وماذا كنت أفعل؟ لم يكن في استطاعتي أن أهرب من العبودية، ولم أكن أعرف آلهة رضية هكذا في أي مكان آخر. أما هنا فقد رأيت ذلك الفتى يا ميليبويوس، الذي من أجله يتصاعد الدخان من مذابحنا اثني عشر يوما كل عام. لقد كان أول من لبى طلبي في هذا المكان إذ قال «أطعموا ثيرانكم أيها الصبية كسابق عهدكم، ارعوا ثيرانكم.»
ميليبويوس :
يا لك من شيخ سعيد. إذن فستبقى حقولك ملكا لك، وهي تكفيك. وبالرغم من أن الصخر العاري والمستنقعات ذات الأعشاب الموحلة تغطي مروجك كلها، فلن يضير نعجاتك الحبالى طعام غريب، ولن تؤذيها عدوى خبيثة من قطيع مجاور.
ستحظى هنا أيها الشيخ السعيد، بين الأنهار المعروفة والنافورات المباركة، بالبرودة بين الظلال، فعلى هذا الجانب، كما جرت العادة دائما، سيحثك إلى النوم ذلك السياج القائم عند التخم الذي يجاور أزهار الصفصاف التي يتغذى بها النحل الهبيلي بطنينه الخافت، وعلى ذلك الجانب سيغني مهذب الكروم للنسيم تحت الصخرة العالية، ولكن في نفس الوقت لن يكف الحمام الخشبي الأجش، موضع عنايتك، ولا اليمام، عن القرقرة من فوق شجرة الدردار الشامخة.
تيتيروس :
إذن سرعان ما ستتغذى الغزلان الخفيفة في البحر ، وتلقى البحار بالأسماك عارية فوق الشاطئ. سريعا سيشرب البارثياني من الأرار، أو الجرماني من ثجرس. وقد هام كل على وجهه طريدا في مقاطعة زميله، ولن يغيب محياه عن قلبي.
ميليبويوس :
أما نحن، فسيشق بعض منا طريقه من هنا إلى الأفريقيين العطاش، وسيذهب البعض الآخر إلى سكيثيا وإلى أوكسيس السريع الجريان في كريت، وإلى بريتانيا المنعزلة عن العالم تماما.
أي، هل لي عندما أرى حدود بلدي بعد زمان طويل، وسقف كهفي الحقير المغطى بالكلأ، هل لي يوما ما عندما أشاهد مملكتي، أعجب من بعض السنابل الضئيلة. هل ستئول هذه الأراضي المحروثة جيدا إلى جندي ظالم؟ هل سيمتلك هذه المحصولات بربري؟ انظر إلى أي حال أودى الانحلال بالمواطنين البائسين! هل كنا نزرع حقولنا لهؤلاء الناس؟
ينبغي عليك الآن يا ميليبويوس أن تطعم أشجار الكمثرى وتزرع الكروم في صفوف. هيا عني يا عنزاتي، يا من كنت يوما قطيعي السعيد. عني فلن أراك أبدا راقدا في الكهف الأخضر وقد تدليت بعيدا عن إحدى الصخور المدغلة، ولن أنشد الأغاني، كما أنك يا عنزاتي، لن تقرضي البرسيم المزهر أو الصفصاف المر تحت إشرافي.
Page inconnue