها أحمد إلى ساقية أبى شعرة بالمنوفية ، وأسس بها زاوية للعلم والعبادة وانتقل الى چوار ربه عام 828ه (1) هو أبو عبد الله أحمد الزغلى ، سلطان تلمسان وما جاورها (2) إحدى مدن مديرية قنا
Page inconnue
أ مولده ونشاته : اولد الشعرانى على أصح الروايات وأشهرها فى 27 من شهر رمضان ام 898 ه ببلدة - قلقشنده - وهى قرية جده لامه ، ثم انتقل بعد أربعين يوما من مولده إلى قرية أبيه - ساقية أبى شعرة - وإليها انسب ، فلقب بالشعراني ، وعرف بهذا اللقب واشتهر به ، وإن كان هو قد سمى نفسه في مؤلفاته بالشعراوى وولقد اضطرب رجال التاريخ في تحديد مولده ، فقد ذكر صاحب النور السافر" تاريخا لمولده قبل هذا التاريخ بقليل ، والمناوى وعلى ابارك، والمستشرق شاخت فقد أيدوا التاريخ الذى ذكرناه ، وهو المعتمد واضطرب رجال التاريخ أيضا في الحديث عن طفولته ولشأته ، فذهب المستشرقان - كرويمر - و نيكلسون - إلى أنه اشتغل فى مطلع احياته بالنسيج(1) ولكن المستشرق فولرز - يسخر من هذا القول قائلا : "إن احياة الشعرانى كانت زاخرة دائما بالعبادة ، حافلة بالتعليم ، فلم يكن من الميسور آن يجد وقتأ يحترف فيه عملا .
والشعرانى يقول فى صراحة ، إن من منن الله عليه : "آنه لم تكن اله ناك عوائق تعيقنى عن طلب العلم والعبادة منذ طفولتى ، وكانت القناعة امن الدنيا باليسير سداى ولحمتى ، وهذه القناعة أغنتنى عن الوقوع فى الذل الاحد من أبناء الدنيا ، ولم يقم لى أننى باشرت حرفة ولا وظيفة لها (1) دائرة المعارف الإسلامية .
Page inconnue
علوم دنيوي ، من منذ بلفت ، ولم يزل الحق تعالى يرزقنىي من حي الا أحتسب إلى وقتى هذا ، وعرضوا على الألف دينارا وأكثر ، فرددتها اولم أقبل منها شيئا ، وكان التجار والكبراء يأتون بالذهب والفضة فأقترهما فى صحن جامع الغمرى ، فيلتقطه المجاورون (1) وحفظ الشعرانى فى قريته ، كما يحدثنا فى المنن ، القرآن الكريم ، ثم احفظ أيا شجاع ، والاجرومية ، ودرسهما على آخيه الشيخ عبد القادر اوفى والداه قبل أن يبلغ العاشرة ، فنشأ يتيما من الابوين ، وكان الله وحده كما بقول ، هو نصيره ووليه وويقص علينا الشعرانى تاريخ حضوره إلى القاهرة ، بذلك الاسلوب القلبى الاخاذ الذى عرف عن الشعرانى فيقول .. وكان بجىء إلى القاهرة افتتاح سنة عشرة وتسعمائة ، وعمرى إذ ذاك اثنتا عشرة سنة ، فأقمت فى جامع سيدى أبو العباس الغمرى ووحنن الله على شيخ الجامع وأولاده فمكثت بينهم كأنى واحد منهم ه س آكل ما يأكلون ، وألبس ما يلبسون ، فأقمت عندهم حتى حفظت متون الكتب الشرعية وآلاتها على الاشياخ ام يقول : ولم آزل بحمد الله محفوظ الظاهر ، من الوقوع فى المعاصى ممتقدا عند الناس ، يعرضون على كثيرا من الذهب والفضة والثياب فتارة أردها ، وتارة أطرحها فى صحن الجامع ، فيلتقطها المجاورون ،.
لبث الشعراني في مسجد الغمرى ، يعلم ويتعلم ، ويتهجد ويتعبد اسبعة عشر عاما ، ثم انتقل إلى مدرسة أم خوند ، وفى تلك المدرسة بزغ نجم الشعرانى وتألق .
(1) لطائف المنن .
Page inconnue
فى الطريق إلى الله: *11
اعاش الشعرانى حياته تحت ظلال المساجد ليله ونهاره متبتلا فى طلب العلم عالما فى التعبد ، عاش نقيا طاهرا مجاهدا فى سبيل الكمال العلمى ال والكمال الخلق.
وقد اتصل منذ يومه الاول بالقاهرة بصفوة علمائها : جلال الدين السيوطى ، وزكريا الانصارى ، وناصر الدين اللقانى ، والرملى اوالسمنودى وأضرابهم ، وقد أفاض الشعرانى فى ذكر أساتذته فى كتبه كا آفاض فى ذكر إجلاله لهم ، وحبهم له .
وودرس الشعرانى على هؤلاء الاعلام التقافة الإسلامية بشتى فنونها ووعلومها ، فى الاصول والفقه والتصوف والحديث والتفسير والآدب والغة ، حتى غدا كما يقول : "لا يتصور أحد من معاصريه أحاط بما احاط به عليا ، آو تخلق بما تخلق به عملا ولكن هذه الدراسة لم ترض كل آشواق قلبه ، وندامات روحه فكان يتطلع دائما إلى سلوك الطريق المضىء ، الطريق الصاعد إلى الله على أجنحة الحب والذوق ، طريق التصوف ، كما رسمه شيوخه ، وكما تذوق سالكوه.
ولقد كان الشعراني صوفيا في منهجه الذى آخذ نفسه به طوال حياته يقول فى المنن : "إن من متن الله على آن آهمنى بجاهدة نفسى من غير شيخ منذ طفولتي .
اولكن الشعرانى كان ينشد الشيخ الذائق الواصل صاحب البصيرة والإلهام اييساعده كما يقول على اختصار الطريق ، وعلى إزالة عقبات النفس الخفية .
Page inconnue
وأخذ الشعرانى يتصل بشيوخ التصوف يلتمس عندهم المفاتيح والابواب ما يقول ، فلم يجد عند أحد منهم أمله .
يقول الشعرانى : ولقد اجتمعت بخلائق لا تحصى من أهل الطريق أالس لديهم المفاتيح والابواب ، فلم يكن لى وديعة عند أحد منهم ، الشعرانى والخواص : م تأذن الله له بالفتح فجمع بينه وبين الخواص ، فكان الخواص معراجه وسلمه الذى صعد عليه الى آبواب الفتح، وسموات المنح ومناطق النور والالهام الوصلة الخواص بالشعرانى ، هى آية الايات على مكانة الشيخ فى الطريق ول وهى الاية الكبرى على مقام العلم اللسدنسى ، فلقد كان الخواص آميا اوكان الشعرانى عالمأ ، ذلك هو حكم الظلهر ، أما حكم الباطن . فلقد كان الخواص عالما ، وكان الشعرانى أميا اا والشعرانى يقول : "إن من منن الله عليه ، أن كان وصوله وفتحه اعل يد أمى لا يعرف القراءة والكتابة ويقول فى وصف هذا الامى : رجل غلب عليه الخفاء فلا يكاد يعرفه بالولاية والعلم إلا العلما العاملون لانه رجل كامل عندنا بلا شك ، والكامل إذا بلغ مقام الكمال فى العرفان ، صار غريبا فى الاكوان .
بحدثنا الشعرانى بحديثه الروحى العذب عن وصوله إلى معارج المعارف العلوية على يد شيخه ، وعن بحار علوم شيخه فيقول وكانت مجاهداني على يد سيدي على الخواص كثيرة ومنوعة ، منها
Page inconnue
انه أمرني أول اجتماعى عليه ببيع جميع كتبى والتصدق بثمنها على الفقرا فعلت ا! وكانت كتبا نفيسة ما يساوى عادة ثمثا كثيرا فبعتها وتصدقت بشمنها ، فصار عندى التفات إليها لكثرة تعبى فيها وكتابة الحواشى والتعليقات اعلها ، حتى صرت كاننى سلبت العلم ، فقال لى : اعمل على قطع التفاتك الها بكترة ذكر الله عز وجل ، فإنهم قالوا : متلفت لا يصل ، فعملت اعلى قطع الالتفات إلها ، حتى خلصت بحمد الله من ذلك .
م آمرنى بالعزلة عن الناس مدة حتى صفا وقتى ، وكنت أهرب من الناس وأرى نفسى خيرا منهم ، فقال لى : إعمل على قطع إنك خير
نهم ، فجاهدت نفسي حتى صرت آرى أرذهم خيرا مني م أمرنى بالاختلاط بهم والصبر على أذاهم وعدم مقابلتهم بالمثل فعملت على ذلك حتى قطعته ، فرآيت نفسى حينئذ آننى صرت آفضل امقاما منهم ، فقال لى : إعمل على قطع ذلك ، فعملت حتى قطعته.
م أمرنى بالاشتغال بذكر الله سرأ وعلانية ، والانقطاع بالكلية إليه اكل خاطر خطر لى ما سوى الله عز وجل صرفته عن خاطرى فورا فمكثت على ذلك عدة آشهر وويفيض الشعرانى في الحديث عن المجاهدات التى آخذه شيخه بها عن الفتح الذى ظفر به على يديه ، وعن بحار علوم شيخه ، وعن اغرافه من هذه البحار الزاخرات .
وبهذا كله أصبح الشعرانى إمام عصره علما وذوقا ، وغدا الشعران 191024021- مه70 قطبا تدور حوله الاحداث .
Page inconnue
اهم امكانة الشعرانى: أصبحت زاوية الشعرانى التى أسسها ليتلق فيها الطلاب علوم الظاهر ام أذواق الباطن ، من أعظم منارات العلم والثقافة والتوجيه فى العالم الاسلامى فى ذلك الوقت .
وغدت مثابة للعلماء والادباء ، ومنبرأ للدعوة والارشاد ، وساحة الذكر والعبادة ، ورواقا يرسل الشعاع الروحى النقي فى عصر انطفأت فيه المصابيم ، وخمدت مشاعل الحياة وأصبح الشعرانى قطب الرحى في عصره ، يلوذ به طلاب العلم
وطلاب الذوق ، كما يلجأ إليه أصحاب الحاجات والشفاعات ، وعلى باب الزاوية يزدحم الأمراء والكبراء .
واعتصم الشعراني بخلقه وبدينه وبعزة نفسه فى عصر حطم فيه ولاق الترك كل إباء ، وكل عزة.
يقول الوزير الاعظم على باشا ، عند ما عزم على الرحيل إلى تركيا: إننا مقربون إلى الخليفة ، فهل لك حاجة عنده ، نرفعها إليه ؟ فيقول الشعرانى فى عزة المؤمن ، وإباء الصوفى : ألك حاجة عند الله ، إننا مقربون إلى حضرته وويقول الشعرانى : و تشفعت عند السلطان الغورى ، والسلطان اطومان باى ، وخابر بك ، وغيرهم من بشاوات مصر ، فقبلوا شفاعى وذلك معدود من جملة طاعة الملوك لى(1) (1) المنن ج 2 ص 236
Page inconnue
ويقول : "ومما منء الله به على كثرة قبول شفاعتى عند الامرام ولا أعلم الان أحدا فى مصر أكثر منى شفاعة عند الولاة ، فربما يفنى الدست الورق فى مراسلاتهم فى حوانج الناس فى أقل من شهر ، .
وأصبح الشعرانى المدافع الاول عن الشعب فى وجه الطغاة من الولاة لانه كان قوق المادة ، وفوق الرهبة ، وفوق كل إغراء ، وقد امتحنوه اا وجهرا فأرسلوا إليه الاموال والخيرات فردها عليهم ، وعرضوا علي الوظائف والهيات ، فأبى أن يأخذ مالا من حاكم ، أو حتى أن يأكل من طعامه ، لان فى ذلك ما يخدش عقيدته ، وما يخدش رسالته خلق الشعرانى: خلق الشعرانى بخلق التصوف وتأدب بأدبه وأخذ نفسه بكل ما كتب وسطر في كتبه ، فكان خلقه صورة رسالته .
ووكان بحسه وبوجدانه صورة للثاليات ، وعنوانا كريما للانسانية في كل أفق من آفاقها.
كان الشعرانى يرى أن الإنسان لا يكون إنسانا إلا إذا شارك الناس كافة فى أحزانهم وآلامهم لان الإنسانية وحدة متماسكة خيرها مشترك وعذابها مشترك ، يقول من ضحك ، أو استمتع بزوجه ، أو لبس مبخترأ ، أو ذهب اللى امواضع المتنزهات أيام نزول البلاء على المسلمين فهو والبهائم سواء وكان رحيما بالناس ، ورحيما بنوع خاص بالعصاة والمذنبين ، لانهم أشد الناس ضعفا ، وأحوجهم إلى العطف والنصح والرحمة.
Page inconnue
يقول متحدثا عن مبادئه : "ثم سترى لعورات الناس وعيوبهم ورحمتى بالعصاة حال تلبسهم بالمعصية ، فإنهم اشقى الناس حينئذ، ام يقول واصفا خلقه : :ثم غيرتي على أذنى أن تسمع زورا وعينى أن تنظر محرما ، ولسانى آن يتكلم باطلا، .
اوكان الشعرانى يرى أن العبادة لا تصلح إلا بصلاح القلب ونقام الأخلاق ، فكان لا يقوم إلى الصلاة ، إلا إذا فتش قلبه ، هل فيه غل أو حقد ، أو حسد ، أو نميمة ، أو شهوة صغيرة أو كبيرة ، بل كان يستحى أن ينام وفى قلبه شىء من هذا لان النوم رحلة الروح إلى الملأ الأعلى.
وويسمو الشعرانى فى آدب النفس ، ويرتفع فى معارج الاخلاق فيقول : "ومما أنعم الله به على عدم خروجى من بيتى ؛ إلا إذا عليت امن نفسى القدرة بإذن الله على هذه الثلاث خصال ، تحمل الاذى عن الناس ، وتحمل الاذى منهم ، وجلب الراحة هم" .
اعلوم الشعرانى وكتبه جال قلم الشعرانى فى كل أفق من آفاق المعرفة العلبية والذوقية فكتب في التصوف ، والفقه ، والأصول ، والتفسير، والحديث ، والنحو اوالطب ، والكيمياء ، والاخلاق ، وغيرها من آلوان العلوم والمعارف اوقد استغرق بعض كتبه خمسة مجلدات ، ووقع الكثير منها فى مجلدين ووأكثر هذه المؤلفات لايزال محفوظا وموزعا على دور الكتب فى أرجاء العالم 9س اوقد أحصى المستشرق - بروكلمان أكثر من ستين كتابا محفوظا امت ناثرة فى دور العلم العالمية ، ويذكر - على مبارك باشا - أن الكتب الى اراها للشعرانى أكثر من سبعين كتابا.
Page inconnue
بقول المستشرق - فولرز -: "إن الشعرانى كان من الناحية العلية ووالنظرية صوفيا من الطراز الاول . وكان فى الوقت نفسه كاتبا بارزا أصيلا فى ميدان الفقه وأصوله ، وكان مصلحا يكاد الإسلام لا يعرف اله نظيرا ، وإن كتبه التى تجاوزت السبعين عدا من بينها أربعة وعشرين كتابا تعتبر ابتكارا محضا أصيلا لم يسبق إليه أبدا .
ويقول العلامة - ماكدونالدر - : "إن الشعرانى كان رجلا دراكا افاذا مخلصا واسع العقل ، وهو رجل أخلاق تهزه أنفة عالية ويقول المستشرق - نيكلسون -.: "كان مفكرا مبدعا أصيلا أر تأثيرا واسع المدى فى العالم الإسلامى ، يشهد به إلى يومنا إلحاح القرام الحاحا متواصلا في طلب مؤلفاته ، .
الجنة نشر التراث الصوف ووبعد : فإن لجنة نشر التراث الصوفى ، التى قدمت للعالم الاسلامى من قبل ، أمهات الكتب الصوفية الخالدة : (1) اللمع للسراج الطوسى (2) التعرف للكلاباذى (3) الرعاية للحارث المحاسبى (4) لطائف الأسرار الى الدين بن عربى اليسرها أن تقدم اليوم إلى العالم الإسلامى - الانوار القدسية في القواعد الصوفية لابى المواهب الإمام العلامة عبد الوهاب الشعرانى ال حقا محررا منشورا للمرة الاولى ، نقلا عن آصح النسخ الخطية المعتمدة او من عجب أن يظل هذا الكتاب القم محجوبأ عن العالم الإسلامى طوال هذه السنين ، مع ما بين دفتيه من علم ومعرفة وهدى وبور ووقواعد الصوفية من أجل ما كتب الشعرانى ، ومن آدق ما انفرج :
Page inconnue
قله ، فهو يمثل الذروة الذوقية التى وصل إليها ، والقمة العلبية التى ارتقاها فقد كتبه في أواخر حياته ، فجام صورة كاملة لمجاهداته وأذواقه وعلومه .
وقد وضع الشعرانى هذا الكتاب ، بعد كتابه والانوار القدسية في ابيبان العهود المحمدية ، ليكون الدستور الكامل لسالك الطريق إلى الله والمنهج الاعلى لرواد الكمالات الإيمانية.
فهو بحق كتاب التربية الصوفية ، الذى رسم فى دقة فنية آداب الطريق وواجباته ومندوباته وأسراره وأذواقه ومثله ، وعقباته ومزالقه ومعارج وفتوحاته.
والكتاب فوق هذا كله معرضا وأفقا لآراء كبار رجال التربية الصوفية ، فقد حشد فيه الشعرانى بحموعة طيبة كريمة من أقوال الايم الاعلام : السيد إبراهيم الدسوق ، والسيد على وفا ، والسيد المرسى اوالسيد الشناوى ، والسيد الاقصرى ، والسيد الكتانى ، والسيد على المرصفى فظ بذلك زبدة عالية من أقوال هؤلاء الاقطاب الذين تحققو بالتصوف ذوقا وسلوكا.
اوقد قسمنا الكتاب إلى جزأين ، نقدم اليوم الجزء الاول منه ونقدم باذن الله الجزء الثانى قريبا والجنة تسأل الله أن يمدها دائما بتوفيقه وهداه حتى تواصل رسالتها فى نشر التراث الصوفى العالى ، إنه سبحانه ولى التوفيق م اله عبد الباقى سرور السيد محمد عيد الشافعى 25 شوال عام 1381 31 مارس عام 1962م
Page inconnue
الم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم الحمد لله ربة العالمين ، وأشهد آن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد المتأدبين ، وسيد السالكين ، اللهم فصل وسلم عليه وعلى سائر الانبياء والمرسلين ، وعلى آهم وصحبهم أجمعين . وبعد فهفذه رسالة عظيمة لم ينسج أحد فما أظن على منوالها ولا نصح نفس وواخوانه بمثالها ، سميتها : رسالة الانوار القدسية فى بيان قواعد الصوفية ورتبتها على مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة . فالمقدمة فى بيان عقيد القوم(1) وبيان سندهم بتلقين الذكر وإلباس الخرقة وآداب الذكر .
والباب الاول فى ذكر نبذة فى آداب المريد فى نفسه ، والباب الثانى ف ذكر نبذة من آداب المريد مع شيخه ، والباب الثالث فى ذكر نبذ امن آداب المريد مع إخوانه وأصحاب شيخه ، والخاتمة في بيان آداب
الا تختص بالشيخ والمريد بل هى عامة مع جميع الخلق اوقد ضمنت كل باب ما تفر به أعين الناظرين من قول السلف والخلف إلى عصرنا هذا ، فأكرم بها من رسالة كلها نصح وأدب لا أظن أن فيها كلمة وواحدة يرمى بها ، وأعيذها بالله تعالى من شركل عدو أو حاسد يدس فيها اما ليس من كلامى لينفر الناس من مطالعتها ، كما وقع لى ذلك فى كتاب (1) الصوفية
Page inconnue
العهود ، وفى مقدمة كتاب "كشف الغمة عن جميع الامة، فإن بعض الحسدة لما رأى إقبال الناس على هذين الكتابين غار من ذلك فاستعار اله نسخة من كل كتاب ودس فيها ما ليس من كلامى وسلكه فى غضونها احتى كأنه المؤلف ؟ ثم أعطى ذلك لبعض المتهورين فى دينهم وقال : اطلع العلماء على هذا الكلام المخالف لظاهر الشريعة الذى ألفه فلان ! ؟ فلا يعلم عدد من استغابنى إلا الله تعالى ، مع إنى بحمد الله سنى محمدى اوما ألفت شيئا من الكتب إلا بعد تبحرى فى علوم الشريعة وإطلاعى اعلى مذاهب المجتهدين وأدلتهم ، فكيف أخالفهم ، وأعرف بعض جماع يظنون إننى أعتقد ما دسوه فى كتبى من العقائد الزائفة إلى وقتى هذا وما منهم أحد يجالسنى قط ، فالله يغفر هم أجمعين ، فإياك أن تصفى القوهم فانى برىء من جميع ما دسوه ، وبينى وبينهم يوم القيامة ووكان من الباعث لى على تأليف هذه الرسالة طلب النصح لنفسى او لاخوانى حيث تحلسنا(ا) بحلاس الاشياخ ومشينا على مراسمهم الظاهرة .
وظن كل واحد منا نفسه آنه صار من أشياخ الطريق ، فوضعت هذ س الرسالة كالميزان التى يوزن بها المحق والمبطل ، فمن وافق حاله ما فيها فليحمد الله ، وإلا فليستغفر من دعاويه الكاذبة اوقد بلغنا أن الذئب الذى اتهم بأنه أكل يوسف عليه الصلاة ووالسلام ، كان من حلفه أنه قال : "وألا أكون من مشايخ القرن العاشر امن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ما أكلت يوسف ؟" فكيف يصح لاحدنا ادعوى الطريق وهو فى النصف الثانى من القرن العاشر الذى استعاذ الذئب أن يكون واحدا من أشباهنا فيه 211.
(1) ليستا
Page inconnue
وقد أدركنا بحمد الله جملة من أشياخ الطريق أول هذا القرن ووكانوا على قدم عظيم فى العبادة والنسك والورع والخشية وكف الجوارح الظاهرة والباطنة عن الاثام حتى لا تجد أحدهم قط يعمل شيئا يكتبه كاتب الشمال ، وكان للطريق حرمة وهيبة ، وكان الامراء والملوك يتبركون باهلها .ويقبلون بطون أقدامهم ، لما يشهدونه من صفاتهم الحسنة ، فلبا الذهبوا زالت حرمة الطريق وأهلها ، وصار الناس يسخرون بأحدهم ويقولون لبعضهم : ما دريتم ما جرى؟ فلان الاخر عمل شيخا !21 كأنهم لا يسلبون له ما يدعيه لما هو عليه من محبة الدنيا وشهواتها اوالتلذذ بمطاعمها وملابسها ومناكها ، والسعى على تحصيلها ، حتى أنى قلت البعض التجار لم لا تجتمع بالشيخ الفلانى فقال : إن كان شيخا فأنا الآخر
شيخ؟ ، فإنه يحب الدنيا كما أحبها ، ويسعى فى تحصيلها كما أسعى ، بل اهو أشد منى سعيا على الدنيا ، لانه يسافر إلى الروم (1) فى طلبها وأنا لم أاسافر ، وربما أكل الدنيا بصلاحه وأنا لم أكلها بصلاحى ، فأنا أحسن احالا منه فأردت أن أجيب عنه فرأيت الحس يكذبنى وقد رأيت بعينى السلطان الغورى ، وهو يقبل يد سيدي محمد بن اعنان ، ورأيت السلطان طومان باى الذى تولى بعده يقبل بطن رجله وطلعت مرة مع سيدى الشيخ أنى الحسن الغمرى للسلطان الغورى فيا شفاعة ، فقام للشيخ وعضده من تحت أبطه وقال : يا سيدن عززتنى في اهذا النهار ، فإنى ومملكتى كلها لا نفى حق طريقك.
ووكان آخر الأشياخ الذين أدركناهم ، سيدى الشيخ على المرصفى رضى
الله عنه ، فلما توفى فى جمادى الأول سنة ثلاثين وتسعماية ، انحل نظام (1) بلاد الروم .
Page inconnue
الطريق فى مصر وقراها ، وجلس كثير للمشيخة بأنفسهم من غير إذن امان أشياخهم ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم ووأعلم يا أخى أن جميع ما ذكرته لك فى هذه الرسالة من أخلاق المريدين ، إنما هو كالقطرة من البحر ، فليعرض كل من نظر فيها أحوال ه اعل ما ذكرته من الاداب فيها ، فإن وجد نفسه متخلقا يها فليحمد اله تعالى ، وإن وجد نفسه عاريا عنها ، فليأخذ فى أسباب التخلق بالسلوك على يد شيخ ناصح.
وإن كان قد جلس للمشيخة فليعزل نفسه منها نصيحة لنفسه ولاخوانه فان من جلس للبشيخة بغير إذن من شيخه ضل وأضل ، وإنما لم نذكر شيئا من أخلاق الكممل فى هذه الرسالة لعزة وجودها وعزة المتخلق بها فلذلك ذكرنا أخلاق المريدين فقط لانها هى الطريق المسلوكة الآن وههات أن يصل أحدنا الآن إلى مقام مريد ، فالحمد لله رب العالمين ولنشرع فى مقدمة الرسالة ، فأقول وبالله التوفيق.
قدمة : تشتمل على جملة من عقائد القوم وبيان موافقتها لعقائد أهل السنة والجماعة وعلى بيان سند القوم فى تلقينهم الذكر وعلى سندهم ف الباسهم الخرقة للمريد وعلى بيان جملة من أداب الذكر .
اعلم يا أخى أن القوم أجمعوا على أن الله تعالى إله واحد لا ثانى له امزه عن الصاحبة والولد ، مالك لا شريك له ، صانع لا مدبر معه موجود يذاته من غير افتقار لى موجد يوجده ، بل كل موجود مفتقر ليه في وجوده ، فالعالم كله موجود به ، وهو تعالى موجود بذاته لا افتتاح لوجوده ، ولا نهاية لبقائه ، بل وجوده مطلق مستمر قامم بنفسه ، ليس بجوهر فيقدر له المكان ، ولا بعرض فيستحيل عليه البقاء
Page inconnue
اولا بجسم فتكون له الجهة والتلقاء ، مقدس عن الجهة والأقطار مني بالقلوب والابصار ، استوى تعالى على عرشه كما قاله ، وعلى المعنى الذى أراده ، كما أن العرش وما حواه به استوى له الاخرة والاولى اليس له مثل معقول ، ولا دلت عليه العقول ، لا يحده زمان ، ولا يقله امكان ، وهو الآن على ما عليه كان ، خلق المتمكن والمكان ، وأنشأ ازمان ، وقال : أنا الواحد الحى الذى لا يؤده حفظ المخلوقات ولا يرجع اليه صفة لم يكن عليها من صفة المصنوعات ، تعالى أن تحله الحوادث أو يحلها ، أو تكون قبله أو يكون قبلها ، بل يقال : كان ولا شي امعه ، لان القبل والبعد من صيغ الزمان الذى أبدعه ، فلا نطلق علي تعالى ما لم يطلقه على نفسه فإنه أطلق على نفسه : الاول والآخر الا القبل والبعد .
فهو القيوم الذى لا ينام ، والقهار الذى لا يرام ، ليس كمثله شى اوهو السميع البصير ، خلق العرش وجعله حد الاستواء ، وأنشا الكرسى وأوسعه الارض والسماء ، اخترع اللوح والقلم الاعلى ، واجراه كاتبا في خلقه
الى يوم الفصل والقضاء ، أبدع العالم كله على غير مثال سبق ، وخلق الخلق ، وخلق ما خلق .
أنزل الارواح فى الأشباح أمنا ، وجعل هذه الأشباح المنزلة إليها
الأرواح فى الارض خلفا ، وسخر لها ما فى السموات وما فى الارض جميعا امنه ، فلا تتحرك ذرة إلا عنه ، خلق الكل من غير حاجة إليه ولا موجب أوجب ذلك عليه ، لكن علمه بذلك سبق ، فلا بد أن يخلق ما خلق فهفو الاول والآخر والظاهر والباطن وهو على كل شىء قدير ، أحاط كل شىء عليا ، وأحصى كل شىء عددا ، يعلم السر وأخفى ، يعلم خائن
Page inconnue