في العالمين منه، ومن أياديه وأفضاله.
وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد والحميدي والبخاري في مواضع منها علامات النبوة، ومسلم في الفتن، والعدني، وابن حماد في الفتن، وأبو عوانة، والحاكم في المستدرك، عن أسامة بن زيد، قال: أشرف النبي (صلى الله عليه وسلم) على أطم من آطام المدينة فقال: «هل ترون ما أرى إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر (1)»
وفي رواية: «إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كموقع القطر».
وفي أخرى: «إني أرى الفتن تقع خلال بيوتكم مواقع القطر (2)».
فائدة: يجوز رؤية الشيء وسماعه قبل وجوده للأنبياء والأولياء.
قلت: وبهذا الحديث ونحوه استدل الصوفية على جواز، بل وقوع رؤية الشيء وسماعه قبل وجوده للأنبياء والأولياء، بناء على ما هو المتبادر من هذا الحديث أنها رؤية بصرية، وقضايا الأولياء في رؤيتهم بل وسماعهم للأشياء قبل وجودها لا تنحصر كثرة، ومن ثم أطبقوا على رؤيته تعالى، وسمعه للمعدوم الممكن الذي علم أنه سيوجد مخالفين في ذلك للمتكلمين في قولهم: إن السمع والبصر إنما يتعلقان بالموجودات، والمراد بها كل ما له تحقق في الخارج فقط، ولا يتعلقان بالمعدوم ممكنا كان أو مستحيلا.
ومن أدلة الصوفية في هذا قوله تعالى: قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما [المجادلة: 1].
فإن قولها إنما كان فيما لا يزال، وتعلق سمعه وبصره إنما هو في الأزل.
وقد قال العلامة ابن زكري في بعض تقاييده التي قيدها على الصغرى للسنوسي:
ما قاله الصوفية هو المتعين؛ لأن تعلقهما تعلق انكشاف، فيلزم على تخصيصه بالموجود حال وجوده بعده في الأزل انتهى.
Page 111