Amira Dhat Himma
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
Genres
وأخبرهما البطال بخطته لتهريبهما والعودة إلى بلاد الأعداء معلقا: أرحم من سابع أرض!
وكيف أنه قبل أن يحضر إليهما زار صديقهم وحليفهم الوزير الأول جعفر بن يحيى البرمكي، الذي تركه آسفا لأداء مهمته لإنقاذهما، متخذا طريقه من فوره إلى مقابلة الرشيد، برغم تعاظم الجفوة بينهما في الأيام الأخيرة إلى حد محاولة جعفر والبرامكة الرحيل هروبا عن بغداد وغضبة الرشيد، خاصة بعد أن لفق له الوزير القاضي عقبة والفضل بن الربيع تهمة التآمر على هارون الرشيد ذاته: اعلم يا مولاي أن رجلا من أولاد الحسين يقال له الحسن، بايعه جعفر بالخلافة ... احذر البرامكة.
حتى إذا ما حل جعفر بن يحيى البرمكي، مخاطرا بحياته من أجل الأمير عبد الوهاب وأمه للإفراج الفوري عنهما، واستقبله الرشيد، اندفع من فوره يطالب بالإفراج العاجل عنهما، معليا من شأن عبد الوهاب وبطولاته وخوارقه إلى حد دفع بالرشيد إلى الغضب والهياج، فقال له: اعلم يا مولاي أن جيشك ألف وثمانمائة ألف، لكن ليس فيه من يطاول عبد الوهاب.
فأمر الخليفة بالقبض عليه وتعذيبه مهددا: لا بد من صلبك يوما وصلب البرامكة.
وهو ما تحقق، خاصة حين علم الرشيد بحدث تهريب عبد الوهاب وذات الهمة من سجنهما بمساعدة أبي محمد البطال، الذي قدم إلى عاصمة الخلافة بسطوته وعيونه وعياريه دون علم منه، وهو الذي رفض المثول بين يديه في السابق ثلاث مرات والرشيد بنفسه يطالبه فيها بالقدوم إلى العراق، فركب رأسه رفضا لمطلب الخليفة.
بل وتصل به الجرأة والتحدي إلى حد المجيء إلى عاصمة الخلافة، ودخولها بحيله وألاعيبه، والوصول إلى مطمور السجن الملحق بقصره الحاكم؛ حيث حبست ذات الهمة وابنها، وإخراجهما جهرا، وتهريبهما والإبحار بهما إلى القسطنطينية، على هذا النحو البعيد عن كل حياء أصبح يتصرف
بل وصل الحنق بالرشيد مداه، حتى أسر «الفضل بن الربيع» في أذنه اليسرى، وفي غفلة عن الوزير الأول - عدوه اللدود - جعفر بن يحيى البرمكي؛ ليزيد النار اشتعالا ضده، دافعا إليه بتقرير مفصل يتضمن زيارة البطال لجعفر بن يحيى البرمكي، واجتماعه به ليلة بكاملها قبل نفاذه إلى سجن ذات الهمة والأمير عبد الوهاب وتهريبهما.
هنا ربط الرشيد من فوره بين نجاح خطة تهريب سجينيه، التي اضطلع بها البطال، وبين اجتماعه بأبي محمد البطال سرا في قصره المنيف المطل على نهر دجلة. - ومن يدري؟ تساءل الرشيد إلى أن واجه جعفر منفعلا وهو يتفرسه طويلا: يبدو أنني أصبحت آخر من يدري يا جعفر! - كيف يا مولاي؟ - أنت أعلم ... والبطال.
هنا تفهم جعفر من فوره هدف الرشيد، وما أسر به إليه للتو الفضل بن الربيع.
وكان الفضل بن الربيع ساعتها واقفا خلف الرشيد مطرقا يلف أصابعه العشرة حول بعضها في خشوعه المتصنع. •••
Page inconnue