Amira Dhat Himma
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
Genres
وهو الحصار الثالث للقسطنطينية الذي وقع تاريخا، كما لم تغفل عنه السيرة في عهد الخليفة «سليمان بن عبد الملك»، وفي ذلك الحصار تبدت طاقات البطل الشعبي المخادع أو الميكافيللي «سيد البطال»، والذي كما ذكرنا، فهو بطل تاريخي استشهد بالفعل في الحروب العربية ضد الرومان عام 122 هجرية، وهو يرد في السيرة كبطل أو قائد محارب ماهر في إنشاء ونقل وتموين خطوط الجيوش العربية إلى مداخل أوروبا الجنوبية، بالإضافة إلى الأندلس أو شبه جزيرة أيبريا بكاملها، التي وصلت الدول والدويلات السورية الفلسطينية - في الإطار العربي القومي العام - فيها إلى أكثر من 46 دولة وكيانا.
فالسيرة تؤرخ لحرب بني كليب التغلبيين الفلسطينيين، وطلائعهم أو حكامهم من أسرة ذات الهمة ضد الدولة البيزنطية عبر بضعة أجيال متعاقبة. تتخذ الأميرة جندبة بن الحارث الكلابي رأسا لها، وابنه الصحصاح، الذي تبدت أولى أعماله البطولية - كما تذكر السيرة - في إنقاذه لابنة الخليفة الأموي من مختطفيها، ثم بعد ذلك نراه يشارك في قيادة الحروب العربية ضد بيزنطة، بأمر من الخليفة عبد الملك بن مروان لحين مجيء ذات الهمة، واسمها الحقيقي «فاطمة بنت مظلوم بن الصحصاح بن الحارث الكلابي».
ولدت وتربت فاطمة تلك التي عرفت أو لقبت بذات الهمة في الخفاء أو البرية، ومنذ شبابها المبكر تصدت للاعتداءات القبلية الداخلية لقبائل طي، دفاعا عن شرفها ودفاعا عن قبيلتها؛ ومن هنا اشتهرت بذات الهمة، إلى أن أحبها ابن عمها الحارث بن الأمير ظالم، وكان فارسا لا يمل المغامرات والدفاع عن قومه، إلى أن أنجبت ذات الهمة منه ابنا سمته عبد الوهاب، وأراد الخليفة الواثق تعيينه واليا على القسطنطينية فرفض عبد الوهاب.
2
والهدف الرئيسي لسيرة ذات الهمة هو التأريخ لسلسلة الاعتداءات والحروب الخارجية الطامعة في الدولة الإسلامية الوليدة، وهي الحروب الرومانية أو الرومية البيزنطية، وهو ذات الدور الذي اضطلعت به سيرة
3
عمرو النعمان في مواجهة الأخطار والاعتداءات الآرية الفارسية آسيا الصغرى، وكذلك سيرة الأمير حمزة البهلوان.
بمعنى أن الهدف الأسمى لمثل هذه السير، وكذلك المناخ الذي توجد وتتكاثر فيه هو بالتحديد الأخطار المحدقة الخارجية، ومع هذا لم تغفل سيرة الأميرة ذات الهمة التسجيل والتأريخ للأحداث الداخلية ذات الصبغة السياسية، ومن ذلك أزمة نكبة الفرس البرامكة في مطلع الخلافة العباسية، التي يرد ذكرها من منطلق التأريخ الشعبي في سياق أحداث السيرة، وهي الأحداث التي وقعت منذ القرن التاسع الميلادي، حين أقدم الخليفة هارون الرشيد على اغتيال جعفر بن يحيى البرمكي وزيره الأول أو رئيس وزرائه.
وترد تلك الحادثة ضمن أحداث السيرة مرتبطة بإحدى العواصم أو الثغور التي استعمرها البحارة الفلسطينيون، وهي جزيرة مالطة، وكيف أمر الخليفة هارون الرشيد ببنائها وتعميرها وهو في طريق عودته من إحدى غزواته إلى حاضرة خلافته بغداد «حين جمعوا الصناع والبنائين من سائر البقاع».
4
Page inconnue