ونظر إلي يفحصني من أعلى طربوشي إلى كعب حذائي، فقلت له في غيظ: ليس لك حق في ضرب أحد، ليس الناس عبيدا لك.
وكان ما يزال واقفا فوضع يده في خصره ومد رأسه نحوي مثل ديك محارب، وقال: ومن أنت أولا؟ من أنت يا حضرة؟
فأجبته متحديا، اسمع أنت يا حضرة، أنا الذي أسألك من أنت حتى تضرب الناس وتشتمهم؟ القانون لا يسمح بهذا، ويجب أن تعرف الطرق القانونية التي تتبعها.
فتقدم نحوي ثائرا وقال: يظهر أنك تريد أن تعرف القانون. القانون هو هذا.
ودفعني في صدري بعنف ليخرجني قائلا: اخرج من هنا. ليس هذا المكتب قهوة لتدخله هكذا.
ولست أدري ماذا جعلني أفقد اتزاني عند ذلك، وأقدم على العمل الذي منعت منه الشاب، فإني اندفعت بغير تفكير، ورفعت يدي بقوة، ودفعت الجندي بقبضة يدي دفعة شديدة؟ صدره ارتد منها إلى الوراء، وهو يتطوح، وسخن رأسي فوقفت مستعدا لأعيد عليه الكرة إذا عاد لمهاجمتي، ولكنه لم يتقدم نحوي بل ذهب إلى مكتبته، وخبط بيده على الجرس صائحا: ما هذه المصيبة التي تصبحنا؟ ما هذا الشيطان الشرس الذي طلع علينا؟ يا قرني! يا علي يا مبارك! يا محمد يا بو زبطة!
ودخل جندي وراء آخر، فضربوا السلام ونظروا إلى الجندي، ثم التفتوا إلي وإلى الشاب الآخر في دهشة.
فصاح بهم صاحب الأشرطة الحمراء: خذوا هذا اللعين، خذوا هذا المجرم ابن المجرم.
فصحت: اخرس.
واندفع هائجا: سأعرف كيف أؤدبك. تضربني أنا؟ نهارك أسود، وتقول لي: اخرس؟ إلى السجن حالا! أما تسمع يا قرني؟ إلى السجن حالا! مالك واقفا هكذا يا علي يا مبارك؟ يا بو زبطة يا حمار!
Page inconnue