Amira Dhat Himma
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
Genres
عبد الوهاب يعود إلى الحجاز ومكة
عندما هبت ذات الهمة من نومها مندفعة جالسة في منتصف فراشها، عقب إغفاءة ولادتها المتعثرة لابنها عبد الوهاب، كمن قررت أمرا خاطفا أصرت عليه، هزت من فورها جرسا معلقا بالفراش بالقرب من
فتح الباب في حذر، وأطلت منه الجواري والوصيفات المستطلعة لما بها، فأشارت لهن بالابتعاد: اتركنني وحدي.
اندفعت الرباب داخلة محتضنة عبد الوهاب بكلتا ذراعيها، بعد أن غسلته وألبسته، متقدمة في حبور من فراش ذات الهمة، التي فتحت ذراعيها لتتلقفه متأملة: يا ربي ... أسمر اللون.
وكانت تلك هي اللحظة الأولى التي صفا فيها بالها لتتأمل غلامها في حنو، وهو إحساس لم تكن لتعرفه أبدا ذات الهمة التي ولدت على الحرب والسبي وحياة الكر والفر والغزو.
هزت رأسها موافقة جاريتها الرباب على أن الخيرة فيما اختاره الله حقا: أبيض أو أسود.
كان وجه الغلام عذبا يفيض سماحة وهو يفتح عينيه في ثبات متأملا وجه أمه وكأنه يقرأ عن يقين ما يعتمل في أعماقها بفراسته المبكرة.
قبلته ذات الهمة وأرقدته إلى جانبها في حرص، ونزلت عن فراشها متجهة إلى حمامها الملحق بمخدعها وهي تئن قليلا في إعياء كظيم.
وحين عادت أمرت الرباب بصرف جميع الفتيات حازمة أمرها على الانفراد وإعمال التفكير المضني؛ بحثا عن أقرب الحلول وأسلمها وأبلغها بالنسبة إلى الوليد عبد الوهاب.
ولم يكن أمامها سوى مسلكين، فإما أن تواجه الجميع متحدية، معلنة وضعها لوليدها عبد الوهاب من الحارث بعلها وابن عمها، وفي مثل هذه الحالة عليها أن تتقبله كزوج ورجل، حتى بعدما اقترفت يداه من عمل خسيس متلصص لا يليق أبدا برجل وفارس، وإما أن تواصل طريق معاداته على ما اقترف، وترصد لحظة الانتقام منه وما أيسرها في حالة ذات الهمة ويدها الطولى، التي لا بد وأن تصل إليه أينما كان، وتحت أي سماء، لتشفي غليلها منه، بل ومن أبيه عمها ظالم ذاته.
Page inconnue