فأسقط في يد إبراهيم بن المهدي وقال: وهل تبغي أن تبيع مروءتك معي بعرض الدنيا؟ - أستغفر الله وأستغفرك يا سيدي إن كنت قد قصرت في حقك أو أردت بك سوءا، ولكني ما توهمت يوما أن تشرفني في منزل وتسعدني بهذه الضيافة، فإذا شئت زدتني من كرمك، وأسمعتني شيئا من جميل غنائك، فإني رجل أعشق الغناء، وأعجب بك.
فتناول إبراهيم العود، وقال: حبا وكرامة. لك ما طلبت!
وما كاد يعزف إبراهيم على العود حتى قال الأسود: أتأذن لي يا سيدي أن تغني ما أقترحه عليك؟
فقال إبراهيم: هات ما شئت.
فاقترح ثلاثة أدوار من أصوات إبراهيم، فقال له: ومن أين عرفت هذه الأصوات؟
قال الأسود: كنت أخدم إبراهيم الموصلي، فسمعته يثني عليك، ويذكرك بهذه الأصوات ذكرا طيبا.
فابتسم إبراهيم مغتبطا وشرع يغني هذه الأدوار. حتى انتهى منها، فقال الأسود: بحياتك عندي يا سيدي إلا غنيت شيئا من شعر مجنون ليلى.
فسكت إبراهيم برهة ثم بدا عليه الشجو والأسى فأنشد:
جرى السيل فاستبكاني السيل إذ جرى
وفاضت له من مقلتي غروب
Page inconnue