Amira Dhat Himma
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
Genres
صحيح أنها - وعقب فتح القسطنطينية وتشتيت فلول جيش الإفرنج - أصبحت بموجب مرسوم أمير المؤمنين، الخليفة المهدي، أول إمبراطورة عربية تعتلي عرش ملوك الأروام، لكنها تقبلت هذا الأمر إرضاء لخليفة المسلمين ليس غير، وذلك بعد أن رفضه بإباء وحزم ابنها عبد الوهاب مترفعا زاهدا كعادته.
ثلاث مرات وعبد الوهاب يرد صك الخليفة، ووفد رسله إلى بغداد بالرفض الحازم في اعتلاء عرش أباطرة الأروام.
هنا تقبلت الأمر أمه ذات الهمة، لكن دون أن يستهويها وتجتذبها مباهجه وتسلطه، كل ما هنالك هو مجرد القبول بالوضع الجديد اسما بأكثر منه فعلا وتجبرا على خلق الله.
وإن بقي الفعل وشئون ما يجري بيد ابنها الأمير عبد الوهاب ومقربيه، أو من اجتذبتهم قدراته وصائب بصيرته ومعرفته فتجمعوا من كل صوب إلى حيث مأواه ومضاربه، حتى أصبحوا كمثل جماعة متناهية التناسق والتنظيم في كل شئون الجهاد والحرب التي ذروتها الشهادة، وأيضا فيما يتصل بتصريف ومسار شئون الدولة الجديدة المترامية الأذرع والأقوام من الإفرنج.
وكذلك فيما يتصل بالتقوى وتحمل الشدائد، والتمسك بأزهى قيم الحياة العربية المتسامية عن كل إغراءات الجشع والاستحواذ والتسلط.
وهو ما رأت فيه ذات الهمة ... حصادها الذي أينع مثمرا من فكرها الذي بدأ معها منذ تكون شبابها في فلسطين ووادي الحجاز. ها هو حصاد سنين الأسر ومشاق رعي الإبل والخيل الوحشي، وخوض رحى المعارك الضارية، والتلفع بالدم المراق قانيا أنهارا ليل نهار.
ومن هنا كانت مآثرها الركون إلى الحياة اليومية، والعودة إلى منابعها في تربية رضيع فطيم، ورعاية طفل مراهق إلى أن يصبح شبلا ومحاربا، لكن دون إغفال العين عما يجري، ويستدعي اليقظة
صحيح أن قناعتها برجاحة عقل عبد الوهاب لم يراودها الشك للحظة فيها، إلا أنها ليست بالغافلة، بل هي في نهاية الأمر محط كل قرار مصيري في مواجهة عدو لا يعرف للرحمة معنى، بل وحتى فيما يتصل بشئون الرعية وتصريف الأمور؛ فإن لذات الهمة الرأي الفصل فيها. •••
تساءلت وهي تتحسس مكتوب أمير المؤمنين: أين ذهبا؟
ومن فورها واصلت مسيرتها إلى مضارب الأمير «أبو محمد البطال» دون حاجة للإبطاء، فالأمر لم يعد يحتمل التأجيل والتراخي.
Page inconnue