L'espoir et l'utopie dans la philosophie d'Ernst Bloch
الأمل واليوتوبيا في فلسفة إرنست بلوخ
Genres
52
تبنى لوكاتش المقولة الأساسية في النقد الأدبي الماركسي في هجومه على التعبيرية التي كان قد انجذب إليها في بداية حياته - وهي أن الأدب نتاج للأوضاع التاريخية - واتهمها بالاغتراب عن عامة الشعب وبعدها عن الواقع الاجتماعي حين صرح في مقال بعنوان «الواقعية في الميزان» بأن التعبيرية تنكر أي صلة لها بالواقع وتعلن الحرب عليه وعلى كل إنجازاته لأن العديد من التعبيريين يشتاقون لاكتشاف عالم جديد عن طريق هجر الأرض، والقفز في الهواء والتعلق بالسحاب
53 ... وعلى الرغم من تأكيد لوكاتش في بداية حياته على دور العامل الذاتي أو الفردي في الأدب، واقتناعه بأن مهمته هي التعبير عن مواجهة مجتمع معاد ومغترب، إلا أنه تعلم أيضا من الماركسية أن العلاقات الاجتماعية هي أساس الأدب والفن والجمال؛ ولذلك لم يتحول عن الثوابت المنهجية والنظرية الماركسية، وهي الوحدة الجدلية بين الذات والموضوع، والخلاص من الاغتراب عند وصول المجتمع إلى الوعي بالذات، وأن الحقيقة هي كل شامل يصارع الإنسان من أجل الوصول إليه، ولذلك كان من رأيه أن التعبيرية شوهت هذه الحقيقة لأن الوظيفة الكاملة للفن هي رسم صورة الواقع الموضوعي لا الهروب منه أو الاكتفاء بالصراخ في وجهه.
لن نستطرد طويلا في تفاصيل هذه المناظرة التي يمكن أن تخرج بنا عن سياق البحث. ولكن يمكن القول بإيجاز إن المواجهة الفكرية بين بلوخ ولوكاتش كانت في حقيقة الأمر مواجهة بين الفن التعبيري والواقعية الاشتراكية. لقد دافع الأول عن التعبيرية وشجب اتهام لوكاتش لها بأنها حركة تواطأت مع البرجوازية الرأسمالية، مستشهدا في دفاعه بعبارة للوكاتش نفسه يعترف فيها بأنها - أي التعبيرية - كانت من الناحية الأيديولوجية حركة مناهضة للحرب. ويؤكد بلوخ أن اتجاهات الوعي في التعبيرية لم تكن فاشية، وأنها من الناحية الجمالية أو الاستطيقية تعتبر استجابة لأزمات مرحلة انتقالية تحطم أثناءها الكل الثقافي للبرجوازية، بينما بقيت البروليتاريا الثورية في مرحلتها البدائية. ويتهم بلوخ واقعية لوكاتش بأنها مغلقة وتستبعد الذاتية المثالية، ولذلك لم يتحرر من النظم الكلاسيكية، كما أن مفهومه الضيق الأفق للواقعية جعله يرفض دور الفنان في تحطيم أية صورة للعالم، حتى الرأسمالية، متناسيا أن الفن يناضل ليستثمر صدوع الواقع ويكشف الجديد في شقوقه.
54
كما أن اتهام لوكاتش للتعبيريين بأنهم اغتربوا عن عامة الشعب، هو اتهام لا يستند إلى أساس حقيقي؛ إذ كانوا على العكس من ذلك أول من فتح عين الشعب على فن الفولكلور، وركزوا انتباههم على رسوم الأطفال والمساجين والمرضى العقليين، كما اهتموا اهتماما خاصا بالفن البدائي بحيث كان الفن الشعبي هو الانطلاقة الحقيقية للحركة التعبيرية.
55
والمهم أن الخلاف الحاد الذي احتدم بين الصديقين في هذه المناظرة النقدية الهامة قد تسبب في القطيعة بينهما - وإن لم يمنع من استمرار التقدير والاحترام المتبادل بينهما - كما كشف عن تحرر بلوخ منذ شبابه المبكر من الأيديولوجية الماركسية الحرفية المتزمتة، وإن بقي مع ذلك مخلصا للماركسية في روحها العامة ومنهجها الجدلي والنقدي. (ب) برشت (1898-1956م)
ربطت بلوخ ببرشت صداقة قوية قائمة على التقارب الفكري والعقائدي. فقد جمعهما الاهتمام بالتعبير عن تناقضات المجتمع الرأسمالي والتمسك بالحلم الشيوعي حتى النهاية، بحيث يمكن القول إن ما عبر عنه بلوخ بالفلسفة عبر عنه برشت بالدراما. وقد جمعهما كذلك اهتمامهما بالفلسفة الهيجيلية والماركسية؛ إذ عكف برشت على دراسة هذين الفيلسوفين وانتهى إلى الإيمان بضرورة الثورة الماركسية، بل ذهب إلى أبعد من الإيمان بالنظرية، فالتزم التزاما مطلقا بالأيديولوجية الماركسية في شبابه، وآمن إيمانا لا حيدة عنه بضرورة التغيير الاجتماعي المصاحب للثورة. وقد ربطت بينهما كذلك سنوات الغربة في الولايات المتحدة الأمريكية التي انتهى إليها مطاف برشت بعد سنوات تجوال طويلة في البلدان الأوروبية هروبا من الحكم النازي ثم عودتهما إلى ألمانيا الديمقراطية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية مدفوعين بالشوق والأمل للمساهمة في توطيد أركان الدولة التي زعمت أنها تبني الاشتراكية فعادا عام 1948م إلى برلين (الشرقية سابقا) حيث أسس برشت فرقته المسرحية، وبدأ في تطبيق نظريته عن المسرح الملحمي أو الجدلي الذي يوقظ ملكة الحكم عند المتفرج ويثير فيه الإحساس بالغرابة والدهشة لما يراه، ويبعث فيه إرادة التغيير الثوري للقيم والظروف الاجتماعية التي يعيش فيها ويراها أمامه منعكسة على خشبة المسرح.
56
Page inconnue