إنك يا سيدي القاضي تدعوني إلى خطة لا أنا مضطرة فأحمل نفسي الكارهة على قبولها، ولا الأمير ابن أبي بكر معطل البيت من الربة الصالحة فيتشبث بها ويصر عليها، بل تلك خطة لم أجد أبوي عليها، ولم آلف رؤية مثلها في حياة أسرتي؛ فهذا أبي جعلني الله فداءه لم يتخذ على أمي ضرة ولم يكسر قلبها بالشريكة في قلبه، فجاءت بنا أولاد أعيان، نجتمع في جناح الأبوة ولا نفترق في عاطفة الأمومة، ولو شاء أبي لكان له كنظرائه الملوك والأمراء نساء كثير، ولكان له منهن بنو العلات تحسبهم إخوة وهم أنصاف إخوة، من كل دجاجة بيضة، ومن كل شاة حمل.
القاضي (متلطفا) :
شهد الله لقد أحسنت يا بنتي، ولكن مصلحة الملك أنسيتها، ونصرة الوالد أغفلت عنها، وسلامة الأندلس أأهملت شأنها؟
الأميرة :
لا يا سيدي القاضي، كل ذلك في المحل الأول من نفسي واهتمامي، ولكننا مختلفان في النظر، فأنت ترى أن الأندلس لا ينهض من كبوته إلا إذا مد السلطان إليه يده، وأنا أتخيلها يد الذئب يمدها إلى الحمل. وأنت يا سيدي القاضي قد أخذك اليأس في أمر الأندلس، وأنا كلي رجاء، ولا أستبعد أن تتهيأ لأبي وهو كهف الأندلس وملاذه الفرصة، لجمع الكلمة وضرب الإفرنج ضربة تريح العرب منهم السنين الطوال. وأنت تعلم أن تاريخ الأندلس مفعم بالفجاءات السعيدة من هذا الطراز.
القاضي :
يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، ولقد رددت عنك أيتها الأميرة وعن أبيك الملك، وأحسب أني أحسنت الرد.
الملك :
كل الإحسان أيها القاضي.
القاضي :
Page inconnue