49

وأقرر ... نعم أقرر، وأقولها الآن وأنا أضحك كما يضحك القارئ وهو يتصفحها ...

أقرر عددا من العقود أنجزه كل يوم ولا أزيد عليه ولو تراكمت الأوراق على المكتب كالتلال.

ومن هذه العقود عقد أذكر تماما ... أنه كان لأمين الشمسي باشا والد السيد علي الشمسي الوزير السابق المعروف، مضت عليه أشهر وهو بانتظار التنفيذ في الموعد الذي قررته لنفسي، وجاء الباشا يسأل عنه، فرأيته لأول مرة ورأيته لا يغضب ولا يلوم حين تبينت له الأعذار التي استوجبت ذلك القرار. •••

وإذا كان هذا قليلا من كثير من تجاربي في وظائفي الحكومية، فلا أحسب القارئ المعاصر يعجب لاستقالتي منها واحدة بعد واحدة ...

غير أنني أقول اليوم كما أقول كلما ذكرت أمثال هذه التجارب ...

وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم .

1

وهكذا مرت بي تجارب الوظائف على خير لا شك فيه، فلولا اشتغالي بالمديريات بين قنا، والزقازيق، والفيوم، ولولا تنقلي فيها بين أعمال تتصل بالملكيات الزراعية، وأخرى تتصل بمساوئ الأوقاف، وغيرها بالمواصلات ومشروعات الأبنية والمقاولات، لفاتني كثير، بل كثير جدا، من العلم بحقائق بلدي ومواطن الإصلاح فيه.

ولو اطلعتم على ما في الغيب لاخترتم الواقع.

ولعلي لم أكن أختار هذه الوظائف بعينها، ولكنني أختار أن أعرف ما عرفت من حقائق وطني بالثمن الذي «تستحقه» ... وهي تستحق الكثير.

Page inconnue