الإهداء
مقدمة
1 - حياته
2 - تعليم فرجيل وإنتاجه
3 - أناشيد الرعاة
4 - الملاحق
الإهداء
مقدمة
1 - حياته
2 - تعليم فرجيل وإنتاجه
3 - أناشيد الرعاة
4 - الملاحق
أناشيد الرعاة
أناشيد الرعاة
تأليف
فيرجيل
ترجمة
أمين سلامة
الإهداء
إليك يا شوقي ...
أيها الروح الطاهرة
وأنت يا مطران ...
أيها النفس السامية
وأنتم حشد الشعراء
مصدر الإيحاءات الناطقة
أقدم هذا الكتاب عن فرجيل الشاعر الروماني الفطحل لأحيي فيكم النبل والسمو والرفعة والعلو، وتقديرا لأشخاصكم المباركة، وحبا لرسالتكم المجيدة، وإيمانا بأن الله سبحانه وتعالى لا يلهم الشعر إلا خير عباده، وأحبهم إليه، وأقربهم منه.
أمين سلامة
الاسم اللاتيني المرادف ل «أناشيد الرعاة» هو
ECLOGAE «أو»
BUCOLICA
مقدمة
لا ريب أن فرجيل كان سيد شعراء عصره ممن تبوءوا مكان الصدارة عن استحقاق وجدارة، وممن أسعدهم الحظ فتمتعوا بصيت عريض إبان حياتهم؛ فالمرء حين يقرأ شعره ينسى الحياة ومتاعبها؛ إذ إن منظوماته تفرض عليك لونا من التفكير لا عهد لك به، ولكن ما أجمله من تفكير! وما أروعه من إلهام! إنه إبداع وابتكار، مزيج من الواقع المرير وذلك الخيال العميق الذي يحلق بالإدراك الإنساني فوق كل شيء وكأنه في زورة للملكوت أو العالم المجهول.
وشعر فرجيل آيات بينات تمتاز بالكمال والعذوبة والقوة والمرونة وتتناول كل ما يتعلق بروما من وصف رائع خالد لحقولها الفسيحة ورياضها الجميلة وبساتينها المزهرة وطرقاتها الطويلة المتشعبة، وما يدين به شعبها من معتقدات وطقوس وما يحتفل به من أعياد ومناسبات وما يقاسيه من ألوان المشاعر والآلام والأحداث. ففرجيل من هذه الناحية يسلب فؤادك ويبهر أنفاسك ويولد فيك الإحساس بعظمته كشاعر جبار أنجبته البشرية، فلتة من فلتات الطبيعة المقدسة ويجبرك على تقديره والإعجاب به والاستحسان بنقاء فكره وصفاء ذهنه وقوة إلهامه، بل ويدفعك دفعا إلى المناداة به أمير الشعراء وكبير العلماء وسيد العارفين ونبي الملهمين.
وفرجيل - قبل أن يكون شاعرا ملهما - فلاح، ابن فلاح مزارع، نشأ في الحقل وترعرع في كنفه، فكبر وحب الزراعة يسري في جسده مسرى الدماء في عروقه وشرايينه ... فتنته الطبيعة بجمالها وأعجبه سيطرتها على الزراعة والفلاحة فعكف على دراستها دراسة الهاوي المفتون حتى حاز قصب السبق في معرفة تفاصيلها والإلمام بمعمياتها ... ومن ثم أخذ يعالج الزراعة علاج المزارع المحنك الماهر ولكنه عالجها في الوقت نفسه علاج الشاعر الفنان، فكانت منظوماته الزراعية أول ما كتب باللاتينية في هذا الصدد وأروع ما ابتدعته الروح الفنانة وأكثر ما خطه بنان شاعر حماسة وطلاوة وجاذبية ...
وكما أحب فرجيل الزراعة وحقولها أحب الرعي والرعاة ... وهناك وسط المروج المترامية الأطراف وعند سفوح الجبال الشامخة والتلال المتواضعة نسي فرجيل نفسه وتركها على سجيتها وأرخى لخياله العنان؛ ليسبح تارة في الفضاء اللانهائي ويطوف طورا وسط الرياض الخضراء ويمشي حينا في ركاب قطعان الماعز والخراف الساذجة؛ وليخلق لنا أناشيده العشر التي اكتفينا بنشر ترجمتها في هذا الكتاب تاركين الحكم عليها للقراء الكرام.
ويلاحظ القارئ أنها المرة الأولى في كتبنا التي يرد فيها المتن اللاتيني بجانب الترجمة العربية، ولا نحبه أن يسخط علينا أو يسخر من محاولتنا، فهي وإن كانت المحاولة الأولى تقريبا في دنيا الأدب العربي فهي بالنسبة إلى الأمم الغربية سنة جرت عليها حين تقدم على ترجمة هذه اللغات القديمة، ولا أدل على ذلك مما أقدم عليه ذلك الثري البريطاني جيمس لويب
James Loeb
الذي أوصى بأن توقف ثروته بعد وفاته لنشر مجموعة من الكتب بها المتون اللاتينية واليونانية - بعد ضبطها - وتراجم دقيقة لها، ولقد صدر منها إلى الآن، وما زال يصدر، مئات المجلدات. وهذه المجموعة تحظى بشهرة عالمية منقطعة النظير؛ لذلك نرجو من القارئ أن يعتبر هذه المحاولة خطوة صغيرة إلى الأمام؛ لنقف على قدم المساواة مع هذه البلاد التي بلغت في العلم والبحث شأوا كبيرا يحسدان عليه.
ومما شجعنا على هذه المحاولة أيضا أن نشر المتن اللاتيني فضلا عن فائدته الكبيرة للباحث والدارس والهاوي لا يمنع القارئ العادي من الاستمتاع بقراءة الترجمة العربية كأن الكتاب لا يضم غيرها بين دفتيه.
ولقد آثرنا أن نلحق بالكتاب ملخصا لأناشيد الشاعر لنبين ما تضمنته من أفكار فنقضي على كل التباس يشوبها؛ فنكون بذلك قد حققنا الغرض من ترجمتها ونشرها.
وصورة الغلاف تمثل منظرا في مدينة مانتوا حيث ولد فرجيل وهي من رسم الدكتور يوسف سلامة فله الشكر الجزيل.
أمين سلامة
جاردن ستي في 6 / 12 / 49
الباب الأول
حياته
عائلة فرجيل
ولد بوبليوس فرجيليوس مارو
في اليوم الخامس عشر من شهر أكتوبر عام 684 بعد تأسيس مدينة روما؛ أي بعد سنة 70ق.م. في قرينة صغيرة وراء نهر البو
تسمى أنديس
Andes
تبعد عن مانتوا
Mantua
بثلاثة أميال رومانية، بالقرب من ضفاف نهر المينكيو
Mincio
في غاليا كيسالبين
Cisalpine Gaul ؛ أي إنه ولد قبل هوراتيوس
Horatius
بخمس سنوات، وقبل جيوس أوكتافيوس
Caius Octavius ، الذي أصبح نصيره فيما بعد ومعضده الأكبر، بسبع سنين، وفي أثناء قنصلية جنيوس بومبي الأكبر
Gnaeus Pompeius Magnus ، وماركوس ليكينيوس كراسوس
Marcus Licinius Crassus .
يحدثنا البعض عن أبويه فيقولون إنهما لم يكونا من الأثرياء المترفين؛ بل كانا متوسطي الحال، وليس معنى هذا أنهما كانا يعانيان آلام الفاقة، ويقول بروبوس
، إن والد فرجيل كان فلاحا،
1
ويخبرنا دوناتوس
Donatus
أن هناك من يقول إنه كان فخاريا، بينما يقول الأغلبية إنه كان أجيرا يعمل لدى ماجيوس
Magius ، كحامل رسائل أو مناد لأحد الحكام المحليين، وليس عبدا كما يدعي البعض.
ويقول دوناتوس أيضا، إن هذا الوالد استطاع بجده ونشاطه أن يكسب عطف وتقدير سيده، فزوجه ابنته التي يقول بروبوس وفوكاس
Focas
إنها كانت تدعى ماجيا بولا
Magia Polla .
2
ومما لا شك فيه أن هذا الزواج قد حسن كثيرا حاله ومركزه. هذا فضلا عن أنه تمكن من مضاعفة دخله الضئيل شيئا فشيئا بأن استأجر قطعة من الأحراش وربى النحل، ولا يقولون عن أمه سوى أنها كانت من قبيلة إيطالية ذات شهرة واسعة وثروة عظيمة.
ولما كانت أسماء فرجيل الثلاثة لاتينية الأصل، فقد ظن البعض أن مسقط رأس عائلته هو وسط إيطاليا، بيد أنه لم يرد في تاريخ سير القدماء أي دليل قاطع يثبت صحة هذا الظن. ولو أن النحوي فوكاس يطلق على فرجيل لقب «المغني الأترسكي». هذا وقد استطاع فريق آخر أن يكتشف وجود نكهة أترسكية في اسم الأم «ماجيا» وكذلك في اسم الجد «ماجيوس». ومهما كان أثر الحدس والتخمين في هذه النقطة بالذات. فيجب أن نعلم جيدا أن فرجيل كان يحب كثيرا أن ينسب هو ومدينته إلى الأصل الأترسكي.
غير أنه فيما يتعلق بهذا الموضوع، يستحسن أن نتحرى عن مركز مانتوا السياسي، وعادات العناصر التي استوطنتها، وأخلاقها بصفة خاصة، وأن نتحرى عن كل هذه المسائل في غاليا ترانسبادانا
Transpadane Gaul
بصفة عامة. في الوقت الذي ولد فيه فرجيل. وقد سبق أن قدمنا أن فرجيل كان يفتخر بأصل مدينته الأترسكي وبتفوق الأترسك
Etruscans
على العنصرين الآخرين؛ أي على العنصر الغالي الكينوماني
Cenomanian Gauls
الذي يحتمل أن يكون قد اجتاح مقاطعة مانتوا حتى حدود مينكيو، وعلى العنصر الوينيتي
Veneti ، ويؤكد بليني
أيضا أن مانتوا في عصره كانت المدينة الأترسكية الوحيدة التي ظلت وراء نهر البو.
3
ومن المعروف يقينا أن الكينوماني
Cenomani
والوينيتي كانوا حلفاء الرومان منذ عام 225ق.م. في حربهم ضد الغال، وأنهم حاولوا بعد الحرب البونية الأولى أن يغيروا على قلب إيطاليا، ثم ظلوا حلفاء لهم بعد ذلك. ثم بعد ذلك بسنوات قليلة قادت روما قواتها ضد الإنسوبري
Insurbri ، وأسسوا أول مستعمرة لاتينية في منطقة ترانسبادانا في كريمونا
Cremona
عام 218ق.م.، حيث أقام ستة آلاف مستعمر من أواسط إيطاليا.
4
وفي عام 200ق.م. ثار الكينوماني ضد الرومان وحاولوا مع الإنسوبري الهجوم على كريمونا، ولكنهم ردوا على أعقابهم وهزموا في ذلك العام على يد إلبريتور لوكيوس فوريوس بوربوريو
L. Furius Purpureo ، وكذلك هزمهم القنصل جيوس كورنيليوس كيثيجوس
C. Cornellus Cethegus
عام 197ق.م. على شواطئ المينكيو؛ ومن ثم عادوا أصدقاء وحلفاء روما من جديد.
وفي نفس الوقت قويت مستعمرة كريمونا اللاتينية سنة 190ق.م.؛ فقد وفد إليها ستة آلاف عائلة مستعمرة انتشرت في المقاطعات المجاورة، وبعد انتصار كيثيجوس أصبحت غاليا ترانسبادانا خاضعة كلية للرومان الذين عقدوا معاهدات صداقة وتحالف مع شعوب الكلت
Celts
المختلفة بعد عام 194ق.م. وأسست مستعمرة لاتينية جديدة عام 183ق.م. في أكويليا
Aquileia
لمنع غال ترانسالبينا
Transalpine Gauls
من الإغارة على أراضي الوينيتي كما كانوا يحاولون ذلك مرارا. وبعد الانتصار على الكيمبري
Cimbri
سنة 100ق.م. أسست مستعمرة لاتينية ثالثة في إبوريديا
Eporedia ، وفي إيفريا الحديثة
Ivrea .
دامت هذه الحال في غاليا ترانسبادانا التي اجتيحت في نفس الوقت من جميع الجهات بالمستعمرين من تجار وجباة ضرائب في روما حتى نهاية عام 90ق.م.؛ أي حتى العام الذي اتحدت فيه الشعوب الإيطالية التي ظلت حينا من الدهر تطالب بحقوق المساواة مع المواطنين الرومان، وحملوا السلاح ضد روما، وبذا قامت الحرب الاجتماعية كما يسمونها وبرهنت على إخلاص الطوائف المختلفة للشعب الروماني، فلما كسب الرومان الحرب سلمت مدن غاليا كيسالبينا التي ثارت، فألقت السلاح وخضعت، فتمتع سكانها بحقوق المواطنين الرومان. وهكذا تحولت المستعمرة اللاتينية كريمونا إلى مدينة يتمتع سكانها بالامتيازات التي للمواطنين الرومان.
5
وقد ترتب على القانون الذي اقترحه جنيوس بومبي سترابو
Cn. Pompeius Strabo
والد بومبي العظيم في عام 89ق.م.، أن منحت بلاد غاليا ترانسبادانا التي ظلت مخلصة لروما الحقوق اللاتينية (
ius Latii )؛ أي الحقوق التي كانت للمستعمرات اللاتينية الأخرى، والتي أعطت حق الانتخاب لمن كانوا يحتلون بعض المناصب العامة. ولا نعرف هل نفذ هذا القانون أم ظل مجرد وعد تعهد به ليحول دون نشر الصفاء بين شعوب ترانسبادانا. حقيقة لم تهدأ القلاقل التي كانت بين هذه الشعوب، ولا نعرف هل يعود السبب في ذلك إلى أنهم كانوا يريدون الاحتفاظ بالوعد الذي منح لهم أو إلى أنهم كانوا يطمعون في نيل الحقوق التي يتمتع بها المواطن الروماني كلها. ويخبرنا شيشرون
Cicero
أن جيوس سكريبونيوس كوريو
C. Scribonius Curio
الذي كان قنصلا في عام 76ق.م. اعتبر مطالب شعوب ترانسبادانا عادلة، ولكنه أكد تعذر منحها لأنها ليست من صالح الجمهورية،
6
ولا يذكر شيشرون متى قدمت هذه المطالب، ولكننا نعرف أن شعوب ترانسبادانا ثارت في عام 66ق.م. مطالبة بحقوق امتيازات المواطن الروماني، وأن يوليوس قيصر استقال من منصبه ككويستور وأنصف الطوائف الثائرة.
7
وبعد عام قامت منافسة في روما نفسها بين رقيبين؛ أحدهما ماركوس كراسوس
Marcus Crassus
الذي كان ينادي بأن تمنح حقوق المواطن الروماني للشعوب القاطنة وراء نهب البو، بينما كان منافسه يعارض هذه السياسة، ثم استقالا
8
دون أن يصلا إلى نتيجة.
ومن هنا تكون الفكرة بأن والدي فرجيل، ولا سيما أبوه، يحتمل أن يكونا من نسل أحد المستعمرين اللاتينيين القادمين من وسط إيطاليا، فكرة صحيحة وليست خاطئة مطلقا.
كما أنه من الصعب أن نتصور أنه يجوز لنا أن نخطئ في طابع عائلة فرجيل السلالي، وقد ولد ونشئ في مقاطعة يسكنها خليط من القوم لا تجانس بين أفراده. ويسمي فرجيل وينيتيا في إحدى فقرات ماكروبيوس
Macrobius .
9
هذا، ويجعل سرفيوس
Servius ، الذي كان معاصرا لماكروبيوس، مانتوا جزءا من وينيتيا؛ أي جزءا من المقاطعة العاشرة الأوغسطية التي جعلت أيضا كريمونا وبرسكيا
Brescia
مستعمرات رومانية واقعة فيها.
10
مسقط رأس فرجيل
يتفق كتاب تاريخ حياة مشاهير الرجال على أن أنديس هي مسقط رأس فرجيل، وأنها كانت قريبة من المدينة؛ وبذلك يصفون الشاعر بأنه مانتوي، ويعلنون أنه ولد في مانتوا، متذكرين ما كتب فوق قبره. ويزعم البعض أن والدي فرجيل من مواطني مانتوا، وأنه ولد في أنديس بمحض الصدفة. بيد أنه لا يمكننا أن نقبل هذا الزعم؛ لأن أقدم التقارير التي وصلتنا عن والدي الشاعر تقول إنهما كانا فلاحين يعملان بالزراعة، ولا يبدو لكتاب تاريخ مشاهير الرجال أن فرجيل من مانتوا إلا لأن أنديس التي ولد فيها لا تبعد كثيرا عن مانتوا؛ ولأن له فيها منزلا ورثه إما عن جده من أمه، وإما عن أبيه الذي كان قد ضاعف دخله تدريجيا. وهذا رأي معقول محتمل فضلا عن أنه يتفق مع ما نقل إلينا عن مانتوا. ولو كان هذا حقيقيا فإنه لا يضعف قول كتاب سير المشاهير وقول ماكروبيوس الذي يسمي فرجيل
a rure Mantuano poetam .
11
ولم يختلف كتاب حياة المشاهير في غير نقطة واحدة حول أنديس، فإن دوناتوس وسانت جيروم
St. Jerome
يسميان أنديس باجوس
، بينما يسميها بروبوس «فيكوس»
Vicus . و«باجوس» كلمة لاتينية معناها قرية تحيط بها أراض تسمى باسمها. أما فيكوس، فليست إلا بضعة بيوت في قرية أو مدينة. أما دوناتوس الذي يستقي معلوماته من سويتونيوس
Suetonius
فيثق في آرائه كل من ربيك
Ribbeck
وكارتولت
Cartault
أكثر من غيره.
ولقد أجمع كتاب تاريخ مشاهير الرجال على أن فرجيل ولد في اليوم الخامس عشر من شهر أكتوبر، ويؤيد اتفاقهم هذا كتاب آخرون .
12
مثل ديل
Diehl
وكارتولت وهين
Heyne
وربيك. وقد يبدو أن هذا التاريخ مستمد مما كتب على ضريحه وكان لا يزال صالحا للقراءة في نهاية القرن الأول بعد الميلاد. هذا فضلا عن أن هين يعتقد أن يوم ميلاد فرجيل كان يحتفل به الشعراء، ويصدق على هذا مارشال
Martial
13
وأوسونيوس
Ausonius
14
ومن المحقق أن سيليوس إيتاليكوس
Silius Italicus
الذي اعتاد أن يحتفظ بالكتب والتماثيل وصور المؤلفين القدماء كما اعتاد أن يبجلهم أيضا؛ كان يتوق بصفة خاصة إلى تقديم فروض الولاء لفرجيل فاعتاد أن يخص يوم ميلاد الشاعر بهيبة أعظم من التي كان يخص بها يوم ميلاده الشخصي. ولا سيما إذا تصادف وكان في نابولي
Naples
حيث اعتاد زيارة قبر الشاعر كما لو كان معبدا.
15
ولا يمكن أن تروى قصة مولد فرجيل كما تروى قصة ميلاد أي شخص عادي. ولقد نقل إلينا دوناتوس الأساطير التي حيكت في تاريخ مبكر حول مهده ثم أضيف إليها من الخيال الشعبي ومن خيال الناقدين. وتتعلق أولى هذه الأساطير بالحلم النبوي الذي رأته أم الشاعر ذات يوم. فيقول دوناتوس إنها عندما كانت حبلى رأت في المنام أنها ولدت غصنا من الغار ما كاد يلمس التربة حتى انغرس فيها ونما سريعا إلى شجرة تحمل مختلف الثمار والأزهار.
16
وإن وجود هذه الأسطورة في سجل تاريخ حياة الشاعر القديم؛ لبرهان قاطع على ما كان يحظى به من تقدير.
أما الأسطورة الأخرى فهي مكملة للأولى، فبينما كانت والدة فرجيل تسير مع زوجها في البلدة في اليوم التالي للرؤيا، إذ جاءها المخاض وأحست بآلام الوضع، فانتحت جانبا عن الطريق ووضعت طفلها في أخدود
17
وليس في هذه القصة ما هو غريب، ولكنها تشير إلى مصدرها الأسطوري؛ حيث تتعلق بالأسطورة السابقة الخاصة بالحلم، ثم التفاصيل المضحكة التي تتبعها. ويظن باسكولي
أن أخدود الأسطورة لم يكن سوى أخدود للحبوب. ويؤيد وجهة نظره هذه أن فرجيل ولد في اليوم الخامس عشر من شهر أكتوبر؛ أي في موسم بذر الحبوب. وعلى أية حال، فلا يبدو أن فوكاس يفهم الموضوع بهذه الصورة؛ لأنه يروي أن التربة الخضراء كانت تزود الطفل الصغير بالأزهار اليانعة، وبهدية من هدايا الربيع عبارة عن فراش من الكلأ الأخضر،
18
أما المقصود من الأسطورة الخاصة بالأخدود فلا يتعدى إظهار ما تتمتع به أم الشاعر من تواضع.
غير أن دوناتوس يروي أسطورة ثالثة، فيقول إنه منذ أبصرت عين فرجيل نور الدنيا، لم يصرخ كما يصرخ الولدان عادة بل كانت ترتسم على وجهه نظرة لطيفة جدا تكاد توحي بأمل معقود على مصير عظيم.
19
ويبدو للناقدين أن شأن هذا الصبي الذي تدفق من بين شفتيه شعر كهذا الشعر الرقيق، لا يمكن أن يكون شبيها بحال الأطفال الآخرين؛ ولذا لم يصرخ ولم يقطب جبينه الصغير في تجهم قبيح.
أما رابعة الأساطير التي يرويها دوناتوس كنبوءة؛ فهي أسطورة شجرة الحور؛ إذ يقول إنه قد زرع في المكان الذي ولد فيه فرجيل، كما جرت العادة، أحد أغصان شجر الحور، فنما بأسرع ما يكون، ووصل إلى ارتفاع شاهق لم تصله غير أشجار الحور التي زرعت منذ أمد بعيد، ويقول دوناتوس إنهم سموا هذه الشجرة «شجرة فرجيل» وإن النساء الحبالى كن يبجلنها كثيرا كما يقرأن صلواتهن أمامها.
20
وقد نجد في هذه الأسطورة نواة من الصحة، ونعني بذلك استخدام المكان ووجود شجرة فرجيل المبجلة في الموضع الذي ولد فيه الشاعر في عصر سويتونيوس الذي يعتمد عليه دوناتوس.
ويحتمل أيضا أن تكون هذه الحقائق التاريخية هي التي خلقت هذه الأسطورة والأساطير الأخرى أيضا التي تمثل الشاعر وقد ولد في الحقول في أخدود بجوار شجرة الحور المقدسة تخليدا له. كما يحتمل أن توحي هذه الشجرة المزروعة في التربة التي ولد فيها الشاعر، كما جرت العادة، إلى أن يعتقد المرء أنها زرعت هناك لتشير إلى المكان الذي ولد فيه فرجيل.
ويجدر بنا الآن أن نقف لحظة لنتأمل اللحظة التاريخية التي ولد فيها فرجيل الذي وجد نفسه في شبابه مدفوعا إلى أن يتغنى بأعمال الشعب الروماني الرائعة، وأن يجعل روما عدوة بلاد الإغريق في شعره الحماسي وهو في سن البلوغ.
وقبل أن يولد فرجيل بعام واحد ، انتصر بومبي الكبير في الحرب الطويلة الخطيرة التي كانت تدور رحاها في إسبانيا ضد سرتوريوس
Sertorius ، وعاد إلى روما يكلل جبينه إكليل المجد هو وليكينيوس كراسوس
Licinius Crassus
الذي ساعده في التغلب على الحصون الأخيرة التي احتمى فيها عبيد سبارتاكوس
Spartacus
الثائرون. فاتفق القائدان الشهيران على أن يحتفظا بحكومة الجمهورية لنفسهما وطالبا بالقنصلية، فحصلا عليها في العام التالي. وكانت هناك حاجة ملحة إلى كبح جماح النظام الاستبدادي الذي فرضته أوليجاركية مجلس الشيوخ وريثة نظام سلا
Sulla
الطاغية، على جميع طبقات المجتمع. فما إن أصبح بومبي وكراسوس قنصلين حتى بدآ الإصلاح بنشاط، وألغي دستور سلا وظهر مجلس الشيوخ وفاز الشعب وطبقة الفرسان بحقوقهم. ولم يكن من الممكن في غير عصر قنصلية هذين الرجلين القويين إحياء الرقابة؛ وهي وظيفة كان الرومان يمقتونها وحرموها منذ خمسة عشر عاما تقريبا.
ولقد قام مراقبا هذا العام لوكيوس جيليوس
L. Gellius
وجنيوس لنتولوس
Cn. Lentulus
بتعداد المواطنين الرومانيين فوجدا أنه يصل إلى أربعمائة وخمسين ألف مواطن، ثم أعدا العدة للاحتفال بالألعاب الأوليمبية السابعة والستين، وهو حفل جرت العادة أن يعلنوا عنه كل خمس سنوات في الكامبوس مارتيوس
Martius Campus
بعد التعداد مباشرة. وكان الغرض منه ماليا ذات يوم، وأحيانا دينيا بتطهير الشعب بواسطة تقديم ذبيحة عبارة عن خنزير وخروف وثور (
Suovetaurilia ). ففي هذا العام بالذات، وفي هذه اللحظة من تاريخ روما، ولد في قرية مجهولة من غاليا ترانسبادانا، سيد الشعر اللاتيني العظيم الذي كان مكتوبا له أن ينقل إلينا بأناشيده آخر صدى عن الحوادث الرومانية التي كانت تقع في عصره.
الباب الثاني
تعليم فرجيل وإنتاجه
لا نعرف كثيرا عن التعليم الذي تلقاه فرجيل في صغره، ويقول دوناتوس إن الشاعر أمضى السنوات الأولى من حياته في كريمونا إلى أن لبس الشملة،
21
ويدفعنا قول هذا النحوي إلى الاعتقاد بأن عائلة فرجيل كانت من كريمونا، وهذا يناقض ما سبق أن قلناه عن لسانه. ولكي نتحاشى هذا التعارض في القول، يجب علينا أن نعترف بأحد أمرين؛ إما أن دوناتوس قد نقل خطأ عن سويتونيوس، أو أن الكلمات (
initia aetatis ) قد فسرت تفسيرا رحبا.
22
وفي الثانية عشرة من عمره، أرسل فرجيل إلى كريمونا ليتلقى هناك دروسه في الآداب ، ولا شك أن هذا لم يكن ليتم لو لم يتوفر لأبيه المال اللازم لذلك، ولو لم يلاحظ ما عليه الفتى من ذكاء. ويحتمل أن تكون عائلة فرجيل قد تبعته في هذا الوقت إلى مدينة كريمونا التي كانت لمدة تزيد على ثلاثين عاما بلدية رومانية، والتي كان بها دون أي شك مدارس لتعليم البنين مبادئ النحو، فسنحت له الفرصة هناك أن يدرس المواضيع التي كانت تدرس في المرحلة الأولى وكانت تسمى باسم النحو على حد تعبير كونتليانوس
Quintilianus .
23
وفي كريمونا لبس فرجيل الشملة
toga virilis ، وهي اللباس الروماني الخاص بالشباب في سن الخامسة عشرة أو السادسة عشرة، ولكن مخطوطات دوناتوس عن «الحياة» تتعارض بإزاء هذه النقطة، وبالرغم من أنها تتفق جميعا في أن فرجيل كان في سن السابعة عشرة (وأن هذا كان عمره في عام 53ق.م.)، فإنها تضيف أن الحدث وقع في وقت القنصلية الثانية لبومبي وكراسوس عام 55ق.م. .ويخبرنا سانت جيروم الذي يقال إنه يعتمد على سويتونيوس، أن فرجيل لبس الشملة في عام 53ق.م ثم ذهب إلى ميلان
Milan . ويبدو أن سفره إلى ميلان قد حدث حقا في نفس الوقت الذي لبس فيه الشملة البيضاء
toga candida
ويقول لنا دوناتوس إنه في اليوم الذي لبس فيه فرجيل الشملة
toga virilis
مات الشاعر لوكريتيوس
Lucretius . ومن السهل أن نقول إننا نناقش الآن ابتكار أحد رجال النحو الذين يحاولون عن طريق هذا التوافق العرضي أن يجعلوا فرجيل خليفة لوكريتيوس في الشعر الداكتيلي
24
وعلى أية حال فإن هذا القول مستمد من نفس المصدر الذي استمد منه سانت جيروم. وإنه دون أن يشير إلى عام معين يضع ميلاد لوكريتيوس في الأوليمبياد الواحد والسبعين بعد المائة ويقول إنه مات منتحرا في الرابعة والأربعين من عمره (أو تبعا لبعض المخطوطات في عام 43ق.م.)،
25
ولنضع ميلاد لوكريتيوس في العام الأول من الأوليمبياد الواحد والسبعين بعد المائة؛ أي في عام 97ق.م.، ولو أنه مات في الرابعة والأربعين من عمره ، فإن الحدث يكون قد وقع بالضبط في عام 53ق.م. عندما كان فرجيل في السابعة عشرة من عمره ثم ترك كريمونا قاصدا ميلان.
وسواء لبس فرجيل الشملة في الخامسة عشرة أو السابعة عشرة فإنه أتم دراساته في كريمونا ثم أرسل إلى ميلان، ولكنه بقي فيها مدة قصيرة ثم ذهب بعدها مباشرة إلى روما.
26
ولكي نقرر حالة التعليم في ميلان يجدر بنا أن نعود إلى خطاب لبليني الصغير كتبه منذ أكثر من قرن بعد ذهاب فرجيل إليها، ويقول إن شبان كومو
Como
كانوا يذهبون إلى ميلان لتلقي العلوم لعدم وجود مدارس في مدينتهم.
27
ويحتمل أن فرجيل لم يجد هناك مدرسين أجدر من الذين تركهم في كريمونا؛ ولهذا آثر الإقامة القصيرة، ولا بد أنه اضطر إلى الذهاب إلى روما تحت تيار رغبته الشديدة في أن يقف على معالم المدينة التي طالما سحرت لبه عن بعد.
وقد سبق أن أشرنا إلى القلاقل التي كانت قائمة بين السكان القاطنين وراء نهر البو للحصول على امتيازات المواطن الروماني. أما الكلت والأترسك الذين كانوا يقيمون في غاليا ترانسبادانا فقد وجهوا أنظارهم وقلوبهم شطر روما التي كانت تصهر في بوتقتها عناصر شبه الجزيرة المختلفة لتخلق منها عنصرا واحدا، ففي نفس العام الذي ذهب فيه فرجيل وهو في سن الثانية عشرة إلى كريمونا، حصل يوليوس قيصر على سيطرة قوية لمدة خمس سنوات على الولايات الغالية بموجب القانون الفاتيني الذي منحه أيضا أربع كتائب، وبانتهاء هذه المدة جدد سلطانه مدة خمس سنوات أخرى، فلما تعهد قيصر بفتح غاليا ترانسالبينا جعل غاليا كيسالبينا قاعدة استعداداته الحربية.
ولما كانت شعوب إيطاليا الشمالية مخلصة له، كان صادقا معهم في تصريحاته ووعوده، ثم أسس في كريمونا مستعمرة من خمسة آلاف شخص وخلع على المدينة حقوق المواطن الروماني.
28
ويقولون إنه في عام 52ق.م.
29
منح المدن الأخرى التي وراء نهر البو حق الانتخاب والملكية، فاتخذ الحزب الأرستقراطي هذا التصرف ذريعة قوية للهجوم عليه في روما، وعزم الحزب على أن يسحب منه حكم الولايات الغالية.
وبينما كانت تجري الأمور على هذا المنوال في موطنه الأصلي حوالي عام 52ق.م. كان فرجيل يشق طريقه، وهو في الثانية عشرة ، داخل المدينة التي كثيرا ما سمع عنها، والتي مكنه خياله الشعري من أن يرفع هامتها على جميع المدن الأخرى ولا سيما مانتوا، كما تعلو أشجار السرو على أشجار الصفصاف البضة.
فلما وصل إلى روما كانت تجري بها حوادث ذات أثر قاطع في تاريخ العالم؛ فقد كان العراك الدائر بين حزبي الأشراف والعامة قد بلغ ذروته، وكانت هناك قوات مسلحة تحت قيادة كلوديوس
Clodius
تدافع عن الحزب الشعبي، وبقيادة ميلو
Milo
عن الحزب الأرستقراطي. وكانت كلها تجوس في شوارع المدينة وضواحيها محدثة الفزع والاضطراب بين الأهلين، تقتل وتفتك بالسكان الوادعين وتنهب وتسلب كيفما شاءت وحيثما وجدت ما يمكنها سلبه، فعمت الفوضى وساد الهرج والمرج ولم يعد المرء يحس بالطمأنينة أو الأمان على نفسه وأملاكه، وأضحت الخديعة والدس والتهديد أمورا شائعة عادية كما استحال عقد الاجتماع السنوي لانتخاب القنصلية والوظائف الأخرى للجمهورية.
وكان في مقدور بومبي العظيم وكان الوحيد من الحكام الثلاثة المقيم في روما، أن يكبح جماح الشعب ويخمد الفوضى العامة، ولكن يبدو أنه كان راضيا عن تلك الحال رغبة في أن يستدعى للإنقاذ.
وفي خلال عام 53ق.م. اقترح تريبون شعبي أن يمنح الدكتاتورية ففشل اقتراحه بسبب معارضة كاتو
Cato ، أما ليكينيوس كراسوس أحد الحكام الثلاثة فقد قتل في الحرب ضد البارثينيين
وكان قيصر مشغولا في إخماد ثورة فركنجتوريكس
Vercingetorix .
وفي بداية عام 52ق.م. أجلت في روما انتخابات القنصلية ومضت مدة خلا فيها العرش من ملك. وفي الطريق الذي يربط روما بلانوفيوم
Lanuvium
تقابلت عصابة ميلو الذي كان يريد الحصول على القنصلية لنفسه مع عصابة كلوديوس وكان يدس له جهرا فتم اللقاء عند بوفيلاي
Bovill ae
وقتل كلوديوس، فحمل أنصاره جثته إلى روما، وأقاموا له في الفورم كومة من الحطب من مقاعد وأثاث مجلس الشيوخ نفسه.
ولتهدئة الثورة التي قامت بعد ذلك، أعطى السناتو القنصلية لبومبي في نهاية شهر فبراير، فتسلم المنصب الجديد دون أن يعاونه أحد، وهكذا وضع القائد جهرا على رأس الحزب الخاص بمجلس الشيوخ المعارض لقيصر.
وفي نفس الوقت بدأ بومبي يجند في إيطاليا لحسابه ، أما الحزب الشعبي فقد درس جيدا خطط بومبي - وقد كان هذا الحزب يؤيد قيصر - فاتهم بومبي بأنه يتوق إلى أن يصير دكتاتورا؛ ولذا اضطر في الخمسة الشهور الأخيرة من قنصليته أن يطلب معاونة حميه كونتوس ميتيلوس سكيبيو
Q. Metellus Scipio ، ولكي يقضي على حركاته الخفية بعد أن صار عدوا له علانية، طالب قيصر عن طريق الترابنة بالقنصلية الثانية، وكان طلبه هذا يقول إنه في العشر السنوات التي لا بد وأن تنقضي قانونا بين القنصليتين الأولى والثانية، يجب أن يسمح له بترشيح نفسه دون أن يتنازل عن حكمه لغاليا، ودون أن يحضر هو شخصيا إلى روما كالمعتاد في ذلك الحين. ولم يلحظ أحد في بادئ الأمر أن طلب قيصر هذا كان معناه المطالبة بامتداد حكمه في غاليا، وأنه كان يرمي إلى القضاء على الخطة المدبرة ضده؛ ولذلك فاز بتأييد كل من بومبي وشيشرون.
ولما فطن بومبي إلى الشرك الذي نصبه له منافسه، حاول إلغاء موافقته له، وفي العام التالي اقترح القنصل ماركوس كلاوديوس ماركيلوس
M. Glaudius Marcellus
على مجلس الشيوخ دون إثارة أية جلبة، أن يستدعي قيصر من غاليا حتى يمنع من استخدامه الامتياز الذي حصل عليه، كما صمم في الوقت ذاته أن تسحب حقوق المواطن الروماني التي منحها قيصر للمستعمرين في كومو، فحاول قيصر أن يأخذ الأصوات على اقتراحات ماركيلوس وقايض على النفوذ الذي كان له مع زميله سولبيكيوس روفوس
Sulpicius Rufus ، وأهم من كل شيء حصل على معارضة التريبون جيوس سكريبونيوس كوريو
C. Scribonius Curio
بعد أن استماله إليه بالرشوة. وبحث الموضوع في العام التالي في عهد قنصلية أيميليوس ليبيدوس
Aemilius Lepidus
وجيوس كلاوديوس ماركيلوس. فاقترح كوريو أن يجرد قيصر من حكم بلاد الغال على أن يجرد بومبي من حكم إسبانيا في نفس الوقت. فلما جمعت الأصوات على هذا الاقتراح صدق عليه في حالة قيصر فقط، وهنا رفض التريبون أن يصدق على الاقتراح. وهكذا أنقذ قيصر.
وبعد أن أخضع قيصر الشعر، أسرع في الشتاء إلى غاليا كيسالبينا حيث هرع إلى استقباله جميع البلديات والمستعمرات في موكب وحفل عظيمين، فأقيمت الزينات في جميع الطرقات والميادين العامة التي مر بها قيصر كما زينت المنازل التي على جوانبها كما كان يفعل في الإجازات والعطلات والأعياد، وخرج إليه الأهلون زرافات ووحدانا يصفقون ويهللون ويهتفون، وينحرون الذبائح إجلالا له، فأولمت الولائم في الميادين والمعابد. ولما رأى قيصر محبة الشعب له، اعتمد عليه في كسب المعركة التي أوشك أن يدخلها مع بومبي.
واحتج مجلس الشيوخ بأن البارثينيين يهددون ولاية سوريا الرومانية، فأمر بومبي وقيصر أن يتنازل كل منهما عن كتيبة كي ترسل إلى الشرق. وعندئذ طالب بومبي قيصر بالكتيبة التي كان قد أعطاها له منذ عامين، وهكذا وجد قيصر نفسه مطالبا بكتيبتين احتجزهما بومبي في إيطاليا بدلا من إرسالهما ليحاربا ضد البارثينيين. كما أن جالبا
Galba
مرشح قيصر للقنصلية لعام 49ق.م. قد هزم في الانتخابات، فكان هذا باعثا للأرستقراطيين ليغتبطوا ويفرحوا جذلا. وفضلا عن ذلك فقد رأى قيصر أن الساعة قد حانت، وكان قد نصب معسكره في رافينا
Ravenna
فأرسل في نهاية عام 50ق.م. إنذارا إلى روما قرئ في مجلس الشيوخ في أول يناير سنة 49ق.م. فلم تقبل الشروط التي عرضها للصلح.
وفي اليوم السابع من شهر يناير أعطيت للقناصل قوى كاملة للدفاع عن الجمهورية، واعتبر قيصر عدوا للدولة. فقام عراك علني، بل قامت حرب أهلية أخليت بسببها روما، كما وضعت حدا نهائيا للنظام الأرستقراطي وجعلت قيصر الدكتاتور الدائم أي الرئيس. وفي اليوم الحادي عشر من شهر يناير عبر الروبيكون
Rubicon
وسار إلى روما ففر منها جميع القناصل والحكام، في الثامن عشر من نفس الشهر، في إثر بومبي الذي كتب له ألا تطأ قدمه هذا المكان مرة ثانية.
وفي إبان الحوادث التي وقعت في الثلاثة الشهور الأولى من عام 49ق.م. منح قيصر حقوق المواطن الروماني للغاليين المقيمين بين نهر البو وجبال الألب. أما البلديات الجديدة التي أنشئت في هذه المنطقة فقد أعطيت لإحدى القبائل التي كان المواطنون الرومانيون قد قسموا إليها. وهكذا منحت فيرونا
Verona
لبوبليليا
، وبرسكيا
Brescia
وبادوا
لفابيا
Fabia
التي كانت قبيلة قيصر. أما مانتوا فقد أعطيت لقبيلة ساباتينا
Sabatina .
30
ولا نعرف تماما ما فعله فرجيل عندما وصل إلى روما، ولا إلى متى بقي فيها. ويؤكد لنا بروبوس أنه أتم دراسته لعلم البلاغة تحت إشراف أعظم الأساتذة.
31
وكان إبيديوس
Epidius
واحدا منهم. ويقال إن أوكتافيوس الصغير ابن خال قيصر ووارثه، كان رفيقه في المدرسة.
32
ويقول لنا سويتونيوس إن إبيديوس الذي اشتهر بمحاضراته النابية قد أسس مدرسة كان من بين تلاميذها ماركوس أنطونيوس
Marcus Antonius
وأوغسطس
Augustus . وقد يكون هذا حقيقيا.
ويقول دوناتوس أيضا إن فرجيل قد جد في دراسة علم البلاغة، وإنه قام ذات مرة يدافع عن قضية في المحكمة وكان يعوزه الاستعداد إلى الخطابة وفصاحة اللسان التي يمتاز بها المحامون كما يقول ميليسوس
Melissus ،
33
ولكنه لم يعد يفعل ذلك مرة ثانية.
ولهذا السبب لم يكن الوقت ملائما للخطابة؛ فقد كانت الأسلحة تتفوق على الشملة، وكان شيشرون نفسه أمير الفصاحة اللاتينية يعد العدة ليودع الفورم ويكرس نفسه للفلسفة كي يجد فيها عزاء لآلامه وأحزانه. فهذا الهجران الذي اضطر إليه الخطيب المفوه العظيم، على مضض، بدافع الضرورة القصوى، قد تقبله الشاعر الصغير ببشاشة وعن طيب خاطر؛ إذ إن صدى الأنغام في روحه، كان يزداد حلاوة وجمالا كلما قل سماعه لثرثرة المتضلعين في البلاغة. وعاد مسرورا إلى موانئ الحكمة الإنسانية الهادئة بفضل تعاليم أبيقور
Epicurus
الوديع الذي كان يقوم بتفسير فلسفته في روما سيرو
Siro
34
العظيم.
أما عن كون سيرو معلم فرجيل في الفلسفة، فيخبرنا به فوكاس
35
وسرفيوس
Servius
36
وفيلارجيريوس
37
ودوناتوس.
38
ويقول شيشرون أيضا إنه في عام 50ق.م. تقريبا، كان سيرو يعلم الفلسفة الأبيقورية بنجاح في روما، ويقدمه لنا هو وفيلوديموس
قائلا إنهما «أفضل الناس وأعلمهم».
39
أما القول بأن فرجيل بعد أن تلقى دروسه في مدارس البلاغة أخذ يتردد على مدرسة أو أكثر من مدارس الفلسفة العديدة التي افتتحها الإغريق المتعلمون في روما، ولا سيما المدرسة الأبيقورية لسيرو وفيلوديموس، فليس قولا محتملا فحسب بل ومحتملا جدا. وهكذا يمكننا أن نقبل شهادة بروبوس بأن فرجيل كان يتبع عقيدة أبيقور.
40
أما أنه كان أبيقوريا بمعنى الكلمة فهذا زعم النحويين الذين لا يتفقون مع بعضهم بصدد هذه النقطة.
وهناك أدلة قوية تساعدنا على الاعتقاد بأنه بدأ يشعر بأن الفلسفة الأبيقورية ليست سوى تفسير غير شاف للعالم والحياة رغم ما كان يكنه لها دائما من الإعجاب الزائد بها وبشاعرها. وينشأ هذا الزعم أولا وقبل كل شيء من تفسير أغنية سيلينوس
Silenus
في الأنشودة السادسة، ولبعض فقرات في منظومات الزراعة حيث تتكون الأبيقورية من ذكريات عن لوكريتيوس.
41
ويحتمل أن يكون المفسر المجهول «لحياة» دوناتوس قد فهم خيرا مما فهم القدماء وبعض العلماء المحدثين، موقف فرجيل من الفلسفة؛ لأنه يلاحظ أن الشاعر يقبل في أعماله مبادئ فلاسفة مختلفين، وأنه يظهر ميله قبل كل شيء إلى أفلاطون.
42
ويؤكد دوناتوس أن من بين دراسات فرجيل الأخرى، دراسته للطب والعلوم الرياضية بوجه خاص، ولم يكن شأن هاتين المادتين في ذلك الوقت منفصلا تمام الانفصال عن الفلسفة كما هو الحال الآن، بل كانتا تعتبران جزءين منها. ولو كانت العلوم الرياضية تتضمن علم الفلك، فإن شهادة فرجيل تقول إنه درس فلسفة الطبيعة أيضا، وهناك ما يدل على ذلك في كتاباته،
43
ودون أن نقبل الفكرة المبالغ فيها التي تقول إن القدماء شربوا من منهل حكمته،
44
يمكننا أن نلمس أن شعره قد تغذى على تعليم جاف كما هو الحال مع الشعراء الرومان الآخرين خلا لوكريتيوس الذي يدين إليه فرجيل كثيرا جدا بعد هوميروس. ويظهر أنه هو الشاعر الوحيد الذي حفظ فرجيل إنتاجه عن ظهر قلب، فتجلت آثاره بوضوح في إنتاجه الشخصي.
وقد درس فرجيل الشعر اللاتيني دراسة مستفيضة جيدة فألم بخواصه ابتداء من إينيوس
Ennius
45
إلى كاتولوس
Catullus .
46
وكان ثيوكريتوس
Theocritus
47
و أبولونيوس روديوس
Apollonius Rhodius
48
من بين الشعراء الإغريق المحببين إلى نفس فرجيل بعد سادة الإغريق العظام ولا سيما هوميروس.
إذن فالقول بأنه بدأ ممارسة كتابة المنظومات الشعرية في سن مبكرة يؤيده ما يذكره كتاب تاريخ مشاهير الرجال. ويعتقد من مادتها أنها منظوماته الصغرى؛ ولذلك يجب ألا نصدر حكمنا عليها إلا على ضوء إيماننا بمدى صحة نسبتها إليه؛ فهذه المنظومات في حد ذاتها برهان قاطع على أنه كتب كثيرا في سنواته الأولى. أما عن المهارة الفنية التي تتوفر في الأشعار الفرجيلية الموثوق بها، فلا يمكن الوصول إليها إلا بعد مراس طويل لازب. ولقد اضطربت حياة فرجيل باندلاع نار الحروب الأهلية، غير أننا نفتقر إلى دليل مقنع على أنه اشترك في النزاع الذي قام بين قيصر وبين بومبي. أما المنازعات الأخيرة التي قامت بادئ ذي بدء بين حكومة الرجال الثلاثة وبين بروطس
Brutus
وكاسيوس
Cassius
ثم نشبت بعدئذ بين أوكتافيانوس
Octavianus
وأنصار أنطونيوس؛ فقد جرفته هو وعائلته إلى حافة الخراب؛ إذ إن تعبئة جيوش جرارة كان معناه في ذلك الوقت ضرورة العثور على أرض تكفي لإقامة الجنود، على أن تكون هذه الأرض في إيطاليا بالذات؛ إذ لم يكن الاستعمار وراء البحار شائعا مستساغا. فلما انتهت موقعة فيليبي
احتل أوكتافيانوس كريمونا، وسمح لجنوده المحنكين بالإقامة فيها، ولما كانت هذه المنطقة لا تكفي حاجة الجند، فقد اقتطع بدافع الضرورة الماسة جزءا كبيرا من مقاطعة مانتوا كانت تقع فيه ضيعة فرجيل نفسه.
ولا يعرف تماما ما حدث بعد ذلك، ولكي نعرف شيئا ما؛ يجب أن نعتمد أولا وقبل كل شيء على أناشيد الرعاة
Eclogues
وما قيل بصددها من تفسيرات قديمة أو حديثة. ففي أولى أناشيد الرعاة هذه التي توخى فرجيل أن يجذب إليها الأنظار فصدر بها المجموعة، يسعى عبد يدعى تيتيروس
Tityrus
إلى الحصول على الحرية بعد انقضاء سنوات عدة، ويشجعه على ذلك أنه أصبح يملك رقعة من الأرض تكفيه وتفيض عن حاجته، في حين أن جيرانه من حوله يطردون من ضيعاتهم. ويفسرون هذا فيقولون إن تيتيروس هذا هو فرجيل نفسه، وإن الإله الذي طمأنه على أرضه هو أوكتافيانوس الذي توسط في مصلحة فرجيل.
وفي الأنشودة التاسعة للرعاة، يفشل مينالكاس
Menalcas
الفلاح الشاعر في إقناع ألفينوس فاروس
Alfenus Varus
المنوط بتقسيم أراضي مانتوا، أن يعفيه من التقسيم، وكان غائبا في مهمة مجهولة وربما كانت دعوى أخرى، فضاعت عليه ضيعته، غير أن هناك تفسيرا آخر يقول إن مينالكاس هو فرجيل. وإن الذي حدث يمثل الخطوة الأولى في الموضوع. ونقول الخطوة الأولى لأن الأنشودة الأولى بما فيها من لهجة الشكر الحماسية وروح الاطمئنان والاستقرار، تعتبر دون أي شك الخطوة الأخيرة التي أراد الشاعر أن يؤكدها ويظهرها. ولا يحل لنا هذا، تلك الصعوبة القائمة من جراء تسمية فرجيل نفسه باسمين مختلفين، ليبدو في أحدهما حرا وفي الآخر عبدا. ولو كان فرجيل قد استخدم اسما مقتبسا من الشعر الإغريقي الرعوي، ما كان يثير دهشتنا؛ بل كنا نقول إن هذا أمر كان شائعا في ذلك الوقت. والأمر الوحيد الذي يمكننا أن نقطع به واثقين؛ إذ يستحيل أن نكون قد أتينا به من تفسير زائف للأناشيد، بل استوفيناه دون شك من مصدر آخر، هو أن ضيعة فرجيل آلت إلى جندي طرد فرجيل عنوة معرضا حياته للخطر.
49
وباختصار، إن الشيء المعقول هو أن فرجيل لا يشير إطلاقا إلى محنه الشخصية في أنشودة الرعاة الأولى، وأن تيتيروس وصديقه ميليبويوس
Meliboeus
ليسا إلا من ملاك الأراضي الصغار، وأن المنظر عبارة عن مرعى جبلي في مكان ما في النجود القائمة فوق مقاطعة مانتوا بالذات. وقد جمع فيها ميليبويوس قطيعه، وأخذ يدفعه أمامه ليبيعه قبل أن يقوم بحركة الهجرة، بينما كان تيتيروس، الذي ذهب ليرى سيده في روما ويعطيه المال الذي ادخره ليبتاع حريته، من أسعد أصحاب الأطيان الذين يملكون أو يحتلون أرض مينكيو المجاورة لمانتوا نفسها.
وتشير الأنشودة التاسعة إلى فرجيل وبعض المحاولات الفاشلة التي قام بها ليحث ألفينوس فاروس على أن يستبقي أهل مانتوا بقدر الإمكان، ولكن فاروس بدلا من أن يفعل شيئا من هذا القبيل، استحوذ على الأراضي بمختلف قيمها، وربما كان هذا ما قام أوكتافيانوس بإصلاحه وترميمه والأخبار السارة التي وصلت آذان تيتيروس في روما.
لا ريب في أن أناشيد الرعاة هي التي أكسبت فرجيل ذلك الصيت الذائع، وجذبت إليه اهتمام مايكيناس
Maecenas
وزير أوكتافيانوس المشرف على شئون الدعاية، وكان هذا المنصب يتفق وحبه الخاص للأدب، وسرعان ما أضحى فرجيل أحد الكتاب البارزين الملتفين حول هذا النصير الذي شاع اسمه في اللغة اللاتينية واللغات الحديثة كمشجع للأدب والفن.
ولا يعرف بالضبط متى كتبت أناشيد الرعاة، ولكن يمكن تحديد ذلك على وجه التقريب، فإن من يدعى بروبوس يقول لنا مرتين مؤيدا أسكونيوس
Asconius
الرجل الحجة، إن فرجيل كتبها أو قل نشرها عندما كان في الثامنة والعشرين
50
من عمره، ولكن هذا قول بعيد عن المنطق لا يمكننا أن نأخذ به لأن فرجيل بلغ الثامنة والعشرين عام 42ق.م. في حين أن الأنشودة الرابعة تشير إلى حوادث وقعت في عام 40ق.م. فلا بد إذن أن بروبوس قد أساء فهم أسكونيوس، ولا بد أن الأخير كان يقصد أن العمل بدأ في هذا العام؛ لأن هذا معقول للغاية، كما أننا إذا أخذنا بقول دوناتوس أن التأليف دام ثلاث سنين،
51
كان معنى ذلك أنه بدأ كتابة أناشيد الرعاة في عام 42ق.م. وفرغ منها في عام 39ق.م.
على أن مؤلفات فرجيل هي خير دليل على مدى سعة اطلاعه مما يجعله جديرا بلقب
doctus
أي «العلامة»، ذلك اللقب الذي كانت تتوق إليه نفس كل واحد من شعراء عصره. وهناك فقرة جميلة في منظومته الزراعية
52
تشرح لنا مدى حبه وإعجابه الزائد بالدراسة العلمية والفلسفية، وتظهر في الأينيذة
Aeneid ، وخاصة في أحاديث الكتاب الرابع، ما يتمتع به من تضلع في علم البلاغة؛ مما كان له أكبر الأثر وأعمقه في أدب العصر التالي لعصره.
ويبدو أنه عاد إلى وطنه ثانية ليكمل دراسته، وتنسب إليه بعض المنظومات منها «كيريس»
Ciris ، وهي قصة تحول سكيلا
Skylla
ابنة الملك الميجاري إلى طائر، ومما لا شك فيه أن هذه المنظومة من تأليف شاعر كان يحاول محاكاة فرجيل وكاتولوس. ومنها «الكاتالبتون»
Catalepton ، وهي عبارة عن أربع عشرة قطعة شعرية قصيرة من الوزن المفعولي والرثائي كتبت في مناسبات مختلفة، بعضها حقيقي والبعض الآخر وهمي. أما «الكوليكس»
Culex
أي «البعوضة»؛ فيعتقد أن فرجيل كتبها في السادسة عشرة من عمره، وتخلو من كل طلاوة شعرية، وتعتبر أتفه ما كتب أو نسب إلى فرجيل. و«الديراي»
Dirae
عبارة عن منظومتين رعويتين يطلق على إحداهما الاسم العام «ديراي». وهي مجموعة لعنات حدثت لفقدان ضيعة على إثر حركة الطرد والنفي التي وقعت في عام 41ق.م. ويطلق على الثانية اسم «ليديا»
Lydia
وكلها نحيب على حب مفقود. وكلاهما يفتقر إلى الدليل على أنها من شعر فرجيل، أو حتى من تأليف النحوي فاليريوس كاتو
Valerius Cato
التي نسبت إليه أيضا، ومنها أيضا «الموريتوم»
Moretum ، وهي الوحيدة التي قد يرى المرء ضرورة نسبتها إلى فرجيل لما تمتاز به من صفات وسجايا، غير أنهم لا يقرون نسبتها إليه، وتستمد اسمها من نوع من الكوامخ (السلاطة) أعده الفلاح سيميلوس
Simelus
من الجبن والأعشاب بعد طحنها جيدا وعجنها وتشكيلها بشكل كرة يتغذى بها في الصباح المبكر. ولا يذكر في المنظومة عدا ذلك غير استيقاظه المبكر وطحنه بعض القمح ثم خبزه بمساعدة عجوز زنجية شمطاء كانت تشرف على تدبير سائر أمور منزله.
أما المنظومة السادسة التي تنسب إليها فاسمها «الكوبا»
Copa
أو «صاحبة الضيافة»، وكانت ترقص وتغني أمام حانتها وتدعو المارة إلى الدخول ليرفهوا عن أنفسهم في الحديقة الصغيرة الخلفية، وهذه المنظومة الأخيرة مكتوبة بالوزن الرثائي.
ولا نعلم أن فرجيل بدأ يمارس الشعر بصفة جدية إلا في عام 42ق.م. بعد هزيمة بروطس وكاسيوس في موقعة فيليبي، وانتقال العالم الروماني إلى أيدي أوكتافيانوس وأنطونيوس و ليبيدوس
Lepidus .
ومنذ ذلك الوقت أقام فرجيل في روما أو نابولي يتمتع بكرم وصداقة الإمبراطور، وساهم في الحلقة المختارة من الشخصيات البارزة التي كان الأديب العظيم مايكيناس حليف عصره يجمعها حوله في قصره فوق تل الإسكويلين
Esquiline ، كما لبى رغبة مايكيناس
53
فألف أربعة كتب عن الزراعة كتبها في الفترة التي بين عام 37ق.م. وعام 30ق.م. ثم أهداها إليه. ولا يعرف عن حياة فرجيل غير القليل، ولكن ما من شك في أنه هو الذي قدم هوراتيوس
54
إلى مايكنياس،
55
كما نحظى أحيانا في كتابات هوراتيوس بلمحات عنه ولا سيما وصف رحلته الشهيرة إلى برونديسيوم
Brundisium
عندما انضم إلى حزب مايكنياس في سينويسا
Sinuessa ، كما يضعه أخوه الشاعر هو وبلوتيوس
وفاريوس
Varius
في عبارة خالدة بين «أنقى الأرواح وأعز الأصدقاء فوق الأرض»،
56
وفي مناسبة أخرى ينتهز هوراتيوس فرصة ظعنه في جولة خلال ربوع بلاد الإغريق فيكتب قصيدة يتوسل فيها السماح له بأن يقود السفينة التي تحمل مثل هذا الثقة العزيز كي تصل سالمة إلى شواطئ إيطاليا، وبذا «تصان نصف حياته».
57
يعلن فرجيل في السطور الأولى من منظومته الزراعية الثالثة عن عزمه على كتابة موضوع أكثر سموا، وإنتاج قطعة حماسية وطنية عظيمة يكون محورها أوغسطس، ويقال إن الإمبراطور نفسه كتب إليه من إسبانيا في سنة 27ق.م. يشجعه على نشر تلك المنظومة في الوقت الذي كان قد فرغ فيه من كتابتها، تلك المنظومة التي صرح بروبرتيوس
58
بعد عام أو عامين أنها «شيء أعظم من الإلياذة».
59
وبينما كان فرجيل مشغولا بتأليفها عام 23 ق.م. مات ماركيلوس
Marcellus
وارث أوغسطس المنتظر؛ فصدر فرجيل الكتاب بفقرة شهيرة
60
يصفه فيها. ويقولون إنه عندما ألقى الشاعر هذه الفقرة في حضرة أوكتافيا
Octavia ، أمه الثكلى، أغمي عليها.
61
وفي عام 20ق.م. زار بلاد الإغريق، وقابل أوغسطس عندما كان عائدا من ساموس
Samos
في أثينا، فعاد معه إلى الوطن، ولكن صحته الضعيفة لم تتحمل مشقة السفر، فمات في برونديسيوم في الثاني والعشرين من شهر سبتمبر سنة 19ق.م. ودفن في نابولي عن جانب الطريق المؤدي إلى بوتيولي
، كما نقش على قبره ما يشير إلى محل ميلاده ودفنه وإلى مواضيع منظوماته الثلاث العظيمة.
62
كان فرجيل على سعة عظيمة من الاطلاع تقرأ أشعاره في كل مكان، فلعبت مؤلفاته الدور الذي لعبته مؤلفات هوراتيوس؛ فصارت كتبا مدرسية مقررة
63
وتولاها عدد كبير من النقاد بالنقد، كما علق عليها بعض اللغويين ومن أشهرهم أولوس جليوس
Aulus Gellius
في القرن الثاني، وماكروبيوس وسرفيوس في القرن الرابع. كما أن المسيحيين الأوائل كانوا ينظرون إليه باحترام لما تحويه الأنشودة الرابعة من نبوءة بمولد فتى هو المسيح نفسه. فكانوا يبجلونه لا على أنه أعظم الشعراء الإيطاليين؛ بل على أنه شبيه بالقديسين. ولم ير دانتي
Dante
ضيرا في المجاهرة بأن فرجيل سيده ومرشده في العالم السفلي. وكان فرجيل عند الشعب بمثابة الساحر، وربما كان مرد ذلك إلى ما ورد في الأينيذة السادسة من وصفه للسبيلي
Sibyl
والعالم السفلي.
يجب أن نتذكر جيدا عندما نتأمل كتابات فرجيل، أن الشعر الروماني باستثناء الساتير مأخوذ كله عن الشعر الإغريقي. فهاك تيرينس
Terence
64
يقلد ميناندر
Menander
65
ولوكريتيوس إمبيدوكليس
Empedocles ،
66
وهوراتيوس ألكيوس
Alcaeus
67
و سافو
Sappho
68
وبروبرتيوس كاليماخوس
Callimachus ،
69
وهكذا فرجيل في أناشيده هذه يحاكي ثيوكريتوس. وفي منظوماته الزراعية يحاكي هسيود
Hesiod ،
70
وفي أينيذته هوميروس. وإن جماعة القراء المهذبين الذين يكتب لهم فرجيل قد يعزفون معرضين عن منظومة لا تترنم بغير الهمة الوطنية، ولا تمتثل بإحدى المنظومات التي اعتبرت نموذجا للتفوق الأدبي، فقد كانوا يتلذذون من أي إصدار جديد موفق لأي عبارة إغريقية؛ إذ كان هذا بمثابة «البطارخ للقائد»، مثلما يحيا فريق من الأدباء الإنجليز أحيانا عن رضا غريب على فقرات من ملتون
Milton ،
71
تتطلب معرفة تامة باللغة اللاتينية حتى يتذوقوها. كما أن هوراتيوس في منظومته عن الشعر (سطر 268)، قد سن قانونا رأى الجميع أنه يسري على جميع الشعراء في أنحاء المعمورة كلها:
ادرسوا النماذج الإغريقية وتأملوها ليل نهار.
72
ويخبرنا سينيكا
Seneca
73
أن فرجيل لم يقتبس من الإغريق ليسرق، بل ليحاكي جهرا.
74
وأناشيد الرعاة منقولة إلى حد كبير من ثيوكريتوس وهو أول من كتب أناشيد رعوية في النصف الأول من القرن الثالث قبل الميلاد، ورغم أنه ولد في كوس
Cos
وأقام بعض الوقت في الإسكندرية، فقد أمضى معظم حياته في صقلية التي تشتهر بحياتها الرعوية وبحياة سكانها الطبيعية؛
75
لذلك كان جل أناشيده الرعوية وصفا للحياة الريفية في شكل حوار درامي. أما منشؤها فمرده إلى حب الموسيقى والأغاني الذي نما وظهر على اليسر والسعادة من جراء وجود الشاعر في مناخ جنوبي،
76
وعلى المباريات الغنائية والأناشيد الارتجالية التي كانت أمرا عاديا في أعياد القرى وخاصة بين أفراد الشعب الدوري، فأنتجت في صقلية ملاهي إبيخارموس
Epicharmus
77
وتقليدات سوفرون
Sophron .
78
وبالرغم من كون أناشيد ثيوكريتوس هي النموذج الذي حاكاه فرجيل في أناشيده الرعوية؛ فإنها تخالفها في ناحية ظاهرة تماما؛ فأناشيد ثيوكريتوس تطابق الطبيعة ومناظرها حقيقية وشعراؤها مخلوقات بشرية، في حين أن أناشيد فرجيل قطع فنية إلى حد كبير، لا ترتبط مناظرها بمكان معين، فهي تارة إيطالية وطورا صقلية وتارة أخرى أركادية. ورعاتها دائمو التنكر، فأحيانا ينتحلون شخصية فرجيل، فهو مثلا تيتيروس في الأنشودة الأولى، ومينالكاس في الأنشودتين التاسعة والعاشرة، وأحيانا شخصية جالوس أو قيصر، فهو دافنس في الأنشودة الخامسة، كما فرض العرف على الطبيعة، فبدلا من أن ينتج الشعر الرعوي عن الحياة الريفية بسائر مفاتنها وما فيها من بعض الخباء؛ أضحى صورة من الفن يتلاعب فيها الشاعر طالما أنه قروي، فيحاول أن يجذب اهتمام مواطنيه بأن يصور لهم عالما ريفيا مثاليا.
بيد أن كل ما هو عرفي للغاية يكون جميلا للغاية، فإن جمال أناشيد فرجيل أمر لا جدال فيه. وهناك حقيقة لا مفر من الاعتراف بها وهي أن أناشيده كثيرا ما اقتبس منها، وهذا برهان له وزنه وقيمته على ما تتمتع به من جمال؛ فقد كتب بوب
«أناشيده الرعوية» وهو في السادسة عشرة من العمر من فرط إعجابه بها. ويقول إنه كتب أنشودته «المسيح» ليحاكي فرجيل في «بوليو»
ويردد كوليريدج
Coleridge
ووردزورث
Wordsworth
ما يجري على لسان هوراتيوس من وصف مجيد لفرجيل. وهناك أيضا تشارلس فوكس
Charles Fox
الذي لم يكن قط من المتضلعين في الأدب أو من لهم كلمة فيه، ولكنه كان بعد أن يتزعم مناقشة في مجلس العموم ويقامر في بروكس
Brooks
حتى الصباح، يحاول أن ينعش نفسه قبل ذهابه إلى الفراش بقراءة أناشيد فرجيل الرعوية. ويقول ماكاوليه
Macaulay
79
إنه يفضل منظومات فرجيل الزراعية على الأينيذة، وأناشيد الرعاة على منظومات الزراعة، وإنه يتوج الأنشودتين الثانية والعاشرة بتاج الغار والنصر.
غير أنه يبدو أن فتوى ماكاوليه هذه ليست من الحكمة في شيء؛ فالأنشودة تصف كيف خدع ضابط روماني يقاتل في الميدان، في حبه لممثلة. فتصور راع أركادي يبكي حظه أو يسري عن نفسه بالقنص مع الحوريات وسط الممرات البارثينية، فيصوب السهام الكيدونية من قوس بارثي، ولا ريب أن المهارة الفنية التي تتجلى في معالجة موضوع كهذا، تستوجب الإعجاب والاستحسان؛ فالجمال هنا قوي للغاية، ولا يمكن لجمال اللغة أن يخفي ما في المشهد من سمات فنية. كما أن القوة الشعرية التي تسيطر على الخيال هنا ليست من بنات أفكار فرجيل؛ لأنه يجرب قوته فقط؛ فأناشيد الرعاة تصور الواقع وتكسبه طابعا فنيا، أما منظوماته الزراعية فتصف الواقع وتخلق منه قصصا شعرية. فالأينيذة السادسة بما ورد فيها من وصف للعالم السفلي تجعل ما هو غير حقيقي حقيقيا، وتكسب الأرواح قوة الحق وجوهره؛ إذ إن تقدم القوة شيء ملموس. ويمكن للذين يرغبون إدراك هذا أن يقارنوا البكاء على دافنس أو شكوى جالوس بالألم المبرح الوارد في وصف الثور الميت في منظومة الزراعة الثالثة.
80
أو لهم أن يوازنوا بين أي أبيات من أنشودة الرعاة الرابعة وبين الفقرة التي تصف الاقتراب من الجحيم وما تمتاز به من بساطة هائلة في الأينيذة السادسة.
81
بيد أنه يحتمل أن تكون هذه الأنشودة هي خير أناشيد فرجيل المعروفة، هذا علاوة على أنها أفضل مثل يمكن ذكره لما تحظى به الكلمات السحرية من سيطرة على عقول البشر. وقد تركت هذه الأنشودة أثرا فريدا في نفس جمهور قرائها.
وقد كان وصف العصر الذهبي أو المناظر ذات البهجة المثالية من بين المواضيع التي يعكف الشعراء في بداية عهدهم على تناولها للتدرب على الشعر والتمكن منه. على أننا إذا استثنينا بهجة مدلول هذه الأنشودة وما تحدثنا به عن مقدم جيل أوفر سعادة بمولد صبي مقدس؛ لا تختلف كثيرا عما كتب الغير في هذا الموضوع؛ إذ الأنشودة في بعض أجزائها أقرب إلى القبح منها إلى الرفعة، ومن الصعب أن تقرأها دون أن تبتسم من رياض العصر الألفي السعيد، وكيف تزينها كباش بعضها قرمزي، وبعض آخر أصفر، وثالث يعلوه لون أرجواني جميل، في حين أنه إذا فحص المرء الأحد عشر بيتا الأخيرة، تلك الأبيات التي طار صيت جمالها إلى مسافات بعيدة، يرى أنها تعتمد كثيرا على ما فيها من كلمات مسجعة وتكرار فني، بينما تحير الأبيات الأربعة الأخيرة سائر النقاد خشية أن تكون هناك فكرة ما واضحة تخفيها نغمات موسيقاها العذبة.
ويجدر بنا أن نعتبر أناشيد الرعاة هذه دراسات قام بها أحد السادة العظام، فكشف فيها عن كثير من خصاله النادرة، إلا أنه لا يجوز لنا أن نضعها في مصاف إنتاج عبقريته التامة النضج، وإذا ما فعلنا ذلك بقي لنا أن نذكر أن بهذه الأناشيد متعة خاصة إذ إنها تبين مقدرة فرجيل الشعرية والأطوار المختلفة التي مرت بها.
فالأنشودتان الأولى والثانية من أناشيد الرعاة هما أول ما كتبه فرجيل، ولا شك في أنه كتبهما قبل الأنشودة الخامسة؛ لأن هذه الأخيرة تشير إليهما.
82
وهما صورتان طبق الأصل مما كان يكتبه ثيوكريتوس، وتتصف الأنشودة السابعة بنفس الطابع وكذلك الأنشودة الخامسة.
أما الأنشودة الرابعة فقد ثبت أنها كتبت في عام 40ق.م. لأنها تشير إلى قنصلية بوليو.
83
وتاريخ الأنشودة الثامنة هو صيف عام 39ق.م. عندما كان بوليو عائدا بعد انتصاره على البارثينيين،
84
وتمتاز هذه الأنشودة الأخيرة بأن موضوع نصفها الثاني ليس منقولا فحسب بل سبق أن قتل قتلا في الشعر القديم. ويحتمل أن تكون أناشيد الرعاة هذه قد نشرت مرتين، وأن تكون الأناشيد الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسابعة قد أرسلت إلى بوليو تتصدرها الأنشودة الثامنة كإهداء.
85
وفي هذه الحالة يكون موضوع الأنشودة مبكرا تماما، في حين أن الإهداء لم يكتب إلا في عام 39ق.م. وعلى أية حال فإن الأناشيد الأربعة الباقية تكون بدورها مجموعة قائمة بنفسها، وتمتاز عن البقية بأنها تتناول تجارب الشاعر الشخصية. أما الأنشودة العاشرة التي يقال إنها آخر ما كتب، فقد كتبها فرجيل سلوى لصديقه جالوس
Gallus ، ورغم ما فيها من مزايا فنية فهي تصور ملكات فرجيل الشعرية في أرفع صورة ممكنة، وتدور الأناشيد الأولى والسادسة والتاسعة حول ضيعته وكيف استرجعها.
ولا جدال في أن الأنشودة التاسعة منقولة عن ثيوكريتوس، وتتضمن دعوى مرفوعة إلى أعتاب فاروس مباشرة بطلب مساعدته،
86
فلما حظي بها أهداه الأنشودة السادسة شكرا له واعترافا بجميله، غير أن أغنية سيلينوس تبين رغبته في كتابة شيء يسمو على شعر الرعاة كما ورد ذكره في الأنشودة الرابعة.
وأخيرا يهجر فرجيل الشعر الرعوي الحق في الأنشودة الأولى ليتمكن تحت ستار الحوار بين شاعرين من تسجيل تاريخه. فلما استعاد ضيعته واطمأن عليها نراه يعبر عن شكره للإمبراطور، وزيادة في تبجيله يضع هذه الأنشودة في صدر المجموعة؛ ومن ثم يهديها كلها إليه.
بعد أن انتهى فرجيل من تأليف منظوماته الزراعية في عام 30ق.م. استغل الأحد عشر عاما الباقية من عمره في تأليف الأينيذة، وفي سنته الأخيرة قام برحلته إلى الشرق ليزور بنفسه بعض المشاهد التي استعرضها في أينيذته، ولكنه مرض في ميجارا
Megara
وقفل راجعا إلى إيطاليا، ولكنه مات كما سبق أن قلنا في برونديسيوم ولم يبلغ بعد الواحدة والخمسين من عمره. وكان فرجيل قد أثرى من كرم مؤيديه وأنصاره وخلف وراءه ضيعة كبيرة وبيتا فوق تل الإسكويلين بالقرب من حدائق مايكنياس. ولقد كان فرجيل رجلا محبا حسن الطبع لا يعرف الحسد أو الحقد.
ولقد وصف دوناتوس فرجيل فجعله طويلا أسمر، جاف المظهر. وكان فرجيل رجلا سعيدا في كل شيء غير صحته التي كانت دائما أبدا ضعيفة، ولقد آثر في أواخر أيامه أن يتجنب زيارة روما. وكان عديم الثقة في قواه الشعرية، إلا أنه تمتع بصيت عظيم إبان حياته. واشتهر أولا وقبل كل شيء بأنه شاعر حماسي استطاع أن يكشف الستار عن عظمة الإمبراطورية الرومانية، ولكن تفوقه الشعري وبعد صيته قاما أيضا على ما في شعره من كمال فني، وما يمتاز به من رقة وعشق للطبيعة، فليس هو بالشاعر الذي يدرك مصير روما فحسب؛ بل شاعر إيطاليا الساهر على جمالها وإخصابها، المتحدث عن ديانتها وعقائدها.
وتلعب الديانات دورا هاما في منظومات فرجيل، وتتجلى خاصة في الأينيذة، ولكن يقل ذكرها في منظومات الزراعة وأناشيد الرعاة. ويميل فرجيل إلى ترديد العقائد الرومانية القديمة ووصف الطقوس والأعياد الدينية. ويتجلى عطفه قبل كل شيء على وجهة النظر البدائية الروحانية للأرواح (
numina ) وربات المنازل والريف مثل لار
Lar
87
وبيناتيس
88
وفستا
Vesta
89
وجانوس
Janus
90
والفاوني
Fauni
91
وسيلفانوس
Silvanus .
92
غير أنه لا يهتم كثيرا بغير جوبيتر
Juppiter
93
وجونو
Juno
94
و فينوس
Venus
95
من بين الآلهة المتجسدين الإغريق والرومان. فمثلا استخدامه لأيولوس
Aeolus
96
وإيريس
Iris
97
ونبتونوس
Neptunus ،
98
ليس إلا استخداما زخرفيا لا يمت إلى الدين بصلة، ولكن جونو وفينوس تصوران مصير الإغريق والطرواديين المتضارب. فجوبيتر في نظره لا تحده فكرته في قدسية روما ومصيرها فحسب ، بل يمثل فكرة ضمنية توحيدية لحكم الدنيا المقدس. وهو لا يقول شيئا عن الطقوس الشرقية الواردة، ولا يتحدث عن سيبيلي إلا كربة أجنبية. أما معالجته لموضوع أرواح الموتى في الحياة الثانية في الأينيذة السادسة فعلاج مستوف زاخر بضروب التسلية، ففيها يجمع المعتقدات الشائعة عن حظ الأرواح وما يلحق الأشرار من عقاب عدا العقائد الأورفيوسية والرواقية عن تطهير الأرواح والعقائد الفيثاغورية عن تناسخها ولكن طابع الشاعر الديني يتجلى واضحا في اعتقاده الزائد في عنصر الحياة الروحي وشعوره العميق بالإنسانية المعذبة وبأولئك الذين يقاومون مصير روما مثل ديدو
Dido
99
وتورنوس
Turnus
100
وميزينتيوس
Mezentius
101
وإحساسه بقيمة العذاب الروحي.
ولقد أينعت شهرة فرجيل بعد مماته فاعتبروه ساحرا ونسبوا إليه قوى معجزة، وصار في مقدور المرء أن يعرف ما يضمره له المستقبل بمؤلفاته، وساد هذا الاعتقاد في تاريخ مبكر ومارسه الإمبراطور هادريان
Hadrian
نفسه، ويقال إن الملك شارلس الأول
Charles I
استمع إلى اقتراح لورد فالكلاند
Lord Falkland
ففتح الأينيذة الرابعة، فكان السطر الخامس عشر بعد الستمائة من حظه، وفيه تصب ديدو لعناتها على أينياس
Aeneas .
102
ولا يخفي الكتاب المسيحيون المبكرون ما يدور بأذهانهم من عراك بين إعجابهم بشعره وعدم إيمانهم بإلحاده.
ولا جدال في أن شهرة فرجيل قامت أيضا على أكتاف منظومته الزراعية التي أهداها إلى مايكينياس، فكانت أول ما كتب في هذا الصدد باللاتينية، وجاءت آية فنية من الشعر اللاتيني؛ إذ فيها يعالج الشاعر موضوع الزراعة الرومانية بفروعها الرئيسية الأربعة؛ فيتحدث في الكتاب الأول عن الحرث، ثم عن علم فلاحة البساتين في الكتاب الثاني. ويخص الثالث بتربية الماشية ويقصر الرابع على تربية النحل. فيعالجها جميعا كمن له دراية تامة بها ومعرفة شاملة بجميع تفاصيلها، ويكسبها فنا متقنا ناضجا وحماسا جميلا وجاذبية حلوة نحو الطبيعة. وتعتمد منظوماته الزراعية هذه على أشعار هسيود وأراتوس
Aratus ،
103
كما تبرهن أيضا على معرفة بكتاب الزراعة بالإضافة إلى خبرته الزراعية الشخصية.
وكان الشاعر ينوي أنه إذا مات قبل أن يتم أجزاء أينيذته، أن يلقي بما كتبه منها طعمة للنيران، ولكنه عدل في النهاية عن هذه الفكرة وآثر أن يتركها لصديقيه فاريوس روفوس
Varius Rufus
وبلوتيوس توكا
بشرط ألا ينشرا ما كتبه، ولكنهما اضطرا بأمر أوغسطس إلى إذاعتها على الملأ بعد مراجعتها مراجعة دقيقة، وحذف ما لا ضرورة منه دون أن يضيفا إليها شيئا.
وبالرغم من أن هذه المنظومة غير كاملة، فقد لقيت ترحيبا عظيما بمجرد ظهورها كمنظومة حماسية وطنية لا تقل قيمة عن منظومات هوميروس. ويعود هذا الترحيب والإعجاب إلى هدف المنظومة الوطني وما تحويه من تمجيد شعري لمنبت الشعر الروماني في مخاطرات أينياس مؤسس الشعب الروماني عن طريق خلفه رومولوس
Romulus ،
104
كما أنه بوجه خاص جد بيت الإيوليين
Iolians
الإمبراطوري عن طريق ابنه أسكانيوس
Ascanius
105
أو إيولوس
Iulus .
106
ولهذا السبب لم يفطن كثيرا إلى نقط الضعف بالمنظومة التي لا تظهر إلا في بعض أجزائها المتفرقة، والتي كان في الإمكان القضاء عليها لو أن مؤلفها قام بمراجعتها هو شخصيا قبل نشرها. ومما يستوجب الدهشة ويثير العجب ما أظهره الشاعر من فن عظيم في صوغ تلك المادة الغزيرة التي جمعها بصعوبة مما كتبه الإغريق والرومان نظما ونثرا، عدا روعة اللغة والوزن وجمال كثير في أجزائها المتفرقة. غير أنه لا يمكننا أن ننكر أن الأينيذة تقل عن منظوماته الزراعية من حيث الابتكار والكمال الفني.
وتنحصر محاولة فرجيل منافسة هوميروس، فقط في المحاكاة والتقليد، ولا يظهر هذا جليا في الأمثلة العديدة المنفردة فحسب بل وفي موضوع المنظومة كلها؛ إذ كان فرجيل يريد بشكل واضح أن يجمع مزايا الأوديسة
Oddesy
والإلياذة
Iliad
في عمل واحد، فيصف في الستة كتب الأولى من أينيذته رحلات أينياس، وفي الستة الباقية ما قام به من معارك في سبيل الحصول على عرش لاتيوم
Latium .
وبالرغم من كثرة أخطاء فرجيل التي وعت إليها العصور القديمة؛ فقد كان أكثر الشعراء الذين تقرأ لهم الأجيال والشعوب، وأكثر الشعراء المرموقين بالإعجاب والتقدير والاستحسان، وأكثر شعراء أمته شهرة وصيتا، فليس هناك كاتب آخر استطاع أن يترك أثرا كالذي تركه فرجيل في تهذيب الأدب واللغة الرومانية، ويسري هذا أيضا على النثر والشعر، فكما كان الحال مع أشعار هوميروس بين الإغريق، كذلك كانت أعمال فرجيل، ولا سيما الأينيذة، تستخدم في العصور المتأخرة لتدرس على أنها مصدر أساسي لتعليم النحو، ولقد حاكاها المؤلفون وخاصة بعض شعراء الحماس وفريق من التربيبيين.
الباب الثالث
أناشيد الرعاة
الأنشودة الأولى
تيتيروس
ميليبويوس :
أي تيتيروس، إنك تستلقي في ظل الشاطئ المترامي الأطراف، وتعزف لحن أغنية الأحراش بمزمار دقيق، بينما نحن نرحل عن حدود بلادنا ومروجها العزيزة، إننا منفيون عن بلادنا، أما أنت فتجلس في خمول بين الظلال تعلم الأحراش كيف تردد صدى الكلمتين «أماريلس الجميلة».
تيتيروس :
اعلم يا ميليبويوس أن أحد الآلهة قد منحني هذه الراحة؛ ولذلك سيكون عندي دائما بمثابة الإله، وسأريق على مذبحه أبدا دم حمل صغير من حملان حظائرنا. لقد أباح لثيراني أن ترعى كما ترى، وأباح لي أن أعزف ما يطيب لي بمزماري الخشن.
ميليبويوس :
لست أحسدك على ذلك، بل أعجب، فالفوضى تعم الحقول كلها من كل صوب إلى درجة عظيمة. انظر، فأنا نفسي لا أقوى على أن أسوق عنزاتي إلى الأمام، ولا أستطيع يا تيتيروس أن أدفع هذه العنزة أيضا؛ فقد وضعت توءمين في هذا المكان بين أشجار البندق الغليظة، فكانا أمل القطيع، ولكن تركتهما بكل أسف فوق الصخرة العارية. إني أذكر أن أشجار البلوط التي صعقتها السماء كثيرا ما تنبئني بهذا الشر إذا لم تكن قريحتي شاردة، ولكن خبرني يا تيتيروس، من هو إلهك هذا؟
تيتيروس :
كنت أعتقد بحماقتي، يا ميليبويوس، أن المدينة التي يسمونها روما تشبه بلادنا التي اعتدنا - نحن الرعاة - أن نسوق إليها نسل أغنامنا الهزيل. كما كنت أعلم أن الجراء تشبه الكلاب، والأطفال الأمهات، فتعودت بذلك على مقارنة الأشياء الكبيرة بالصغيرة، بيد أن هذه المدينة قد رفعت رأسها عاليا حقيقة بين المدن الأخرى، كما اعتادت أشجار السرو أن تفعل وسط أشجار الصفصاف البضة.
ميليبويوس :
وماذا كان هدفك الأكبر من رؤية روما؟
تيتيروس :
إنها الحرية التي رغم مجيئها المتأخر قد وقرت شخصي الكسلان، ورغم ازدياد بياض لحيتي كلما تخلصت منها، غير أنها قد بجلتني وجاءت بعد مرور زمن طويل، بعد أن فازت بي أماريلس وهجرتني جالاتيا. إنني أعترف بأني لم أكن آمل في الحرية في أثناء فوز جالاتيا بي، ولم أكن أهتم بنقودي المدخرة، وبالرغم من أن عدة ذبائح قد تركت حظائري، وقد ضغط كثير من الجبن الدسم لأجل المدينة ناكرة الجميل، فإن يمناي لم تعد مطلقا ثقيلة بالمال.
ميليبويوس :
كنت أدهش يا أماريلس، لم كنت تنادين الآلهة في حزن، ولمن تركت التفاحات معلقة في أشجارها، لقد كان تيتيروس بعيدا. لقد كانت أشجار الصنوبر هذه تناديك يا تيتيروس، وكذلك هذه النافورات والغابات.
تيتيروس :
وماذا كنت أفعل؟ لم يكن في استطاعتي أن أهرب من العبودية، ولم أكن أعرف آلهة رضية هكذا في أي مكان آخر. أما هنا فقد رأيت ذلك الفتى يا ميليبويوس، الذي من أجله يتصاعد الدخان من مذابحنا اثني عشر يوما كل عام. لقد كان أول من لبى طلبي في هذا المكان إذ قال «أطعموا ثيرانكم أيها الصبية كسابق عهدكم، ارعوا ثيرانكم.»
ميليبويوس :
يا لك من شيخ سعيد. إذن فستبقى حقولك ملكا لك، وهي تكفيك. وبالرغم من أن الصخر العاري والمستنقعات ذات الأعشاب الموحلة تغطي مروجك كلها، فلن يضير نعجاتك الحبالى طعام غريب، ولن تؤذيها عدوى خبيثة من قطيع مجاور.
ستحظى هنا أيها الشيخ السعيد، بين الأنهار المعروفة والنافورات المباركة، بالبرودة بين الظلال، فعلى هذا الجانب، كما جرت العادة دائما، سيحثك إلى النوم ذلك السياج القائم عند التخم الذي يجاور أزهار الصفصاف التي يتغذى بها النحل الهبيلي بطنينه الخافت، وعلى ذلك الجانب سيغني مهذب الكروم للنسيم تحت الصخرة العالية، ولكن في نفس الوقت لن يكف الحمام الخشبي الأجش، موضع عنايتك، ولا اليمام، عن القرقرة من فوق شجرة الدردار الشامخة.
تيتيروس :
إذن سرعان ما ستتغذى الغزلان الخفيفة في البحر ، وتلقى البحار بالأسماك عارية فوق الشاطئ. سريعا سيشرب البارثياني من الأرار، أو الجرماني من ثجرس. وقد هام كل على وجهه طريدا في مقاطعة زميله، ولن يغيب محياه عن قلبي.
ميليبويوس :
أما نحن، فسيشق بعض منا طريقه من هنا إلى الأفريقيين العطاش، وسيذهب البعض الآخر إلى سكيثيا وإلى أوكسيس السريع الجريان في كريت، وإلى بريتانيا المنعزلة عن العالم تماما.
أي، هل لي عندما أرى حدود بلدي بعد زمان طويل، وسقف كهفي الحقير المغطى بالكلأ، هل لي يوما ما عندما أشاهد مملكتي، أعجب من بعض السنابل الضئيلة. هل ستئول هذه الأراضي المحروثة جيدا إلى جندي ظالم؟ هل سيمتلك هذه المحصولات بربري؟ انظر إلى أي حال أودى الانحلال بالمواطنين البائسين! هل كنا نزرع حقولنا لهؤلاء الناس؟
ينبغي عليك الآن يا ميليبويوس أن تطعم أشجار الكمثرى وتزرع الكروم في صفوف. هيا عني يا عنزاتي، يا من كنت يوما قطيعي السعيد. عني فلن أراك أبدا راقدا في الكهف الأخضر وقد تدليت بعيدا عن إحدى الصخور المدغلة، ولن أنشد الأغاني، كما أنك يا عنزاتي، لن تقرضي البرسيم المزهر أو الصفصاف المر تحت إشرافي.
تيتيروس :
في مقدورك أن تستريح معي هنا هذه الليلة فوق الكلأ الأخضر، فعندي تفاحات ناضجات، وأبو فروة ناعم، وكمية كبيرة من الجبن. ها هي ذؤابات دور القرية تبعث دخانها الآن من بعيد، والظلال العظيمة تهبط من الجبال الشاهقة.
ECLOGA I
TITYRUS
M . TITYRE, tu patulae recubans sub tegmine fagi
silvestrem tenui Musam meditaris avena:
nos patriae finis et dulcia linquimus arva;
nos patriam fugimus: tu, Tityre, lentus in umbra
5
formosam resonare doces Amaryllida silvas.
T . O Meliboee, deus nobis haec otia fecit.
namque erit ille mihi semper deus, illius aram
saepe tener nostris ab ovilibus imbuet agnus.
ille meas errare boves, ut cernis, et ipsum
10
ludere quae vellem calamo permisit agresti.
M . Non equidem invideo; miror magis: undique tolis.
usque adeo turbatur agris. en, ipse capellas
protinus aeger ago; hanc etiam vix, tityre, duco.
hic inter densas corylos modo namque gemellos,
15
spem gregis, a! silice in nuda conoixa reliquit.
saepe malum hoc nobis, si mens non laeva fuisset,
de caelo tactas memini praedicere quercus.
sed tamen, iste deus qui sit, da, Tityre, nobis.
T . Urbem, quam dicunt Romam, Meliboee, putavi
20
stu’tus ego huic nostrae similem. quo saepe solemus
pastores ovium teneros depellere fetus.
sic canibus catulos similes, sic matribus haedos
noram, sic parvis componere magna solebam.
verum haec tantum alias inter caput extulit urbes,
25
quantum lenta solent inter viburna cupressi.
M . Et quae tanta fuit Roman tibi causa videndi?
T . Libertas, quae sera tamen respexit inertem,
candidior postquam tondenti barba cadebat,
respexit tamen et longo post tempore venit,
30
postquam nos Amaryllis habet, Galatea reliquit.
namque, fatebor enim, dum me Galatea tenebat,
nec spes libertatis erat, nec cura peculi.
quamvis multa meis exiret victima saeptis,
pinguis et ingratae premeretur caseus urbi,
35
non umquam gravis aere domum mihi dextra redibat.
M . Mirabar, quid maesta deos, Amarylli, vocares,
cui pendere sua patereris in arbore poma;
Tityrus hinc aberat. ipsae te, Tityre, pinus,
ipsi te fontes, ipsa haec arbusta vocabant.
40
T . Quid facerem? neque servitio me exire licebat
nec tam praesentis alibi cognoscere divos,
hic illum vidi iuvenem, Meliboee, quotannis
bis senos cui nostra dies altaria fumant.
hic mihi responsum primus dedit ille petenti:
45 “pascite, ut ante, boves, pueri; submittete tauros.”
M . Fortunate senex, ergo tua rura manebunt.
et tibi magna satis, quamvis lapis omnia nudus.
limosoque palus obducat pascua iunco.
non insueta gravis temptabunt pabula fetas,
50
nec mala vicini pecoris contagia laedent.
fortunate senex, hic inter flumina nota
et fontis sacros frigus captabis opacum.
hinc tibi, quae semper, vicino ab limite saepes
Hyblaeis apibus florem depasta salicti
55
saepe levi somnum suadebit inire susurro;
hinc alta sub rupe canet frondator ad auras:
nec tamen interea raucae, tua cura, palumbes,
nec gemere aëria cessabit turtur ab ulmo.
T . Ante leves ergo pascentur in aequore cervi,
et freta destituent nudos in litore pisces,
ante pererratis amborum finibus exsul
aut Ararim Parthus bibet aut Germania Tigrim,
quam nostro illius labatur pectore voltus.
M . At nos hinc alii sitientis ibimus Afros,
65
pars Scythiam et rapidum Cretae veniemus Oaxen
et penitus toto divisos orbe Britannos.
en umquam patrios longo post tempore finis,
pauperis et tuguri congestum caespite culmen.
post aliquot, mea regna videns, mirabor aristas?
70
impius haec tam culta novalia miles habebit,
barbarus has segetes? en quo discordia civis
produxit miseros: his nos consevimus agros.
insere nunc, Meliboee, piros, pone ordine vitis.
ite meae, quondam felix pecus, ite capellae.
75
non ego vos posthac viridi proiectus in antro
dumosa pendere procul de rupe videbo;
carmina nulla canam; non me pascente, capellae,
florentem cytisum et salices carpetis amaras.
T . Hic tamen hanc mecum poteras requiescere noctem
80
fronde super viridi: sunt nobis mitiea poma,
castaneae molles et pressi copia lactis;
et iam summa procul villarum culmina fumant
maioressque cadunt altis de montibus umbrae.
الأنشودة الثانية
ألكسيس
كان قلب الراعي كوريدون يشتعل حبا بألكسيس الجميلة، محبوبة سيده، ولم يكن يعرف ما يصبو إليه، وكان عزاؤه الوحيد أن يذهب كل يوم وسط أشجار الزان الغليظة ذات القمم العالية المظللة وينشد هذه الأغنيات العديمة الفن للتلال والأحراش وقد ألم به غرام مبرح:
أي ألكسيس القاسية، ألا تعيرين أغنياتي اهتماما؟ ألا تشفقين علي؟ إنك سوف تقودينني أخيرا إلى الموت. إن الماشية تراود الآن الظلال الباردة، حتى العظايات الخضراء تختفي الآن في الأجمات، وتطحن ثستيلس للحصادين، أعشابها من الثوم والسعتر الطعمين اللذين أتلفتهما شدة الحر اللافح، ولكنني كلما أنعمت النظر في آثار أقدامك ، تطن معي الأجمات التي تلفحها حرارة الشمس المحرقة، بصوت زير الحصاد الحاد، ألم يكن الأفضل تحمل غضب أماريلس الكئيب وترفعها المحتقر؟ أو مينالكاس، ولو أنه كان أسود بينما كنت أنا أبيض؟ أواه، أيها الفتى الجميل، لا تثق كثيرا في لون جلدك! إن الفاغيا البيضاء تسقط، أما العيسران الأسود فينتقى!
إنك تزدرينني يا ألكسيس، ولا تسألين من أنا، ولا مبلغ غناي بالماشية واللبن الذي في بياض الثلج، إن لي ألف حمل تجوس خلال تلال صقلية ولا يعوزني المزيد من اللبن صيفا أو شتاء.
إنني أغني كما اعتاد أن يغني أمفيون الدركي، عندما كان ينادي قطعانه التي ترعى فوق أراكينثوس الأتيكي لتبيت، كما أنني لست بشع الخلقة إلى هذا الحد، فمنذ عهد قريب رأيت وجهي في الماء وأنا على الشاطئ، وكان البحر هادئا ساكنا بفضل الرياح، ولو كنت قاضيا ما خفت دافنس
107
ما دامت المرآة
108
لا تكذب قط!
آه، أليس لك أن تعيشي معي في حقولنا الحقيرة وأكواخنا الوضيعة، نصيد الغزلان ونسوق قطيع العنزات إلى الخبازى الخضراء. وفي الغابات ستنافسين بان وأنت برفقتي.
إن بان هو الذي علم الإنسان أن يصنع مزمارا واحدا من عدة قصبات بالشمع، لأول مرة. فإنه يهتم بالأغنام وبرعاة الأغنام. فلا تندمي إن هيجت شفتيك بقصبة، وتعلمت نفس هذا الفن، فما هو الذي لم يفعله أمينتاس؟ إن عندي مزمارا من سبع قصبات من الشوكران غير متساوية، هدية منحنيها دامويتاس ذات يوم قائلا لي وهو يحتضر: «إنها تنادي بك الآن سيدا ثانيا.» هذا ما قاله دامويتاس، فدبت الغيرة وقتئذ في نفس أمينتاس الأحمق. وعلاوة على ذلك فقد وجدت غزالتين في واد خطر يذرو البياض جلودهما، وكانتا ترضعان أضرع نعجة مرتين في اليوم، وإنني لأحتفظ لك بهما. ولقد توسلت ثستيلس مرارا وتكرارا لتحصل عليهما مني، وأظن أنها ستنالهما إذ تبدو هداياي حقيرة لك.
تعال، أيها الصبي الجميل! انظر، هذي الحوريات تحضر لك أقفاصا مملوءة بالزنبق، وتقطف النياد الجميلة البنفسج الأصفر والخشخاش، وتخلط النرجس وحبة البركة الزكية الرائحة، ثم تفتلها بالقثاء الهندي وأعشاب أخرى حلوة، وتنمق العيسران الرقيق بالأقحوان الأصفر الذهبي، كل ذلك من أجلك، وسأجمع بيدي السفرجل الشاحب بزغبه الرقيق، وأبا فروة الذي تحبه أماريلس. وسأضيف كذلك البرقوق الشمعي؛ إذ ستحظى هذه الفاكهة بمجدها أيضا. وسأقطعك أيضا يا أغصان الغار، وأنت يا أغصان أشجار الآس، يا جاراتها ستدمجان العبير الجميل في وضعكما هذا.
أي كوريدون، إنك فظ! فإن ألكسيس لا تهتم بالهدايا، ولن يستسلم أيولاس لو باريته بالهدايا. واحسرتاه، واحسرتاه، ما هذه الرغبة التي كانت عندي أيها الشقي؟ أيها الأحمق، لقد سمحت للريح الجنوبية أن تدخل إلى أزهاري، وللخنازير أن تلج ينابيعي البلورية! آه، أيها الأحمق، ممن تهرب؟ فحتى الآلهة تسكن الأحراش، وكذا باريس الدرداني. دع بالاس تقطن بنفسها في المدن التي شيدتها، ولكن دع الأحراش تكون غبطتي الرئيسية! إن اللبؤة الكئيبة المنظر تقتفي أثر الذئب، والذئب العنزة، والعنزة الجائعة البرسيم المزهر. أما كوريدون فيتبعك يا ألكسيس. كل ينساق وفق ميله. انظر، ها هي الثيران تجر المحراث إلى البيت وهو معلق بالنير، والشمس المرتدة تضاعف الظلال المتطاولة، ولكن الحب ما زال يحرق فؤادي، أليس من حد لهذا الحب؟ آه يا كوريدون، كوريدون، أي جنون ألم بك؟ إن كرمتك لم تشذب غير نصفها فوق شجرة الدردار المورقة. بلى، لم لا تشرع على الأقل في جدل شيء تتطلبه حاجتك بالأغصان والحلفاء اللدنة؟ ستحظى بألكسيس أخرى إذا احتقرتك هذه!
ECLOGA II
ALEXIS
Formosum pastor Corydon ardebat Alexim,
delicias domini; nec quid speraret habebat.
tantum inter densas, umbrosa cacumina, fagos
adsidue veniebat. ibi haec incondita solus
5
montibus et silvis studio jactabat inani: 'O crudelis Alexi nihil mea carmina curas?
nil nostri miserere? mori me denique coges.
nunc etiam pecudes umbras et frigora captant,
nunc virides etiam occulant spineta lacertos,
10
Thestylis et rapido fessis messoribus aestu
allia serpyllumque herbas contundit olentes;
at mecum raucis, tua dum vestigia lustro,
sole sub ordenti resonant arbusta cicadis.
nonne fuit satius, tristes Amaryllidis iras
15
atque superba pati fastidia? nonne Menalcan,
quamvis ille niger, quamvis tu candidus esses?
o formose puer, nimium ne crede colori;
alba ligustra cadunt, vaccinia nigra leguntur.
despectus tibi sum, nec qui sim quaeris, Alexi,
20
quam dives pecoris, nivei quam lactis abundans:
mille meae Siculis errant in montibus agnae;
lac mihi non aestate novum, non frigore defit.
canto, quae solitus, si quando armenta vocabat,
Amphion Dircaeus in Actaeo Aracyntho.
25
nec sum adeo informis: nuper me in litore vidi,
cum placidum ventis staret mare; non ego Daphnim
judice te metuam, si nunquam fallit imago.
O tantum libeat mecum tibi sordida rura
atque humiles habitare casas, et figere cevos,
30
haedorumque gregem viridi compellere hibisco,
mecum una in silvis imitabere Pana canendo.
plures
instituit, Pan curat oves oviumque magistros.
nec te paeniteat calamo trivisse labellum:
35
haec eadem ut sciret, quid non faciebat Amyntas?
est mihi disparibus septem compacta cicutis
fistula, Damoetas dono mihi quam dedit olim
et dixit moriens: 'te nunc habet ista secundum:’
dixit Damoetas, invidit stultus Amyntas.
40
praeterea duo nec tuta mihi valle reperti
capreoli, sparsis etiam nunc pellibus albo;
bina die siccant ovis ubera: quos tibi servo.
iam pridema me illos abducere Thestylis orat;
et faciet, quoniam sordent tibi munera nostra.
45
huc ades, o formose puer: tibi lilia plenis
ecce feruat Nymphae calathis; tibi candida Nais,
pallentes violas et summa papavera carpens,
narcissum et florem iungit bene olentis anethi;
tum casia atque aliis intexens suavibus herbis
50
mollia luteola pingit vaccinia caltha.
ipse ego cana legam tenera lanugine mala
castaneasque nuces, mea quas Amaryllis amabat;
addam cerea pruna: honos erit huic quoque pomo,
et vos, O lauri, carpam et te, proxima myrte,
55
sic positae quoniam suaves miscetis odores.
rusticus es, Corydon: necmunera curat Alexis,
nec, si muneribus certes, concedat lollas.
heu heu! quid volui misero mihi? floribus austrum
perditus et liquidis inmisi fontibus apros.
60
quem fugis, a, demens? habitarunt di quoque silvas
Dardaniusque Paris. Pallas quas condidit arces
ipsa colat: nobis placeant ante omnia silvae.
torva leaena lupum sequitur, lupus ipse capellam,
florentem cytisum sequitur lasciva capella,
65
te corydon. o Alexi: trahit sua quemque voluptas.
aspice, aratra iugo refernut suspensa iuvenci,
et sol crescentes decedens duplicat umbras:
me tamen urit amor: quis enim modus adsit amori?
a Corydon, Corydon, quae te dementia cepit?
70
semiputata tibi frondosa vitis in ulmo est.
quin tre aliquid saliem potius, quorum indiget usus,
viminibus mollique paras detexere iunco?
inveniens alium, si te hic fastidit, Alexim.’
الأنشودة الثالثة
بالايمون
مينالكاس :
خبرني يا دامويتاس، قطيع من هذا؟ أهو لميلبيويوس؟
دامويناس :
كلا، إنه لأيجون وقد تركه في رعايتي أخيرا.
مينالكاس :
أيتها الأغنام، أيها القطيع الدائم الشقاء إلى الأبد، بينما يتملق صاحبك نييراس مخافة أن تفضلني عليه، يحلب هذا الحارس الآكاري الأغنام مرتين في الساعة، وبذا يسرق ماء الحياة من القطيع، واللبن من الحملان.
دامويتاس :
لا تنس ألا تقذف بمثل هذا السباب قوما أكثر تدبيرا.
مينالكاس :
أظن عندما رأوني أقطع أشجار وكروم ميكون الحديثة النبت بمنجل شرير.
دامويتاس :
أو هنا بجانب الشاطئ العتيق عندما حطمت قوس وسهام دافنس، لقد حزنتما يا مينالكاس المتمرد ، عندما أبصرتما هذه الأشياء تعطى للصبي، وكدت تموت إن لم تلحق به أي أذى بأي سبيل.
مينالكاس :
وماذا يستطيع أن يفعل أصحاب الأملاك وقد بلغ اللصوص شأوا عظيما من الجرأة؟ ألم أرك يا أسوأ الناس طرا تكمن لتسرق عنزة دامون وقد نبح ليكسكا نباحا عاليا، وعندما صرخت منذرا قائلا: «إلى أين يجري ذلك الرجل؟» «اجمع قطيعك يا تيتيروس.» اختبأت وراء الحلفاء.
دامويتاس :
ماذا تقول، ألا يجب عليه، وقد غلبته في العزف أن يعطيني العنزة التي ربحها مزماري بألحانه؟ يجوز أنك لا تعرف ذلك، ولكن تلك العنزة من حقي، وقد تنازل عنها لي دامون نفسه، ولكنه قال إنه لا يمكنه أن يسلمني إياها.
مينالكاس :
هل تفوقت عليه في الغناء؟ أو هل كان لك يوما ما قصبة موصولة بالشمع؟ ألم تكن عادتك أيها الأحمق أن تفسد أغنيتك الحقيرة بقشتك الناعقة عند ملتقى الطرق؟
دامويتاس :
أتريد إذن أن يجرب كلانا ما يستطيع إنشاده؟ سأراهن بهذه البقرة كي لا ترفض، إنها تحلب مرتين وترضع عجلتين صغيرتين. خبرني بماذا تراهن على منافستي؟
مينالكاس :
لا أستطيع المراهنة برأس من القطيع، ففي البيت والد وزوجة أب قاسية يعدان القطيع مرتين في اليوم ويعد أحدهما الجداء كذلك، ولكنه طالما أنه يطيب لك أن تكون مخبولا، فسأراهن بما ستعرف أنت أنه شيء أعظم بكثير، سأراهن بكأسين من خشب الشاطئ، من صنع ألكيميدون المقدس، منقوش عليهما كرمة لدنة مطروحة بمخرطة ماهرة تكسو العناقيد المبعثرة بجانب اللبلاب الأصفر. وفي الوسط صورتا كانون و... من كان الآخر؟ الذي عين للناس بعصاه السموات برمتها وما هي فصول الحاصد والحارث والمعقوف الظهر؟ لم تمتد شفتي إليها حتى الآن ولكنني أحتفظ بهما.
دامويتاس :
لقد صنع لي ألكيميدون هذا، كأسين أيضا وأحاط مقبضيهما بالكنكر الناعم، ووضع أورفيوس في الوسط تتبعه الأحراش. لم أستعملهما بعد ولكني أدخرهما. ولو نظرت إلى بقرتي ما كان هناك حاجة لتمدح الكئوس.
مينالكاس :
لن تنجو مني اليوم أبدا، سأحضر إلى حيث تناديني، ولكن دعه فقط يصغي إلى هذا. صه، ها هو ذا بالايمون، إنه قادم إلينا، سأبذل كل جهدي ولسوف أجعلنك لا تتحدى أحدا بعد اليوم بصوتك هذا.
دامويتاس :
إذن هيا، إن كان عندك شيء، فلن أحجم، إنني لا أهرب من أحد. فقط، عليك أيها الجار بالايمون، أن تهتم بالأمر وتعيره أشد عنايتك، فإنه غاية في الأهمية.
بالايمون :
انشدا، ما دمنا نجلس سويا فوق الكلأ الناعم. فإن الحقول كلها والأشجار جميعها تحمل البراعم الآن، والأحراش مورقة، والفصل من أجمل ما يكون الآن.
ابدأ يا دامويتاس وأنت من بعده يا مينالكاس، ستنشدان بالتبادل فإن ربات الغناء يحببن أغاني التبادل.
دامويتاس :
سأبدأ بجوبيتر يا ربات الغناء، فكل شيء زاخر بجوبيتر، إنه يرعى الأرض ويهتم بأغنياتي.
مينالكاس :
أما أنا فيحبني فيبوس، إن فيبوس يجد هداياه دائما معي، من الغار والكنكر الجميل الأحمر.
دامويتاس :
تقذفني جالاتيا بتفاحة، فيا لها من مشاكسة، ثم تجري نحو الصفصاف وتود أن ترى أولا.
مينالكاس :
ولكن حبي أمينتاس يقدم لي نفسه عن طيب خاطر، حتى إن كلابي لم تعد تعرف ديليا.
دامويتاس :
لقد وجدت هدايا لحبي، لقد لاحظت بنفسي المكان الذي بنت فيه اليمامات عشها عاليا في الفضاء.
مينالكاس :
لقد فعلت ما أقدر عليه، فأرسلت إلى فتاي عشر تفاحات عسجدية قطفت من إحدى أشجار الغابة، وباكرا سأرسل إليه بعشر أخر.
دامويتاس :
أي، لكم كلمتني جالاتيا، وبأي كلمات تحدثت إلي، احملي بعضا منها أيتها الرياح العوالي إلى آذان الآلهة.
مينالكاس :
وما فائدة أنك لا تنبذني شخصيا في قلبك يا أمينتاس، إذا كنت عندما تصيد الخنازير، أحرس أنا الشباك.
دامويتاس :
أرسل إلى فيلس. يا أيولاس، فهذا يوم ميلادي، ومتى قدمت عجلا ذبيحة للمحاصيل، تعال إذن بنفسك.
مينالكاس :
أحب فيلس أكثر من غيرها؛ لأنها بكت عند رحيلي وانطلقت تقول ببطء «وداعا أيها الفتى الجميل، وداعا يا أيولاس.»
دامويتاس :
إن الذئب شر على الحظائر، والأمطار على الفاكهة الناضجة، والرياح على الأشجار، وغضب أماريلس علي.
مينالكاس :
إن الرطوبة مفيدة للحبوب، وأشجار التوت للجداء المفطومة، والصفصاف اللدن للقطيع الحامل وأمينتاس وحده لي.
دامويتاس :
إن بوليو يحب شعري رغم خشونته، فيا ربات الشعر البييريات أطعمن عجلا لأجل قارئكن.
مينالكاس :
إن بوليو نفسه يصنع أغنيات جديدة، أطعمن ثورا ينطح بقرنيه ويبعثر الرمال بحوافره.
دامويتاس :
ليت من يحبك يا بوليو، يصل إلى ما سره أنك قد وصلت إليه أيضا، تربة تخرج لبنا وعسلا ، وليت الدغل الشائك يحمل بلسما.
مينالكاس :
ليت من لا يمقت بافيوس، يحب أغنيتك يا مايفيوس وليته كذلك يضع النير على أعناق الثعالب، وليته يحلب التيوس.
دامويتاس :
أيها الصبيان، أنتم يا من تقطفون الأزهار والتوت النامي فوق الأرض، اهربوا من هنا فالثعبان البارد مختبئ في الكلأ.
مينالكاس :
لا تذهبي أيتها الأغنام بعيدا جدا، فلا خير في الثقة بالشاطئ. إن الكبش نفسه يجفف جزته.
دامويتاس :
يا تيتيروس، أبعد أغنامك التي ترعى بعيدا عن النهر، فسأغسلها جميعها في النبع بنفسي عندما يحين الوقت.
مينالكاس :
اجمعوا شتات أغنامكم أيها الغلمان؛ إذ لو وصل اللظى إلى اللبن كما حدث أخيرا، فلا فائدة من أن نعصر الضروع بأيادينا.
دامويتاس :
واأسفاه، واأسفاه، ما أشد نحول ثوري إلى الجلبان الغزير، والحب عينه هو خراب القطيع وسيده.
مينالكاس :
أما عن هؤلاء، فطبعا ليس الحب هو السبب، فهي تكاد تكون جلدا على عظم. إن عينا شريرة قد حسدت حملاني الصغار.
دامويتاس :
لو أخبرتني أين تمتد السماء أكثر من ثلاثة أذرع، جعلتك عندي بمثابة أبولو العظيم.
مينالكاس :
لو أخبرتني أين تنمو الأزهار المكتوب عليها أسماء الملوك أمكنك أن تحتفظ بفيلس لنفسك.
بالايمون :
لست أنا الذي سيفصل بينكما في مثل هذه المنافسة العظيمة. أنت تستحق البقرة كما يستحقها هو أيضا، وكل من سيهاب حلاوة الحب أو يذوق مرارته، أغلقا القنوات الآن يا هذان الصبيان فإن المروج قد أروت بما فيه الكفاية.
ECLOGA III
M . Dic mihi, Damoeta, cuium pecus? an Meliboei?
D . Non, verum Aegonis; nuper mihi tradidit Aegon.
M . Infelix o. semper oves pecus! ipse Neaeram
dum fovet ac ne me sibi praeferat illa veretur,
5
hic alienus oves custos bis mulget in hora,
et sucus pecori et lac subducitur agnis.
D . Parcius ista viris tamen obicienda memento. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
10
M . Tum, credo, cum me arbustum videre Miconis
atque mala vites incidere falce novellas.
D . Aut hic ad veteres fagos cum Daphnidis arcum
fregisti et calamos: quae tu, perverse Menalca,
et cum vidisti puero donata, dolebas,
15
et si non aliqua nocuisses, mortuus esses.
M . Quid domini faciant, audent cum talia fures?
non ego te vidi Damonis, pessime, caprum
excipere insidiis, multum latrante Lycisca?
et cum clamarem “quo nunc se proripit ille?
20
Tityre, coge pecus!” tu post carecta latebas.
D . An mihi cantando victus non redderet ille
quem mea carminibus meruisset fistula caprum?
si nescis, meus ille caper fuit; et mihi Damon
ipse fatebatur; sed reddere ppsse negabat.
25
M . cantando tu illum? aut umquam tibi fistula cera
iuncta fuit? non tu in triviis, indocte, solebas
stridenti miserum stipula disperdere carmen?
D . Vis ergo inter nos quid possit uterque vicissim
experiamur? ego hanc vitulam-ne forte recuses,
30
bis venit ad mulctram, binos alit ubere fetus-
depono: tu dic, mecum quo pignore certes.
M . De grege non ausim quicquam deponere tecum
est mihi namque domi pater, est iniusta noverca;
bisque die numerant ambo pecus, alter et haedos.
35
verum, id quod multo tute ipse fatebere maius-
insanire libet quoniam tibi-pocula ponam
fagina, caelatum divini opus Alcimedontis:
lenta quibus torno facili super addita vitis
diffusos hedera vestit pallente corymbos.
40
in medio duo signa, Conon et-quis fuit alter,
descripsit radio totum qui gentibus orbem,
tempora quae messor, quae curvus arator haberet?
necdum illis labra admovi, sed condita servo.
D . Et nobis idem Alcimedon duo pocula fecit,
45
et molli circum est ansas amplexus acantho,
Orpheaque in medio posuit silvasque sequentes;
necdum illis labra admovi, sed condita servo.
si ad vitulam spectas, nihil est quod pocula laudes.
M . Numquam hodie effugies; veniam quocumque vocaris.
50
audiat haec tantum-vel qui venit ecce Palaemon
efficiam, posthac ne quemquam voce lacessas.
D . Quin age, si quid habes, in me mora non erit ulla
nec quemquam fugio: tantum, vicine
sensibus haec imis-res est non parva-reponas.
55
. Dicite, quandoquidem in molli consedimus herba,
et nunc omnis ager, nunc omnis parturit arbos,
nunc frondent silvae, nunc formosissimus annus.
incipe, Damoeta; tu deinde sequere, Menalca.
alternis dicetis; amant alterna Camenae.
60
D . Ab love principium Musae: lovis omnia plena;
ille colit terras, illi mea carmina curae.
M . Et me Phoebus amat; Phoebo sua semper apud me
munera sunt, lauri et suave rubens hyacinthus.
D . Malo me Galatea petit, lasciva puella,
65
et fugit ad salices, et se cupit ante videri.
M . At mihi sese offert ultro, meus ignis, Amyntas,
notior ut iam sit canibus non Delia nostris.
D . Parta meae Veneri sunt munera: namque notavi
ipse locum, aëriae quo congesssere palumbes.
70
M . Quod potui, puero silvestri ex arbore lecta
aurea mala decem misi; cras altera mittam.
D . O quotiens et quae nobis Galatea locuta est!
partem aliquam, venti, divom referatis ad aures!
M . Quid prodest quod me ipse animo non spernis, Amynta,
75
si, dum tu sectaris apros, ego retia servo?
D . Phyllida mitte mihi: meus est natalis, lolla;
cum faciam vitula pro frugibus, ipse venito.
M . Phyllida amo ante alias: nam me discedere flevit,
et longum “formose, vale, vale,” inquit, “lolla.”
80
D . Triste lupus stabulis, maturis frugibus imbres,
arboribus venti, nobis Amaryllidis irae.
M . Dulce satis humor, depulsis arbutus haedis,
lenta salix feto pecori, mihi solus Amyntas.
D . Pollio amat nostram, quamvis est rustica, Musam:
85
vestro
M . Pollio et ipse facit nova carmina: pascite taurum,
iam cornu petat et pedipus qui spargat harenam.
D . Qui te, Pollio, amat, veniat quo te quoque gaudet;
mella fluant illi, ferat et rubus asper amonum.
90
M . Qui Bavium non odit, amet tua carmina, Maevi,
atque idem iungat vulpes et mulgeat hircos.
D . Qui legitis flores et humi nascentia fraga,
frigidus, o pueri, fugite hinc, latet anguis in herba.
M . Parcite, oves, nimium procedere: non bene ripae
95
creditur; ipse aries etiam nunc vellera siccat.
D . Tityre, pascentes a flumine reice capellas:
ipse, ubi tempus erit, omnes in fonte lavabo.
M . Cogite oves, pueri; si lac praeceperit aestus,
ut nuper, frustra pressabimus ubera palmis.
D . Heu heu! quam pingui macer est mihi taurus in ervo!
101
idem amor exitium pecori pecorisque magistro.
M . His certe neque amor causa est: vix ossibus haerent.
nescio quis teneros oculus mihi fascinat agnos.
D . Dic, quibus in terris-et eris mihi magnus Apollo
105
tres pateat caeli spatium non amplius ulnas.
D . Dic, quitus in terris inscripti nomina regum
nascantur flores; et Phyllida solus habeto.
. Non nostrum inter vos tantas componere lites.
et vitula tu dignus et hic, et quisque amores
110
aut metuet dulces aut experietur amaros.
claudite iam rivos, pueri: sat prata biberunt.
الأنشودة الرابعة
بوليو
هيا يا ربات الشعر الصقليات
109
ننشد أغنية أكثر سموا. إن الغابات والأثل الوضيع لا تسر الجميع. فإذا ما ترنمنا بالغابات، فلتكن الغابات تليق بقنصل.
إن عصر الأغنية الكيمونية الأخير قد أتى.
لقد ولد من جديد نظام عظيم من الأجيال.
إن العذراء
110
تعود الآن، ويرجع حكم ساتورن،
111
ويهبط جبل جديد الآن من السماء العالية. رفقا بالصبي عند مولده يا لوكينا
112
الطاهرة؛ إذ بمجيئه سينمحي العصر الحديدي ويشرق العصر الذهبي على ربوع العالم بأسره. إنه أبولو الذي يحكم الآن، وفي إبان قنصليتك، حتى هذه، يا بوليو، سيبدأ مجد هذا العصر ، وستبدأ الشهور العظيمة دورانها، وستتلاشى بقيادتك جميع معالم جريمتنا، وسيتخلص العالم من خوفه السرمدي.
ستكون له حياة الآلهة، وسيرى أبطالا مختلطين بالآلهة وسيرونه شخصيا بأعينهم، وسيتولى حكم عالم عاد إلى السلام بخصال أبيه الحميدة.
ستخرج لك الأرض يا ولدي باكورة غلتها دون عناء، ستخرج اللبلاب الشارد، وزهر الكشاتبين والبسلة المصرية مختلطة بالكنكر الباسم.
ستعود العنزات من تلقاء نفسها إلى البيت وأضرعها مملوءة باللبن، ولن تخشى الماشية الأسود الكبيرة، وسينتج لك المهد ذاته أزهارا ملاطفة، وسيفنى الثعبان وكذا العشب السام المخادع، وسينمو البلسم الأشوري في كل مكان.
بيد أنه حالما تستطيع أن تقرأ أعمال الأبطال الذائعي الصيت. وأفعال أبيك، وتقدر أن تدرك ماهية الفضيلة، سيبدو الوادي رويدا رويدا، أصفر بلون سنابل القمح المتموجة، وستدلى عناقيد العنب الحمراء من العوسج البري وستنتج أشجار البلوط الصلبة شهدا نديا.
غير أن بعض آثار جريمتنا القديمة ستظل قائمة، فتسوق الناس إلى عبور ثيتيس
113
على ظهر السفن، وإلى إحاطة المدن بالأسوار،
114
وإلى شق الأخاديد في التربة.
115
وسيكون هناك إذن تيفيس
116
آخر وأرجو أخرى لتحمل الأبطال المختارين. وستكون هناك كذلك حروب أخرى من جديد، وأخيل آخر عظيم يبعث إلى طروادة من جديد.
وعندما تصل إلى سن الرجولة وتصبح قويا، سيهجر التاجر نفسه البحر ولا تنقل السفينة الصنوبرية الخشب البضائع من مكان إلى مكان؛ لأن الأرض ستنبت كل شيء في جميع بقاعها.
ولن تعاني التربة آلام الفأس، ولن تشعر الكرمة بالمنجل المشذب. والآن كذلك سيخلص الفلاح القوي الثيران من النير، ولن يتعلم الصوف تزييف الألوان المتباينة، ولكن الكبش ذاته سيغير جزته في الحقول، تارة إلى اللون الأحمر القرمزي الجميل، وطورا إلى اللون الأصفر الزعفراني، وسيكسو الزنجفر من تلقاء نفسه الحملان وهي ترعى. «أسرعي أيتها الأجيال المباركة» هكذا قالت إلى مناولها ربات الحظ
117
المتفقات على قدر ثابت مرسوم «أشرع في أمجاد عظيمة» فستحين الساعة قريبا يا عزيز نسل الآلهة، يا سليل جوبيتر العظيم.
أنظر إلى الكون بقبته الهائلة، وإلى الأرض وعرض البحر، إلى أغوار السماء وكيف تهتز وتتزلزل، أنظر كيف تطرب سائر الأشياء بقدوم الجيل الجديد.
ليت الجزء الأخير من مثل هذه الحياة الطويلة يبقى لي، وما يكفي من الوحي لتقص أعمالك. عندئذ لن يتفوق علي في الغناء أورفيوس
118
التراقي، ولا حتى لينوس.
119
بيد أن الأم تساعد أحد الأبناء، والأب يساعد الآخر - تساعد كاليوبيا
120
أورفيوس، وأبولو الجميل يساعد لينوس. كذلك سيعترف بان بالهزيمة لو تبارى معي تحت حكم أركاديا.
121
ابدأ إذن أيها الفتى الصغير، أن تتلقى أمك بابتسامة. لقد أعيتها عشرة شهور طوال. ابدأ أيها الفتى الصغير، يا من يبتسم إليه والداه ولم يبجله رب بمنضدته ولا ربة بمخدعها.
ECLOGA IV
Sicelides Musae, paulo maiora canamus!
non omnes arbusta iuvant humilesque myricae;
si canimus silvas, silvae sint consule dignae.
ultima Cumaei venit iam carminis aetas;
5
magnus ab integro saeclorum nascitur ordo.
iam redit et Virgo, redeunt Saturnia regna;
iam nova progenies caelo demittitur alto.
tu modo nascenti puero, quo ferrea primum
desinet ac toto surget gens aurea mundo,
10
casta fave Lucina: tuus iam regnat Apollo.
teque adeo decus hoc aevi, te consule inibit,
menses;
te duce, si qua manent sceleris vestigia nostri,
inrita perpetua solvent formidine terras.
15
ille deum vitam accipiet divisque videbit
permixtos heroas, et ipse videbitur illis,
pacatumque reget patriis virtutibus orbem
at tibi prima, puer, nullo munuscula cultu
errantes hederas passim cum baccare tellus
20
mixtaque ridenti colocasia fundet acantho.
ipsae lacte domum referent distenta capellae
ubera, nec magnos metuent armenta leones.
Ipsa tibi blandos fundent cunabula flores.
occidet et serpens, et fallax herba veneni
25
occidet; Assyrium vulgo nascetur amomum.
at simul heroum laudes et facta parentis
iam legere et quae sit poteris cognoscere virtus,
molli paulatim flavescet campus arista,
incultisque rubens pendebit sentibus uva.
30
et durae quercus sudabunt roscida mella.
pauca tamen suberunt priscae vestigia fraudis,
quae temptare Thetim ratibus, quae cingere muris
oppida, quae iubeant telluri infindere sulcos.
alter erit tum Tiphys, et altera quae vehat Argo
35
delectos heroas; erunt etiam altera bella,
atque iterum ad Troiam magnus mittetur Achilles.
hinc, ubi iam firmata virum te fecerit aetas,
cedet et ipse mari vector, nec nautica pinus
mutabit merces: omnis feret omnia tellus.
40
non rastros patietur humus, non vinea falcem.
robustus quoque iam tauris iuga solvet arator;
nec varios discet mentiri lana colores,
ipse sed in pratis aries iam suave rubenti
murice, iam croceo mutabit vellera luto:
45
sponte sua sandyx pascentes vestiet agnos. 'talia saecla’ suis dixerunt 'currite’ fusis
concordes stabili fatorum numine
adgredere o magnos-aderit iam tempus-honores,
cara deum suboles, magnum lovis incrementum.
50
aspice convexo nutantem pondere mundum,
terrasque tractusque maris caelumque profundum:
aspice, venturo laetantur ut omnia saeclo.
o mihi tam longae maneat pars ultima vitae,
spiritus et quantum sat erit tua dicere facta,
55
non me carminibus vincat nec Thracius Orpheus,
nec Linus, huic mater quamvis atque huic pater adsit,
Orphei Calliopea, Lino formosus Apollo.
certet,
victum.
60
incipe, parve puer, risu cognoscere matrem;
matri longa decem tulerunt fastidia menses.
incipe, parve puer: cui non risere parentes,
nec deus hunc mensa, dea nec dignata cubili est.
الأنشودة الخامسة
دافنس
مينالكاس :
حيث قد تلاقينا يا موبسوس، وكلانا من الأخيار المجيدين، أنت في العزف على القصبات الرقيقة، وأنا في إنشاد الأشعار. فلماذا لا نجلس وسط أشجار الدردار هذه التي تختلط بأشجار البندق؟
موبسوس :
أنت تكبرني سنا يا مينالكاس، وجدير بأن أحترم آراءك، فمن اللائق أن أطيعك، وسيان عندي لو سرنا في الظلال التي تتغير بإشارة زفيروس، أو جلسنا بجانب الكهف. انظر، كيف كست الكرمة البرية الكهف بعناقيدها الشاردة.
مينالكاس :
ليس لك منافس بين تلالنا غير أمينتاس.
موبسوس :
وماذا يضير لو كان يباري فيبوس أيضا من أجل جائزة الغناء؟
مينالكاس :
فلتبدأ أولا يا موبسوس، إن كان عندك أية أغنيات عن نيران فيلس، أو في مدح الكون، أو في تعبير كوردوس. ابدأ، فسيحرس تيتيروس الجداء وهي ترعى.
موبسوس :
بلى، سأحاول غناء هذه الأبيات التي نقشتها في ذلك اليوم على شجرة الزان الخضراء ثم لحنتها موسيقيا معلما الكلمات واللحن كذلك، فهل تأمر أمينتاس بعدئذ أن يباريني!
مينالكاس :
إن أمينتاس يستسلم لك بقدر ما يستسلم الصفصاف اللدن للزيتون الشاحب، وبالقدر الذي تستسلم به القصبة الكلتية الحقيرة للفراشة الوردية القرمزية . بلى، لا تقل شيئا أكثر من ذلك أيها الصبي، لقد سرنا إلى داخل الكهف.
موبسوس :
لقد بكت الحوريات دافنس بعد أن اختطفته يد الموت الكريه - اشهدي على الحوريات يا أشجار البندق، وأنت أيتها الأنهار - وعندما أمسكت الأم جسد ابنها المسكين صرخت على شدة قسوة الآلهة والنجوم في تلك الأيام يا دافنس، لم يسق أحد الأبقار التي كانت ترتع إلى المجاري الباردة، ولم يذق حيوان من ذوات الأربع مياه جدول كما أنه لم يلمس ورقة من الحشيش. أي دافنس، إن الجبال الموحشة والأحراش تخبرنا أن الأسود الأفريقية قد بكت على موتك أيضا.
إن دافنس هو الذي علم الناس استئناس النمور الأرمينية تحت وطأة العربة، ومزاولة رقصات بكهوس ولف الأوراق اللينة حول السهام الصلبة. إنك وحدك تعطي المجد لقومك كما تعطي الكرمة المجد للأشجار، والعنبة للكروم، والثور للقطيع، والقمح للحقول الخصبة. فمذ خطفتك ربات الحظ، هجرت باليس نفسها حقولنا، وكذلك أبولو. فغالبا في الأخاديد التي عهدنا إليها بحبات الشعير الكبيرة، ينمو الزوان العديم الفائدة، وكذلك عيدان الشوفان العاقرة. فينمو الحسك والشوك الحاد الأسنة بدلا من البنفسج الناعم والنرجس البراق. انثروا الأوراق في المروج يا أيها الرعاة، وظللوا الينابيع فإن دافنس يطلب إليكم أن توفوه هذه الأمجاد، وابنوا له قبرا واكتبوا على القبر هذا البيت الشعري: «لقد كنت أنا دافنس معروفا بين الأشجار والأحراش، من هذا المكان إلى النجوم. لقد كان جميلا ذلك القطيع الذي كنت أحرسه، ولكنني أنا السيد، كنت أكثر جمالا.»
مينالكاس :
إن أغنيتك أيها الشاعر المبجل، تقع في نفسي موقع النوم على الكلأ في نفس من أنهكه التعب، وإرواء العطش في حر الصيف القائظ من ساقية دائرة بالماء العذب في نفس الظمآن. إنك لا تنافس سيدك في المزمار وحده، بل وفي الصوت أيضا. ستكون خليفته الآن أيها الصبي السعيد. ومع ذلك فسأنشد لك بدوري هذه الأغنية التي قد تكون ضعيفة إلا أنني سأرفع بها دافنس إلى النجوم، سأرفع دافنس إلى النجوم؛ فقد أحبني دافنس أيضا.
موبسوس :
أي هدية يمكن أن تكون في نظري أعظم من هذه؟ فليس الغناء نفسه جديرا بأن يستغنى به، ولكن ستيميخون قد قرظ لي أغانيك هذه منذ أمد بعيد.
مينالكاس :
يعجب دافنس بجماله الوضاح من عتبة السماء الشاذة، ويرى السحب والنجوم تحت أقدامه؛ لذلك يحل فرح مثمر على الأحراش وسائر أنحاء القطر. وعلى بان والرعاة والعذارى الدرياديات. لا يحيك الذئب كمينا للقطيع، ولا تنصب الشباك أفخاخا للغزلان. فإن دافنس الحنون يحب السلام، وتبعث الجبال نفسها مع الأحراش المشجرة أصواتها في فرح نحو النجوم. إن الصخور نفسها، والغابات ذاتها تردد هذه الأغنية «إنه إله يا مينالكاس، إنه إله.» كن غفورا ورحيما بنفسك! انظر، هاك أربعة مذابح - اثنان لك يا دافنس، واثنان لفيبوس! - سأقدم لك كل عام كأسين تفيضان باللبن الطازج، وكذا طاسين مملوءين بزيت الزيتون الثمين. ولكي أجعل العيد يزخر بالفرح والمرح، سأهتم أولا أن أصب، في الشتاء أمام الموقد وصيفا في الظلال، شراب الخمر الخياني الطازج، من الكئوس. وسيغني لي دامويتاس وأيجون الليكتياني، وسيحاكي ألفيسيبويوس الساتير الراقصة. «ستكون لك هذه الطقوس إلى الأبد، عندما نقدم نذورنا السنوية للحوريات، وعندما نطهر حقولنا، فطالما أن الخنزير يحب قمم الجبال، والأسماك الأنهار، وطالما أن النحل يتغذى بالسعتر، وزير الحصاد بالندى، سيبقى شرفك واسمك وأمجادك. وكما يوفي الفلاحون نذورهم لبكهوس وكيريس كل عام، سيوفون لك أيضا النذور سنويا. وستقيدهم أنت أيضا بنذورهم هذه.»
موبسوس :
بربك قل لي ماذا يمكنني أن أقدمه لك من الهدايا لقاء أغنية كهذه؟ فما من سحر كهذا يحدثه لي حفيف الريح الجنوبية التي تهب بنسيمها العليل، ولا تلاطم الأمواج على الشاطئ، ولا خرير المياه في الأنهار التي تنحدر إلى أسفل بين الأودية الصخرية.
مينالكاس :
سأمنحك هذه القصبة اللدنة أولا، فقد علمتني «كوريدن يتحرق شوقا من أجل ألكسيس الجميلة.» وقد علمتني أيضا «من يملك القطيع؟ أيملكه ميليبويوس؟»
موبسوس :
هل لك يا مينالكاس أن تتقبل عصا الراعي التي لم يفز بها أنتيجينيس رغم طلبها مني مرارا عدة، وكان يستحق حبي في تلك الأيام، إنها عصا حسنة ذات عقد وحلقة برنزية.
ECLOGA V
DAPHNIS
Me . Cur non, Mopse, boni quoniam convenimus ambo,
tu calmos inflare leves; ego dicere versus,
hic earylis mixtas Inter consedimus ulmos?
Mo . Tu maior; tibi me est aequom parere, Menalca,
5
sive sub incertas Zephyris motantibus umbras,
sive antro potius succedimus. aspice, ut antrum
silvestris raris sparsit labrusca racemis.
Me . Montibus in nostris solus tibi certat Amyntas.
Mo . Quid, si idem certet Phoebum superare canendo?
10
Me . Incipe, Mopse, prior, si quos aut Phyllidis ignes
aut Alconis habes laudes aut iurgia Codri.
incipe; pascentes servabit Tityrus haedos.
Mo . Immo haec, in viridi nuper quae cortice fagi
carmina descripsi et modulans alterna notavi,
15
experiar. tu deinde iubeto ut certet Amyntas.
Me . Lenta salix quantum pallenti cedit olivae,
puniceis humilis quantum saliunea rosetis,
iudicio nostro tantum tibi cedit Amyntas.
sed tu desine plura, puer; successimus antro.
20
Mo . Extinctum Nymphae crudeli funere Daphnim
flebant; vos coryli testes et flumina Nymphis;
cum complexa sui corpus miserabile nati
atque deos atque astra vocat crudelia mater.
non ulli pastos illis egere diebus
25
frigida, Daphni, boves ad flumina; nulla neque amnem
libavit quadrupes, nec graminis attigit herbam.
Daphni, tuum Poenos etiam ingemuisse leones
interitum montesque feri silvaeque loquuntur.
Daphnis et Armenias curru subiungere tigris
30
instituit, Daphnis thiasos inducere Bacchi
et foliis lentas intexere mollibus hastas.
vitis ut arboribus decori est, ut vitibus uvae,
ut gregibus tauri, segetes ut pinguibus arvis,
tu decus omne tuis. postquam te fata tulerant,
35
ipsa Pales agros atque ipse reliquit Apollo.
grandia saepe quibus mandavimus hordea sulcis,
infelix lolium et steriles nascuntur avenae;
pro molli viola, pro purpureo narcisso
carduus et spinis surgit paliurus acutis.
40
spargite humum foliis, inducite fontibus umbras,
pastores; mandat fieri sibi talia Daphnis,
et tumulum facite, et tumulo superaddite carmen: 'Daphnis ego in silvis, hinc usque aud sidera notus,
formosi pecoris custos, formosior ipse.’
45
Me . Tale tuum Carmen nobis, divine poeta,
quale sopor fessis in gramine, quale per aestum
dulcis aquae saliente sitim restinguere rivo.
nec calamis solum aequiperas, sed voce magistrum.
fortunate puer, tu nunc eris alter ab illo.
50
nos tamen haec quocumque modo tibi nostra vicissim
dicemus, Daphninque tuum tollemus ad astra;
Daphnin ad astra feremus: amavit nos quoque Daphnis.
Mo . An quicquam nobis tali sit munere maius?
et puer ipse fuit cantari dignus, et ista
55
iam pridem Stimichon laudavit carmina nobis.
Me . Candidus insuetum miratur limen Olympi
sub pedibusque videt nubes et sidera Daphnis.
ergo alacris silvas et cetera rura voluptas
puellas.
60
nec lupus insidias pecori, nec retia cervis
ulla dolum meditantur; amat bonus otia Daphnis.
ipsi laetitia voces ad sidera iactant
intonsi montes; ipsae iam carmina rupes,
ipsa sonant arbusta: 'deus, deus ille, Menalca.’
65
sis bonus o felixque tuis! en quattuor aras:
ecce duas tibi, Daphni, duas altaria
pocula bina novo spumantia lacte quotannis
craterasque duo statuam tibi pinguis olivi;
et multo in primis hilarans convivia Baccho,
70
ante focum, si frigus erit, si messis, in umbra
vina novum fundam calathis Ariusia nectar.
cantabunt mihi Damoetas et Lyctius Aegon;
saltantes Satyros imitabitur Alphesiboeus.
haec tibi semper erunt, et cum sollemnia vota
75
reddemus Nymphis, et cum lustrabimus agros.
dum iuga montis aper, fluvios dum piscis amabit,
dumque thymo pasccntur apes, dum rore cicadae,
semper honos nomenque tuum laudesque manebunt
ut Baceho Cererique, tibi sic vota quotannis.
80
agricolae facient; damnabis tu quoque votis.
Mo . Quae tibi, quae tali reddam pro carmine dona?
nam neque me tantum venientis sibilus Austri
nec percussa iuvant fluctu tam litora, nec quae
saxosas inter decurrunt flumina valles.
85
Me . Hac te nos fragili donabimus ante cicuta.
haec nos 'formosum Corydon ardebat Alexim,
haec eadem docuit 'cuium pecus? an Meliboei?’
Mo . At tu sume pedum, quod, me cum saepe rogaret,
non tulit Antigenes-et erat tum dignus amari-
90
formosum paribus nodis atque aere, Menalca.
الأنشودة السادسة
فاروس
في البدء حسبت ربات الشعر أنه يليق بها أن تلهو بشعر سيراكوزي، ولم تخجل ثاليا
122
من سكنى الأحراش، وعندما كنت أترنم بذكر الملوك والحروب، شد كينثيوس أذني وأوهن عزيمتي قائلا: «تيتيروس، للراعي أن يطعم أغنامه السمينة، ولكن عليه أن ينشد أغنية رقيقة.»
فاروس، حيث إنك ستحظى بعدد غير قليل ممن يرغبون في التغني بمدحك وتناول الحروب المحزنة، فسأنشد الآن أغنية ريفية على مزماري الرقيق. فإني لا أغني بدون استئذان.
بيد أنه إذا ما قرأ هذه الأبيات أيضا شخص محب، ستتغنى باسمك يا فاروس
123
طرفائي، كما ستغني الغابة كلها عنك. فلا أعز عند فيبوس من تلك الصفحة التي توجت باسم فاروس.
هيا أيتها الأخوات البييريات،
124
لقد شاهد الولدان خروميس ومناسيلوس، سيلينوس
125
راقدا في كهف وقد انتفخت شرايينه كالمعتاد بخمر الأمس، وبجانبه أكاليله وقد سقطت من على رأسه، وقدح الشراب وقد تدلى من مقبضه العتيق.
عندئذ اقترب منه الصبيان - لأن الشيخ كثيرا ما خدعهما وبخل عليهما بأغنية، فقيداه بسلاسل من أكاليله، وقدمت أيجلى وجعلت نفسها حليفة للولدين الخائفين وساعدتهما. أيجلى
126
ربة النهر الرائعة الجمال، فلطخت بعصير التوت الأحمر جبين وجبهة سيلينوس وكان قد استيقظ من نومه، فقال ساخرا من تلك الحيلة «إلى متى تفتلان السلاسل؟» «أطلقا سراحي يا هذان الصبيان، كفى أنكما استطعتما عمل هذا، فاسمعا الآن الأغنيات التي تطلبانها. سيكون جزاءكما الأغنيات، وسيكون لها جزاء من نوع آخر.»
حينئذ يبدأ الحكيم يغني، وايم الحق كان يمكنك أن ترى فاونوس والحيوانات المفترسة وهي تلهو وترقص على نغمات لحنه، وأشجار البلوط الصلبة تهز رءوسها طربا. إن الصخرة البرناسية
127
لا يطربها فيبوس كثيرا، ولا يعجب أورفيوس برودوبي
128
وإسماروس
129
كثيرا؛ فقد أنشد كيف أن العناصر الأولى للأرض والبحر والهواء والماء الناري
130
قد جمعت سويا في الفضاء العظيم، وكيف نشأت من هذه العناصر الأولى جميع الأصول، وكيف تحجرت وتصلبت الأرض الصغيرة السن في جميع أنحاء العالم، ثم كيف عكفت بعد ذلك على تحجير الكرة الأرضية وحجز نيريوس
131
في البحر، وكيف اتخذت سائر الأشياء أشكالها رويدا رويدا، وكيف تعجب الأرض الآن من الشمس الجديدة التي تشرق عاليا، وكيف تهطل الأمطار من السحب الشاهقة، ومتى تبدأ الغابة في الظهور، والحيوانات النادرة في التجول فوق الجبال التي لا تعرفها.
ومن ثم سيشير إلى الصخور التي ألقتها ببرها ،
132
وإلى حكم ساتورن، وإلى الطيور القوقازية وإلى سرقة بروميثيوس.
133
أضف إلى هذا، الينبوع الذي ترك عنده هيلاس
134
والبحارة تنادي عليه حتى دوى الشاطئ من أوله إلى آخره بصدى كلماتهم «هيلاس، هيلاس.»
ثم يعزي باسيفاي
135
في حبها لثور أبيض، باسيفاي السعيدة إن لم توجد القطعان، واحسرتاه أيتها العذراء الشقية، أي جنون أصابك؟ لقد ملأت بنات برويتوس
136
الحقول بزئيرهن الزائف، ولكن مع ذلك لم تسع واحدة منهن إلى ارتباط أحمق كهذا، في حين أنهن كن يخشين على أعناقهن من النير، وكثيرا ما سعين لتكون لهن قرون في جباههن الناعمة. واأسفاه أيتها العذراء الحمقاء، إنك الآن تهيمين على وجهك فوق الجبال بينما يريح ذلك الثور جانبه البارد كالثلج فوق الحلحل الناعم يرعى الكلأ الأصفر تحت شجرة السنديان القائمة. أو إنه يقتفي أثر إحدى بقرات القطيع الكبير. أغلقي أيتها الحوريات، يا حوريات ديكنى،
137
أغلقن سبل الغابة؛ فقد أبصرت آثار حوافر الثور الهائم، مصادفة. ومن يدري، فربما تسوقه بعض البقرات إلى حظائر جورتينا
138
وقد أغواها الكلأ الأخضر أو في إثر القطعان.
ثم يغني عن العذراء التي أذهلتها تفاحات الهسبيريديات.
139
وبعدئذ تحيط أخوات فايثون
140
بطحلب مر اللحاء وتقيمهن من الأرض أشجار حور رومي شامخة.
بعد ذلك ينشد كيف قادت إحدى الأخوات،
141
جالوس،
142
إلى الجبال الأونية،
143
وكان قد ضل الطريق بجانب أنهار برميسوس،
144
وكيف نهضت جوقة فيبوس
145
كلها أمام الرجل، وكيف خاطبه الراعي لينوس صاحب اللحن المقدس وقد توج شعره بالأزهار والبقدونس المر قائلا: «إن ربات الغناء يمنحنك هذه المزامير، صه، خذها فهي المزامير التي منحنها ذات يوم إلى شيخ
146
أسكرا، فاعتاد بغنائه عليها أن يجعل أشجار لسان العصفور تتبعه من أعلى الجبل إلى أسفله. فلتتغن بهذه المزامير عن مصدر غابة جرينيا
147
حتى يتباهى أبولو بهذه الغابة أكثر من غيرها.
ولماذا سأتحدث عن سكيلا،
148
ابنة نيسوس،
149
التي روت الأسطورة أنها أزعجت بوحوشها النابحة الملتفة حول خصرها الأبيض الناصع، السفن الدليكية،
150
ثم مزقت بكلاب بحرها البحارة المذعورين في دوامة عميقة الغور، وكيف وصف تغير أعضاء تيريوس، وأي الولائم والهدايا أعدتها له فيلوميلا،
151
وكيف هربت إلى الصحاري، وبأي أجنحة حلقت فوق بيتها، يا لها من تعيسة؟
لقد تغنى بجميع ما كان ينشده فيبوس ذات يوم وسمعت يوروتاس
152
السعيدة فأمرت أشجار الغار التي تملكها أن تحفظها عن ظهر قلب، عندئذ حملت صداها الوديان إلى النجوم العالية، وظل ينشد حتى أمر نجم المساء
153
أن تقاد الأغنام إلى حظائرها، ويحسب عددها ثم تقدم وسط سماء متذمرة.
ECLOGA VI
VARUS
versu
nostra neque erubuit silvas habitare Thalia;
cum canerem reges et proelia, Cynthius aurem
vellit et admonuit: “pastorem, Tityre, pingues
5
pascere oportet oves, deductum dicere carmen”
nunc ego namque super tibi erunt, qui dicere laudes,
Vare, tuas cupiant et tristia condere bella-
agrestem tenui meditabor arundine Musam.
non iniusa cano. si quis tamen haec quoque, si quis
10
captus amore leget, te nostrae, Vare, myricae,
te nemus omne canet; nec Phoebo gratior ulla est,
quam sibi quae Vari praescripsit pagina nomen.
antro
Silenum pueri somno videre iacentem,
15
inflatum hesterno venas, ut semper, laccho:
serta procul tantum capiti delapsa iaceban,
et gravis attrita pendebat cantharus ansa.
adgressi-nam saepe senex spe carminis ambo
luserat-iniciunt ipsis ex vincula sertis.
20
addit se sociam timidlsque supervenit Aegle,
Aegle, Naiadum pulcherrima, iamque videnti
sanguineis frontem moris et tempora pingit.
ille dolum ridens “quo vincula nectitis?” inquit. “solvite me, pueri: satis est potuisse videri.
25
carmina quae vultis cognoscite: carmina vobis,
huic aliud mercedis erit.” simul incipit ipse.
tum vero in numerum Faunosque ferasque videres
ludere tum rigidas motare cacumina quercus;
nec tantum Phoebo gaudet Parnasia rupes,
30
nec tantum Rhodope miratur et Ismarus Orphea.
Namque canebat, uti magnum per inane coacta
semina terrarumque animaeque marisque fuissent
et liquidi simul ignis; ut his exordia primis
omnia et ipse tener mundi concreverit orbis;
35
tum durare solum et discludere Nerea ponto
coeperit et rerum paulatim sumere formas;
iamque novum terrae stupeant lucescere solem
altius, atque cadant submotis nubibus imbres;
incipiant silvae cum primum surgere, cumque
40
rara per ignaros errent animalia montes.
Hinc lapides Pyrrhae iactos, Saturnia regna,
Caucaseasque refert volucres furtumque
his adiungit, Hylan nautae quo fonte relictum
clamassent, ut litus “Hyla, Hyla” omne sonaret;
45
et fortunatam, si numquam armenta fuissent,
iuvenci.
ah, virgo infelix, quae te dementia cepit?
agros,
at non tam turpes pecudum tamen ulla secuta est
50
concubitus, quamvis collo timuisset aratrum,
et saepe in levi quaesisset cornua fronte.
ah, virgo infelix, tu nunc in montibus erras:
ille latus niveum molli fultus hyacintho
ilice sub nigra pallentes ruminat herbas.
55
aut aliquam in magno sequitur grege. “claudite, Nymphae,
Dictaeae Nymphae, nemorum iam claudite saltus,
si qua forte ferant oculis sese obvia nostris
errabunda bovis vestigia; forsitan illum
aut herba captum viridi aut armenta secutum
60
perducant aliquae stabula ad Gortynia vaccae.”
Tum canit Hesperidum miratam mala puellam;
tum Phaethontiadas musco circumdat amarae
corticis, atque solo proceras erigit alnos.
tum canit errantem Permessi ad flumina Gallum
65
Aonas in montes ut duxerit una sororum,
utque viro Phoebi chorus adsurrexerit omnis;
ut Linus haec illi divino carmine pastor
floribus atque apio crines ornatus amaro
dixerit: “hos tibi dant calamos, en eccipe, Musae,
70
Ascraeo quos ante seni, quibus ille solebat
cantando rigidas deducere montibus ornos.
his tibi Grynei nemoris dicatur origo,
ne quis sit lucus, quo se plus iactet Apollo.”
Quid loquar, aut Scyllam Nisi, quam fama sectua est
75
candida succinctam latrantibus inguina monstris
Dulichias vexasse rates et gurgite in alto
ah! timidos nautas canibus lacerasse marinis:
aut ut mutatos Terei narraverit artus,
quas illi Philomela dapes, quae dona pararit.
80
quo cursu deserta petiverit, et quibus ante
infelix sua tecta supervolitaverit alis?
Omnia, quae Phoebo quondam meditate beatus
audiit Eurotas iussitque ediscere lauruos,
ille canit, pulsae referunt ad sidera valles,
85
cogere donec oves stabulis numerumque referri
iussit et invito processit Vesper Olympo.
الأنشودة السابعة
ميليبويوس
ميليبويوس :
حدث بالصدفة أن جلس دافنس تحت شجرة سنديان باسقة، بينما كان كوريدون وثيرسيس يسوقان قطيعيهما سويا - وكان مع ثيرسيس خرافه، ومع كوريدون عنزاته التي تعج أضرعها باللبن - وكلاهما في ربيع الحياة.
كانا أركاديين، وقد استعدا للنزال في الغناء، وكذا في الأخذ والرد.
كنت في ذلك المكان أحمي آساتي البضة من الصقيع، فتخلف تيس عن القطيع، وكان سيد القطيع بأسره، وإذا بي أرى دافنس الذي ما كاد يبصرني حتى صاح قائلا: «أسرع يا ميليبويوس، تعال إلى هنا ولا تخف على عنزاتك أو جديانك فإنها في أمان، وإذا كنت تستطيع التلكؤ قليلا، فاسترح بربك تحت الظلال، إلى هنا في هذه المروج ستسعى غزلانك من تلقاء نفسها لتشرب. هنا يزخرف مينكيوس
154
شواطئه الخضراء بالأعشاب الناضرة المتماوجة، وتتزاحم أسراب النمل التي تدوي في الفضاء بطنينها، من شجرة البلوط الجوفاء.»
ماذا كان عساي أن أفعل؟ لم يكن معي ألكيبي أو فيلس ليراقبا حملاني المسرحة حديثا أثناء سيرها إلى المبيت. وكانت المباراة - مباراة كوريدون ضد ثيرسيس - مباراة قوية، ومع ذلك اهتممت بمباراتهم قبل عملي، فشرع الاثنان يتباريان في أشعار المبادلة؛ إذ كانت ربات الفن يلذ لهن ترديد الأشعار المتبادلة. كان كوريدون يردد هذه، وثيرسيس تلك بدوره.
كوريدون: يا حوريات ليبثروم،
155
يا حبيباتي، هبنني أغنية كتلك التي وهبتنها لكودروس - إن القصائد التي يصنعها تقارب كثيرا قصائد فيبوس - أو إذا لم يكن في مقدرونا كلنا مثل هذه القوة، فسيتدلى مزماري المطرب، ها هنا على شجرة الصنوبر المقدسة.
ثيرسيس :
يا رعاة أركاديا. توجوا مغنيكم الناشئ بالعليق كي تشتعل نار الحقد بين جنبات كودروس، أما إذا قرظني دون ما استحقاق، فتوجوا جبيني بالجرسة خشية أن تؤذي لسانه الشرير الشاعر المقبل.
كوريدون :
إليك، يا ديليا،
156
يقدم ميكون رأس هذا الخنزير الكث الشعر، وقرون غزالة معمرة متشعبة. فإن بقيت هذه الثروة، فستقف بكامل طولك في رخام مصقول يحيط بعقبيك إلى فوق أخفاف أرجوانية.
ثيرسيس :
لا تتوقع سنويا يا بريابوس،
157
أكثر من قدر من اللبن وبضع كعكات؛ إذ إن الحديقة التي تحرسها فقيرة. إنك الآن مؤقتا من المرمر، أما إذا أتى القطيع بإنتاج عظيم من الحملان، فسنجعلك من الذهب.
كوريدون :
جالاتيا، يا ابنة تيريوس، يا من عندي أحلى من سعتر هيبلا،
158
وأنصع بياضا من البجعات، وأحب من العليق الأصفر. إن كنت تكنين أي حب لكوريدون، فتعالي عندما تعود الثيران من المروج إلى حظائرها.
ثيرسيس :
بلى، سأبدو لك من الأعشاب السردونية،
159
وأظلف من الوزال، وأتفه من عشب البحر المطروح جانبا، لو أنني لا أجد هذا اليوم أطول من عام بأكمله. هيا إلى البيت يا غزلاني المعلوفة جيدا، إلى البيت إن كان عندك أي شعور بالخجل!
كوريدون :
يا أيتها الينابيع المعشوشبة، ويا أيها الكلأ الأرق من النوم، والقطلب الأخضر الذي يحميك بظله الضئيل، أبعدوا لظى الظهيرة عن قطيعي. فالآن يأتي لفح الصيف، والآن تنتفخ البراعم على المحلاق البهيج.
ثيرسيس :
نملك هنا موقدا وجمارا لحالكي السواد، هنا تستعر دائما نار حسنة وقوائم أبواب سوداء بسناج لا ينفذ أبدا. هنا نهتم كثيرا بهبات بورياس
160
الباردة كما يهتم الذئب بعدد الخراف أو التيارات المتدفقة على شواطئها.
كوريدون :
هنا تقف أشجار العرعر وأشجار القسطل الكثيفة، وقد تناثرت ثمارها هنا وهناك بألوانها المتباينة. إن الطبيعة كلها تبتسم الآن، بيد أنه لو تركت ألكسيس الجميلة هذه التلال، لأبصرت هذه الأنهار بعينها جافة.
ثيرسيس :
لقد يبس الحقل، وظمئ الكلأ حتى إنه يموت في الهواء السام كما حرم باكهوس التلال من ظلال كرومه، غير أنه بمجيء عزيزتي فيلس، ستكسى الغابة كلها بالخضرة وسيهبط جوبيتر بكامل هيبته في رذاذ بهيج.
كوريدون :
شجرة الحور عزيزة جدا عند ألكيديس، والكرمة عند بكهوس. وشجرة الآس عند فينوس الجميلة، والغار عند فيبوس. وتحب فيلس أشجار البندق، وطالما أن فيلس تحب هذه الأشجار، فلا شجرة الآس ولا شجرة غار فيبوس ستبذ أشجار البندق.
ثيرسيس :
ما أجمل شجر لسان العصفور وسط الأحراش، والصنوبر فوق الحدائق، والحور بجانب الأنهار، والشوح فوق قمم الجبال، ولكنك لو زرتني يا ليكيداس الفاتنة، سوف تستسلم لك شجرة لسان العصفور في الأحراش وكذا شجرة الصنوبر في الحدائق.
ميليبويوس :
إني أذكر هذا، وكيف هزم ثيرسيس وناضل دون جدوى. فمنذ هذا اليوم، هو كوريدون، كوريدون الذي معنا.
ECLOGA VII
MELIBOEUS
M . Forte sub arguta consederat ilice Daphnis,
compulerantque greges Corydon et Thyrsis in unum,
Thyrsis oves, Corydon distentas lacte capellas,
ambo florentes aetatibus, Arcades ambo,
5
et cantare pares et respondere parati.
huc mihi, dum teneras defendo a frigore myrtos,
vir gregis ipse caper deerraverat, atque ego Daphnim
aspicio. ille ubi me contra videt, “ocius” inquit “huc ades, o Meliboee; caper tibi salvus et haedi;
10
et, si quid cessare potes, requiesce sub umbra.
huc ipsi potum venient per prata iuvenci;
hic virides tenera praetexit arundine ripas
Mincius, eque sacra resonant examina quercu.”
quid facerem? neque ego Alcippen nec
habebam,
15
depulsos a lacte domi quae clauderet agnos,
et certamen erat, Corydon cum Thyrside, magnum.
posthabui tamen illorum mea seria ludo.
alternis igitur contendere versibus ambo
coepere; alternos Musae meminisse volebant
20
hos Corydon, illos referebat in ordine Thyrsis.
C . Nymphae, noster amor, Libethrides, aut mihi, Carmen
quale meo Codro concedite; proxima
versibus ille facit; aut si non possumus omnes,
hic arguta sacra pendebit fistula pinu.
25
Th . Pastores, hedera crescentem ornate poetam,
Arcades, invidia rumpantur ut ilia Cordo;
aut, si ultra placitum laudarit, baccare frontem
cingite, ne vati noceat mala lingua futuro.
C . Saetosi caput hoc apri tibi, Delia, parvus
30
et ramosa Micon vivacis cornua cervi.
si proprium hoc fuerit, levi de marmore tota
puniceo stabis suras evincta cothurno.
Th . Sinum lactis et haec te liba, Priape, quotannis
expectare sat est: custor es pauperis horti.
35
nunc te marmoreum pro tempore fecimus; at ut
si fetura gregem suppleverit, aureus esto.
C . Nerine Galatea, Thymo mihi dulcior Hyblae,
iacnddior cycnis, hedera formosior alba,
cum primum pasti repetent praesaepia tauri,
40
si qua tui Corydonis habet te cura, venito.
Th . Immo ego Sardoniis videar tibi amarior herbis,
horridior rusco, proiecta vilior alga,
si mihi non haec lux toto iam longior anno est.
ite domum pasti, si quis pudor, ite iuvenci.
45
C . Muscosi fontes et somno mollior herba,
et quae vos rara viridis tegit arbutus umbra,
solstitium pecori defendite; iam venit aestas
torrida, iam lento turgent in palmite gemmae.
Th. Hic focus et taedae pingues, hic plurimus ignis
50
semper et adsidua postes fuligine nigri;
hic tantum Boreae curamus frigora, quantum
aut numerum lupus aut torrentia flumina ripas.
C . Stant et iuniperi et castaneae hirsutae;
strata iacent passim sua quaeque sub arbore poma;
55
omnia nunc rident; at si formosus Alexis
montibus his abeat, videas et flumina sicca.
Th . Aret ager; vitio moriens sitit aëris herba;
Liber pampineas invidit collibus umbras:
virebit,
60
Iuppiter et laeto descendet plurimus imbri.
C . Populus Alcidae gratissima, vitis laccho,
formosae myrtus Veneri, sua laurea phoebo;
amabit,
nec myrtus vincet corylos nec laurea
65
Th . Fraxinus in silvis pulcherrima, pinus in hortis,
populus in fluviis, abies in montibus altis:
saepius at si me, Lycida formose, revisas,
fraxinus in silvis cedat tibi, pinus in hortis.
M . Haec memini, et victum frustra contendere Thyrsim
70
ex illo Corydon Corydon est tempore nobis.
الأنشودة الثامنة
إنها أغنية الراعيين دامون وألفيسيبويوس التي أعجبت العجلة بنزاعهما وقد غابت المروج عن فكرها، وسحرت أغنيتها الوشق، وجمدت مياه الأنهار المتغيرة في مجاريها. إنها أغنية راجون وألفيسيبويوس التي سأنشدها.
بيد أنه سواء كنت تعبر صخور نهر ثيمافوس
161
العظيم، أو تسير بمحاذاة الشاطئ الإليري، فهل يأتي ذلك اليوم الذي أستطيع فيه أن أروي أعمالك؟ أفلا يأتي ذلك أبدا حتى أذيع في سائر أنحاء العالم أغانيك الجديرة وحدها بنعال
162
سوفوكليس؟
163
تبدأ أغنيتي بذكرك. فتقبل هذه الأشعار التي عملت بأمرك. ودع هذه اللبلابة تزحف وسط أغصان الغار الظافرة المحيطة بجبينك.
عندما اختفى ظل الليل البارد من السماء، وعندما يتلذذ القطيع بالندى الملتصق بالحشيش اللدن، بدأ دامون يغني وقد اتكأ على فرع من فروع الزيتون فقال:
أشرق يا نجم الصباح وتلألأ، يا من تؤذن بمولد اليوم البهيج. ها أنا أرسل شكواي وقد خدعت في حب رخيص لنيسا خطيبتي. وبالرغم من أن الآلهة لم تساعدني أخاطبهم وأنا أحتضر على فراش الموت.
فلتبدأ معي يا مزماري تنشد أغنيات ماينالوس.
إن لماينالوس على الدوام غابات موسيقية وأشجارا صنوبرية تتكلم. إنه يصغي دائما إلى غراميات الرعاة ، وإلى بان الذي بث الحياة في الأعشاب الخاملة.
فلتبدأ معي يا مزماري تنشد إحدى أغنيات ماينالوس.
لقد وهبت نيسالموبسوس. فما الذي لم نكن نتوقعه نحن معشر المحبين؟ وسرعان ما ستتزوج البجعات الخيول، وتسعى الغزلان المذعورة مع الكلاب إلى المياه في العصر القادم.
فلتبدأ معي يا مزماري تنشد إحدى أغنيات ماينالوس.
اقطع مشاعل جديدة يا موبسوس فإنهم يأتونك بالعروس أيها العريس. انثر البندق فإن نجم المساء يترك
164
أويتا
165
من أجلك.
فلتبدأ معي يا مزماري تنشد إحدى أغنيات ماينالوس.
لقد زوجت من رجل كفء في حين أنك تمقتين الجميع وتكرهين مزماري وعنزاتي، وحاجبي الأشعث ولحيتي المرسلة وتزعمين أن الإله لا يهتم بأمور البشر.
فلتبدأ معي يا مزماري تنشد إحدى أغنيات ماينالوس.
لقد رأيتك صغيرة تقطفين التفاحات الندية مع أمك في بستاننا، لقد كنت أحرسك يوم أن كنت أستقبل العام الثاني من عشر عمري، وصرت قادرا على لمس الأغصان الطرية من التربة، نعم رأيتك فخارت قواي وألم بي جنون مميت.
فلتبدأ معي يا مزماري تنشد إحدى أغنيات ماينالوس.
الآن أعرف ما الحب، ذلك الصبي الذي أنجبته فوق الصخور الصلبة تماروس
166
أو رودوبي
167
أو الجارامانتيس
168
البعيدون جدا، فما كان من عنصرنا ولا من دمنا.
فلتبدأ معي يا مزماري تنشد إحدى أغنيات ماينالوس.
لقد علم الحب العديم الرحمة الأم
169
كيف تلطخ يديها بدماء بنيها. لقد كنت أنت كذلك عديمة الرحمة أيتها الأم. هل كانت الأم أكثر بعدا عن الرحمة أم كان ذلك الصبي أشد قسوة؟ لقد كان قاسيا، وكنت أنت أيضا أيتها الأم مجردة عن الشفقة والحنو.
فلتبدأ معي يا مزماري تنشد إحدى أغنيات ماينالوس.
ليهرب الذئب الآن أمام الخراف، ولتحمل أشجار البلوط الصلبة تفاحات ذهبية، ولتخرج الحورة الرومية أزهار النرجس، ولتثمر أشجار الأثل عنبرا ثمينا من لحائها، ولتنازل البوم البجعات، وليصبح تيتيروس
170
أورفيوس فيكون هناك أورفيوس في الأحراش وأوريون
171
وسط الدلافين!
فلتبدأ معي يا مزماري تنشد إحدى أغنيات ماينالوس.
فلتصبح جميع الأشياء محيطا متوسطا! وداعا أيتها الأحراش! فسألقي بنفسي من على قمة أحد الجبال الشاهقة إلى وسط الأمواج المتلاطمة. فلتكن هذه آخر هداياي المميتة إليك.
كف يا مزماري، كف الآن عن أغنية ماينالوس. •••
هكذا قال دامون، خبرنني يا عرائس بيبريا عما أجابت به ألفيسيبويوس؛ لأننا لا نسطيع فعل كل شيء.
ألفيسيبويوس.
ائتني بماء وتوجي هذه المذابح بصوف ناعم، وأحرقي أعشابا ثمينة وبخورا كي أحاول عن طريق السحر أن أجعل النار تتأجج بين جوانح حبيبي الخامدة، ولا ينقصنا هنا سوى الأغاني.
أحضرن دافنس من المدينة إلى البيت، أحضرنه يا أغنياتي!
تستطيع الأغاني أن تهبط بالقمر من السموات، وبواسطة الأغاني مسخت كيركي
172
رفاق أوليسيس.
173
لقد انفجر الثعبان الرطب وسط الرياض بأغنية.
أحضرن دافنس من المدينة إلى البيت، أحضرنه يا أغنياتي!
ها هي ثلاثة خيوط ألفها حولك أولا، وهي تتميز بثلاثة ألوان مختلفة. كما أني أسحب تمثالك وأدور به ثلاث مرات حول هذه المذابح. فالأعداد الفردية تسر السماء.
أحضرن دافنس من المدينة إلى البيت، أحضرنه يا أغنياتي!
انسجي يا أماريلس ثلاثة ألوان في ثلاث عقد، انسجيها بربك يا أماريلس وقولي: «إني أنسج قيود الحب.»
أحضرن دافنس من المدينة إلى البيت، أحضرنه يا أغنياتي!
هل لدافنس أن يذوب حبا في كما يتصلب هذا الطين وكما يذوب هذا الشمع بنفس النار! ذري الطعام وأشعلي أغصان الغار اللدنة فإن دافنس القاسي يكويني بنيرانه. وإني أحرق غصن الغار هذا من أجل دافنس.
أحضرن دافنس من المدينة إلى البيت، أحضرنه يا أغنياتي!
فليبتل دافنس بحب كالذي تبتلى به العجلة عندما تخور قواها بحثا عن عشيقها وسط الأحراش والمغارات البعيدة الغور، فتنكفئ وتسقط على الحلفاء الخضراء بجانب مجرى ماء، وقد غاب عن وعيها كل شيء فلا تفكر في العودة قبل أن تحل ساعة الليل المتأخرة. فليبتل بحب كهذا، ولأهملن في تبرئته منه!
أحضرن دافنس من المدينة إلى البيت، أحضرنه يا أغنياتي!
لقد خلف لي هذه الملابس ذات يوم ذلك الخائن لتكون رهينة عزيزة لشخصه، والآن إني أكرسها لعتبتي. أيتها الأرض، إني أكرسها لك. إن هذه الرهائن تجعل دافنس من حقي.
أحضرن دافنس من المدينة إلى البيت، أحضرنه يا أغنياتي!
لقد انتقى لي هذه الأعشاب وهذه السموم من بنطوس، وأعطاني إياها مويرس
174
نفسه. إنها تنمو بكثرة في بنطوس، وكثيرا ما رأيت مويرس يتحول بواسطتها إلى ذئب ويختفي في الأحراش. وكثيرا ما نادى الأرواح من أعماق القبر ونقل القمح المزروع في حقل إلى حقل آخر.
أحضرن دافنس من المدينة إلى البيت، أحضرنه يا أغنياتي!
احملي الجذوات يا أماريلس وألقي بها من فوق رأسك إلى نهير مياهه جارية دون أن تنظري إلى الخلف. سأهاجم دافنس بهذه الطرق فهو لا يأبه بالآلهة أو يعير الأغنيات التفاتا.
أحضرن دافنس من المدينة إلى البيت، أحضرنه يا أغنياتي!
انظري، إن الدردار، وكنت أتباطأ في حمله، يشتعل من تلقاء نفسه وقد لحقت نيرانه المتأججة بالمذابح. لتكن هذه بشرى خير! لست أعلم حقيقة الأمر، وها هي هيلاكس
175
تعوي عند الباب. أيمكنني أن أصدق عيني؟ أم هل يتخيل المحبون أحلامهم؟
كفى. إن دافنس يأتي من المدينة إلى البيت، كفى الآن يا أغنياتي!
ECLOGA VIII
Alphesiboei,
immemor herbarum quos est mirata iuvenca
certantes, quorum stupefactae carmine lynces,
et mutata suos requierunt flumina cursus,
5
Damonis Musam dicemus et Alphesiboei.
Tu mihi seu magni superas iam saxa Timavi,
sive oram lllyrici legis aequoris, en erit unquam
ille dies, mihi cum liceat tua dicere facta?
en erit ut liceat totum mihi ferre per orbem
10
sola Sophocleo tua carmina digna cothurno?
a te principium, tibi desinet. accipe iussis
carmina coepta tuis, atque hanc sine tempora circum
inter victrices hederam tibi serpere Iaurus.
Frigida vix caelo noctis decesserat umbra,
15
cum ros in tenera pecori gratissimus herba:
incumbens tereti Damon sic coepit olivae.
D . Nascere, praeque diem veniens age, Lucifer, almum,
coniugis indigno Nysae deceptus amore
dum queror, et divos, quamquam nil testibus illis
20
profeci, extrema moriens tamen adloquor hora.
Incipe Maenalios mecum, mea tibia, versus.
Maenalus argutumque nemus pinosque loquentes
semper habet; semper pastorum ille audit amores
inertes.
25
incipe Maenalios mecum, mea tibia, versus.
Mopso Nysa datur: quid non speremus amantes?
iungentur iam gryphes equis, aevoque sequenti
cum canibus timidi venient ad pocula dammae.
incipe Maenalios mecum, mea tibia, versus.
30
Mopse, novas incide faces: tibi ducitur uxor;
sparge, marite, nuces; tibi deserit Hesperus Oetam.
incipe Maenalios mecum, mea tibia, versus.
O digno coniuncta viro, dum despicis omnes,
dumque tibi est odio mea fistula, dumque capellae
35
hirsutumque supercilium promissaque barba,
nec curare deum credis mortalia quemquam.
incipe Maenalios mecum, mea tibia, versus.
saepibus in nostris parvam te roscida mala-
dux ego vester eram-vidi cum matre legentem.
40
alter ab undecimo tum me iam acceperat annus;
iam fragiles poteram ab terra contingere ramos.
ut vidi, ut perii, ut me malus abstulit error!
incipe Maenalios mecum, mea tibia, versus.
nunc scio, quid sit Amor. duris in cotibus illum
45
aut Tmaros aut Rhodope aut extremi Garamantes
nec generis nostri puerum nec sanguinis edunt.
inscipe Maenalios mecum, mea tibia, versus.
saevus Amor docuit natorum sanguine matrem
commaculare manus; crudelis tu quoque, mater.
50
crudelis mater magis, an puer inprobus ille?
inprobus ille puer; crudelis tu quoque, mater.
incipe Maenalios mecum, mea tibia, versus.
nunc et oves ultro fugiat lupus, aurea durae
mala ferant quercus, narcisso floreat alnus,
55
pinguia corticibus sudent electra myricae,
certent et cycnis ululae, sit Tityrus Orpheus,
Orpheus in silvis, inter delphinas Arion.
incipe Maenalios mecum, mea tibia, versus.
omnia vel medium fiat mare. vivite, silvae:
60
praeceps aërii specula de montis in undas
deferar; extremum hoc munus morientis habeto.
desine Maenalios, iam desine, tibia, versus.
Haec Damon: vos, quae responderit Alphesiboeus,
dicite, pierides; non omnia possumus omnes.
65
A . Effer aquam, et molli cinge haec altaria vitta
verbenasquee adole pingues et mascula tura,
coriugis ut magicis sanos avertete sacris
experiar sensus; nihil hic nisi carmina desunt:
ducite ab urbe domum, mea carmina. ducite Daphnim.
70
carmina vel caelo possunt deducere Lunam;
carminibus Circe socios mutavit Ulixi;
frigidus in pratis cantando rumpitur anguis.
ducite ab urbe domum, mea carmina, ducite Daphnim.
terna tibi haec primum triplici diversa colore
75
licia circumdo, terque haec altaria circum
effigiem duco; numero deus impare gaudet.
ducite ab urbe domum, mea carmina, ducite Daphnim.
necte tribus nodis ternos, Amarylli, colores;
necte, Amarylli, modo, et 'Veneris,’ dic 'vincula necto’.
80
ducite ab urbe domum, mea carmina, ducite Daphnim.
limus ut hic durescit, et haec ut cera liquescit.
uno eodemque igni, sic nostro Daphnis amore.
sparge molam, et fragiles incende bitumine laurus.
Daphnis me malus urit, ego hanc in Daphnide laurum.
85
ducite ab urbe domum, mea carmina, ducite Daphnim.
talis amor Daphnim, quails cum fessa iuvencum
per nemora atque altos quaerendo bucula lucos
propter aquae rivum viridi procumbit in ulva,
perdita, nec serae meminit decedere nocti,
90
talis amor teneat, nec sit mihi cura mederi.
ducite ab urbe domum, mea carmina, ducite Daphnim.
has olim exuvias mihi perfidus ille reliquit,
pignora cara sui: quae nunc ego limine in ipso,
terra, tibi mando: debent haec pignora Daphnim.
95
ducite ab urbe domum, mea carmina, ducite Daphnim.
has herbas atpue haec Ponto mihi lecta venena
ipse dedit Moeris; nascuntur plurima
his ego saepe lupum fieri et se condere silvis
Moerim, saepe animas imis excire sepulcris
100
atque satas alio vidi traducere messes.
ducite ab urba domum, mea carmina, ducite Daphnim.
fer cineres Amarylli, foras rivoque fluenti
transpue caput iace, nec respexeris. his ego Daphnim
adgrediar; nihil ille deos, nil carmina curat.
ducite ab urbe domum, mea carmina, ducite Daphnim.
106
aspice: corripuit tremulis altaria flammis
sponte sua, dum ferre moror, cinis ipse. bonum sit!
nescio quid certe est, et Hylax in limine latrat.
credimus? an, qui amant, ipsi sibi somnia fingunt?
110
parcite, ab urbe venit, iam parcite, carmina Daphnis.
الأنشودة التاسعة
مويرس
ليكيداس :
إلى أين تسعى يا مويرس؟ أإلى المدينة كما يقود الطريق؟
مويرس :
ليكيداس، لقد عشنا لنرى اليوم - شر ما حلمنا به في حياتنا - الذي قال فيه شخص أجنبي احتل مزرعتنا الصغيرة «هذه المزرعة ملكي! إليكم عني أيها المستأجرون القدماء.»
والآن حيث قد هزمنا وتملكنا ذعر مقيم، ما دام الحظ يحكم الجميع، فإننا نرسل إليه هذه الجداء، فلتذهب معها لعنتنا!
ليكيداس :
لكنني سمعت حقيقة أن مينالكاس أنقذ كل البلد وكل شيء بأغانيه، من حيث تبدأ التلال في النهوض إلى حيث تغرب قممها في انحدار لطيف إلى المياه والشواطئ القديمة.
مويرس :
سمعت؟ إذن فقد انتشرت الرواية. ولكن أغانينا يا ليكيداس تنتصر وسط أسلحة الحرب بقدر ما تنتصر حمامات الخاونيين،
176
كما يقولون، عندما يأتي النسر. لذا، إذا لم يكن قد حذرني غراب على يساري كان على شجرة البلوط الخاوية، أن أقصر كل عراك جديد بقدر استطاعتي، فما كنت أنا أو مينالكاس نفسه على قيد الحياة الآن.
ليكيداس :
واحسرتاه، أيمكن أن يذنب أحد بجريمة كهذه؟ واأسفاه، أيمكن يا مينالكاس أن تكون سلوى أغنياتك قد نزعت منا ومنك تقريبا؟ من سيترنم بالحوريات؟ من سيبذر الأرض بالأعشاب المزهرة أو يحجب الينابيع بالظل الأخضر؟ أو تلك الأغاني التي تصيدتها منك بدهائي ذلك اليوم عندما كنت ذاهبا إلى أماريلس العزيزة؟ «تعهد عنزاتي يا تيتيروس، حتى أعود فإن الطريق قصير، وبعد أن ترعى سقها إلى الماء يا تيتيروس، ولكن حذار أن تمر بطريق التيس وأنت تسرقها لأنه ينطح بقرنيه.»
مويرس :
بلى، لم تنته هذه الأبيات بعد، وكذلك الأبيات التي أنشدها لفاروس. «فاروس، ستحمل البجعات المغنيات اسمك عاليا إلى النجوم، إن فقط تستبقي لنا مانتوا، مانتوا، واحسرتاه، القريبة جدا من كريمونا التعيسة.»
ليكيداس :
كما تتجنب أسرابك شجر الأشكل الكورسيكي، وكما تأكل العجول البرسيم وتسمن أضرعها. ابدأ لو كان عندك ما تغنيه. وأنا كذلك قد جعلتني العذارى البيبريات شاعرا وعندي أغنيات أيضا. وكذلك يسميني الرعاة شاعرا، غير أني لا أثق بهم؛ لأني أعتقد أنني حتى الآن لا أستطيع أن أغني ما يليق بفاريوس
177
أو كنا
178
بل أنعق كإوزة بين بجعات مغنيات.
مويرس :
ذلك ما أسعى إليه يا ليكيداس، في صمت وأنا أفكر في الأمر مليا، علني أستطيع أن أستذكرها، إنها ليست أغنية وضيعة. «هلمي إلي يا جالاتيا! أي لهو يمكن أن يكون في الأمواج هناك؟ هنا ربيع مورد، هنا بجانب الأنهار تنثر الأرض أزهارها المختلفة، هنا تميل شجرة الصنوبر البيضاء على الكهف، وتنسج الكروم المعلقة عروسا مظللة. هلمي إلي، دعي الأمواج الصاخبة ترتطم بالشاطئ.»
ليكيداس :
ما رأيك في الأبيات التي سمعتك تغنيها وحدك في الليل الصافي؟ أتذكر الوزن، لو كنت أنا أحفظ الألفاظ؟
مويرس : «لماذا تحملق في النجوم القديمة المشرقة يا دافنس؟ أنظر هاك نجم قيصر، نسل ديوني، قد تقدم من النجم الذي يبعث الفرح إلى الحقول بالقمح، ويعطي للعنب لونه الأدكن فوق التلال المشمسة. ضع رماحك في أغمادها يا دافنس فإن أحفادك سيجمعون ثمارك.»
يسلبنا الزمن كل شيء حتى الذاكرة، أتذكر أني كنت في صباي أقضي دائما أيام الصيف الطويلة في الغناء، أما الآن فقد نسيت كل أغنياتي، حتى الصوت نفسه يعوز مويرس الآن. لقد رأت الذئاب مويرس أولا، ولكن مينالكاس مع ذلك سيتلو عليك أغنياتك كلما أردت.
ليكيداس :
إنك تبعد عني أشواقي بمعاذيرك. إن البحر كله هادئ ساكن، انظر فما من هبة للنسيم تتناوح علينا، ومن هنا يتبقى نصف رحلتنا، فإن قبر بيانور يظهر للعين الآن، فلنغن هنا حيث يشذب الفلاحون أوراق الأشجار الكثيفة. هنا تضع الجداء يا مويرس - فعلى أية حال سنصل إلى المدينة، أو إذا كنا نخشى أن يلحقنا الليل بجحافله السوداء، أو تهطل علينا الأمطار، فيمكننا أن نغني ونحن نسير في الطريق - فهذا يجعل الطريق أقل مشقة، فإن سرنا وأنشدنا في طريقنا سأحمل عنك هذا الحمل.
مويرس :
لا تقل ما هو زيادة على ذلك أيها الصبي، دعنا الآن في العمل الذي بين أيدينا، سننشد أغنياتنا أحسن من ذلك عندما يأتي السيد نفسه.
ECLOGA IX
MOERIS
L . Quo te, Moeri, pedes? an, quo via ducit, in urbem?
M . O Lycida, vivi pervenimus, advena nostri,
quod nunquam veriti sumus, ut possessor agelli
diceret “haec mea sunt; veteres migrate coloni.”
5
nunc victi tristes, quoniam fors omnia versat,
hos illi-quod nec vertat bene-mittimus haedos.
L . Certe equidem audieram, qua se subducere colles
incipiunt mollique iugum demittere clivo,
usque ad aquam et veteres, iam fracta cacumina, fagos
10
omnia carminibus vestrum servasse Menalcan.
M . Audieras et fama fuit: sed carmina tantum
nostra valent, Lycida, tela inter Martia, quantum
Chaonias dicunt aquila veniente columbas.
quod nisi me quacumque novas incidere lites
15
ante sinistra cava monuisset ab ilice cornix,
nec tuus hic Moeris nec viveret ipse Menalcas.
L . Heu, cadit in quemquam tantum scelus? heu, tua nobis
paene simul tecum solatia rapta, Menalca?
quis caneret Nymphas? quis humum florentibus herbis
20
spargeret, aut viridi fontes induceret umbra?
vel quae sublegi tacitus tibi carmina nuper,
cum te ad delicias ferres Amaryllida, nostras? “Tityre, dum redeo-brevis est via-pasce capellas,
et potum pastsa age, Tityre, et inter agendum
25
occursare capro-cornu ferit ille-caveto.”
M . lmmo haec, quae Varo necdum perfecta canebat: “Vare, tuum nomen, superet modo Mantua nobis,
Mantua vae miserae nimium vicina Cremonae,
cantantes sublime ferent ad sidera cycni.”
30
L . Sic tua Cyrneas fugiant examina taxos,
sic cytiso pastae distendant ubera vaccae:
incipe, si quid habes. et me fecere poetam
dicunt
vatem pastores; sed non ego credulus illis.
35
nam neque adhuc Vario videor nec dicere Cinna
digna, sed argutos inter strepere anser olores.
M . Id quidem ago et tacitus, Lycida, mecum ipse voluto,
si valeam meminisse; neque est ignobile carmen. “huc ades, o Galatea; quis est nam ludus in undis?
40
hic ver purpureum, varios hic flumina circum
fundit humus flores, hic candida populus antro
imminent, et lentae texunt umbracula vites:
huc ades; insani feriant sine litora flectus.”
L . Quid, quae te pura solum sub nocte canentem
45
audieram? numeros memini, si verba tenerem.
M . “Daphni, quid antiquos signorum suspicis ortus?
ecce Dionaei processit Caesaris astrum,
astrum, quo segetes gauderent frugibus et quo
duceret apricis in collibus uva colorem.
50
insere, Daphni, piros; carpent tua poma nepotes.”
omnia fert aetas, animum quoque; saepe ego longos
cantando puerum memini me condere soles:
nunc oblita mihi tot carmina; vox quoque Moerim
iam fugit ipsa; lupi Moerim videre priores.
55
sed tamen ista satis referet tibi saepe Menalcas.
L . Caussando nostros in longum ducis amores.
et nunc omne tibi stratum silet aequor, et omnes,
aspice, ventosi ceciderunt murmuris aurae.
hinc adeo media est nobis via; namque sepulchrum
60
incipit adparere Bianoris: hic, ubi densas
agricolae stringunt frondes, hic, Moeri, canamus:
hic haedos depone, tamen veniemus in urbem.
aut si, nox pluviam ne colligat ante, veremur,
cantantes licet usque-minus via laedit-eamus;
65
cantantes ut eamus, ego hoc te fasce levabo.
M . Desine plura, puer, et quod nunc instat agamus:
carmina tum melius, cum venerit ipse, canemus.
الأنشودة العاشرة
جالوس
هذا هو عملي الأخير يا أريثوسا،
179
فامنحيني إياه! يجب علي أن أنشد بعض الأغاني لجالوس من النوع الذي تستطيع ليكوريس نفسها أن تقرأه! من ذا الذي يضن على جالوس بأغنيته؟ فلتبدأ إذا كانت دوريس المالحة لا تخلط مجراها معك عندما تنزلق تحت الأمواج الصقلية. فلترنم بغراميات جالوس القلقة بينما ترعى العنزات ذات الأنوف العريضة، الأعشاب الطرية. لسنا نغني لآذان صماء، فالغابات تردد صدى كل نغمة.
أي الأحراش وأي السبل كنتن تسكن أيتها النياد العذارى عندما كان جالوس يذوي بحب حقير؟ لم تمنعكن قمم بارناسوس أو بندوس، أو حتى أجانيبي الأونية. لقد بكته أشجار الغار وكذا أشجار الأثل. وقد بكى من أجله مينالوس المتوج بأغصان الصنوبر وهو مستلق تحت صخرة منعزلة، وكذلك صخور ليكيوس الجليدية، إن الأغنام أيضا تحيط بالمكان ولا تخجل منا، كما لا تخجل من القطيع، أيها الشاعر المقدس؛ فقد كان أدونيس الجميل يرعى الأغنام بجانب الأنهار.
لو أتى الراعي وكذلك قطعان الخنازير ببطء، وجاء مينالكاس يرشح ماء من ثمار البلوط الشتوية، فيسأله الجميع: «من أين جاء حبك هذا؟»
لقد جاء أبولو، فقال: «أي جنون هذا يا جالوس؟ إن معشوقتك ليكوريس تسعى وراء آخر بين الثلوج والمعسكرات الموحشة.» ها قد جاء سلفانوس يتوج جبينه المجيد الريفي، وهو يلوح بأزهار الشمار وأزهار الزنبق الطويلة. لقد أتى بان رب «أركاديا» ورأيناه بعيون رءوسنا محمرا بالزنجفر والتوت الأحمر وكان يصيح قائلا: «ألن تكون هناك نهاية؟ إن الحب لا يهتم بشيء من هذا، فلا يكتفي الحب القاسي بالدموع، ولا الحشيش بالجداول، ولا النحل بالبرسيم، ولا العنزات بأوراق الأشجار.»
بيد أن جالوس أجاب في حسرة وأسى: «ومع ذلك فإنكم معشر الأركاديين ستنشدون هذه الأسطورة لجبالكم، إن الأركاديين وحدهم هم الذين يعرفون كيف ينشدون آه على الراحة التي تحظى بها عظامي، لو كانت مزاميركم يوما ما تروي أقاصيص حبي! ليتني كنت أحدكم، أرعى أحد قطعانكم، أو أشذب عراجين العنب الناضجة! حقا، لو أن محبوبتي هي فيلس أو أميناس، أو أي فرد آخر - وما يضير لو كانت أمينتاس سوداء؟ فالنرجس نفسه كذلك أسود، وكذا العيسران - لرقدت محبوبتي بجانبي وسط الصفصاف تحت الكرمة الزاحفة، تنتقي لي فيلس الأكاليل» وتنشد أمينتاس الأغاني. هنا توجد ينابيع باردة يا ليكوريس، هنا مروج منبسطة، هنا أحراش، هنا بصحبتك لا يغنيني سوى الزمن، ولكن حبا جنونيا لمارس الظلف يجعلني الآن تحت السلاح وسط الآلات الحربية والأعداء الألداء، في حين أنك وأنت بعيدة عن وطنك - ليتني ما كنت أصدق مثل هذه الرواية - تتطلعين أيتها القاسية إلى ثلوج الألب وصقيع الرين، نائية عني، بمفردك. ألا ليت الثلوج لا تضرك، ألا ليت الجليد الخشن لا يؤذي قدميك الرقيقتين!
سأرحل، ولسوف أعزف الأغاني التي وضعتها في نظم خالكيدي، على مزمار راع صقلي. إني أعلم يقينا أنه في الأحراش وسط أوكار الحيوانات المفترسة، يستحسن أن أعاني حبي وأبوح به على الأشجار الصغيرة، فسوف تنمو هذه الشجيرات وكذلك أنت يا حبيبتي، وفي الوقت عينه سأجوس مع الحوريات خلال مينالوس أو أصيد الخنازير البرية. ولن يقعدني صقيع عن محاصرة ممرات بارثينيوس بكلابي. فلغاية الآن يخيل إلي أني أمر فوق الصخور والمغارات المدوية، وإنه ليسرني أن أصوب سهاما كيدونية من قوسي البارثية كأنما هذا العمل يشفي غليلي، أو كأنما ذلك الرب يستطيع أن يتعلم الرأفة بأحزان البشر!
الآن إن هامادريادس لا تسرني ولا حتى الأغنيات، وداعا مرة ثانية. حتى أنت أيتها الأحراش ! فليس لعمل من أعمالنا أن تغير ذلك الإله، حتى ولو شربنا الهبروس في قلب الشتاء، وتحملنا الثلوج التراقية وأمطارها الشتوية، حتى ولو سقنا الخراف الإثيوبية هنا وهناك تحت النجم كانكر، عندما يموت اللحاء ويذبل فوق شجرة الدردار العالية! إن الحب يقهر كل شيء، فلنرضخ نحن أيضا للحب!»
ستكفي هذه الأغنيات يا ربات الفن المقدسات، تلك التي أنشدها شاعركم وهو جالس متكاسل ينسج قفصا من الخطمية الرفيعة. لا شك في أنكن ستجعلن لها قيمة عظيمة في نظر جالوس - جالوس هذا الذي ينمو حبي له ساعة بعد أخرى بالسرعة التي تنمو بها الحورة الخضراء في فجر الربيع. فلننهض إذ إن الظلال دائما تجلب الأخطار للمغنين. إن ظل العرعر يجلب الأخطار، كما أن الظل يؤذي القمح أيضا هيا إلى البيت يا عنزاتي الممتلئة بالطعام - لقد أتى نجم المساء الذي يؤذن بالمبيت!
ECLOGA X
GALLUS
Extremum hunc, Arethusa, mihi concede laborem.
pauca meo Gallo, sed quae legat ipsa Lycoris,
carmina sunt dicenda: neget quis carmina Gallo?
sic tibi, cum fluctus subterlabere Sicanos,
5
Doris amara suam non intermisceat undam,
incipe; sollicitos Galli dicamus amores,
dum tenera attondent simae virgulta capellae.
non canimus surdis, respondent omnia silvae.
Quae nemora aut qui vos saltus habuere, puellae
10
Naïdes, indigno cum Gallus amore peribat?
nam neque Parnasi vobis iuga, nam neque
ulla moram fecere, neque Aonie Aganippe.
illum etiam lauri, etiam flevere myricae,
pinifer illum etiam sola sub rupe iacentem
15
Maenalus et gelidi fleverunt saxa Lycaei.
stant et oves circum-nostri nec paenitet illas:
nec te paeniteat pecoris, divine poeta;
et formosus oves ad flumina pavit Adonis-
venit et upilio, tardi venere subulci,
20
uvidus hiberna venit de glande Menalcas.
omnes “unde amor iste” rogant “tibi?” venit Apollo: “Galle, quid insanis?” inquit, “tua cura Lycoris
perque nives alium perque horrida castra secuta est.”
venit et agresti capitis Silvanus honore
25
florentes ferulas et grandia lilia quassans.
ipsi
sanguineis ebuli baccis minioque rubentem. “ecquis erit modus?” inquit “Amor non talia curat:
nec lacrimis crudelis Amor, nec gramina rivis,
30
nec cytiso saturantur apes, nec fronde capellae.”
Tristis at ille “tamen cantabitis, Arcades” inquit, “montibus haec vestris, soli cantare periti
Arcades. O mihi tum quam molliter ossa quiescant,
vestra meos olim si fistula dicat amores!
35
atque utinam ex vobis unus vestrique fuissem
aut custos gregis aut maturae vinitor uvae!
certe sive mihi Phyllis sive esset Amyntas
seu quicumque furor,-quid tum, si fuscus Amyntas?
et nigrae violae sunt et vaccinia nigra-
40
mecum inter salices lenta sub vite iaceret:
serta mihi Phyllis legeret, cantaret Amyntas.
hic gelidi fontes, hic mollia prata, Lycori,
hic nemus; hic ipso tecum consumerer aevo.
nunc insanus amor duri me Martis in armis
45
tela inter media atque adveroos detinet hostes:
tu procul a patria-nec sit mihi credere tantum-
Alpinas ah, dura, nives et frigora Rheni
me sine sola vides. ah te ne frigora laedant!
ah tibi ne teneras glacies secet aspera plantas!
50
ibo, et Chalcidico quae sunt mihi condita versu
carmina pastoris Siculi modulabor avena.
certum est in silvis, inter spelaea ferarum,
malle pati, tenerisque meos incidere amores
arboribus: crescent illae, crescetis amores.
55
interea mixtis lustrabo Maenala Nymphis,
aut acres venabor apros. non me ulla vetabunt
frigora Parthenios canibus circumdare saltus.
iam mihi per rupes videor lucosqve sonantes
ire, libet Partho torquere Cydonia cornu
60
spicula-tamquam haec sit nostri medicina furoris,
aut deus ille malis hominum mitescere discat!
iam neque Hamadryades rursus neque carmina nobis
ipsa placent; ipsae rursus concedite silvae.
non illum nostri possunt mutare labores:
65
nec si frigoribus mediis Hebrumque bibamus,
Sithoniasque nives hiemis subeamus aquosae,
nec si, cum moriens alta liber aret in ulmo,
Aethiopum versemus oves sub sidere Cancri.
omnia vincit Amor; et nos cedamus Amori.”
70
Haec sat erit, divae, vestrum ceciniasse poetam,
dum sedet et gracili fiscellam texit hibisco,
Gallo,
Gallo, cuius amor tantum mihi crescit in horas,
quantum vere novo viridis se subicit alnus.
75
surgamus: solet esse gravis cantantibus umbra,
iuniperi gravis umbra, nocent et frugibus umbrae.
ite domum saturae, venit Hesperus, ite capellae.
الباب الرابع
الملاحق
الملحق الأول: مقدمات وملخصات
الأنشودة الأولى
بعد هزيمة بروتس وكاسيوس في موقعة فيليبي سنة 42ق.م.، وعدت الحكومة الثلاثية أن تعطي جنودها المحنكين أراضي ثماني عشرة مدينة إيطالية، وكانت كريمونا إحدى تلك المدن. ويبدو أن هذه المدينة الأخيرة لم تكف حاجة الجنود فمنحوا مدينة مانتوا المجاورة (انظر الأنشودة التاسعة)، ويحتمل أن يكونوا قد احتلوها عنوة وطرد والد فرجيل من ضيعته في أنديس مع من طردوا. فذهب فرجيل يطلب العون من كايوس أسينيوس بوليو (انظر مقدمة الأنشودة الرابعة) وكان حاكما على غاليا ترنسبادانا، فنصحه أن يتوجه إلى روما ويرفع الأمر إلى أعتاب أوكتافيانوس، فساعده الحظ ونجح في استرداد ضيعته.
وهذه الأنشودة عبارة عن حوار بين راعيين: هما تيتيروس الذي ينتحل شخصية فرجيل، وميليبويوس. ويوصف تيتيروس مستلقيا وسط حقوله بين أغنامه في استرخاء وتقاعد، فيمر به ميليبويوس، وقد طرد توا من حقله، يدفع أمامه قطيعه المنكود الذي أضناه التعب.
وبالرغم من أن تيتيروس يمثل فرجيل، فهو في الأصل شخصية خيالية لا تتحدث إلا بلسان الشاعر من حين إلى آخر. وجدير بالذكر أن مشهد هذه الأنشودة خيالي محض لا يصف بأي حال ما يحدث في مانتوا.
تلخيص الأنشودة الأولى
ميليبويوس :
إنك تتمتع بالراحة يا تيتيروس، وتغني أناشيد الحب على مزرعتك: لقد طردنا من بلدتنا العزيزة.
تيتيروس :
إنني مدين بذلك يا ميليبويوس، إلى إله سأقدم له فروض الاحترام ما حييت.
ميليبويوس :
لست أحسدك بل أدهش من حظك الحسن في هذه الأيام المضطربة. انظر، ها أنا لا أستطيع أن أدفع عنزاتي بسهولة، وقد فقدت اثنين من الجداء الحديثي الولادة. لقد كان في إمكاني أن أدرك من أشجار البلوط المصعوقة ما سيأتيني من اضطراب - ولكن خبرني من ربك هذا؟
تيتيروس :
لقد اعتدت أن أتخيل روما مثل سوق بلدتنا ولكن في صورة أكبر، مثلما يشبه الكلب الجرو، بيد أنها تعلو بهامتها على سائر المدن الأخرى كما يعلو السرور على الصفصاف.
ميليبويوس :
ولم ذهبت إلى روما؟
تيتيروس :
ذهبت لأشتري حريتي، فجاءتني في سن متأخرة، غير أنها جاءتني أخيرا بعدما هجرت جالاتيا التي منعتني أن أدخر شيئا إلى أماريلس محبوبتي الحالية.
ميليبويوس :
كنت أدهش من أماريلس وسبب حزنها وتقطيبها؛ فهي إذن كانت تحزن على غيابك، وكذلك كل البلدة أيضا.
تيتيروس :
لم يكن في مقدوري أن أتجنب الغياب. لقد كان همي الوحيد هو الذهاب إلى روما؛ حيث شاهدت الطفل الذي سأبجله دائما لأنه أول من أجاب على سؤالي ردا شافيا.
ميليبويوس :
يا لك من رجل سعيد! ستبقى لك مزرعتك إذن، لا شك في أنها صغيرة ومجدبة، ولكنك ستنجو من مخاطر الأماكن الغريبة، وستتمتع بمسراتك القديمة كلها من طنين النحل الذي يبعث إلى النوم، إلى أغنية مشذب الكروم، إلى قرقرة يماماتك المحبوبة.
تيتيروس :
نعم وعلى ذلك ستترك الغزلان الأرض لترعى في الهواء، والأسماك البحر لتعيش فوق الأرض، وستترك الأمم كلها أقطارها العزيزة، قبل أن تمحى صورته من قلبي.
ميليبويوس :
أما نحن فسنرحل إلى أراض نائية. أواه، هل سيأتي يوم أرى فيه من جديد بلدي، وكهفي الوضيع، ومزرعتي التي كانت يوما ما ملكي؟ ما هذا! هل سيمتلك حقولي المحروثة جيدا جندي بربري؟ هل كنت أبذر قمحا وأطعم كمثرى وأزرع كروما لهذا الرجل ؟ إلى الأمام يا قطيعي المسكين، إلى الأمام، لن أرقد بعد ذلك في خمول أراقبك سعيدا ترعى وأنا أغني.
تيتيروس :
يمكنك أن تبقى معي هذه الليلة وتشاركني في طعامي البسيط؛ فإن الدخان المتصاعد من المنازل الريفية، والظلال المستطيلة تشير إلى أن وقت العشاء قد أزف.
الأنشودة الثانية
في هذه الأنشودة يبكي الراعي كوريدون عجزه عن الفوز بعطف وحب ألكسيس اليافعة، ويشكو عدم اهتمامها بهداياه وتفوقه في الغناء؛ فهي تمقته لأنه فلاح ظلف وتفضل عليه أيولاس. ويقول جين هوبو
Jean Hubaux
إن فرجيل قد حاكى بكتابته هذه الأنشودة ما كتبه ثيوكريتوس في القصيدة الحادية عشرة التي يبكي فيها السيكلوب بوليفيموس
قسوة عروس الماء جالاتيا. ولا يخطئ جين في قوله إن هذه الأنشودة أقل جمالا من سائر أناشيد فرجيل الأخرى رغم اعترافه بأنها تمتاز بفنها الواضح وتركيبها الرائع. وهذا الحكم الأخير يحظى بموافقة وتأييد كثير من النقاد.
ويبدو أن موضوع هذه الأنشودة قد أثار سخرية النقاد الأشرار، ويقال إن فرجيل كان قد دعي ذات مرة إلى عشاء، فأعجب بعبد جميل يدعى الإسكندر، فأراد حاكم غاليا أن يمنحه إياه؛ ومن ثم نشأت فكرة الأنشودة «ألكسيس»، من الحب الذي كان يكنه الشاعر لهذا العبد، ولكن لو أن هذه القصة صادقة حقا، فهي لا تشرح، كما تحاول أبدا، ما يقصده فرجيل من الأنشودة، الذي يبدو أنه شيء يخالف مخالفة تامة ما يرد في القصة.
ويكشف تركيب هذه الأنشودة عن طابع يمتاز به شعر فرجيل كله; وهو الابتكار الرفيع رغم المحاكاة للنماذج الإغريقية؛ ففي أنشودة ألكسيس هذه يحاكي الشاعر ثيوكريتوس محاكاة تكاد تكون كاملة، إلا أن بها وحدة باطنية خاصة بها وحدها تدل على روح جديدة لا تمت إلى الأصل في شيء.
تلخيص الأنشودة الثانية
أحب كوريدون ألكسيس دون جدوى، فلم يسعه غير التجول خلال الغابات ينشد هذه القصائد الجافة.
واحسرتاه يا ألكسيس، إن ازدراءك سيكون سببا في موتي، انظري كيف أتخبط هنا وهناك أبحث عنك الآن في لظى الظهيرة القائظ، بينما قد هدأ كل شيء. كان من الأفضل أن تقضي على شخص آخر غيري رغم أنك عادلة. لا تثقي كثيرا بالأشكال الخلابة. إنك تحتقرينني، ومع ذلك فأنا راض، فها أنا أستطيع أن أغني، ولو كنت أثق في خيالي في الماء، فإني أرى أن وجهي ليس قبيحا جدا. فإذا كنت تقبلين مشاركتي حياتي الريفية البسيطة، تتعلمين كيف تعزفين على المزمار في قدسية بان، كل تلك الألحان التي كانت أمينتاس تتوق أن تتعلمها فلم تنل مأربها. وستحظين بالمزمار الذي تركه لي دامويتاس العظيم وهو يحتضر، كما ستنالين أيضا ظبيين أليفين أحتفظ بهما لك رغم توسلات ثيستيلس العديدة بأن أعطيهما لها، وستنالهما طالما أنك متكبرة بهذا الوصف.
هلمي، فها هي الحوريات والنياد يقدمن إليك باقات من أجمل الزهور، كما أنني سأجمع لك المختار من الفاكهة. أي كوريدون، إنك أحمق لأنك تأمل أن تفوز بألكسيس من أيولاس بواسطة الهدايا. واأسفاه، ما هذا الشقاء الذي جلبته لنفسي، ومع ذلك، لماذا تتجنبينني يا ألكسيس؟ فبالرغم من أن بالاس تحب المدن، فهناك آلهات أخرى قطنت الأحراش. تتوق كل المخلوقات إلى شيء، وأنا أتوق إليك. صه، إن المساء البارد يأتي ولكن حبي يحترق وتشتعل نيرانه. ما هذا الجنون يا كوريدون؟ لماذا لا تنسى ألكسيس وتشغل نفسك بما ينفعك؟
الأنشودة الثالثة
تقابل الراعيان المتخاصمان مينالكاس ودامويتاس، ودار بينهما هزل مرير اتفقا على إثره أن يمتحنا مهارتهما الشعرية، فلما أعلن كل منهما ما يراهن به، طلبا من بالايمون، وكان مارا في ذلك الوقت، أن يحكم بينهما فقبل أن يمثل دور القاضي.
وكان يسمى مثل هذا الشعر شعر المبادلة، والقاعدة فيه أن يرد المغني الثاني على الأول بأبيات مماثلة في نفس الموضوع، على أن يظهر قوة فائقة في حسن التعبير أو يكتسح ما قاله المغني الأول. ولقد حاكى هوراتيوس هذه الأنشودة في الأغنية التاسعة من كتابه في الأغاني، أما هذه الأنشودة فتحاكي كثيرا القصيدتين الرابعة والخامسة لثيوكريتوس، غير أن هذا النوع من الشعر كان منتشرا جدا في إيطاليا؛ حيث كانت الأغاني الارتجالية المكونة من سكانات جافة إحدى خواص الأعياد القروية.
تلخيص الأنشودة الثالثة
مينالكاس :
هل هذا قطيع ميليبويوس؟
دامويتاس :
لا، إن إيجون قد تركه في عهدتي.
مينالكاس :
يا للخراف التعسة! بينما يجلس سيدك بعيدا يطارح الغرام، يستنزف آكاري لبنك حتى الموت.
دامويتاس :
لا تسبني، فإني أعرف عنك شيئا.
مينالكاس :
أظنك رأيتني أقتلع كرمات ميكون.
دامويتاس :
على أية حال، لقد هشمت قوس دافنس حقدا.
مينالكاس :
ماذا يمكنني أن أفعل عندما تكون للصوص مثل هذه الجرأة؟ لقد رأيتك تحاول سرقة عنزة دامون، وعندما نبهت إليك الأذهان تواريت وراء الحلفاء.
دامويتاس :
إنها عنزاتي، لقد أفقدنيها دامون؛ لأني انتصرت عليه في مباراة غنائية.
مينالكاس :
أتفوقت أنت على دامون في الغناء؟ إنك لم تملك قط مزمارا حقيقيا، بل اعتدت العزف على قشة ناعقة.
دامويتاس :
هل نتبارى لنرى من منا أفضل في الغناء من الآخر؟ إنني أراهن على بقرة منتقاة.
مينالكاس :
لا يمكنني المراهنة على رأس من القطيع، ولكن عندي كأسين جميلي النقش جديدين، صنعهما ألكيميدون.
دامويتاس :
عندي كأسان من صنع يده كذلك، لا يقل جمالهما عن جمال كأسيك، وفي جدتهما، ولكن لا ريب في أنهما لا يقارنان بالبقرة.
مينالكاس :
سألتقي بك حيث تريد. ليكن حكمنا بالايمون. ها هو ذا آت إلينا.
دامويتاس :
إنني على استعداد، وما عليك يا بالايمون إلا أن تصغي جيدا.
بالايمون :
إن الزمن والمكان ملائمان للغاية، ابدأ يا دامويتاس.
دامويتاس :
إن جوبيتر يحميني.
مينالكاس :
إن أبولو يحميني.
دامويتاس :
إن جلاتيا تطارحني الهوى.
مينالكاس :
إن أمينتاس يطارحني الهوى.
دامويتاس :
سأرسل إليها بعض الحمام.
مينالكاس :
لقد بعثت إليه بعض التفاح وسأرسل إليه بعضا آخر في الغد.
دامويتاس :
إن جالاتيا تحدثني بكلمات حلوة، فهل للآلهة أن تسمعها.
مينالكاس :
إن أمينتاس لا يحتقرني ولكنه يبتعد عني.
دامويتاس :
أرسل لي فيلس، يا أيولاس.
مينالكاس :
إن فيلس تحبني رغم أنني غائب عنها، يا أيولاس.
دامويتاس :
لكل شيء آفته، وآفتي غضب أماريلس.
مينالكاس :
لكل شيء مسرته، ومسرتي أمينتاس.
دامويتاس :
أي ربات الفن، أطعمن عجلة من أجل بوليو الذي يعشق شعري.
مينالكاس :
أطعمن ثورا من أجل بوليو شاعر نفسه .
دامويتاس :
هل لمن يعجب بك يا بوليو، أن ينعم ببركاتك؟
مينالكاس :
هل لمن لا يحتقر بافيوس أن يعشق مايفيوس ويعمل دون جدوى؟
دامويتاس :
اهربوا أيها الصبيان، فبقربكم ثعبان!
مينالكاس :
قفي أيتها الخراف، فالشاطئ غير أمين!
دامويتاس :
أبعد العنزات عن النهر يا تيتيروس؛ فسأغسلها أنا في النبع.
مينالكاس :
أدخلوا الخراف في الحظائر أيها الصبيان؛ مخافة أن تجفف الشمس ألبانها.
دامويتاس :
إن ثوري يذوي من الحب كسيده.
مينالكاس :
إن أغنامي كلها عظام بسبب عين حسود.
دامويتاس :
اقرأ أحجيتي وستصبح ربي يا أبولو.
مينالكاس :
اقرأ أحجيتي ولك أن تحتفظ بفيلس لك.
بالايمون :
لست أستطيع التفضيل بينكما، فكلاكما يستحق الجائزة، كفا الآن.
الأنشودة الرابعة
كان كايوس أسينيوس بوليو من أنصار قيصر المتحمسين، ومن مؤيدي أنطونيوس الذي نصبه في عام 41ق.م. نائبا عنه في غاليا ترانسبادانا عندما ساعد فرجيل على استرجاع مزرعته (انظر الأنشودة الأولى). وفي سنة 40ق.م. أصبح قنصلا واشترك مع مايكيناس في عقد معاهدة برنديزيوم مع أوكتافيانوس وأنطونيوس الذي جعل السلام أمرا يكاد يكون مفروغا منه بعد قرنين كاملين من الحروب الأهلية في إيطاليا. ولم يكن بوليو حليف الشعراء فحسب، بل كان هو نفسه شاعرا (انظر الأنشودة الثالثة)، ويعدد لنا هوراتيوس في أغنيته الثانية ألقابه كخطيب، ومؤرخ للحروب الأهلية، وكاتب تراجيدي.
كتب فرجيل هذه الأنشودة في أثناء قنصلية بوليو، وفيها يتنبأ بقدوم عصر من السلام والسعادة الريفية كالتي كان يتحرق قلب كل روماني شوقا إليها. ويصف لنا قدوم هذا العصر في جيل خاص. أما آراؤه بصدد هذا الجيل فمستمدة من ثلاثة مصادر؛ أولا: من الكتب السيبيلينية التي يظهر أنها قد نقلت نظرية أتروسكية تنبئ بتوالي عشرة أجيال أو فترات مدتها مائة وعشرة أعوام، حكم الفترة العاشرة منها أبولو. ثانيا: «نظرية الجيل العظيم» الذي ينتهي أجله عندما تصبح الأجرام السماوية في نفس الوضع الذي كانت عليه يوم خلقت، وبانتهائه يبدأ عصر جديد. وثالثا: رواية هسيود لأربعة عصور من الذهب والفضة والنحاس والحديد.
وإلى هنا يتضح كل شيء، غير أن فرجيل يربط بداية هذا العصر وانتشاره بميلاد طفل ونموه، فمن يكون هذا الطفل؟ لا شك في أن الجواب على هذا السؤال هو «طفل بوليو» إذ كان قد ولد له في ذلك الوقت طفلان يدعى أحدهما كايوس أسينيوس جالوس، وقد أصبح رجلا عظيم الشأن، ذكره أوغسطس على أنه الرجل الذي يأمل أن يخلفه. وهناك رواية تقول إن جالوس أخبر النحوي أسكانيوس بيديانوس، أنه حقيقة هو الطفل المذكور في الأنشودة، كما أن السطر الوارد فيها «ستسوس عالما يسوده السلام بخصال أبيك الحميدة.» لا يمكن أن يشير إلى شيء غير سلام معاهدة برنديزيوم التي عقدها بوليو.
ويقول الذين يعارضون هذه الفكرة إن اللهجة «سيحكم العالم» المستعملة لابن بوليو، لا بد وأن تكون قد أغضبت أوكتافيوس، ولكن بوليو عندما كان قنصلا، كان حاكما اسميا للدولة، ولم يكن أوكتافيوس حاكم روما المطلق بعد أوغسطس، وعلاوة على ذلك فإن لغة فرجيل غامضة عن قصد، وخيالية إلى حد كبير مما قد يسمح لأي حاكم ظالم أن يغض النظر عنها ويبيحها عن رضا، خصوصا وأنه في القول المذكور «سيرى آلهة وأبطالا» قد يدرك منه إشارة إلى شخصه وبلاطه.
ويجادل فريق آخر فيقول إن الطفل سينجب لأوكتافيوس نفسه، وكان قد تزوج حديثا سكريبونيا
Scribonia
ثم طلقها عام 39ق.م. فأنجبت جوليا
Julia
الذائعة الصيت، ولكن فرجيل بالرغم من ذلك، قصد أن يجعل هذه النقطة مبهمة.
كذلك إن أوجه الشبه بين لغة هذه الأنشودة وأنشودة إسحق مع ذكر الطفل الذي سيولد، قد أدى إلى اعتقاد راسخ بين المسيحيين الأوائل بأن أبيات فرجيل ليست سوى نبوءة مسيحية بطريقة خفية، ثم تغلبت هذه العقيدة في العصور الوسطى، وعبر عنها بوب الذي يسمى مسيحة «أنشودة مقدسة للرعاة على غرار بوليو لفرجيل». ويقول إن أنشودة الرعاة هذه قد اقتبست من نبوءة سيبيلينية بميلاد المسيح، ولكن بالرغم من وصول إشاعات غامضة عن آمال مسيحية، إلى إيطاليا من الشرق، فلا أساس مطلقا إلى الاستنباط من هذه الأنشودة الرعوية بأن فرجيل كان على معرفة بهم. أما وصفه للعصر الذهبي فلا يساعد على تمييزه من الأوصاف الأخرى لنفس الشيء؛ إذ كان هذا شائعا في العصور الغابرة.
تلخيص الأنشودة الرابعة
اسمحن لي يا ربات الفن المتعلقات بالرعاة أن أغني أنشودة أسمى، فإن العصر الأخير الذي ذكرته النبوءة قد أتى، إن الجيل العظيم يبدأ من جديد، وسيعود حكم ساتورن، يا لوكينا، صوني ميلاد الصبي الذي يجلب الأزمنة السعيدة عندما تكف الجريمة ويزول الفزع من الأرض إبان قنصلية بوليو، بينما سيشق هو لنفسه حياة أشبه بحياة الآلهة، ويتنقل بين آلهة وأبطال، ويحكم عالما يسوده السلام، ستنبت الأرض الجدباء أزهارا تسرك أيها الفتى في أيام صباك، وستكف الأسود عن التخريب، وسينفى كل شيء ضار. حتى إذا ما صرت قادرا على القراءة وإدراك معنى الأعمال المجيدة، تنتج الأرض من تلقاء نفسها قمحا وخمرا وشهدا. غير أنه مع ذلك ستبقى هناك بعض آثار الآثام القديمة لتدفع الناس إلى العمل لكسب القوت، وإلى القتال للفوز بالمجد. وعندما تصل إلى سن الرجولة، لن يركب أحد ظهر البحر طلبا للربح؛ لأن الأراضي كلها ستنبت كل شيء، ولن يضطر الفلاح إلى العمل، وسيتلون الصوف بسائر الألوان التي ينتجها الفن الآن. «إلى الأمام أيتها الأجيال المباركة.» هكذا أنشدت ربات الحظ «وأنت أيها الصبي.» اقترب من رسالتك وسط ولاء وغبطة الكون. هل لي أن أحيا لأتحدث بأمجادك في أغنيات جديرة بأورفيوس ولينوس، وحتى بان نفسه. أيها الصبي دع ابتسامتك من الآن حتى تحيي والدتك بشيرا بالمجد المنتظر.
الأنشودة الخامسة
تقابل الراعيان موبسوس ومينالكاس والتحما في مباراة ودية، فرثى أحدهما موت دافنس، وترنم الآخر بتأليه دافنس. وهذه الأنشودة من أناشيد المبادلة، يقابل الخمسة والعشرين بيتا الخاصة بموبسوس فيها (20-44)، خمسة وعشرون أخرى خاصة بمينالكاس (56-80).
أما وجه الشبه بين الأغنيتين فملحوظ جدا، ويقال إن دافنس هو الراعي المثالي لشعر الرعاة الذي ابتكره فرجيل ويتغنى بموته ثيرسيس في قصيدة ثيوكريتوس الأولى.
ويعتبر تأليه فرجيل لدافنس، تأليها ليوليوس قيصر، ويظن أنه كتب بعد الأمر الصادر من الحكومة الثلاثية بوقت قصير في عام 42ق.م. احتفالا بمولده في شهر كونكتيليس الذي سمي فيما بعد يوليوس نسبة إلى اسمه.
تلخيص الأنشودة الخامسة
مينالكاس :
ما دمنا قد تلاقينا، وما دام كلانا مغنيا بارعا، فلنجلسن هنا تحت أشجار الدردار ونغني.
موبسوس :
في أي مكان يروق لك، هنا في الظلال أو هناك تحت الكهف.
مينالكاس :
إن أمينتاس وحده هو الذي يباريك.
موبسوس :
إنه سيباري فيبوس فورا.
مينالكاس :
ابدأ يا موبسوس، وأنشد أغنية حب أو مدح أو هجاء.
موبسوس :
لا، سأنشد أغنية جديدة كتبتها حديثا، وعندئذ فلنر هل يستطيع أمينتاس التغلب عليها.
مينالكاس :
لا يقدر أمينتاس إلا أن يتظاهر بأنه مثلك.
موبسوس :
ولا أكثر، ها قد وصلنا إلى الكهف.
لقد مات دافنس، فبكته الحوريات وأرسلت أمه شكواها إلى السموات. ولم يرع أحد من الرعاة قطعانه، ولم يتذوق حيوان مفترس أي طعام أو شراب، لقد حزنت عليه الأسود وتوجعت. لقد علم دافنس الرعاة الطقوس البكهية، وكان فخر إخوانه، ومذ مات هجر الآلهة القطر وحلت بالأرض لعنة. أيها الرعاة، قدموا لدافنس فروض التمجيد الأخيرة، وأقيموا قبرا واكتبوا عليه لافتة.
مينالكاس :
تلذ لي أغنيتك كما يلذ النوم للمتعب، والأنهار الباردة للظمآن. إنك خير خلف يليق بسيدك. سأحاول أن أغني أنا أيضا عن دافنس.
موبسوس :
ما من زكاة أعظم من سماع أغنية منك في موضوع كهذا.
مينالكاس :
إن دافنس يعبد ولذلك يعم السرور القطر، وتغتبط آلهة القطر وتكف الذئاب عن السلب، وتنادي به الجبال والصخور ومزارع الكروم إلها. كن عونا لنا يا دافنس، سأقيم لك مذبحين هنا بجانب مذابح فيبوس، وأقدم تذبحات ريفية، وأقيم لك عيدا مرتين في كل عام جديد. نعم إن اسمك وشهرتك سيبقيان أبدا، وسيوفي لك كرامك نذورهم.
موبسوس :
ماذا أستطيع أن أمنحك في مقابل أغنية أكثر إمتاعا من همهمة الريح الجنوبية ولطمات الأمواج على الشاطئ أو خرير الأنهار أسفل الوادي؟
مينالكاس :
سأقدم لك هذا المزمار الذي علمني الكثير من الأغاني الجميلة.
موبسوس :
وهاك عصا راع طلبها مني أنتيجينيس فلم ينلها.
الأنشودة السادسة
بعد انتهاء الحرب البروسينية عام 41ق.م. تولى ألفينوس فاروس أحد أنصار أوكتافيانوس حكم غاليا ترانسبادانا بدلا من بوليو الذي ساعد فرجيل على استرجاع مزرعته (انظر الأنشودة الأولى) إذ كان من أنصار أنطونيوس. ويبدو أن هذا التغيير سبب لفرجيل بعض المتاعب، ويقال إنه كاد يفقد حياته في عراك مع أريوس قائد المائة الذي آلت إليه ملكية حقل فرجيل. غير أن فاروس وصديقه كورنيليوس جالوس (انظر الأنشودة العاشرة) ساعداه في ذلك، ولذا يوجه فرجيل أنشودة الرعاة هذه إلى نصيره.
والشاعر يتكلم كما لو كان فاروس هو الذي حثه على كتابة الشعر الحماسي ويبدي أسفه على هذا، وفي الوقت عينه يسأل فاروس أن يقبل تصدير القصيدة الرعوية الآتية باسمه، والتي تروي كيف تقابل راعيان مع سيلينوس وأرغماه على إنشاء أغنية تحوي بيانا عن الخليقة وكثير من الأساطير الشهيرة.
تلخيص الأنشودة السادسة
كانت أشعاري الأولى خاصة بالرعاة، ولما حاولت عمل الشعر في الأغراض الحماسية منعني أبولو؛ ولذا فإني أترك للآخرين التغني بصيتك وحروبك يا فاروس، وأطلب إليك أن تتقبل مني هذه الأغنية الريفية التي سيعتز بها رب الشعر ما دامت هي مكرسة لك.
عثر راعيان على سيلينوس نائما بعد حفل للشراب، فحاولا أسره بأن ربطاه بتيجانه، ولكي يحصل على حريته قبل أن ينشدهما أغنية كثيرا ما كان يعدهما بها. وما إن ابتدأ في الغناء حتى شرعت القردة والحيوانات المفترسة ترقص على وقع الأنغام، وتهز أشجار البلوط قممها طربا؛ فقد تغنى بالخليقة وكيف تقابلت الذرات الأولى في مكان، وكيف تشكل منها العالم كله والأرض، وكيف انفصلت الأرض اليابسة عن البحر وبدأت تتشكل، وكيف بدأت الشمس تشرق والسحب تتكون وتهبط على هيئة أمطار، وكيف نمت الغابات وتحركت المخلوقات الحية فوق الجبال.
تحدث بعد ذلك عن بيرها وساتورن وبروميثيوس وضياع هيلاس، ثم أخذ يصف كيف هامت باسيفاي، في نوبة من الجنون، بحب ثور وصارت تقتفي أثره فوق الجبال، وتحدث بعدئذ عن أتالانتا وشقيقات فايثون، وكيف سيق جالوس بواسطة إحدى ربات الفن إلى الجبل الأيوني حيث حياه لينوس كشاعر وطلب منه أن يترنم بالغابة جرينيا. ثم تحدث عن سكيلا وهي تهدم أسطول أوليسوس، وعن ثيريوس وفيلوميلا وكيف تحولا إلى طائرين.
لقد أنشد جميع الأغاني التي سمع يوروتاس ذات يوم أن أبولو قد منعها، وصار ينشد حتى جاء المساء أخيرا، وكان ذلك بسرعة فاضطر الرعاة أن يدخلوا أغنامهم إلى الحظائر.
الأنشودة السابعة
هذه أنشودة مبادلة يقص فيها ميليبويوس، المباراة بين الراعيين ثيرسيس وكوريدون. والأخير راعي عنزات.
تلخيص الأنشودة السابعة
بينما كان دافنس جالسا تحت شجرة سنديان، تصادف أن كان الراعيان كوريدون وثيرسيس يسوقان قطيعيهما إلى نفس المكان، وقد شرد تيس هناك أيضا. فلما رآني دافنس توسل إلي أن أقف عنده قليلا، وبالرغم من عدم وجود من يرعى حملاني، لم أستطع التنحي عن القيام بدور القاضي في المباراة الغنائية بين كوريدون وثيرسيس، فبدأ أحدهما ورد عليه الآخر وهكذا صار كل منهما يرد على زميله:
كوريدون :
يا ربات الفن، سأغني كما يغني كدروس، وإذا ما تعذر علي ذلك فسوف أترك ممارسة فني.
ثيرسيس :
توجوني أيها الرعاة بأغصان اللبلاب حتى ينفجر كدروس حقدا. أما إذا امتدح غنائي وقرظه كثيرا فتوجوني بالجرسة كرقيا ضد لسانه الشرير.
كوريدون :
إن ميكون يكرس رأس هذا الخنزير وقرون هذه الغزالة إليك يا ديانا، وإذا دام حظه في الصيد، فسيكون لك تمثال كامل من المرمر.
ثيرسيس :
ينبغي عليك يا بريابوس، بصفتك حارسا لحديقة متواضعة أن تقنع سنويا بتقدمة من اللبن والكعك. إنك الآن من المرمر، أما إذا أتت الأغنام بإنتاج جيد من الحملان، فسيكون تمثالك من الذهب.
كوريدون :
جالاتيا، يا ألذ وأجمل سائر الأشياء، تعالي، إذا كنت تحبين كوريدون عندما تعود الماشية إلى حظائرها.
ثيرسيس :
ألا لي أن أبدو أكثر مرارة من الأعشاب السردينية وأعظم الأشياء أذى. إذا لم تبد لليوم نهاية فأسرعي يا غزلاني إلى البيت .
كوريدون :
أيتها الينابيع والمروج الخضراء التي يكسوها القطلب، احفظي قطيعي من قيظ الصيف.
ثيرسيس :
إننا لا نهتم هنا بجانب الموقد، ببرد الشتاء.
كوريدون :
يحمل الخريف ثماره وتبتسم الطبيعة كلها، بيد أنه لو كان ألكسيس بعيدا لجفت الأنهار.
ثيرسيس :
الحقول جافة وفي طريقها إلى الهلاك، والكروم لا أوراق فيها، غير أنه إذا ما أتى فيلس فسيجعل المطر جميع الغابات خضراء سندسية.
كوريدون :
يحب مختلف الآلهة الأشجار المختلفة، ولكن شجرة البندق التي يحبها فيلس ستتفوق عليها كلها.
ثيرسيس :
إن الأشجار المختلفة مجد الأماكن المختلفة، بيد أن ليكيداس أجملها جميعا.
كوريدون :
وهكذا عبثا كافح ثيرسيس، فثبت أن كوريدون عديم النظير.
الأنشودة الثامنة
يحتمل أن تكون هذه الأنشودة قد كتبت بعد الأنشودة السادسة أو معها في آن واحد. وهي على أي حال تتضمن معلومات صادقة عن تاريخها؛ فهي موجهة إلى بوليو الذي كان قد ذهب ليحارب البارثينيين في أواخر عام 40ق.م. فلما تم الاستيلاء على سالوناي
Salonae
في العام التالي، عاد سفير أنطونيوس إلى روما محملا بالغنائم ومجد الظفر العظيم، فخلعت عليه أمجاد النصر في اليوم الخامس والعشرين من شهر أكتوبر.
وصلت أنباء انتصارات بوليو، إلى إيطاليا، حينما كان فرجيل مشغولا بكتابة هذه الأنشودة، وكان معروفا أنه في طريقه إلى الوطن، ولكنه لم يصل بعد من الحروب التي توجت رأسه بأكاليل النصر. وربما كان يعتقد فرجيل أن بوليو على وشك عبور نهر تيمافوس أو أنه كان يسير حذاء شاطئ البحر الإليري؛ ولذا وجه إليه هذه الأنشودة في أواخر صيف عام 39ق.م. أو في بداية خريف ذلك العام.
وتدل هذه الأنشودة على أن فرجيل قد عاد إلى كتابة شعر الرعاة وإلى محاكاة ثيوكريتوس من جديد بعد أن شغل بكتابة أنشودتي بوليو وسيلينوس.
وبالأنشودة أغنيتان يصف دامون في إحداهما حزنه على خيانة نيسا. أما الفيسيبويوس فتصف مجهودات سيدة مجهولة الاسم لاستعادة حب دافنس عن طريق السحر. ويسمى هذا الجزء الثاني من الأنشودة ب «الساحرات» ومن ثم كان اسم الأنشودة كلها «الساحرة».
تلخيص الأنشودة الثامنة
سأكرر أغنيات دامون ألفيسيبويوس التي أدهشت الطبيعة بأسرها، فمتى سيكون من حقي، يا بوليو، أن أتحدث عن شهرتك كمحارب وشاعر؟ وأرجو في الوقت نفسه أن تتقبل مني وسط انتصاراتك، هذه القصيدة البسيطة التي وضعتها كطلبك. لقد نشر الفجر على الكون أعلامه البيضاء وشق الظلام بسيفه اللامع عندما بدأ دامون يغني كالآتي:
أشرق يا نجم الصباح، بينما أوجه إلى الآلهة شكوى فانية عن خيانة نيسا. إن أحراش مينالكاس المغنية تصغي دائما إلى أغاني حب الرعاة. إن نيسا تتزوج موبسوس، فيا له من زواج وحشي! اذهب يا موبسوس واحتفل بزواجك. إنك جديرة بالزواج أيتها الفتاة، أنت يا من تحتقرينني وتبخسين غضب الزمان حقه. أذكر جيدا كيف رأيتك أول مرة، وأنا في ميعة الصبا، تجمعين التفاحات، فهويتك في الحال ووقع غرامك في قلبي، إنني الآن أعرف ما هو الحب الحق. إنه وحشي عديم الرحمة، في مقدوره أن يدفع الأم إلى قتل بنيها الأعزاء.
هل لمجرى الطبيعة كله أن يتغير الآن! سألقي بنفسي الآن في البحر، فهل تقبلين، يا نيسا، هذا برهانا أخيرا على صدق حبي لك؟ كف يا مزماري كف.
هكذا غنى دامون، فهل لكن يا ربات الفن أن ترددن جواب ألفيسيبويوس؟ أظن أن الطقوس السحرية التي يمكنني بها أن أدفع دافنس إلى الجنون لا ينقصها غير الرقيا؛ إذ تستطيع الرقيا تحريك سائر الأشياء التي في السماء والتي على الأرض. ها أنا ذا أربط ثلاثة خيوط من ثلاثة ألوان حول صورتك، وأدور بها ثلاث مرات حول مذبحك؛ فالعدد الفردي له قوة سحرية عظيمة. انسجي يا أماريلس ثلاث عقد حب من ثلاثة ألوان.
هل لحبي أن يعمل في دافنس كما تعمل النار في هذا الفخار وهذا الشمع؟ وهل لحبي أن يفنيه كما تأكل النار غصن الغار هذا؟ هل له أن يتوق إلي كما تتوق العجلة الصغيرة إلى العجل فتهيم على وجهها في كل مكان سعيا وراءه.
سأدفن الآن هذا الجلباب الذي كان يرتديه يوما، تحت عتبة الباب، وأحاول تجربة قوة الأعشاب البونطية التي أعطانيها مويرس الساحر العظيم. خذي الرماد وألقيه خلفك في مجرى جار دون أن تنظري إلى الخلف، فتجدي أن الرماد يشتعل من تلقاء نفسه في الوقت ذاته، إن هذا يؤذن بالحظ الحسن. إن الكلب يعوي. فهل هو قادم أم هذا حلم؟ إنه قادم. كفى يا أغنيتي كفى.
الأنشودة التاسعة
تصف هذه الأنشودة مقابلة الراعيين ليكيداس ومويرس، وكان مويرس قد طرد من مزرعته، ويقود بعض الجداء إلى السوق لأجل المحتل الجديد، فيعجب من ذلك ليكيداس؛ لأنه سمع أن مينالكاس (أي فرجيل) قد كفل سلامة المقاطعة بشعره، ولكن مويرس يجيب بأن الأمر غير ذلك بالكلية، وأنه قد نجا بصعوبة هو ومينالكاس من الموت. ثم يشرع الراعيان يرددان فقرات من شعر مينالكاس وينطلقان في طريقهما ينشدان.
إن الاضطرابات التي يشير إليها هي التي سبق شرحها في مقدمة الأنشودة الأولى والأنشودة السادسة. وقد تكون هذه الأنشودة نداء شعريا موجها إلى فاريوس طلبا لمعونته.
وعلى أية حال فإن خطة هذه الأنشودة تحاكي خطة أنشودة ثيوكريتوس السابعة.
تلخيص الأنشودة التاسعة
ليكيداس :
إلى أين؟ إلى المدينة؟
مويرس :
لقد كتب لي أن يطردني من مزرعتي رجل غريب! ومن سوء الحظ أن آخذ معي هذه الجداء لأجله أيضا!
ليكيداس :
لقد علمت أن مينالكاس أنقذ المقاطعة بشعره وأغانيه.
مويرس :
حقيقة قيل ذلك، بيد أن الأغاني لا تفيد شيئا وسط تضارب الأسلحة، وإذا لم أتجنب وأختصر كل عراك جديد، فما كنت أنا أو مينالكاس بين الأحياء الآن.
ليكيداس :
يزعجنا أن تحسب أننا قد فقدنا مينالكاس تقريبا. من كان إذن يتغنى بمباهج القطر أو يؤلف الأغنية التي انتقيتها أخيرا منك والتي تبدأ «إن تيتيروس يطعم العنزات»؟
مويرس :
أو بالأحرى تلك الأغنية التي لفاريوس ولم تنته بعد، ومطلعها «ينقذ فاريوس مانتوا وستترنم البجعات بمجدك للسماء.»
ليكيداس :
ما دمت تأمل في الرخاء، أنشدني شيئا، فأنا أنظم كذلك شعرا. ويسميني الرعاة شاعرا. بيد أني أعلم جيدا أنني لست بالنسبة إلى فاريوس وكنا، سوى إوزة بين بجعات.
مويرس :
سأحاول أن أتذكر أغنية «اخرجي يا جالاتيا من البحر، وتمتعي معي بمباهج الربيع.»
ليكيداس :
أيمكنك أن تتذكر الأغنية التي سمعتك تنشدها لنفسك في الليلة الماضية؟
مويرس : «لماذا تراقب الأجرام القديمة يا دافنس؟ إن قيصر هو النجم الجديد للفلاحين.» واحسرتاه، فليست ذاكرتي كما كنت وأنا في شرخ الصبا. وحتى صوتي قد سحر. ومع كل فسيخبرك عن كل ذلك مينالكاس نفسه.
ليكيداس :
إنك تراوغني بمختلف المعاذير، ولكن اليوم هادئ جدا ويتطلب أغنية، ونحن في منتصف طريقنا إلى البيت. فلنبق هنا، أو إذا كنت تخشى أن يلحقنا الظلام أو تهطل علينا الأمطار، فلنغن ونحن سائرون في الطريق.
مويرس :
لا. كفى. فلنهتم بعملنا، سيكون الوقت أكثر ملاءمة عندما يجيء مينالكاس نفسه.
الأنشودة العاشرة
ولد جايوس كورنيليوس في الفورم يولي
Forum Julii
عام 66ق.م. وكان من أنصار أوكتافيانوس، فعينه أحد الوكلاء الذين يوزعون الأراضي على الجنود المحنكين في شمال إيطاليا. ويبدو أنه في نطاق هذه السلطة أمكنه أن يمد يد المساعدة لفرجيل ويتصادق معه. وكان هو أيضا معروفا ككاتب رثائي كثيرا ما يقرظه أوفيد. وقد حارب في أكتيوم ونصب حاكما على مصر حيث أثار سخط الإمبراطور وانتحر أخيرا عام 26ق.م.
وتصف هذه الأنشودة الحزن الذي ألم بجالوس لفقدانه ليكوريس، وكانت ممثلة ذائعة الصيت اسمها المسرحي كيثيريس
Cytheris ، واسمها الحقيقي فولومنيا
Volumnia ؛ لأنها كانت أمة فولومنيوس يوترابيلوس
Volumnius Eutrapelus
المعتوقة. ويبدو أنها هجرت جالوس من أجل ضابط من فريق أجريبا الذي قاد حملة على غاليا وعبر الرين عام 37ق.م. بينما كان جالوس يقوم بخدمة عسكرية في مكان آخر. ويصور جالوس محاطا بالرعاة الأركاديين. والأنشودة كلها من الأدب الرفيع فريدة الجمال ويعجب بها ماكاوليه كثيرا.
تلخيص الأنشودة العاشرة
امنحيني يا أريثوسا، هذه الأغنية الريفية الأخيرة، وساعديني كي أنشد حب جالوس المضطرب. أين كنت أيتها النياد عندما كان دافنس يموت من الحب غير المثوب؟ لقد بكاه كل شيء، حتى أشجار الغار والطرفاء، وكذلك بكته الجبال، والأغنام أيضا جاءت واحتشد الرعاة حوله في حزن عميق وأسى عظيم، ورثى له أبولو أيضا وسيلفانوس، بينما أمره بان أن يتذكر أن الحب أقسى من أن ترضيه الدموع، ولكنه أجاب: بالرغم من ذلك أتوسل إليكم أيها الرعاة أن تنشدوا أحزاني؛ فقد يسبب هذا أن ترقد عظامي في هدوء وسلام. ليتني كنت واحدا منكم حتى كنت أستطيع أن أتمتع بحياة ريفية مع رفيق ريفي. آه يا ليكوريس، بأي سعادة يمكننا أن نجعل حياتنا تنزلق وسط مشاهد كهذه. لا يمنعني عنك سوى الحرب الضروس بينما أنت بعيدة وسط ثلوج الألب؛ سيكون عزائي في الغناء.
سأحمل عبء أحزاني هنا في هذه الغابات، وسأحفر أغنيات حبي على الأشجار، أو أجد سلوى عن أحزاني في الصيد والقنص.
واحسرتاه! ليس هذا علاج حب كحبي. ليس لي أغنيات أو أحراش. لا يتغير الحب أبدا في أي جو وفي أي فصل، إن الحب لا يقهر، فلأستسلمن إلى الحب أيضا.
هكذا تنتهي قصيدتي الريفية؛ إنها قصيدة متواضعة، غير أنها من النوع الذي ستعتز به ربات الفن لجالوس كتذكار لحبي الدائم النمو.
هيا بنا يا قطيعي فإن ظل المساء ينذرنا بالإسراع إلى البيت.
الملحق الثاني: خاص بالهوامش (1)
Brummer, p. 73: “Patre Vergilio rustico.” (2)
(Ibid., p. 50): “Mater Polla fuit, Magii non infima proles.” (3)
Nat. Hist., III. 23: “Mantua Tuscorum trans Padum sola reliqua.” (4)
Cisalpina (Turin, 1893), p. 102; Sigonio, De antiquo iure Italiae, II, c. 5. (5)
Cf. Pedroli, op. cit. I, 127. (6)
De Officiis, III, 88; “Male etiam Curio, cum causam Transpadanorum aequam esse dicebat, semper autem addebat: 'Vincat utilitas!’” (7)
Suetonius, Caes ..., 8. (8)
Cassius Dio, Hist. Rom., XXXVII, 9. (9)
Saturnalia, V, 2, I: “a Veneto rusticis parentibus nato inter silvas et frutices educto,” etc. (10)
ff. (11)
Saturnalia, V, 2, 1. (12)
Diehl, p. 9; Cartault. p. 2; Heyne, p. Ixii; Ribbeck, De vita et scriptis P. Vergili Maronis, in P. Vergili Maronis Opera in usum scholarum (Leipsic; Teubner, 1884), p. viii. (13)
Epigr., XII, 67: “Octobres Maro consecravit Idus.
Idus saepe colas et has et illas
qui magni celebras Maronis Idus.” (14)
Idyll., V, 25 (ed. Peiper, p. 259): “Octobres olim genitus Maro dicat Idus.” (15)
(16)
Brummer, p. 1. (17)
Brummer, p. 2: “in subiecta fossa partu levata est.” (18)
Brummer, p. 51 (L. 50 f.) “terra ministravit flores et munere verno herbida supposuit puero fulmenta virescens.” (19)
Brummer, p. 2. (20)
Brummer, p. 2: “Accessit aliud præsagium, si quidem virga populea more regionis in puerperiis eodem statim loco depacta ita brevi evaluit, ut multo ante satas populos adæquavisset, quæ arbor Vergilii ex eo dicta atque etiam consecrata est summa gravidarum ac fetarum religione et suscipientium ibi et solventium vota.” (21) “Initia ætatis Cremonæ egit usque ad virilemtogam quam septimo decimo anno natali suo accepit isdem illis consulibus iterum (duobus), quibus erat natus, evenitque ut eo ipso die Lucretius pœta decederet.” (
Brummer, p. 2. ) (22)
Cartault, pp. 9 f. (23)
Inst. Or. I, 4-9. (24)
Cartault, p. 10. (25)
Hier., Chron., Olymp. CLXXI, 3 (ed. Schœne, II, 133). (26)
Donatus (Brummer, p. 2): “Sed Vergilius a Cremona Mediolanum et inde paulo post transiit in urbem.” (27)
Epist., IV, 13. (28)
Strabo, V, 1, 6; Cicero, Ad. Fam., XIII, 35; Pedroli, p. 136. (29)
Cicero, Ad. Att., V. 2, 3: “eratque rumor de Transpadanis eos iussos (i. e. ab Cæsare) III viros creare.” (30)
Kubitscheck, De romanarum tribuum origine ac propagation (Vienna, 1882), p. 88; Pedroli, p. 137. (31)
Brummer, p. 73, I. 4. (32)
Brummer, p. 67, II. 6-7: “Ut primum se contulit Romæ, studuit apud Epidium oratorem cum Cæsare Augusto.” (33)
Brummer, p. 4; “Egit et causam apud iudices. unam omnino nec amplius quam semel; nam et in sermone tardissimum ac pæne indocto similem fuisse Melissus tradidit.” (34)
Catal., V (VII): “Ite hinc, inanes, ite, rhetorum ampullæ ...
Ite hinc, inane cymbalon in ventutis ...
nos ad beatas vela mittimus portus,
magni petentes docta dicta Sironis.
vitamque ab omni vindicabimus cura.” (35)
Brummer, p. 52, I. 87. (36)
On Buc., VI, 13; Aen., VI, 264. (37)
On Buc., VI, 13. (38)
Brummer, pp. 32-33. (39)
De Fin., II, 119; cf. Ad Fam., VI, 11. (40)
Brummer, p. 73, I. 10: “Secutus Epicuri sectam.” (41)
لقد أثبت رونزولي
Ronzoli
صحة هذا الأمر في مؤلفه
La religione e la filosofia di Vergilio . (تورين عام 1900)، صفحة 64 إلخ ... (42)
Brummer, p. 33: “Et quamvis diversorum philosopharum opiniones libris suis inseruisse de animo maxime videatur, ipse fuit Academicus; nam
(43)
Buc., III, 40 ff.; Georg., I, 32 ff., 204 ff, 231 ff., II, 475 ff., III, 478 ff. (44) “Vergilius nullius disciplinæ expers” (Macrobius, In Somn. Scip., I, 6, 44); “Savio gentil che tutto seppe” (Dante, Inf., VII, 3). (45)
شاعر روماني ولد سنة 239ق.م. في رودياي
Rudiae
في كالابريا
Calabria . كان أبواه إغريقيين ولكنه عاش في روما كأحد رعاياها وخدم في الجيوش الرومانية. وكان الرومان يعتبرونه والد شعرهم. غير أن مؤلفاته الشعرية قد ضاعت كلها عدا كسرا قليلة أهمها منظومته الداكتيلية المسماة «الأخبار التاريخية
Annales »، التي يسرد فيها تاريخ روما من العصور الأولى حتى أيامه. (46)
شاعر روماني ولد سنة 87ق.م. في مدينة فيرونا. بدد الضيعة التي ورثها عن أبيه الذي كان صديق يوليوس قيصر، فذهب إلى بيثينيا
Bithynia
بين حاشية البريتورمميوس
Memmius
في رحلة تجارية فلم يوفق كثيرا. خلف لنا ما ينيف على مائة وست عشرة منظومة كتبها في مواضيع مختلفة وبأوزان شعرية متباينة. يقولون إنه مات في عام 47ق.م. (47)
هو أحد مواطني مدينة سيراكوزة
Syracuse
ومبتكر الشعر الرعوي. كانت أناشيده الرعوية تصور إلى حد كبير الحياة العامة لشعب صقلية. (48)
شاعر ونحوي، ولد في الإسكندرية واشتهر اسمه في الفترة من سنة 222 حتى 181ق.م. تعلم في صغره على يد كاليماخوس ثم تنكر له في كبره وعاداه. سمي بالرودسي لأنه كان يعلم البلاغة في رودس بنجاح منقطع النظير. عاد فيما بعد إلى الإسكندرية وخلف إيراتوسثينيس
Eratosthenes
في منصبه كمدير لمكتبة الإسكندرية. وصف في منظومته الشعرية الطويلة المسماة «الأرجوناوتيكا
Argonautica » المخاطر التي لاقاها بحارة سفينة الأرجو. (49)
Servius, comm. in Bucol., proœm., p. 3, 3 sqq Probus, præf., p. 328, 2 sqq. (50)
Bucolica annos natus viii et xx. (51)
Donatus, vita, 25 (40): Bucolica triennio, Georgica vii, Aeneida xi perfecit annis. (52)
Georgics (2. 475-492). (53)
Georg. 3. 41. (54)
ولد في الثامن من شهر ديسمبر سنة 65ق.م. في فينوسيا
Venusia
بمقاطعة أبوليا
Apulia
بإيطاليا. كان والده جابي ضرائب استطاع بما ادخره من مال أن يشتري حقلا صغيرا في تخوم فينوسيا، وأصبح لا هم له في الحياة غير فلاحة حقله وتعليم ابنه، فأرسله إلى روما وهو في الثانية عشرة من عمره حيث ألحقه بخير مدارسها. فلما بلغ الثامنة عشرة بعثه إلى أثينا حيث التحق بجيش بروطس، وكان قد وصل إليها بعد موت قيصر، فاشترك في معركة فيليبي وفي فرار الجيش الجمهوري. حازت بعض أشعاره إعجاب فاريوس وفرجيل، فعرفه الأخير بمايكيناس فتوطدت بينهما عرى الصداقة بسرعة. عاش هوراتيوس وحيدا فلم يتزوج، عليلا سقيما طوال عمره، له فلسفة الرجل الدنيوي. ومن منظوماته المشهورة «الأغاني» و«الهجائيات» و«الرسائل» و«فن الشعر» و«الإبوديون». (55)
Hor. Sat. 1. 6. 54 optimus olim | Vergilius, post hunc Varius dixere quid essem. (56)
Sat. 1. 5. 41 animæ, quales neque candidiores terra tulit neque me sit devinctior alter. (57)
Od. 1. 3. 8 et serves animæ dimidium meæ
للقارئ الخيار في أن يعتقد أن كان لهوراتيوس فرجيلان عزيزان. (58)
أحد مواطني أومبريا
Umbria . ولد سنة 51ق.م. حاز إنتاجه المبكر إعجاب مايكنياس. وهو يعتبر زعيم شعراء الرومان الرثائيين؛ ولا يعرف تاريخ مماته. (59)
quid maius nascitur Iliade. (60)
سطر 788-860. (61)
Donatus, § 47 Octavia cum recitationi interesset, ad illos de filio suo versus, Tu Marcellus eris, defecisse fertur atque aegre refocillata dena sestertia pro singulo versu Vergilio dari iussit. (62)
Mantua me genuit, Calabri rapuere tenet nunc Parthenope: cecini pascua, rura, duces. (63)
Juv. Sat. 7. 226. (64)
هو تيرينتيوس آفر
Terentius Afer
الشاعر الكوميدي الذي ولد في قرطاجنة
Carthage
سنة 195ق.م. كانت مسرحية «سيدة أندروس» أول ما قدمه لجمهور نظارته، وقد لاقت نجاحا كبيرا. مات سنة 159 ق.م. تقريبا بالغا الثالثة بعد الستين من عمره. (65)
أحد شعراء الملهاة الحديثة الأثينيين. ولد سنة 342ق.م. ومات غرقا سنة 291 وهو يسبح في ميناء بيرايوس
. كان أحد تلاميذ ثيوفراستوس
Theophrastus ، ومن أقرب أصدقاء أبيفور. كتب ما يزيد على مائة ملهاة لم يصلنا إلا أجزاء سبع منها تكاد تكون فكرة ثلاث منها واضحة تماما. كما أنه لدينا من واحدة سبعمائة بيت. (66)
فيلسوف مدينة أجريجنتوم
Agrigentum
بصقلية. لمع نجمه سنة 444ق .م. كان مثقفا بليغ اللسان، ماهرا في علاج الأمراض، وللسبب الأخير سموه بالساحر. يروى أنه ألقى بنفسه في ألسنة النيران المنبعثة من جبل أيتنا
Aetna
حتى يعلل اختفاؤه الفجائي بأنه إله. غير أنهم يضيفون إلى هذه الرواية قولهم بأن البركان قذف أحد نعليه، وبذلك كشف الستار عن كيفية مماته. لم تصلنا من أشعاره غير كسر قليلة. (67)
من ميتيلين
Mytilene
بلسبوس
Lesbos . هو أول الشعراء الأيوليين الوجدانيين . بدأ نجمه يسطع في الأفق سنة 611ق.م. تقريبا. كان يمت إلى طبقة الأشراف، ولكن حزب الشعب طرده هو وأخاه أنتيمينيداس
Antimenidas
فحاول أن يسترجع وطنه بالقوة. ولكن بتاكوس
خيب مسعاه وأنزل به هزيمة نكراء. يقال إنه ابتكر أحد الأوزان الشعرية وإن أغانيه الحماسية الحربية كانت تتمتع بإعجاب الجميع. (68)
يقول البعض إنها من مواطنات ميتيلين، ويقول البعض الآخر إنها من مواطنات إيريسوس
Eresos
في لسبوس. كانت معاصرة لألكيوس وستسيخوروس
Stesichorus
وبتاكوس. يقال إنها في الفترة ما بين سنة 604 و592ق.م. هربت من ميتيلين لتنجو من خطر غير معروف لدينا. ولقد كتبت سافو تسع كتب من الشعر الوجداني لدينا منها ما ينيف على تسعة آلاف سطر. (69)
شاعر ونحوي إسكندري. كان أحد مواطني برقة
Cyrene
في أفريقيا. عاش في الإسكندرية أيام حكم بطليموس فيلادلفوس
ويورجيتيس
Euergetes . وكان مدير مكتبة الإسكندرية من سنة 260 تقريبا إلى عام 240 الذي توفي فيه. وضع كتبا كثيرة في مواضيع شتى، ولكنا لا نملك غير القليل من أشعاره. (70)
شاعر يوناني يمثل مدرسة بيوتيا
Boeotia
الشعرية. هناك من يعتقد بأنه عاش في عصر سابق لعصر هوميروس. وهناك من يميل إلى القول بأنه عاش في عصر يلي عصره، وهناك من يرى أنهما كانا معاصرين. على أن التاريخ الذي ينسب إليه عادة هو عام 850ق.م. تقريبا. من أهم مؤلفاته منظوماته: الأعمال والأيام
Works & days ، والثيوجونيا
Theogony ، ودرع هرقل
Shield of Hercules ، وكلها مترجمة إلى العربية في كتاب «هسيود الشاعر اليوناني» لأمين سلامة. (71)
شاعر إنجليزي معروف، ولد بلندرة سنة 1608 وتوفي سنة 1674 وهو مؤلف الجنة المفقودة
ومكاتبات سياسية في الحرية والاستقلال. (72)
vos exemplaria Græca nocturna versate manu, versate diurna. (73)
هو ابن أنيوس
Annius
ولد في قرطبة
Corduba
وحمل إلى روما وهو صبي . كرس نفسه منذ الصغر لدراسة البلاغة والفلسفة. كتب عشر تراجيديات، أما سائر مؤلفاته الأخرى فتدور كلها حول مواضيع بعضها أخلاقي وبعضها فلسفي. (74) (Saus. 3) non surripiendi causa,
sed palam imitandi, hoc animo ut
vellet adguosci. (75)
Cic Verr. 2. 4. 43 nunquam tam male est Siculis quin aliquid facete et commode dicant. (76)
cf. Lucr. 5. 1379 seq. (77)
زعيم الكوميديين بين الدوريين
Dorians . ولد في جزيرة كوس سنة 540ق.م. ثم حمل صغيرا إلى ميجارا
Megara
في صقلية. قضى الجزء الأخير من حياته في سيراكوزة في بلاط هيرون
Hieron . مات في سن التسعين. (78)
من مدينة سيراكوزة. كان زعيم كتاب الملاهي التقليدية. سطع نجمه في الفترة من 460 إلى 420ق.م. (79)
في كتابه
Life & Letters
سطر 371. (80)
سطر 515 وما يليه. (81)
سطر 268 وما يليه. (82)
في سطري 86، 87. (83)
في السطر الحادي عشر. (84)
في سطري 6، 7. شعب شرقي طار صيتهم كرماة للسهام. (85)
C f. 1. 11 a te principium, tibi desinet. accipe iussis carmina coepta tuis. (86)
سطر 27-29. (87)
اسم روماني لروح الميت الخيرة المشرفة على العائلات. وكان لكل منزل لار يقوم حرمه بجوار الموقد؛ حيث تقدم إليه الذبائح في كل إجازة ومناسبات الأعياد، كالولائم والزواج، وسفر أو عودة فرد من أفراد العائلة، وغير ذلك. (88)
ربتان رومانيتان للمخازن تراقبان المؤن والطعام ورخاء العائلات. وكان الموقد المكان المخصص لعبادتهما. وقد كانتا على اتصال وثيق ب «لار» المنزل وبفستا. (89)
ربة نار الموقد داخل المنازل، وفي الدولة عند الرومان. وكانت في بعض الحالات تشخيصا حقيقيا للنار، وفي حالات أخرى شبيهة بالأرض التي تملك النار الأزلية في باطنها. (90)
إله إيطالي قديم، هو إله المداخل والأبواب والممرات سواء كانت للمنازل الخاصة أو الأماكن العامة، أو العمارات أو حتى الشوارع. وكان أيضا رب الاستهلالات وخاصة الوقت مثل اليوم والشهر والعام. (91)
أحد آلهة الرومان القدماء، يشبه بان الإغريقي. وهو إله حليف للزراعة يعبده الرعاة تحت اسم إنوس
Innus . (92)
إله روماني أولي للغابات، ثم أصبح إله الزراعة أيضا، وحارس الوطن وحامي الحدود. ويصور في الفن الروماني كرجل ذي لحية يحمل الفواكه دائما، ويحمل منجلا في بعض الأحيان، ويتبعه كلب. (93)
هو زوس
Zeus
عند اليونان، حاكم العالم، ورئيس سائر الآلهة والبشر. (94)
هي هيرا
Hera
عند الإغريق. ابنة ساتورن وزوجة جوبيتر وشقيقته. كانت في بادئ الأمر ربة الضوء ثم أصبحت ربة الميلاد والنساء عامة. (95)
هي عند الرومان بمثابة ربة القوى والطبيعة المنتجة، وربة الكياسة والازدهار. وكانت بالإضافة إلى ذلك ربة الحدائق ومن ثم حليفة البستاني. (96)
ملك الرياح. كان يمرح مع أبنائه الستة وبناته الست في قصره في جزيرة أيوليا
Aeolia
حيث حجز الرياح في كهف واضطرها إلى الخضوع لأمره. (97)
ابنة ثاوماس
Thaumas
وإليكترا
Electra
وشقيقة الهارببات
Harpies . كانت تمثل قوس قزح، تجمع ما بين الآلهة والبشر، ورسولة الآلهة وخاصة زوس وهيرا. (98)
هو بوسايدون
عند الإغريق، ابن كرونوس
Cronos
وريا
Rhea ؛ ورب البحر، له سلطان على العواصف والرياح، ويرسل الخراب أو يهب السلامة للملاحين، ويشرف على جميع العمليات البحرية كالصيد والتجارة والبحرية. (99)
تدعى أيضا إليسا
Elissa ، ملكة قرطاجنة ومشيدتها. (100)
ابن داونوس
Daunus
وفينيليا
Venilia . كان ملك الروتولي
Rutuli
في أرديا
Ardea
في لاتيوم. وعد بأن يزوج لافينيا
Lavinia
ابنة الملك لاتينوس
Latinus ، ولكنه بعد أن عقد معاهدة مع أينياس بمجرد أن حط رحاله في لاتيوم، زف لاتينوس الفتاة إلى أينياس. فغيظ تورنوس وأصبح القائد والبطل الرئيسي للحرب التي بدأت ضد أينياس وأنصاره الطرواديين. (101)
ملك الأترسكيين في كايري
Caere . طرده شعبه فهرب إلى تورنوس ملك الروتولي، فساعده في الحرب ضد أينياس. وقد قتل هو وابنه لاوسوس
Lausus
على يد أينياس. (102)
ابن أنخيسس
Anchises
وأفروديت. اشترك متأخرا في الحرب الطروادية فأثبت جدارته العظيمة كقائد، فاحتل المكانة التالية لهكتور
Hector
في البطولة والشجاعة. (103)
ازدهر اسمه في سنة 270ق.م. عاش في أواخر أيامه في قصر أنتيجونوس جوناتاس
Antigonus Gonatas ، ملك مقدونيا. كتب منظومة فلكية تسمى الظواهر الطبيعية
. (104)
ابن مارس وريا سلفيا
Rhea Silvia ، وهو شقيق توءم لريموس
Rhemus
ومؤسس مدينة روما. (105)
ابن أينياس وكريوسا
Creusa . حين سقطت طروادة قاده أبوه من يده خارج المدينة المحترقة وأخذه معه إلى إيطاليا. (106)
اسم لأسكونيوس. استمدت عائلة جوليا
Julia
في روما اسمه منه. (107)
أي ما خاف أن يتبارى مع دافنس في الجمال. (108)
يقصد فرجيل هنا «الصورة المنعكسة على المرآة». (109)
كانت ربات الشعر الرعوي تسمى بالصقليات لأن ثيوكريتوس الذي حاكاه فرجيل كان من جزيرة صقلية. (110)
المقصود بالعذراء هنا «أستريا»
Astria
ربة العدالة الخالدة التي يحكى أنها كانت آخر من هجر الأرض ومن فيها حين تفشى الشر بين الناس. (111)
هو رب الزراعة يقال إنه حكم في لاتيوم، وكانت فترة حكمه كلها سعادة وهناء . (112)
يستعمل الاسم لوكينا عادة لقبا للربة جونو غير أنه هنا يرمز إلى ديانا ربة القمر وشقيقة أبولو رب الشمس والعصر السبيليني العاشر الذي يشبهه فرجيل بالعصر الذهبي. (113)
هي إحدى حوريات البحر وأم أخيل. كثيرا ما يحدثنا الشعراء القدامى عن المجازفة بركوب البحر برهانا على طبيعة المرء الآثمة المتغطرسة وحبه لتحدي إرادة السماء السافرة.
Hor. Od. 1. 3. 23 impiæ | non tangenda rates transiliunt Vada, Hesiod (W. 236) οὐδ’ἐπὶ νηῶν νὶσσoνται. (114)
هذا دليل قاطع على فوضى الأمن داخل بلد خليق به أن يحظى بالطمأنينة والهدوء. (115)
الظاهر أن شق الأخاديد في التربة فيه وصف للأذى الذي تعانيه الأم الطيبة التي تخرج من جوفها كل نبت أخضر من تلقاء ذاتها. (116)
هو ربان سفينة الأرجو. (117)
هن كلوثو
Clotho
ولاخيسس
Lachesis
وأتروبوس
Atropos . كن ينسجن خيط الحياة للمرء حين يولد كما كن يقررن مصيره. (118)
هو مغني تراقيا الخرافي الشهير. (119)
هو راع خرافي ومغن ذائع الصيت. (120)
أو كاليوبي
Calliope
هي ربة الشعر الحماسي. (121)
منطقة جبلية في وسط شبه جزيرة البلوبونيز، إلهها رب الغابة بان. (122)
هي ربة الملهاة وإحدى ربات الفن التسع. (123)
لا يقصد فرجيل هنا أن الأبيات ستتناول شخص فاروس نفسه بل أنها ستهدى إليه فقط. (124)
اسم يطلق على ربات الفن نسبة إلى مقاطعة بييريا
في مقدونيا حيث كن يعبدن. (125)
إحدى النياد. ابنة جوبيتر ونيايرا
Neaera
والاسم معناه باليونانية بريق أو لمعان. (126)
زميل بكهوس الدائم. ولما كان بكهوس رب الكروم والأسرار الديونيسية وجالب الحضارة؛ لذلك لم يكن سيلينوس ربا ثملا فحسب، بل وأيضا مهذبا متعلما للغاية. ومن هنا تولدت رغبة الرعاة في الاستماع إلى حديثه. (127)
تقوم صخرة بارناسوس فوق معبد أبولو في دلفي
Delphi . (128)
سلسلة جبال في تراقيا. (129)
جبل في تراقيا. (130)
المقصود بالماء الناري هنا «الأثير». وقد ورد وصفه على لسان لوكريتيوس في كتابه الخامس (سطر 449-494)، وهو أخف كثافة من الهواء العادي
aer ، كما أنه المادة التي تغذي النجوم، فضلا عن أنه مصدر الحرارة والضوء والحياة. (131)
ابن بنطوس
وجيا
Gaea
وزوج دوريس
Doris
التي أنجب منها خمسين نرياد. كان يقيم في قاع البحر ويعتبر شيخه الحكيم الذي لا يخطئ أبدا. (132)
زوجة ديوكاليون
Deucalion
ملك تساليا. أنقذهما زوس من الموت حينما قضى على العالم بفيضانه العظيم فملأ الأرض بالناس من جديد بإلقاء الأحجار خلف ظهريهما. (133)
سرق بروميثيوس النار من السموات لمصلحة البشر، فعاقبه زوس على ذلك بشد وثاقه على جبل القوقاز في آسيا، وتركه فريسة لنسر هائل كان ينهش كبده بالنهار حتى إذا ما جن الليل استعاده من جديد وهكذا دواليك. (134)
هو الغلام الذي كان يرافق هرقل في حملته مع بحارة سفينة الأرجو ثم جذبته حوريات الماء ليعيش معهن حين أراد أن يملأ دلوه على شاطئ ميسيا
Mysia . (135)
ابنة الشمس وزوجة مينوس، ملك كريت. وقعت في غرام ثور خلقه نبتونوس. (136)
ملك ترينس
Tiryns
عوقبت بناته بالجنون لكبريائهن واعتقادهن بأنهن بقرات. (137)
جبل في جزيرة كريت. (138)
مدينة في جزيرة كريت. (139)
حوريات تقطن جزرا في أقصى الغرب وتحرس تفاحات الربة هيرا الذهبية. (140)
أي «البراق». حاول أن يقود عربة الشمس ولكنه سقط منها ومات. فلما عثرت شقيقاته على جثته بجوار نهر إريدانوس
Eridanus
بكين عليه طويلا حتى تحولن إلى أشجار حور رومي بجانب الشاطئ. (141)
المقصود بالأخوات هنا ربات الفن. (142)
اقرأ ما ورد ذكره عنه في المقدمة الخاصة بالأنشودة العاشرة. (143)
نسبة إلى أونيا
Aonia
وهي إحدى بقاع بيوتيا بالقرب من جبل هليكون
Helicon . (144)
نهر في بيوتيا يشق مجراه من جبل هليكون. (145)
إله الشمس أبولو، وقد اشتهر بمهارته في الغناء والعزف على القيثارة. (146)
ليس المقصود بكلمة شيخ هنا الرجل الطاعن في السن، بل الشاعر هسيود
Hesiod
مؤلف منظومة الأعمال والأيام، وأقدم شعراء الإغريق بعد هوميروس والمولود بمدينة أسكرا ببيوتيا. (147)
بلدة صغيرة في أيوليس
Aeolis
بها معبد لأبولو. (148)
وحش قائم أمام خاريبديس
Charybdis
في المضيق ما بين صقلية وإيطاليا كانت تجذب السفن إلى كهف تكمن فيه لتهشمها. (149)
ملك ميجارا. (150)
نسبة إلى جزيرة دوليكيوم
Dulichium
إحدى جزر البحر الأيوني بالقرب من إيثاكا
Ithaca . (151)
تزوج تيريوس بروكني
ابنة بانديون
ملك أتيكا
Attica
غير أنه أغلق عليها الأبواب، وادعى أنها ماتت لكي يتزوج من أختها فيلوميلا. ولكن فيلوميلا وقفت على حيلته وانتقمت لأختها المسكينة بأن قتلت إتيس
Itys
ابنها من تيريوس وقدمته طعاما لأبيه ثم ولت الأدبار هي وأختها. فاقتفى تيريوس أثرهما فخافت بروكني من أن يلحق بهن وتوسلت إلى الله أن يحولهن إلى طيور فتحولت فورا إلى عندليب كما تحولت فيلوميلا إلى خطاف في حين تحول تيريوس إلى هدهد. وفرجيل في هذه الأنشودة يحرف الأسطورة فيجعل من فيلوميلا زوجة لتيريوس، وأما لإتيس كما أنه يمسخها لا بروكني عندليبا. (152)
هو النهر الرئيسي في لاكونيا
Laconia . (153)
هو النجم الذي يحث الرعاة على إدخال الأغنام في حظائرها. (154)
نهر يجري بالقرب من مانتوا ويصب في نهر البو وهو الآن نهر المينكيو. (155)
مدينة تراقية في بييريا بمقدونيا، وهي مقدسة لربات الفن. (156)
هي ديانا، ربة الصيد. (157)
هو رب الحدائق يتسبب في إخصاب النباتات والحيوانات. (158)
جبل في صقلية يشتهر بنحله. (159)
أي المتعلقة بمدينة سردينيا. (160)
ريح الشمال. (161)
نهر يصب في الخليج الترجستيني في فينيتيا
Venetia
في شمال البحر الإدرياتيكي. (162)
اعتاد ممثلو المأساة ارتداء الأخفاف الطويلة الرقاب. (163)
كاتب تراجيدي طائر الصيت عاش في القرن الخامس ق.م. (164)
أي يشرق فوق أويتا. كان شروق نجم المساء الإشارة التي على إثرها يتحرك موكب الزواج. (165)
سلسلة جبال ما بين تساليا ومقدونيا. (166)
جبل في إبيروس
Epirus . (167)
سلسلة جبال في تراقيا. (168)
قبيلة تقطن أواسط أفريقيا. (169)
المقصود بالأم هنا «ميديا». (170)
المقصود بتيتيروس هنا أي راع عام. (171)
هو أوريون من ميثيمنا
Methymna
في لسبوس، طار صيته كمنشد للأشعار. عاش في عام 625ق.م. في قصر برياندر
ملك كورنثة. تقول الأسطورة إنه في أثناء عودته إلى وطنه بعد زيارته لصقلية، طمع بعض البحارة في الهدايا الثمينة التي كان يحملها فعزموا على الخلاص منه بإلقائه في اليم، فتوسل إليهم أن يسمحوا له أولا بالعزف على قيثارته للمرة الأخيرة في حياته، فلما ألقوه في المياه حمله أحد الدلافين التي كانت قد جاءت على صوت أنغام قيثارته البديع، وحمله سالما فوق ظهره إلى الشاطئ. (172)
ساحرة تقيم بجزيرة أييا
Aeaea ، وهي التي مسخت رفاق أوليسيس خنازير. (173)
هو البطل الإغريقي في الحرب الطروادية. (174)
اسم علم. (175)
اسم كلب. (176)
شعب يقطن إبيروس. (177)
هو لوكيوس فاريوس روفوس الشاعر الحماسي صديق مينالكاس. (178)
هو جيوس هيلفيوس كنا
C. Helvius Cinna
الشاعر الحماسي صديق كاتولوس. قتل في عام 44ق.م. (179)
ينبوع في جزيرة أورتيجيا
Ortygia
بالقرب من سيراكوزة، ويطلق الاسم أيضا على حورية هذا الينبوع التي توحي بالشعر الرعوي في صقلية.
الملحق الثالث: خاص بالصور
هرقل يخلص بروميثيوس (عن تابوت حجري بمتحف الكاببتولين).
يمثل هذا الرسم بروميثيويس وقد شدت وثاقه بالقيود إلى صخرة كبيرة، بينما عكف نسر هائل على نهش كبده، كما تمثل هرقل حاملا جعبة مليئة بالسهام الفتاكة يحاول قتل النسر بالقوس والسهم (يحجب السهم ذراع هرقل الأيسر) بعد أن خلع عنه جلد أسد نيميا
Nemea
وتخلى عن هراوته الضخمة. وفي الركن الأيمن العلوي من الرسم يظهر رب الجبل قوقازوس مضطجعا وبجانبه شجرة صنوبر وفي يده غصن بدلا من قرن الإخصاب (cornucopiae)
وهذا التحريف خطأ في تصوير الحقائق (انظر الأنشودة السادسة).
ناي بان ذو المزمارين (عن مذبح سيبيلي).
هذه الآلة الموسيقية الرومانية عبارة عن ناي لبان (
σṽρɭlΥξ ) بمزمارين (
tibia, αὐλóζ ) يمكن للزمار أن يلعب عليهما في آن واحد. وينتهي أحد المزمارين ببوق قرني الشكل ليحدث صوتا ورنينا مخالفين لصوت ورنين المزمار الآخر. وبالمزمارين أجزاء مخروطية الشكل هي منافس تشبه الأقماع الصغيرة مركبة فوق الثقوب، ومفاتيح تساعد على غلق هذه الثقوب وفتحها (انظر الأنشودة السادسة).
أريثوسا (عملة فضية قيمتها عشرة دراخم (
decadrachm ) ضربت في نهاية القرن الخامس ق.م. في سيراكوزة، ومعروضة الآن بالمتحف البريطاني).
كانت أريثوسا حورية عين ماء تفجرت في جزيرة أورتيجيا
Ortygia ، وأقيمت فوقها مدينة سيراكوزة، تقول بعض الأساطير إن مياهها كانت تجري تحت البحر من إليس
Elis
حيث وقع في غرامها رب النهر ألفيوس
Alpheus . والصورة تمثل رأس أريثوسا تحيط به الدلافنة وذلك لظهور عينها في إحدى الجزر. كما تمثل شعرها وقد عقد من خلف بشبكة صيد وزينت أذناها بقرط وعنقها بقلادة جميلة. ويظهر على بطن الدلفين الأسفل إمضاء حفار العملة ويدعى كيمون (
N )
KIMΩ
وتعتبر هذه العملة من خير ما سكه أهل سيراكوزة بعد هزيمة الأثينيين (انظر الأنشودة السادسة).
سكيلا (عملة فضية رومانية من قيمة الدينار (denarius)
ضربت في عهد سكستوس بومبيوس فيما بين عام 38 و36ق.م.).
تصور سكيلا على وجه هذه العملة التي سكها سكستوس بومبيوس
Sextus Pompeius ، بن بومبي العظيم بذيلي دولفين حاملة في يدها مجدافا تتأهب للانقضاض به على فريستها (انظر الأنشودة السادسة).
أخوات فايثون (دينار روماني من الفضة ضربه بوبليوس أكوليوس لارسكولوس
Accoleius Lariscolus
في عام 41ق.م. تقريبا وموجود بالمتحف البريطاني).
يقول بعض المفسرين إن الثلاث أخوات المحفورة على وجه هذه العملة هن الهيلياديس
Heliades
بعد أن تحولن إلى أشجار حور على إثر وفاة فايثون (انظر الأنشودة السادسة، سطر 62). ويرى البعض الآخر أنهن يمثلن الحوريات المعروفات باسم «السنديانيات الصلبة»
virae querquetulanae
واللواتي على صلة بالغابة السنديانية (
quercetum ) الموجودة داخل البوابة السنديانية
، ولكن يجب الاعتراف بأن الأشجار التي بالصورة أشبه بأشجار الحور منها بأشجار السنديان. وتبدو الأخوات كما لو كن يحملن عارضا تنمو عليه الأشجار. وأخيرا يمكن القول بأن هذه الصورة لم تفسر بعد التفسير الصحيح.
أبولو الجريني (عملة فضية قيمتها أربعة دراخم (tetradrachm)
كانت تستعمل في ميرينا
Myrina
من أعمال أيوليس، ضربت في القرن الثاني ق.م.، وموجودة بالمتحف البريطاني).
تحمل هذه العملة على أحد وجهيها رأس الإله متوجا كالعادة بأغصان الغار، وعلى الوجه الآخر صورة للرب وقد وقف متدثرا بشملة تغطي نصفه الأسفل فقط (لاحظ الثقلين المثبتين بركني الشملة لتساعد على بقائها ثابتة) حاملا في يده اليسرى غصن غار مطهر يتدلى منه شريطان، وفي يمناه مبخرة وأمامه جرة بعروتين (انظر الأنشودة السادسة).
قتل إتيس (عن آنية أتيكية (وعاء للشرب) بمتحف اللوفر، من آثار القرن الخامس ق.م.)
تمثل الصورة بروكني تحمل ابنها إتيس بينما وقفت أختها البكماء فيلوميلا تحدثها بالإشارة وفي جنبها الأيسر سيف (انظر الأنشودة السادسة).
منظر رعوي (عن مخطوط فاتيكاني لفرجيل).
يمثل هذا المنظر الرعوي راعيا جالسا يعزف على المزمار الخاص بالرعاة بينما وقف صديقه يستمع إليه، وبالقرب منهما كوخ أحد الرعاة مصنوع من الغاب الطويل بعد أن عقدت أطرافه العليا، تحيط بهما الخراف والماعز والخيول والكلاب والنباتات. ويضع الراعيان أغصان الغار حول رأسيهما ويرتديان جلبابين قصيرين وقد كشف كل منهما عن كتفه الأيمن (
exomis ) وبأقدامهما الأحذية الطويلة (الأنشودة التاسعة).
سيلفانوس (عن تمثال كان في باريس سابقا).
يمسك سيلفانوس في يمناه مقضبا لتشذيب الكروم ويضع داخل جلد حيوان مثبت بكتفه الأيسر ألوانا من الفاكهة وبجانبه كلبه.
الماعز تروي ظمأها (عن مخطوط فاتيكاني لفرجيل سنة 3225 أي في القرن الرابع الميلادي).
يصور الرسم الشمس وقد أشرقت على إحدى العيون التي دفعت مياهها لتجري في قناة خشبية تسوق إلى حوض فخاري كبير تستقي منه الماعز تحت إشراف أصحابها (الأنشودة العاشرة).
Page inconnue