امتحت رحيق هذه القصة من خلال تسجيلات صوتية لنصر حامد أبو زيد، يتحدث فيها عن حياته، أجريت هذه التسجيلات عبر حوارات ولقاءات تم توثيقها في نهاية الكتاب.
لا
1
جاءت رسائل الدعم من كل مكان في العالم العربي، واتصل بي معهد الدراسات المتقدمة ببرلين في ألمانيا يعلمني برغبته في تقديم موعد المنحة المقررة لي في أكتوبر العام القادم لتكون هذا العام؛ وجامعة بون عبر رئيس قسم الاستشراق فيها، والذي قال: «يا نصر هات «ابتهال» وتعال.» بل إن الأستاذ «فريد ليمهاوس»، الذي كان مفترضا أن نذهب إلى حفل وداعه مغادرا مصر، اتصل بي وقال: انتظرني سآتي أنا إلى بيتك في السادس من أكتوبر، وعرض علي أن أذهب إلى جامعة «لايدن» بهولندا، التي تمثل حلما لكل دارس في الإسلاميات. وصديقي الشاعر زين العابدين فؤاد هو الآخر يسعى باتصالاته مع بعض طلابه ومعارفه في الخارجية الهولندية لنفس الهدف. ووسائل الإعلام الغربية تتناول ما حدث، وغاب الإعلام الحكومي المصري عن الساحة. طالبت وزير الإعلام أن أشرح في التليفزيون أو الإذاعة وجهة نظري؛ فليس لي منبر مسجد، كما يفعل الآخرون، أخطب عليه، بل اقترحت أن تعقد ندوة تليفزيونية تضم د. محمد عمارة ود. سليم العوا من جهة، ود. محمود علي مكي ود. مصطفى الصاوي الجويني من جهة أخرى؛ فليس من المعقول أن يظل الإعلام المصري هو الوحيد «الأطرش في الزفة». التقارير الصحفية الغربية تجاهلت دور المصريين العاديين المتضامن معنا، وكذلك منظمات المجتمع المدنية المدافعة عن الحريات، والتي تقاوم الإسلاميين الذين يريدون أن يحكموا المجتمع والقضاء.
آلمني أن أحد الأساتذة وبعد الحكم - وفي أول اجتماع لقسم اللغة العربية الذي أنتمي إليه - قدم طلبا لفصلي من القسم بسبب الضغوط التي تمارس على الجامعة؛ وحتى طالب الدكتوراه السوري، الذي قد انتهى منها تحت إشرافي، واعتذر عضو من لجنة مناقشة الرسالة؛ أستاذ في السبعين من عمره، من جامعة عين شمس، وقال إنه خائف على حياته؛ فلم تناقش الرسالة.
بدأت عملية تصحيح أوراق الامتحانات، وفي هذه الظروف الصعبة كانت رسائل الطلاب المتضمنة دعما - في ورقات الإجابة - بل حتى الإسلاميون منهم. والعجيب أن الكثير منهم اتفق على الاستشهاد بأبيات من قصيدة للشاعر أمل دنقل لم أدرسها لهم، «كلمات سبارتكوس الأخيرة»، تقول:
المجد للشيطان ... معبود الرياح،
من قال لا في وجه من قالوا نعم،
من علم الإنسان تمزيق العدم،
من قال لا فلم يمت،
Page inconnue