أما هذا يا جدة فنعم، حسون فتى جم العلم غزير الأدب عظيم الحظ من الفنون جميعا، إلى ما وهب له الله من الشجاعة التي لا يضارعه فيها اليوم إلا أبي الملك، وإلا شاب كان زين الشباب طاح بالأمس شهيد الكرامة والواجب.
العبادية :
أو أبدا تذكرين الظافر يا بثينة، دعيه يا ابنتي في أعراس نعيمة بين شباب الجنة، خبريني هل في شبان أمراء الديار اليوم من هو الكفء لأميرة الأندلس وعروسه؟
بثينة (في حياء) :
هبي الكفء موجودا حاضرا يا جدة أهذا وقت الفكر في زواجي والاهتمام به، وأنت ترين الحوادث يجد جدها والأمور تسوء مسايرها. مسكين أبي الملك أصبح لا يدري من أين يتلقى البلاء. المغاربة وسلطانهم ابن تاشفين يطلعون من البحر، والأسبان وعاهلهم ألفونس يزحفون من البر، والملك بينهما كالصيد المطارد من جانبيه إن تلفت عن يمينه قتل، وإن تلفت عن شماله أكل، والأندلس في هذه الأثناء كالأسد الواقع في الحفرة إن سكن لم ينفعه، وإن تحرك لم يرفعه؛ وحدة ممزقة، وكلمة متفرقة، وآمال بالعدو معلقة.
العبادية :
إن بنات الملوك إذا بلغن إلى مثل سنك يا بثينة كان الزواج أزكى بسترهن وأليق بجلالهن، وأما ما ذكرت من إظلام الجو وجهامة الحوادث، فتلك حال اختلفت علينا بها السنون حتى ألفناها، وقد تصير إلى الأردأ الأسوأ. وقد يبعث الله برياح اللطف فتعصم السفينة من الصخرة وتقيها كارثة الاصطدام. بثينة بنيتي، أنا الجدة ولدتك مرتين. استريحي إلي بسرك، وبوحي إلي بمكنونه فلن تجدي أرحب بسرك ولا أرحم لك من هذا الصدر. خبريني يا بثينة أتعرفين بين أبناء سروات إشبيلية اليوم فتى يتوسم فيه الخير ويرجى في أمره الصلاح، ويقول الناس عنه: فلان كفء لبنات الملوك؟ بثينة، لقد مررت باسم حسون مرا ولم تصفيه لي، فما شكله؟ وما أوصافه؟
بثينة :
هو يا جدة شاب في أواخر العقد الثالث من عمره، رشيق القامة في طول، أسمر اللون فاحم الشعر جعده، ساحر النظرة، إذا تبسم جذب، وإذا تكلم خلب.
العبادية (تبتسم) :
Page inconnue