[خطبة المؤلف]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله ضارب الأمثال في أفضل الأقوال، الّذي وشّح به قرآنه، وضمّنه بيانه، تنبيها للقلوب المنغمسة في بحار الجهالة، وإيقاظا للنّفوس المرتبكة في ظلم الضّلالة، ولم يستح أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها «١»، ونساجة عنكبوت فما دونها «٢»، إذ كان الاعتبار عظيما وإن صغر أمرهما، والادّكار بصنعهما «٣» جسيما وإن لطف قدرهما، وصلّى الله على من أنزل ذلك عليه، وأسند بتبليغه الأمر إليه، محمّد سيّد المرسلين، وصفيّ ربّ العالمين وعلى آله الطّيّبين الأخيار، وبعد:
فالإيجاز في الكلام إذا صادف مواقعه حلية، والتّشبيه إذا ورد مواضعه زينة، والتّعريض في كثير منه أبلغ من التّصريح، والكناية في أماكنها أوقع من التّحقيق. ولمّا وجدت جميع هذه الخلال مجتمعا فيما ضربته العرب من الأمثال، رأيت أن أجمع للرّاغبين في الأدب ما رويته عن أكابر السّلف- ﵏ مجموعا في تصانيفهم، ومفرّقا في أماليهم وأن أجعله مرتّبا على حروف «٤» ... في ذلك كلّه، وفي جميع ما نشرع فيه توفيقا لما يقرب منه ويرضيه بمنّه وجوده، وهو حسبنا الله ونعم الوكيل.
1 / 3