L'Amir du Palais d'Or

Tahir Tanahi d. 1386 AH
41

L'Amir du Palais d'Or

أمير قصر الذهب

Genres

فأقبل إبراهيم، وقال لي أمام الرشيد: «ما أصبت يا إسحق ولا أحسنت.» فقلت له: ليس هذا مما تحسنه ولا تعرفه، وإن شئت فغنه، فإن لم أجد أنك تخطئ فيه منذ ابتدائك إلى انتهائك فدمي حلال!

ثم قلت للرشيد: يا أمير المؤمنين، هذه صناعتي وصناعة أبي، وهي التي قربتنا منك، واستخدمتنا لك، وأوطأتنا بساطك، فإذا نازعنا إياها منازع بلا علم لم نجد بدا من الإيضاح!

فقال الرشيد: لا غرو ولا لوم عليك يا إسحق. ثم قام الرشيد من المجلس لبعض شأنه، فقال لي إبراهيم: «ويلك يا إسحق تجترئ علي يا بن الفاعلة، وتقول ما قلت!»

فقلت له: «وأنت الآن تشتمني، وأنا لا أقدر على إجابتك وأنت ابن الخليفة، وأخو الخليفة، ولولا ذلك لكنت قلت لك مثل ما قلت. أترى أني لا أحسن أن أقول لك يا بن الفاعلة مثنى وثلاث ورباع ... ولكن قولي هذا ينصرف إلى خالك الأعلم ... ولولاك لذكرت صناعته ومذهبه».

وكان خاله كما تعلمون بيطارا يعالج نعال الدواب، ثم قلت له: «أنت تظن أن الخلافة تصير إليك يوما ما، فلا تزال تهددني بذلك، وتعاديني كما تعادي سائر أولياء أخيك الرشيد حسدا له ولولده، وتستخف بأوليائه تشفيا، وإني أرجو الله ألا يخرج الخلافة من يد الرشيد وولده، فإن صارت إليك - والعياذ بالله - فحرام علي العيش يومئذ، والموت أطيب من الحياة معك!»

قال إسحق: وهنا عاد الرشيد، فوثب إبراهيم بين يديه يقول: «يا أمير المؤمنين، شتمني إسحق، وذكر خالي وأمي واستخف بي.» فتغير وجه الرشيد وقال لي: «ويلك ... ما تقول؟» فقلت: «سل من حضر.» فأقبل على خادمه مسرور وسأله عما حدث، فجعل مسرور يخبره فكان وجهه يربد ثم يربد إلى أن انتهى إلى ذكر الخلافة، فسري عن الرشيد، ورجع لونه، والتفت إلى إبراهيم وقال له: «لا ذنب له ... شتمته فعرفك أنه لا يقدر على جوابك. ارجع إلى موضعك، وأمسك عن هذا، وإياك أن تعود إليه!»

فقام إبراهيم منصرفا، ولما انقضى المجلس أمر الرشيد ألا أخرج فساء ظني، وأهمتني نفسي، ثم أقبل علي وقال لي أمام بعض الخدم: «ويلك يا إسحق، أتراني لم أفهم قولك ومرادك؟ قد والله شتمته ثلاث مرات ... ويلك لا تعد ... أخبرني، لو ضربك إبراهيم أكنت أقتص لك منه فأضربه وهو أخي يا جاهل ... أم ترى لو أمر غلمانه فقتلوك، أكنت أقتله بك؟»

فقلت للرشيد: «قد والله قتلتني يا أمير المؤمنين بهذا الكلام، ولئن بلغه ليقتلني، وما أشك أنه سيبلغه!»

فصاح الرشيد بمسرور الخادم وقال: علي بإبراهيم الساعة.

فأحضره، وقال لي الرشيد: «قم يا إسحق فانصرف.» فقلت لجماعة من الخدم وكلهم كان لي محبا: «أخبروني بما يجري.» فأخبروني أنه لما جلس إبراهيم بين يدي الرشيد، وبخه وجهله، وقال له: «أتستخف بخادمي وصنيعتي، ونديمي وابن نديمي في مجلسي ... هاه ... هاه ... أتجترئ على هذا وأمثاله بحضرتي ... وأنت ما لك وللغناء حتى تتوهم أنك تبلغ مبلغ إسحق، ثم تظن أنك تخطئه فيما لا تدريه ... ألا تعلم ويلك أن هذا سوء أدب وقلة معرفة وعدم مبالاة! والله العظيم والله العظيم وحق رسول الله، وإلا أنا لست للمهدي، لئن أصابه أحد بسوء، أو سقط عليه حجر من السماء، أو سقط من دابته فمات، أو سقط عليه سقف أو جدار، أو مات فجأة، لأقتلنك. قم الآن فانصرف ...!»

Page inconnue