Amira Dhat Himma
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
Genres
حتى إذا ما تطاير المزيد من الأخبار والمعلومات إلى الملك مانويل وقادته، بعودة الأمير عبد الوهاب ذاته إلى مقدمة صفوف المسلمين على مشارف القسطنطينية، استبد بهم الغيظ أكثر.
وكان الاعتقاد السائد لديهم أنه مات عقب الكمين العاتي الذي دبروه له، لتصيده وإسقاطه وقتله بكل الوسائل على مرأى من عيونهم، حتى إنهم أيقنوا من سفح دمه على رءوس الجبال وقتله.
وحتى إذا لم يقتل إلى حد إزهاق الروح، فسيظل طريح فراشه لسنوات.
لكم تبددت أحلامهم وبهجتهم الكبرى على طول عواصم الغرب حين علموا أن ابن الدلهمة عبد الوهاب ما زال حيا.
وها هو عبد الوهاب يحارب الآن على أبواب القسطنطينية السبعة، وهم هنا أقرب إلى المشلولين لا يفعلون شيئا سوى مجرد ترصد الأخبار وسماعها.
والأخبار الصاعقة لا ترحم لحظة، غمضة عين، وهي تحمل إليهم تفاصيل وأفعوانية ما يحدث على هذا النحو الدميم الصادم: القسطنطينية تفتح أبوابها على مصاريعها، والعرب يندفعون إلى ساحاتها وقصورها وأسواقها وحصونها دون عناء داخلين ... فاتحين. - العرب يشاركون سكان القسطنطينية من رجال ونساء احتفالاتهم وكرنفالاتهم. - ذات الهمة تتوج الآن أول أميرة عربية على عاصمة الأروام البيزنطيين، وهم هنا على مشارف عاصمة الخلافة بغداد. - يا له من جنون! - يا له من زمن حقا رديء!
ذات الهمة أول إمبراطورة عربية على القسطنطينية
هكذا وصل الحنق والهياج الهستيري برأس التحالف البيزنطي، الملك مانويل، خلال اجتماعه بمجلس حربه وكرادلته وملوك أوروبا وحكامها بالعراق الأعلى، حين وصلته أخبار دخول عبد الوهاب وذات الهمة عاصمتهم القسطنطينية، بعدما توغلت جيوشه هو - أي الملك مانويل - داخل بلاد الرافدين، إلى الموصل متقدمة باتجاه عاصمة الخلافة بغداد جنوبا، وبعدما انقلبت الدنيا على قدم وساق؛ لكثرة المعارك والمواكب والرجال والإمدادات والتلاحم.
وألهبت الخدعة الجديدة التي قام بها المخادع «البطال» نيران غضب الملك مانويل، تلك الخدعة التي أسقط بها العاصمة القسطنطينية وشقها كمثل نصل سكين في الزبدة.
ذلك أن البطال عقب تنكره في زي بطرق شهير، وفكه أسرى المسلمين، واستيلائه على السبايا من عشرات الآلاف المؤلفة من جنود الأروام وبطارقتهم، أمر بقتلهم والتنكر بأزيائهم، وقاد المتنكرين من العرب وكمن بهم ثلاثة أيام - إلى حين حلول أحد أعيادهم وكرنفالاتهم: «وكان يوما ليس له مثيل في القسطنطينية» - بأزيائهم، كما أمرهم الأمير عبد الوهاب، وأشرف أبو محمد البطال وعياروه بالآلاف على دقة عمليات التنكر الواسعة، واندفعوا يسوقون أسراهم من بقية العرب على هيئة أسرى يرسفون في السلاسل، والأروام المتنكرون يسومونهم العذاب بجلد ظهورهم العارية إلى حد قتل بعضهم قتلا حقيقيا على مرأى من حراس أبواب القسطنطينية، حتى وصلوا مرج الملكة الفسيح المترامي، غزير المياه، مترامي التعرجات، يموج بالغزلان والحيوانات البرية، وتغطي الورود والرياحين والزعفران سهوله، وهو على بعد خمسة أيام من العاصمة.
Page inconnue