فقلت: لا.
فقال مستمرا: على كل حال هذا أملي فيك يا سيد أفندي. أنت مثل ولدي والظروف هي التي تجعلنا نعرف الصديق، لا شك أنك تعرف أن هذه الأوقات عصيبة، وخصوصا لأن منافسي محمد باشا قريب رئيس الوزارة.
ومع أنهم يقولون: إن الانتخابات حرة فإن المصلحة الوطنية تجعلنا نجاهد في سبيل تحقيق رغبة الشعب، وأنت تعرف يا سيد أفندي أني دائما أحب لك الخير.
فشكرته على قوله وانتظرت حتى يقول ما يريد، فاستمر قائلا: نريد أن ننشئ جريدة وطنية كما سمعتنا نتحدث، لتنطق بصوت الشعب، الجريدة مجهزة بكل ما يلزم، المطبعة تحت يدي وهي مطبعة العجمي رئيس شباب دمنهور، والورق موجود.
فهززت رأسي منتظرا.
واستمر السيد يقول: وستكون كمية الورق كبيرة وبالتسعيرة، وأما الأجر الشهري فلن يكون محل خلاف، وعلى فكرة، يمكنك أن تأخذ الورق الباقي من المقرر لتتصرف فيه، هذه فرصة عظيمة يا سيد أفندي، وطن الورق في السوق يساوي أربعمائة جنيه كما تعرف.
وكنت أنصت إليه وأسأل نفسي: «ماذا يقصد؟»
وختم السيد حديثه قائلا: هذه فرصة عظيمة يا سيد أفندي والقطار السريع لا ينتظر إلا قليلا، ثم لا يقف لأحد بعد ذلك.
وقلت في نفسي: القطار السريع مرة أخرى؟
ولمحت السيد يخرج من جيبه ظرفا سمينا، ويضعه أمامي قائلا: هذا مبلغ صغير يا سيد أفندي، مقدمة ليس إلا.
Page inconnue