[١] المجلس [الأول]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
تأويل آية [وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها]
قال الشريف المرتضى قدّس الله روحه: إن [سأل سائل عن قول الله تعالى] (١):
وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيرًا. [الإسراء: ١٦].
فى هذه (٢) الآية وجوه من التأويل؛ كلّ منها يبطل الشبهة الدّاخلة على المبطلين فيها؛ حتى عدلوا بتأويلها عن وجهه، وصرفوه عن بابه.
أولها: أنّ الإهلاك قد يكون حسنا، وقد يكون قبيحا؛ فإذا كان مستحقّا أو على سبيل الامتحان كان حسنا، وإنما يكون قبيحا إذا كان ظلما؛ فتعلّق الإرادة به لا يقتضي تعلّقها به على الوجه القبيح، ولا ظاهر للآية (٣) يقتضي ذلك؛ وإذا علمنا بالأدلّة تنزّه القديم تعالى عن القبائح علمنا أنّ الإرادة لم تتعلّق إلا بالإهلاك الحسن؛ وقوله تعالى:
أَمَرْنا مُتْرَفِيها المأمور به محذوف؛ وليس يجب أن يكون المأمور به هو الفسق، وإن وقع بعده الفسق؛ ويجرى هذا مجرى (٤) قول القائل: أمرته فعصى، ودعوته فأبى.
والمراد أننى أمرته بالطّاعة، ودعوته إلى الإجابة والقبول.
ويمكن أن يقال على هذا الوجه: ليس موضع الشبهة ما تكلّمتم عليه؛ وإنما موضعها أن يقال: أىّ معنى لتقدّم الإرادة؟ فإن كانت متعلّقة بإهلاك مستحقّ بغير الفسق المذكور فى الآية فلا معنى لقوله تعالى: وَإِذا أَرَدْنا ... أَمَرْنا؛ لأن أمره بما يأمر به لا يحسّن إرادته
_________
(١) ت، د، ف: «قال الله جل من قائل».
(٢) حاشية ت (من نسخة): «لهذه».
(٣) ش: «ولا ظاهر الآية».
(٤) ت، د، حاشية الأصل (من نسخة): «وإنما يجرى»، وفى حاشية الأصل أيضا (من نسخة أخرى): «وإنما هذا يجرى».
1 / 1