أما الأسطورة الأخرى فهي مكملة للأولى، فبينما كانت والدة فرجيل تسير مع زوجها في البلدة في اليوم التالي للرؤيا، إذ جاءها المخاض وأحست بآلام الوضع، فانتحت جانبا عن الطريق ووضعت طفلها في أخدود
17
وليس في هذه القصة ما هو غريب، ولكنها تشير إلى مصدرها الأسطوري؛ حيث تتعلق بالأسطورة السابقة الخاصة بالحلم، ثم التفاصيل المضحكة التي تتبعها. ويظن باسكولي
أن أخدود الأسطورة لم يكن سوى أخدود للحبوب. ويؤيد وجهة نظره هذه أن فرجيل ولد في اليوم الخامس عشر من شهر أكتوبر؛ أي في موسم بذر الحبوب. وعلى أية حال، فلا يبدو أن فوكاس يفهم الموضوع بهذه الصورة؛ لأنه يروي أن التربة الخضراء كانت تزود الطفل الصغير بالأزهار اليانعة، وبهدية من هدايا الربيع عبارة عن فراش من الكلأ الأخضر،
18
أما المقصود من الأسطورة الخاصة بالأخدود فلا يتعدى إظهار ما تتمتع به أم الشاعر من تواضع.
غير أن دوناتوس يروي أسطورة ثالثة، فيقول إنه منذ أبصرت عين فرجيل نور الدنيا، لم يصرخ كما يصرخ الولدان عادة بل كانت ترتسم على وجهه نظرة لطيفة جدا تكاد توحي بأمل معقود على مصير عظيم.
19
ويبدو للناقدين أن شأن هذا الصبي الذي تدفق من بين شفتيه شعر كهذا الشعر الرقيق، لا يمكن أن يكون شبيها بحال الأطفال الآخرين؛ ولذا لم يصرخ ولم يقطب جبينه الصغير في تجهم قبيح.
أما رابعة الأساطير التي يرويها دوناتوس كنبوءة؛ فهي أسطورة شجرة الحور؛ إذ يقول إنه قد زرع في المكان الذي ولد فيه فرجيل، كما جرت العادة، أحد أغصان شجر الحور، فنما بأسرع ما يكون، ووصل إلى ارتفاع شاهق لم تصله غير أشجار الحور التي زرعت منذ أمد بعيد، ويقول دوناتوس إنهم سموا هذه الشجرة «شجرة فرجيل» وإن النساء الحبالى كن يبجلنها كثيرا كما يقرأن صلواتهن أمامها.
Page inconnue