وضحكت برغمي قائلا: وتحفظ الشعر أيضا؟ قل لي أولا ما هي نصيحتك يا مصطفى.
فقال: عندما تركتك بالليل كان قلبي يتألم من أجلك، وإن كنت تركتني بغير سلام. ما علينا، وفكرت طول الليل في شأنك والطريقة التي يمكن بها أن أخدمك وأزيل ما عندك من سوء الظن بصديقك. الشاهد أني عندما جئت اليوم في الصباح كان كل ذهني يفكر في مسألة سيد أفندي.
فقلت ساخرا: مسألتي؟ وما هي؟
وجاء الخادم عند ذلك يحمل كوبين من الشاي، فاتجه إليه مصطفى وطلب منه قطعتين أخريين من السكر وكوبا من الماء، ثم أخذ يقلب الشاي بالمعلقة في بطء وذاق منه رشفة قبل أن يتكلم.
قال: أنت تعرف أني الساعد الأيمن للسيد أحمد جلال.
وانتظر ليسمع رأيي فلم أجد ضرورة لتكذيبه.
فاستمر قائلا: أنا هنا في المحلج من عشر سنوات قبل أن تدخله أنت، ولولا ملاحظتي ومراقبتي وخوف العمال مني كان الناس أكلوه وشربوه.
ورشف رشفة طويلة من كوب الشاي كأنه يقول: «شربوه هكذا.»
ثم قال: والسيد أحمد يثق بي ثقة تامة؛ لأنه يعرف أنه يضيع لو ترك أعماله لغيري. هو يعلم أني أخدمه مجانا. نعم مجانا. ستة جنيهات في الشهر لا تساوي ثمن عشرين رطل قطن يأخذها أحد العمال في جيبه. الشاهد! انتهزت فرصة جلوسه وحده في المكتب، وأخذت أجس لك نبضه.
ففزعت وقلت في دفعة: لماذا؟
Page inconnue